Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غموض معركة طرابلس... من "ساعة الصفر" إلى "ساعة الاقتحام"

مواقف دولية جديدة تعكس حقيقة ميزان القوى في ليبيا

تشهد العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات بين الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وفصائل مسلحة موالية لحكومة الوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج، وتجّددت المواجهات السبت 14 ديسمبر (كانون الأول) في منطقة وادي الربيع جنوب شرقي العاصمة.

وبعد مرور أكثر من 24 ساعة على إعلان حفتر عن "ساعة الاقتحام الكاسح الواسع" و"المعركة الحاسمة والتقدم نحو قلب العاصمة"، كشفت القيادة العامة للجيش عن وصول "شحنات من الأسلحة والذخائر والمدرعات والمعدات العسكرية المتنوعة من منافذ تركية بحرية وجوية عدة إلى المنافذ البحرية والجوية التي تسيطر عليها حكومة الوفاق" في العاصمة طرابلس، وذلك بعد ساعات من الإعلان عن "إسقاط طائرة مسيّرة تركية من نوع تي بي 2 (TB2) في طرابلس كانت أقلعت من مطار مصراتة".

وركّز بيان القيادة العامة الصادر في وقت متأخر من ليل الجمعة، حديثه على القاعدة الخلفية لقوات حكومة الوفاق، الموجودة في مدينة مصراتة، مطالباً أهالي المدينة بـــ" رفض تخزين هذه الذخائر قرب أحيائهم السكنية"، و"الابتعاد عن هذه المواقع الخطرة بسرعة لتجنب استخدامهم من قبل الميليشيات كدروع بشرية لحماية المخزون العسكري".
وكشف بيان القيادة العامة لـ "الجيش الوطني" عن "شحن مزيد من المعدات العسكرية بواسطة سفن عسكرية ومدنية تركية وغير تركية، أبحر بعضها من موانئ تركيا إلى موانئ مصراتة وطرابلس والخمس وجاري تحميل عدد منها الآن".

 

الاستنجاد بتركيا
 
 
وتقاطعاً مع مؤشرات قد يكشف عنها بيان القيادة بشأن المستجدات التي توالت عقب إعلان حفتر عن "ساعة الصفر"، كشف مصدر حكومي ليبي عن اتصالات عاجلة أجراها مسؤولو حكومة الوفاق في طرابلس وعلى رأسهم رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، مع أنقرة لطلب دعم عسكري عاجل.
وأكد المصدر الذي تحدث لـ"اندبندنت عربية" أن أبرز قادة قوات حكومة الوفاق، اللواء أسامة الجويلي كان في أنقرة قبيل إعلان "ساعة الصفر" بساعات وأشرف على إرسال معدات عسكرية، مؤكداً أن قادة قوات الوفاق كانوا على علم بسعي الجيش إلى التقدم خلال أيام نحو أحياء محددة جنوب العاصمة في خطوة أولى قبل بدء عملية اكتساح واسعة. وفي وقت أكد المصدر أن "حكومة الوفاق" كانت تخطط لأن تكون مصراتة القاعدة الرئيسية في خطتها الجديدة لمواجهة أي تقدم جديد داخل طرابلس، رأى الخبير العسكري الليبي ناجي جريشه أن التقدم الذي أعلنت عنه قيادة الجيش في محاور القتال بجنوب طرابلس لا يتناسب مع حجم إعلان القيادة عن "ساعة صفر لاكتساح شامل للعاصمة".
وفي وقت عبّر جريشه متحدثاً إلى "اندبندنت عربية" عن عجزه عن فهم حقيقة الأوضاع الميدانية التي يبدو أنها أجبرت القيادة على تأجيل تنفيذ قرارها، إلا أنه رأى في الوقت ذاته أن أطرافاً خارجية يمكن أن تكون خلف العرقلة.
 
 
مفاتيح الحل
 
 
ولا يُرجَح أن يكون الدعم العسكري الذي وصل إلى مصراتة عبر منافذ الجو والبحر مهما كان كبيراً، هو ما عرقل تقدم "الجيش الوطني" في طرابلس، فــ "نجاح سلاح الجو في استهداف مخازن السلاح في مصراتة وإسقاط طائرة مسيّرة يعنيان قدرة الجيش الوطني على المضي في عملياته العسكرية لا سيما أنه يفرض حظراً جوياً ويحمل بيان القيادة الأخيرة قدرة استخباراتية فائقة في رصد تدفق السلاح".
كذلك يعتقد المهتم بالشأن الليبي منصور سلامة أن "مفاتيح الحل والسيطرة خرجت من يد الأطراف الليبية"، مرجحاً "تلقي رفض دولي لتنفيذ الجيش الوطني خطة اكتساح شاملة لطرابلس". وقال سلامة إن "ما أُعلن عن رفض دولي حتى الآن هو رفض من البرلمان الأوروبي الداعم جهود الحل السلمي التي تقودها ألمانيا لعقد مؤتمر دولي من أجل ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب سلامة لا يبدو أن القمة الثلاثية التي جمعت قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا على هامش القمة الأوروبية في بروكسل بطلب من إيطاليا الجمعة، بعيدة عما يحدث في طرابلس، خصوصاً أنها أكدت ضرورة دعم "مؤتمر برلين" وإنجاحه والتوصل إلى وقف القتال.
ورأى سلامة أن خريطة المواقف الدولية بشأن مستجدات الأوضاع في طرابلس تشهد تغيراً كبيراً، موضحاً أن "إيطاليا المعروفة بتقاربها ودعمها حكومة الوفاق تبدو في موقف متغير بشكل ملحوظ حالياً". وروى أن "رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي قال إنه سيهاتف (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان بشأن الاتفاق التركي مع حكومة طرابلس"، ملمحاً إلى سعي إيطالي لبناء موقف أوروبي موحَّد بشأن المتدخلين في ليبيا.

 

 

ثمن التأخر

 

 
وفيما وصف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في بيان له نُشر صباح الجمعة، "ساعة الصفر" التي أعلن عنها حفتر لبدء عملية اكتساح شاملة لطرابلس بـ" صفر الأوهام"، لا يرى سلامة تأخر "الجيش الوطني" في تنفيذ خطته الحالية تأثيراً كبيراً في موقفه العسكري، إذ إن "التوجه الدولي إلى إحياء العملية السياسية كبديل للعملية العسكرية هي الأخرى ستحقق أهداف الجيش".
وأوضح أن "الموقف السياسي والعسكري للحكومة في طرابلس بات ضعيفاً وسعي المجتمع الدولي إلى إنتاج صيغة للحل السياسي سينتج منه بكل تأكيد هياكل سياسية جديدة ضمن مرحلة جديدة تتجاوز الأجسام الحاكمة حالياً، لكنه لن يمس المؤسسة العسكرية فهي الثابت الوحيد"، مرجحاً أن "تغيّر الموقف الأوروبي وتحديداً الإيطالي الذي كان مقرباً من دعم الحكومة في طرابلس يعكس قناعةً دولية واضحة بإمكانات الجيش القادرة على الحسم عسكرياً".

المزيد من العالم العربي