Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 أردوغان سيرضخ للإنذارات الأميركية ويجمد صفقة صواريخ أس 400

الرئيس التركي لا يملك خياراً آخر لتجنب العقوبات والفوز بطائرات أف 35

ترمب مصافحاً أردوغان خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك في الغرفة الشرقية في البيت الأبيض الأربعاء 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي (أ. ف. ب.)

نجح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تحقيق مبتغاه، فمن الناحية الظاهرية وصف نظيره التركي رجب طيب أردوغان أمام الكاميرات بأنه صديق وبأن تركيا شريك إستراتيجي، لكن خلف الكواليس رتّب بمشاركة خمسة من الصقور الجمهوريين في مجلس الشيوخ اجتماعاً في المكتب البيضاوي، تلقى فيه الرئيس التركي تحذيرات وإنذارات بأن العقوبات الأميركية ضد أنقرة ماضية في طريقها ما لم يتوقف عن استكمال صفقة الصواريخ الروسية أس 400 وتجميدها. كما واجه أردوغان انتقادات ساخنة وأسئلة صعبة حول مصير التحالف الكردي -الأميركي وعضوية أنقرة في حلف الأطلسي (الناتو) بينما تعزز علاقاتها بقوة مع روسيا.
وبينما كان النواب الديمقراطيون في الكونغرس الأميركي يصفون استقبال ترمب لأردوغان بأنه "عار مطلق"، وتشارك معهم رئيس مجلس الشيوخ "ميتش ماكونيل" الشعور بعدم الارتياح من الزيارة، خرج الرئيس الأميركي ليعلن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أن منظومة الصواريخ الروسية "أس-400" التي اشترتها أنقرة قبل أشهر تُشكل تحديات خطيرة، مؤكداً أنه يتحدث مع الآتراك الآن وغداً لإيجاد حل لهذه المسألة، مضيفاً أنه طلب من وزير خارجيته مايك بومبيو ومستشاريه الأمنيين العمل على حل القضية.


"الأشداء الخمسة"

غير أن ترمب -وفق مسؤولين في الإدارة الأميركية- كان دبّر مع مستشاره للأمن القومي روبرت أوبرايان، دعوة خمسة جمهوريين من أعضاء مجلس الشيوخ المعروفين بالشدة والصراحة ومعارضتهم العنيفة للتصرفات التركية، للمشاركة في اجتماع ترمب وأردوغان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض وذلك بهدف إظهار حجم الغضب داخل الكونغرس الأميركي وبين الجمهوريين حلفاء ترمب حيال مواقف الرئيس الروسي بشكل عام وصفقة الصواريخ الروسية بشكل خاص.
واستهدف ترمب من خلال ذلك أيضاً أن يوضح للرئيس التركي أن يديه مكبلة وسط هذه المعارضة الصلبة.
وتلقى أردوغان خلال هذه المواجهة تحذيرات واضحة بأنه إذا أراد تجنّب العقوبات الأميركية فإنه لا يملك خياراً آخر سوى تجميد صفقة صواريخ أس -400 عبر عدم تشغيلها أو نشرها، حيث أن أعضاء الكونغرس مضطرون إلى فرض العقوبات ضد تركيا بحكم تشريعات قانونية سابقة ملزمة. والأعضاء الجمهوريون الخمسة في مجلس الشيوخ هم، رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور جيم ريتش عن ولاية أيداهو، والسيناتور ليندسي غراهام عن ولاية كارولينا الجنوبية، والسيناتور تيد كروز عن ولاية تكساس، والسيناتور جوني إيرنست عن ولاية أيوا، والسيناتور ريك سكوت عن ولاية فلوريدا.


مواجهات ساخنة

ووفقاً لما نشرته صحف أميركية نقلاً عن مسؤولين في إدارة ترمب، فإن الاجتماع شهد مواجهات ساخنة بين السيناتور ليندسي غراهام وأردوغان حول مصير التحالف الأميركي - الكردي في شمال سوريا بعد الغزو التركي للمنطقة وإصرار أردوغان على إعادة توطين أكثر من مليون سوري في شمال شرقي سوريا ممَن يقيمون في تركيا حالياً، كما دخل السيناتور ريك سكوت في مواجهة أخرى حول مدى التزام الرئيس التركي بعضوية بلاده في حلف شمال الأطلسي، بينما يوطد علاقته مع موسكو يوماً بعد آخر.
وكان غراهام الذي سبق ووصف أردوغان بأنه "بلطجي" صرح أن الغرض من هذا الاجتماع هو تلقين أصدقائنا الأتراك درساً في الحقوق المدنية الأميركية. كما عبر تيد كروز عن اعتقاده بأن "على أردوغان أن يعلم قلق الولايات المتحدة من أمرين، صفقة الصواريخ الروسية ومنع ملاحقة تركيا للأكراد".
 

عواقب تعنت أردوغان

من جهة أخرى، عبّر مسؤولون في الإدارة الأميركية عن اعتقادهم بأن الرسالة وصلت على ما يبدو إلى الجانب التركي، بخاصة أن أردوغان يدرك أن بلاده التي لم تتحمل فرض عقوبات سابقة خلال أزمة اعتقال القس أندرو برانسون العام الماضي، لا تستطيع تحمل تبعات عقوبات اقتصادية جديدة في وقت تواجه تركيا تبعات غزوها في شمال سوريا، كما أن ذلك سينذر بموجات عقوبات أخرى من الولايات المتحدة.
وكان "جيم ريتش" رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قرر تأجيل مناقشة قانون العقوبات ضد تركيا لأيام عدة، بعدما كان مجلس النواب صادق عليه قبل 10 أيام، وذلك بهدف عدم التسبب بإخفاق دبلوماسي خلال القمة الأميركية - التركية في البيت الأبيض.
ويتضمن هذا القانون الذي أقره مجلس النواب بأغلبية كاسحة من الحزبين، فرْض عقوبات على مسؤولين أتراك كبار ومنع نقل التكنولوجيا العسكرية الأميركية إلى الوحدات المنخرطة في الحملة التركية على شمال سوريا، فضلاً عن مطالبة وزارة الخزانة الأميركية بتقدير الثروة الشخصية لأردوغان وعائلته، ما اعتُبر صفعةً مباشرة بوجه الرئيس التركي.


جزرة التجارة و"أف 35"

وبينما تسعى أنقرة إلى تجنب مواجهة مريرة مع أكبر قوة اقتصادية في العالم، فإنها أيضاً ترغب في تحقيق مكاسب أخرى تلوح بها الولايات المتحدة والرئيس ترمب وتتمثل في إعادة تركيا من جديد إلى برنامج الطائرة الأميركية الشبحية المقاتلة "أف 35" الذي أدى شراء تركيا صواريخ أس 400 الروسية إلى وقف مشاركة أنقرة في اتحاد الشركات المُصنّعة لمكونات الطائرة الأكثر تطوراً في العالم، وإلغاء تركيا شراء 100 من هذه الطائرات وإعادة طيارين أتراك كانوا يتدربون على قيادتها في الولايات المتحدة إلى بلدهم، ما اعتُبر صفعة مدوية على وجه أردوغان.
والغريب أن تركيا على الرغم من القرارات الأميركية، واصلت توفير وتوريد الأجزاء التي تصنّعها في برنامج "أف 35"، على الرغم من أن الولايات المتحدة حددت موردين بدلاء للمكونات التركية بحسب شهادات مسؤولين عسكريين خلال جلسات استماع أخيرة جرت في مجلس النواب، ما يكشف رغبة أردوغان القوية في الاستمرار في البرنامج والحفاظ على علاقته بواشنطن للحصول على هذه الطائرات المتفوقة تكنولوجياً.
وتتماشى الصفقة العسكرية مع صفقات تجارية أخرى ستربحها أنقرة بحال انصاعت للمطالب والضغوط الأميركية، حيث أعلن ترمب عن تقدم كبير لمضاعفة حجم التجارة بين البلدين من 24 مليار دولار سنوياً – وفق إحصاءات 2017 – إلى 100 مليار دولار وهو أمر مشجع للأتراك، على الرغم من أن مراكز بحوث ودراسات أميركية شككت بقدرة الاقتصاد التركي على الاستفادة من هذا الاتفاق بحال إبرامه.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مشكلة الغزو التركي لسوريا
 
على الرغم من تأكيد المسؤولين الأميركيين على أهمية الحفاظ على تركيا كحليف في "الأطلسي" وكحليف إقليمي، إلا أن مشكلة الغزو التركي لشمال شرقي سوريا، وما يمكن أن يسفر عنه من تداعيات لا تزال تطل برأسها وتهدد أي جهود لتحسين العلاقات الأميركية - التركية في الفترة المقبلة.
فمن ناحية لا تزال القوات التركية والقوات المتشددة الحليفة لها في شمال شرقي سوريا ترتكب انتهاكات مثيرة للقلق يسقط نتيجتها ضحايا ومصابون. كما يحقق البنتاغون في تقارير حول ارتكاب جرائم حرب من الميليشيات المدعومة من تركيا خلال الغزو، فضلاً عن تسبب الغزو بنزوح 100 ألف شخص وفق تقديرات الأمم المتحدة.
من ناحية أخرى، تثير تصريحات أردوغان عن إعادة توطين أكثر من مليون لاجئ سوري في الرقة ودير الزور في شمال سوريا ممَن يقيمون حالياً داخل الأراضي التركية، قلقاً آخر حيال رغبة تركيا في القضاء على مشروع الإدارة الذاتية الكردية الناجح في شمال سوريا، وما يمكن أن يترتب على ذلك من أزمات إنسانية.


خسائر أردوغان

بمعايير المكسب والخسارة، خسر أردوغان معاركه في جبهات عدة، إذ أثار ولا يزال، غضب الكونغرس بنوابه وأعضائه الجمهوريين والديمقراطيين، وتسبب بإصدار قرار يعترف بمذابح العثمانيين ضد الأرمن في عام 1915 وهو أمر ظلت تركيا تسعى إلى الحيلولة دونه سنوات طويلة، كما فشل أردوغان في مطالباته بتسليم رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي يتهمه بتدبير الانقلاب ضده في عام 2016، إذ لم تقتنع وزارة العدل الأميركية بأن ما سلمته تركيا من دلائل ضده تكفي لتسليمه إلى أنقرة.
ولم ينجح أردوغان حتى الآن في إعادة تركيا إلى برنامج طائرة أف 35، وإن نجح لاحقاً فسيخسر صفقة صواريخ أس 400 الروسية المتطورة ويثير غضب موسكو في وقت يحتاج إلى التنسيق معها في شمال سوريا، وأن تكون وسيطاً مع النظام السوري، بل ومع الأكراد فضلاً عن الدور الذي تطمح فيه تركيا بتحديد مستقبل سوريا.
أما آخر خسائر أردوغان فتتمثل بفشله في قمع المعارضين له خارج تركيا، حيث تظاهر الأكراد والأتراك خارج البيت الأبيض خلال زيارته إلى واشنطن ولم تُفلح محاولات حرسه الخاص قبل سنتين بضرب المعارضين، في ردعهم وزجرهم بعدما بدا واضحاً أن التحذيرات الأميركية بعدم تكرار هذه التجاوزات أتت ثمارها.

المزيد من دوليات