اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن الأحداث بدأت في بلاده، بعد تدفق المال القطري على العمال الذين تركوا أعمالهم وتفرّغوا للمشاركة في التظاهرات.
وقال خلال حديث تلفزيوني اليوم الاثنين مع قناة RT الناطقة بالإنكليزية "تواصلنا مع العمال لنسألهم لماذا لا تداومون في ورشكم"، فكان الجواب واضحاً وبسيطاً: "ما نجمعه في ساعة يساوي ما نجمعه خلال أسبوع".
ودفعت قطر في البداية 50 دولاراً للمتظاهرين - العمال، وارتفع المبلغ لاحقاً إلى 100 دولار في الأسبوع، وهو مبلغ كافٍ للعيش بلا عمل لأسبوع.
وأوضح الأسد "بعد كل ما تقدم، بات من السهل دفعهم نحو التسلح وإطلاق النار، لكن من المؤكد أن الحكومة القطرية ستنكر ذلك".
لا علاقات مع أميركا
وأكد الأسد أن لا علاقات أبداً بين مؤسسات سورية وأميركية، ولا مع ممثلي الاتحاد الأوروبي في محادثات جنيف الأخيرة، "ليست لدينا علاقات مع معظم الدول الغربية التي تلعب دوراً مباشراً ضد سوريا".
ورداً على سؤال عمّا إذا كان الصراع في سوريا مرتبطاً بما يُسمّى "الربيع العربي"، أجاب: "بالطبع، ثمة تداخل في هذه المنطقة لأن الثقافة هي نفسها، والخلفية نفسها، والظروف نفسها، إلى حد ما".
وأضاف: "البعض شارك في التظاهرات لأنه أراد تحسين أوضاعه، والبعض كانت لديه أفكاره الخاصة حول تحسين النظام السياسي والمزيد من الحرية، وطُرحت شعارات مختلفة في تلك المظاهرات. نعم، كان ذلك بشكل أساسي بسبب تأثير ما حدث في بلدان أخرى، كموجة جديدة. لكن لم يكن ذلك سبب استمرارها. ولذلك السبب، فإن الأشخاص أنفسهم الذين أتحدث عنهم توقفوا عن المشاركة في التظاهرات عندما بدأ إطلاق النار وأخذ المتطرفون باختراقها، خصوصاً الإخوان المسلمون الذين شرعوا يقودون التظاهرات بصيحات "الله أكبر" واستخدموا شعارات دينية لفرض عباءة دينية، وأحيانا طائفية، على التظاهرات".
الأسلحة الكيماوية
وتحدث الأسد خلال المقابلة، عن آخر تطورات الوضع السوري، مشدّداً على أن الاستقرار الذي تعيشه سوريا اليوم، "نتيجة تضحيات 100 ألف جندي استشهدوا أو جُرحوا".
وتناول الأسد ملفات الاتهامات الغربية للجيش السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية، وموقفه من قوات سوريا الديمقراطية، وسرقة أميركا للنفط السوري وتحركات القوات التركية في بلاده، إضافة إلى مسألة إعادة إعمار سوريا بعد الحرب ومسار التسوية بمختلف مراحله.
ورداً على سؤال حول هجوم سوري بالأسلحة الكيماوية على الغوطة في 21 أغسطس (آب) 2013، أجاب الأسد "الأمر المضحك أنه في التاريخ ذاته، وصل أول وفد دولي كُلّف بالتحقيق بالحادثة في سوريا إلى دمشق، وكانوا على بعد بضعة كيلومترات من هذا المكان. منطقياً، لو افترضنا أن الجيش السوري يمتلك أسلحة كيماوية وأراد استعمالها، فإنه لن يستعملها في ذلك اليوم. هذا أولاً".
وأضاف "ثانياً، تحدثوا عن مقتل 200 مدني، في حين أنك لو استعملت الأسلحة الكيماوية، فإنك قد تقتل عشرات الآلاف في تلك المنطقة المكتظة بالسكان. ثالثاً، هذه الحادثة ليست موجودة إلاّ في أذهان المسؤولين الغربيين. إنها رواية استعملوها كذريعة لمهاجمة سوريا. هذا ما أعنيه. فهم لم يقدّموا أي دليل ملموس لإثبات حدوث مثل ذلك الهجوم، وظهرت تقارير كثيرة تدحض ذلك التقرير أو تلك المزاعم. وبالتالي، فقد كانت مجرد مزاعم، فالجيش السوري لم يستعمل الأسلحة الكيماوية إطلاقاً قبل أن يُسلّم كل ترسانته إلى اللجنة الدولية".
وأوضح "نحن من دعا مراقبين من منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية عام 2014، للحضور إلى سوريا، لأننا كنا نعتقد أنهم يجب أن يأتوا ويحقّقوا، ولأننا كنّا متأكدين أنها مجرد مزاعم. لكن هذه الوفود ليست حيادية دائماً، بل هم غالباً منحازون".
"البراميل المتفجرة"
في المقابل، تزعم هيئة الإذاعة البريطانية التابعة للدولة البريطانية ومنظمة العفو الدولية أن الحكومة السورية قتلت أحد عشر ألف شخص باستخدام ما يُسمى "البراميل المتفجرة" منذ عام 2012، فيما يُعد انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 2139.
وتُشير "هيومن رايتس ووتش" إلى صورٍ التُقطت عبر الأقمار الصناعية، فيما توضح السلطات السورية أن الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة على "يوتيوب" مفبركة.
وقال الأسد "ليست هناك حرب جيدة. هذه حقيقة بديهية. هناك دائماً ضحايا في أية حرب، لكن أن تتحدث عن جيش أو دولة تقتل المدنيين وتقتل شعبها، فهذا ليس واقعياً لسبب بسيط، وهو أن الحرب في سوريا كانت على كسب قلوب الناس. ولا تستطيع كسب قلوب الناس بقصفهم. فالجيش السوري كان يحارب الإرهابيين، وإن كانت هناك بعض النيران الجانبية التي أثَّرت في بعض المدنيين -وقد يكون ذلك قد حصل ويمكن إجراء تحقيقات بشأنه - لكن كيف يمكن للشعب السوري أن يدعم دولته ورئيسه وجيشه إن كانوا يقتلونه؟".
وأضاف "ليست لدينا وحدات تعذيب. وليست لدينا سياسة تعذيب في سوريا. لماذا نستخدم التعذيب؟ هذا هو السؤال، لماذا؟ هل هو وضع نفسي، لمجرد أنك تريد أن تعذب الناس بهذه الطريقة السادية؟ لماذا نمارس التعذيب؟ هل لأننا بحاجة إلى المعلومات؟ لدينا كل المعلومات. غالبية الشعب السوري دعمت الحكومة. ولهذا السبب ما زلنا موجودين هنا منذ 9 سنوات على الرغم من كل هذا العدوان من قبل الغرب ومن قبل البترودولارات في المنطقة العربية. هذا هو السبب الوحيد. وبالتالي، لماذا تعذب الناس، إنها ليست سياسة. إذا تحدثت عن حوادث فردية، فإنها مجرد حوادث فردية يمكن أن يقوم بها أي شخص بدافع الانتقام، أو لأي سبب آخر، ويمكن لذلك أن يحدث في أي مكان في العالم. لكن ليست لدينا مثل هذه السياسة، إننا لا نعتقد بأن التعذيب يمكن أن يجعل وضعنا أفضل كدولة، بمنتهى البساطة. ولذلك فإننا لا نستخدمه".
ادلب
وعن الإطار الزمني لاستعادة إدلب، وهل سيكون هناك عفوٌ عن أولئك الأشخاص الذين حاولوا إسقاط الحكومة السورية؟ أجاب الأسد "عسكرياً، لن يستغرق الأمر طويلاً إذا بدأنا بتحرير إدلب، لكن ما نفعله، أو مخططنا، أن نعطي الفرصة للمدنيين للمغادرة، وهذا ما يحدث. لكنهم، في الواقع، لا يغادرون بحرية نحو مناطق الحكومة، بل يجري تهريبهم أو لنقل إنهم يتسربون على شكل بضع عائلات كل أسبوع، لأنهم يمكن أن يُقتلوا إذا أرادوا المغادرة".
وحول عملية إعادة إعمار سوريا التي تُقدر بـ 230 مليار دولار، والاعتماد على الصين وإيران، أوضح الأسد "لن تنطلق عجلة الإعمار في القريب العاجل، بسبب الحصار، وقد حاول الأميركيون بقوة خلال السنتين الماضيتين منع أي شخص، ناهيك عن الشركات التي تريد أن تستثمر في سوريا، من القدوم إليها. وقالوا لهم إنكم ستخضعون للعقوبات مباشرة. وبالتالي، فإن الكثير من رؤوس الأموال يخشى القدوم إلى بلدنا بسبب ذلك الحصار. لكن هذه ليست المشكلة الأكبر. بالنسبة إلى الموارد البشرية، لدينا ما يكفي منها لبناء بلدنا، وبالتالي لسنا بحاجة إلى أي موارد بشرية. نستطيع أن نبني بلدنا تدريجاً. ولهذا، لست قلقاً حيال هذا النوع من الحصار، لكن بالتأكيد، فإن بلداناً صديقة مثل الصين وروسيا وإيران ستكون لها الأولوية في إعادة الإعمار".