Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"واشنطن وسد النهضة"... انفراجة مرتقبة أم بداية فشل للوساطة الدولية؟

مصادر دبلوماسية: القاهرة تعول على الدور الأميركي لحلحة الأزمة... وخبراء يتخوفون من مواصلة أديس أبابا نهج المماطلة

واشنطن تدخل على خط أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا (أ.ب)

بعد شهر من وصول أزمة سد النهضة إلى ذروتها بين مصر وإثيوبيا، إثر وصول المفاوضات بين البلدين، إلى "طريق مسدود" بحسب إعلان القاهرة، تترقب الأوساط المصرية الرسمية وسط آمال بانفراجه، ما سيسفر عنه دخول واشنطن على الخط لإنهاء الخلافات بين البلدين وتسريع عجلة التفاوض في اجتماع يحضره وزراء خارجية إثيوبيا والسودان ومصر في العاصمة الأميركية الأربعاء بحضور البنك الدولي.

ووفق دبلوماسي رفيع في وزارة الخارجية المصرية على صلة بالمفاوضات فإن "القاهرة تنتظر من واشنطن دورا محوريا في تليين الموقف الإثيوبي المتشدد لا سيما فيما يتعلق بسنوات ملء وتشغيل خزان السد". موضحاً أن "كل خيارات القاهرة تبقي مفتوحة وواردة للحفاظ على أمنها المائي ما بعد الخطوة الأميركية".

وعلى مدار الشهر الماضي أكتوبر (تشرين الأول) سجلت أزمة "سد النهضة" الإثيوبي، الذي يتوقّع أن يبدأ تشغيله بشكل كامل عام 2022، حضوراً طاغياً، بعد تعثر المفاوضات ومطالبة القاهرة الاستعانة بوسيط دولي، فيما أصرت إثيوبيا على رفضها وساطة طرف خارجي، وعبرت الخرطوم في أكثر من مناسبة عن تفاؤلها بقدرة اللجنة الفنية على مواصلة العمل لحلحلة التعقيدات والاختلافات بين الدول الثلاث.

ووصلت الأزمة ذروة "تصعيدها وتهديداتها المتبادلة"، بعدما تردد من تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمام برلمان بلاده في 23 أكتوبر، جاء فيها "لا توجد قوة يمكنها منع إثيوبيا من بناء سد النهضة"، مشيراً إلى أن بلاده "ستحشد مليون شخص للدفاع عن السد عند الضرورة، لكن الحرب لن تفيد أحداً". ورد القاهرة عبر وزارة خارجيتها معبره عن "صدمتها" إزاء تلك التصريحات، مؤكدة "رفضها واستنكارها لها"، وتبين أن تم اجتزاؤها من سياقها، وفقا لتوضيح رئيس الوزراء الإثيوبي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش القمة الروسية الأفريقية، أواخر الشهر الماضي لتتوالي بعدها بيانات تأكيد المشاركة من الدول الثلاث في اجتماع واشنطن "للتباحث حول كسر جمود مفاوضات سد النهضة الإثيوبي".

 

 

تحركات مصرية لاحتواء الأزمة

وما يوحي على تعويل القاهرة على الدور الأميركي في ملف أزمة سد النهضة، وصول وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى العاصمة واشنطن قبل ثلاثة أيام من الموعد المقرر لاجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث والمقرر له 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقا لمراقبين.

وبحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، فإن وصول شكري في 3 نوفمبر(تشرين الثاني) إلى واشنطن جاء بالإضافة لتلبية دعوة الإدارة الأميركية للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، للتشاور مع الدوائر الأميركية المختلفة حول شتى جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وكذا تبادل الرؤى فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق الدبلوماسي المصري الذى تحدث لـ"اندبندنت عربية"، فإن "مصر سعت طول الفترة الماضية إلى الوصول إلى اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، من خلال الآليات التي توافقت عليها الدول الثلاث، بينها المسار غير الرسمي بتشكيل المجموعة العلمية المستقلة، إلا أنه حتى هذه اللحظة لم يتحقق ذلك أيضاً"، مضيفاً: "ما طرحه الجانب الإثيوبي من اقتراحات لا تلبي شواغل مصر اتصالاً بملء وتشغيل السد ولا يمكن قبولها لتجاهلها عناصر كثيرة مطبقة على مستوى العالم، ومن ثم تعول القاهرة على الدور الأميركي لما تربطه علاقات طيبة مع قادة مصر وإثيوبيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعشية اللقاء المقرر، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر "تويتر" الشكر لنظيره الأميركي دونالد ترمب لدعمه المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة. ووصف السيسي ترمب بأنه "رجل من طراز فريد، ويمتلك القوة لمواجهة الأزمات والتعامل معها، وإيجاد حلول حاسمة لها".

وأعرب الرئيس المصري عن امتنانه لترمب "على الجهود التي يبذلها لرعاية المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة".

من جانبه، أعرب البيت الأبيض، إن الرئيس ترمب أبدى خلال حديثه مع نظيره المصري تأييده لإجراء مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة. وقال جود دير، المتحدث باسم البيت الأبيض، في بيان، "عبّر الرئيس ترمب عند دعمه للمفاوضات الجارية بين مصر وإثيوبيا والسودان للتوصل إلى اتفاق تعاون بشأن سد النهضة". ولم يشر البيان إلى أي اجتماع في واشنطن.

وكان مسؤول أميركي كشف في وقت سابق من الشهر الحالي أن السيسي كان قد طلب من ترمب التوسّط لكسر الجمود الذي يخيم على المفاوضات، وذلك عندما التقيا في سبتمبر (أيلول) على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. ووافق ترمب حينها على التواصل مع إثيوبيا وقد عرض وساطة وزير الخزانة ستيفن منوتشين، وفقما أوضح المسؤول.

وفي إثيوبيا، أعلنت وزارة خارجيتها اليوم الثلاثاء، توجه جيدو أندارجاشيو، وزير الشؤون الخارجية الإثيوبي، إلى الولايات المتحدة، لحضور الاجتماع. وذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية "إينا"، أن الاجتماع يأتي تلبية لدعوة من وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين.

هل تحدث انفراجه؟

وفق مراقبين ودبلوماسيين، فإن "لقاء واشنطن لوزراء خارجية الدول يمثل نقطة مهمة لها ما بعدها حول مسار التفاوض بشأن أزمة سد النهضة"، متخوفين في الوقت ذاته من ضيق الوقت الفاصل بين المفاوضات وبدء إثيوبيا ملء خزان السد والمتوقع العام المقبل، وهو ما يمثل محور الخلاف مع القاهرة.

وقال دبلوماسي أوروبي في القاهرة، "إن هناك قلقا غربيا من احتمالات تواصل الخلاف بين الدول الثلاث"، معتبرا أن ما يعقّد الأمور "رفض الجانب الإثيوبي لأكثر من مرة دخول طرف رابع على خط الوساطة لتسريع إيجاد حلول بها"، التي كان من بينها عرضٌ من الاتحاد الأوروبي للتوسط أخيرا، لكنه قوبل بالرفض من الجانب الإثيوبي.

وبحسب الدبلوماسي الأوروبي، "فإنه في ظل تعثر المفاوضات حول شد النهضة، طرح الاتحاد على القاهرة، المساعدة عبر تقديم الدعم المالي والخبرات الفنية وبناء القدرات لإدارة مواردها المائية وتحقيق الاستفادة القصوى منها".

وعن التدخل الأميركي على خط الأزمة، يقول محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي رجح الانتظار لما سيسفر عنه اجتماع الأربعاء، والذي يأتي دون تقديم مقترح أميركي للوساطة أو الحل وإنما فقط "للتحاور واستكشاف المواقف وطرح وجهات النظر"، إلا أنه يعول "على العلاقة الطيبة التي تجمع الإدارة الأميركية لا سيما الرئيس ترمب بكل من قادة مصر وإثيوبيا". على حد قوله.

وبحسب كمال، "فإنه وعلى الرغم من هذه العلاقة الطيبة فإن هناك قيودا على التعاطي الأميركي مع أزمة السد وإمكانية حلحلتها، تتمثل في رفض الجانب الإثيوبي تسيس الخلاف بشأن السد وعدم الترحيب بأي دور خارجي أو وساطة أجنبية، فضلا عن إصرارها على حصر المسألة على الخلافات الفنية وليس السياسية".

وأيا كانت نتيجة اجتماع واشنطن الأربعاء، إلا أنه ووفق ضياء القوصي، الخبير المصري في الموارد المائية والري، فإن "دخول واشنطن والبنك الدولي على خط الأزمة، الذي كان مرفوضا مسبقا من قبل الجانب الإثيوبي، يصب في صالح القاهرة"، معتبراً أن حلحلة الأزمة وحلها، يتوقف "على عرض جوهر المسألة والشواغل المصرية خلال اجتماع واشنطن، فضلا عن توضيح  المماطلة والتلكؤ الإثيوبي في مسار التفاوض طوال السنوات الأخيرة".

وذكر القوصي، أن "اجتماع واشنطن له ما بعده فيما يتعلق بخطوات القاهرة التصعيدية، والتي تتمثل في شكلها السياسي في الوساطة ثم التحكيم وتقديم شكاوي للمنظمات والهيئات الدولة، فضلا عن خيارات أخرى تبقي قائمة عند انسداد أفق التفاوض".

وتخشى مصر من أن يؤدي سد النهضة إلى الحد من إمدادات المياه النادرة بالفعل من النيل الذي يؤمن نحو 90% من احتياجاتها المائية، إذ تقول إن ملء خزان السدّ الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب من المياه، سيؤدي إلى تقليص حصتها التاريخية من المياه المقدرة بـ55 مليار متر مكعب بشكل حاد، وجاءت دعوتها إلى وساطة دولية للمساعدة في التوصل لاتفاق "عادل ومتزن".

كما يقول مسؤولون مصريون إن نصيب الفرد في مصر يبلغ حاليا 570 مترا مكعبا من المياه سنويا، ومن المتوقع أن يبلغ 500 متر مكعب بحلول عام 2025، دون وضع الخسائر المحتملة من تشييد سد النهضة في الحسبان.

في المقابل، تؤكد أديس أبابا إن السد المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية، الذي تقدّر تكلفته بأربعة مليارات دولار ضروري لتأمين حاجة البلاد للكهرباء (سيكون أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، وسيولد أكثر من 6 آلاف ميغاواط)، وضروري لتنميتها الاقتصادية، ومن المتوقع أن تبدأ في ملء خزان السد العام المقبل.

وفي مارس (آذار) 2015، وقّعت مصر والسودان وإثيوبيا وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، بهدف حل المشكلات العالقة بشأن بناء وتشغيل السد، دون إلحاق أضرار بالحقوق المائية لدولتي المصب (مصر والسودان).

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة