Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي دور لتونس في ليبيا مستقبلا؟

يراهن التونسيون على رئيسهم ليلعب دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر بين الجهات الليبية المتصارعة

مؤتمر صحافي لوزراء في حكومة الوفاق مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة في مطار معيتيقة الدولي الاثنين 29 أكتوبر (تشرين الثاني) الحالي (أ. ف. ب.)

تجمع بين الشعبين التونسي والليبي روابط تاريخية قوية، وتُمثل تونس اليوم الشريان الحيوي لليبيا بخاصة عبر التجارة البينية من خلال معبرَي رأس الجدير والذهيبة في جنوب تونس، لمرور السلع ومواطني البلدين في الاتجاهين.

 

فتور العلاقة ودبلوماسية الحياد السلبي

 

وشهدت العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة فتوراً نسبياً بالنظر إلى ما أفرزه المشهد السياسي في ليبيا من صراعات داخلية على السلطة، دفعت تونس إلى انتهاج سياسة الحياد السلبي تاركةً المجال لليبيين ليقرروا مصيرهم بأنفسهم تفادياً لمأزق الاصطفاف.
ولم تترك الدبلوماسية التونسية أي أثر لها في المفاوضات التي جمعت الأطراف الليبية المتصارعة في غدامس في ليبيا ثم في الصخيرات في المغرب برعاية الأمم المتحدة.
ويراهن التونسيون الآن على قيس سعيد رئيسهم الجديد المنتخب بتفويض شعبي كبير والحائز على ما يزيد عن 70 في المئة من أصوات الناخبين، ليلعب دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة في ليبيا وفرض منطق الحوار من أجل الخروج بالبلاد من النزاع الدموي الذي بات يهدّد الجميع.

 

هل هي صحوة الدبلوماسية التونسية؟
 

وفي استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد بداية هذا الأسبوع، مؤشر إلى تفطّن الدبلوماسية التونسية إلى ضرورة التموقع جيداً إزاء الملف الليبي صوناً لمصالح الشعبين الشقيقين.
وكان الرئيس التونسي تعهّد في إجابته عن سؤال يتعلّق بالوضع في ليبيا خلال المناظرة التلفزيونية التي سبقت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تونس مع منافسه في الدور الثاني نبيل القروي، تعهد باستقبال كل الأطراف الليبية المعنية بالصراع من أجل بلورة أسس الحوار ولتكون تونس "أرض لقاء بين الأشقاء الليبيين" للخروج بليبيا من وضعها الراهن.
ويندرج لقاء سعيد بخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدّولة الليبية (الذي يسيطر على العاصمة طرابلس) في هذا السياق. ويرجّح متابعون للشأن الليبي على غرار الصحافي التونسي المختص في الشأن السياسي كمال الشارني أن يلتقي قيس سعيد خلال الأيام القليلة المقبلة وفوداً ليبية أخرى من أجل تقريب وجهات النظر وصوغ موقف موحّد ومن ثمّ الدعوة إلى مفاوضات رسميّة تجمع كل الأطراف وتكون تونس هي المبادِرة والرّاعية والحاضنة لهذه المفاوضات تحت غطاء أممي ودولي ومن دون وصاية من أي جهة.
وشدد الشّارني على عمق الروابط التونسية - الليبية، مشيراً إلى أن "الدبلوماسية التونسية في عهد الرئيس الرّاحل الباجي قائد السبسي لم تكن فاعلة في الأزمة الليبية وفتحت المجال أمام دول أخرى كالمغرب لتحتضن مفاوضات الصخيرات، وكان الأجدى أن تحتضن تونس تلك المفاوضات".

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

تمسك بالشرعية الدولية

 

وكان بيان صادر عن الرئاسة التونسية إثر لقاء سعيد بخالد المشري، أكد "تمسك تونس بالشرعية الدولية لإيجاد تسوية سياسية شاملة تخدم مصلحة الشعب الليبي وتحافظ على سيادته ووحدة أراضيه وتعيد الأمن والاستقرار إلى هذا البلد"، مشيراً إلى أن "استقرار ليبيا من استقرار تونس والمنطقة برمتها". موقف متجانس مع مبادئ الدبلوماسية التونسية القائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى مع الاحتكام إلى الشرعية الدولية.
واطّلع الرئيس التونسي خلال هذا اللقاء على المبادرة الشاملة التي أعلنها المجلس الأعلى للدولة الليبية لحل الأزمة في ليبيا والتي تتضمّن خمسة محاور من بينها تحديد آجال لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية استناداً إلى دستور عام 2011 ووقف فوري لإطلاق النار وتعزيز الثقة بين كل الليبيين ووضع حد لخطاب التحريض.
 

لقاء تشاوري شكلي

 

في المقابل قلّل المحلل السياسي المختص في الشؤون السياسية العربية محمد بوعود من أهمية هذا اللقاء الذي يرى أنه "تشاوري شكلي بروتوكولي أكثر منه لقاء لاتخاذ القرارات والمواقف بشأن الوضع في ليبيا".
وأكد بوعود أن "تونس لن يكون لها دور قوي في الملف الليبي لأن الرّئيس قيس سعيد يحتكم إلى الشرعية الدولية وسينتظر ما سيؤول إليه الوضع وما ستقرره الدول الفاعلة حقاً في ليبيا لتمتثل إليه تونس".
ورجّح أن "تواصل تونس نهج الحياد السلبي إزاء الملف الليبي مع استمرار الاعتراف بحكومة فائز السرّاج في طرابلس"، مؤكداً أن "قيس سعيد  لن يلتقي ممثلي بقية أطراف النزاع في ليبيا على غرار مناصري الزعيم السابق معمر القذافي أو قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر. وأضاف أن "اللاعبين في الملف الليبي هي أطراف دولية نافذة ولا يمكن لتونس أن تكون وازنة ضمن هذه المجموعات القوية".

 

الحل في الحوار
 

ومهما اختلفت القراءات والتقييمات لدور تونس مستقبلاً في ليبيا فإن الحوار الليبي - الليبي هو أفضل السبل لحقن دماء الليبيين ووضع حد لحرب الاستنزاف الدائرة حالياً من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس.
ويدفع المواطن الليبي ثمن هذه الصراعات حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تدني الخدمات الصحية وتعرّض المستشفيات والأحياء السكنية إلى القصف العشوائي منذ أبريل (نيسان) الماضي، ما أودى بحياة حوالى ألف شخص من بينهم نساء وأطفال.
وتقدّر تقارير صادرة عن هيئات الأمم المتحدة عدد النازحين والمهجّرين داخل ليبيا بحوالى 220 ألف نازح هرباً من القصف الناتج من الصراع من أجل بسط السيطرة على العاصمة طرابلس.
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي