يعتقد رئيس شركة الأزياء العملاقة "إتش أند إم" H&M إن الحركة المتنامية المتمثلة في ذم الاستهلاك وتعيير المستهلكين، تمثل تهديداً اجتماعياً حقيقياً. وتأتي تعليقات الملياردير كارل يوهان بيرسون، الرئيس التنفيذي لشركة "إتش أند إم" وابن رئيس مجلس إدارتها، في وقت تنتشر موجة من التعيير كانت تستهدف في البداية الأشخاص الذين يسافرون جوّاً، وباتت الآن تطاول مزيداً من الصناعات. وقد جذبت تلك الحركة الاهتمام عندما ألهمت غريتا تونبرغ، الناشطة السويدية المراهقة، ملايين الناس بالنزول إلى الشوارع والتعبير عن غضبهم إزاء ما ترى أنه أزمة مناخية.
ويشير بيرسون، الذي يدير "إتش أند إم" عشر سنوات، إلى أن قلقه يتمثل في سعي تلك الحركة إلى حظر السلوكيات. وذكر في مقابلة أجريت معه في ستوكهولم، أن عدداً من الاحتجاجات تدور حول "التوقف عن فعل أشياء، والتوقف عن الاستهلاك، والتوقف عن الطيران... نعم ، قد يفضي ذلك إلى تأثير بيئي صغير، ولكن سيكون له عواقب اجتماعية وخيمة".
ويُعتبر رئيس "إتش أند إم" من الشخصيات الرئيسة في صناعة الأزياء التي تبلغ قيمتها 2.5 تريليون دولار (= 2 تريليون جنيهاً إسترلينياً) وتخضع لمزيد من التدقيق وسط مخاوف حول التلوث وحقوق العمال في الدول ذات الاقتصادات النامية التي باتت تتولى معظم عمليات تصنيع الأزياء.
في تطوّر متصل، ترى "لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا" إن جزءاً من المشكلة يتمثل في أن "عصر الموضة السريعة" قد استحوذ على المستهلكين، ما أدى إلى "حالة طوارئ بيئية واجتماعية". ووفقاً للأمم المتحدة، تتحمّل صناعة الملابس المسؤولية عن حوالى 10 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، ويفوق استهلاكها للطاقة قطاعي الطيران والشحن معاً.
ويذكر بيرسون أن "قضية المناخ مهمة للغاية. إذ تشكّل تهديداً كبيراً وعلينا جميعاً كسياسيين وشركات وأفراد، أن نأخذه على محمل الجد. وفي الوقت نفسه، يعتبر القضاء على الفقر هدفاً على القدر نفسه من الأهمية في أقل تقدير... يجب علينا تقليل التأثير البيئي... وفي الوقت نفسه، يجب علينا أيضاً أن نستمر في توفير الوظائف، وتأمين رعاية صحية أفضل وكل الأمور التي ترافق النمو الاقتصادي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ذلك الصدد، يذكر تشارلز ألين، محلل المبيعات في شركة "بلومبرغ إنتيليجنس" إنه "من الواضح أن الأزياء رخيصة الثمن تشجع المستهلكين على الشراء بشكل متكرر والتخلص من ملابس ما زالت صالحة للارتداء... ببساطة، يمكن للمستهلكين أن يختاروا اتخاذ هذا القرار، لكنهم على غرار الأحوال في مناحي كثيرة، فإنهم يرغبون أيضاً في الحصول على مساعدة من باعة التجزئة، بشأن اتخاذ خيارات بيئية جيدة".
في ذلك الإطار، تُقَدِّر "إتش أند إم" أن حوالى 70 في المئة من التأثير الذي تتركه الملابس على المناخ يحدث أثناء عملية التصنيع. وتعتزم الشركة أن تصبح بحلول عام 2040، إيجابية مناخياً، ما يعني بحسب رأيها أن تعمل على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة (أثناء عمليات التصنيع) أكثر مما تُقَدّر أنه ينبعث من سلسلة متاجر مبيعاتها.
وتشير الشركة إلى إنها واحدة من أكبر المستخدمين للقطن العضوي والمعاد تدويره عالمياً، مستشهدة ببيانات من منظمة "تيكستايل إكستشينج" (=حرفياً، "تبادل المنسوجات")غير الربحية. إذ بدأت "إتش أند إم" في استكشاف بعض الأقمشة غير التقليدية المصممة خصيصاً لدمج إعادة التدوير في مزيج الأنسجة المستخدمة في تصنيع الملابس، مثل قشور الحمضيات وشباك صيد السمك القديمة. كذلك تساعد الشركة الحكومات في نشر الألواح الشمسيّة وغيرها من حلول الطاقة المتجددة، بهدف جعل المصانع المحلية أكثر استدامة.
وعلى نحو مُشابه، يشير بيرسون إلى أن أشياء مثل "الابتكار البيئي والطاقة المتجددة والمواد المُحَسَّنة" تشكّل أساليب في معالجة التغيير المناخي كما إنّها أفضل من التوقف الاختياري عن الاستهلاك. "استمروا في التركيز كثيراً على قضية البيئة، ولكن اعملوا أيضاً على إجراء مناقشة مفتوحة حول ماهية الحل".
يذكر أن أسهم "إتش أند إم" أضافت إلى قيمتها السوقية أكثر من 60% هذه السنة، بعد أن فقدت حوالي ربع تلك القيمة في 2018.
© The Independent