ملخص
أسهمت التخفيضات الثلاثة المتتالية التي أجراها البنك المركزي الأميركي في صعود الأسواق وتجاوز المخاوف في شأن الذكاء الاصطناعي.
بالفعل، وتماشياً مع التوقعات، حصلت "وول ستريت" على خفض سعر الفائدة الذي كانت تطمح إليه، ولكن مع استعداد مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لاتباع نهج أكثر حذراً في خفض أسعار الفائدة عام 2026، بات على المستثمرين الآن التعامل مع مخاوف أخرى تم تأجيلها موقتاً بينما كانت تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية في صدارة اهتماماتهم.
فقد أسهمت التخفيضات الثلاثة المتتالية التي أجراها "الفيدرالي" في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، في صعود الأسواق وتجاوز المخاوف في شأن الذكاء الاصطناعي والغموض المحيط بالتعريفات الجمركية.
ومع تلميح رئيس "الفيدرالي" جيروم باول، إلى احتمال تعليق تخفيضات أسعار الفائدة لفترة، يتجه تركيز "وول ستريت" إلى مجالات أخرى، ويصبح من الصعب تجاهل حال عدم اليقين التي كانت كامنة في السوق، في ظل غياب التفاؤل في شأن تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية التي كانت تدعم الأسهم.
تطفو المخاوف المستمرة بشأن الذكاء الاصطناعي على السطح مجدداً، في حين أن التحركات الأخيرة في سوق السندات تثير قلق بعض المستثمرين، وقد أعلنت شركة "أوراكل" تأجيل مواعيد إنجاز بعض مراكز البيانات العملاق التي تطورها لشركة "أوبن إي آي"، الرائدة في نماذج الذكاء الاصطناعي، إلى عام 2028 بدلاً من الجدول الزمني السابق الذي كان محدداً لعام 2027.
تقييم واقع سوق الذكاء الاصطناعي
أحد المخاوف تتمثل في أنه على رغم أن الذكاء الاصطناعي قد لا يكون في فقاعة على وشك الانفجار، فإن هناك شكوكاً حقيقية حول مدى ربحية كل شركة ذات طموحات هائلة، وما إذا كان الإنفاق الجاري مبرراً.
وتولي "وول ستريت" اهتماماً أكبر بنتائج أرباح شركات الذكاء الاصطناعي، وانخفضت أسهم "أوراكل" بنسبة 10.83 في المئة في تعاملات نهاية الأسبوع بعدما أعلنت الشركة عن نتائج الربع الثالث من العام الحالي التي جاءت من دون توقعات "وول ستريت" بقليل.
وتتراجع أسهم الشركة بنسبة 39 في المئة منذ بلوغها أعلى مستوى لها على الإطلاق في سبتمبر الماضي.
في مذكرة بحثية حديثة، قال محللون في بنك "أوف أميركا"، "تدخل (أوراكل) المرحلة الأكبر من تطوير بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي، وقد أبرزت نتائج الربع الثالث عدم التوافق الزمني بين الإنفاق على التطوير وتحويل الإيرادات".
وقد أسهمت أسهم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في دعم السوق نحو الارتفاع في الأعوام الأخيرة، لذا، فإن بيع المستثمرين للأسهم قد يؤثر سلباً في السوق بصورة عامة.
في التعاملات الأخيرة، تعرضت أسهم شركات التكنولوجيا لضغوط عنيفة، فقد انخفض سهم شركة "إنفيديا" بنسبة 1.53 في المئة، بينما انخفض سهم شركة "ألفابت" بنسبة 2.27 في المئة، مما أثر سلباً في مؤشر "ناسداك" الذي أغلق على انخفاض بنسبة 0.25 في المئة.
واتجه المستثمرون إلى قطاعات أخرى، مما رفع مؤشر "داو جونز" بمقدار 646 نقطة، أو 1.34 في المئة، ليغلق عند مستوى قياسي، وارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 0.21 في المئة وأغلق هو الآخر عند مستوى قياسي.
في تعليقه، قال كبير مسؤولي الاستثمار في "نورثلايت" لإدارة الأصول كريس زاكاريلي، "لسنا متفاجئين من التفاؤل السائد في الأسواق على المدى القريب، بالنظر إلى استمرار (الفيدرالي) في خفض أسعار الفائدة رغم نمو الاقتصاد، ومع ذلك نعتقد أن التفاؤل المفرط قد يزول عندما يدرك المستثمرون أن الطريق إلى خفض أسعار الفائدة قد يستغرق وقتاً أطول، أو قد لا يتحقق على الإطلاق، بالقدر الذي يتوقعونه".
المستثمرون يشعرون بالقلق من التضخم
أيضاً، تشير السندات إلى وجود مشكلة، وتحتل القدرة على تحمل الكلف، وكلف المعيشة، مكانة بارزة في النقاشات الاقتصادية، ويواصل الرئيس دونالد ترمب انتقاده لـ"الفيدرالي" لعدم خفضه أسعار الفائدة بالسرعة التي يرغبها.
ويؤثر سعر الفائدة المرجعي "الفيدرالي" في كلف الاقتراض، مثل أسعار بطاقات الائتمان، لكن عوائد السندات طويلة الأجل، مثل سندات الخزانة لأجل 10 أعوام، هي التي تؤثر في كلف الاقتراض، مثل أسعار الرهن العقاري.
فعندما يخفض "الفيدرالي" أسعار الفائدة، تميل السندات إلى الارتفاع، مما يؤدي إلى انخفاض العائداًت، بالتالي انخفاض كلف الاقتراض، لكن حدث العكس أخيراً، فقد بلغ عائد السندات لأجل 10 سنوات أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر قبل أن ينخفض في تعاملات الأربعاء الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهذا مؤشر إلى أن المستثمرين قد يشعرون بالقلق من أن التضخم قد يصبح مشكلة مستمرة (لذا فهم يطالبون بعائد أعلى للتعويض عن تأثير التضخم المحتمل في عوائدهم).
ويعد هذا تذكيراً صارخاً بأنه على رغم رغبة الرئيس ترمب في خفض أسعار الفائدة، فإن سوق السندات هو صاحب الكلمة الفصل في تحديد كلف الاقتراض الرئيسة.
ومن بين الأمور الأخرى التي تشغل بال مستثمري السندات، أن المخاوف في شأن أعباء الدين الحكومي لا تزال قائمة، وتشهد عوائد السندات ارتفاعاً في اليابان، مما يشير إلى اتجاه عالمي نحو ارتفاع كلف الاقتراض، وأيضاً، يبدي بعض المستثمرين تحفظات بشأن احتمال تولي كيفن هاسيت مدير المجلس الاقتصادي الوطني، رئاسة "الفيدرالي" إضافة إلى أنه لا يزال هناك غموض يكتنف الحكم المتوقع للمحكمة العليا بشأن مجموعة واسعة من تعريفات ترمب الجمركية.
في مذكرة حديثة، قال رئيس شركة "يارديني" للأبحاث إد يارديني "لا يلتزم مستثمرو السندات بسياسة التيسير النقدي التي يتبناها (الفيدرالي) فهم لا يزالون قلقين في شأن العجز الكبير في الموازنة الفيدرالية الأميركية وتزايد الدين الأميركي، ويلاحظون أن التضخم لا يزال أعلى من هدف "الفيدرالي" البالغ 2.0 في المئة، ويلاحظون ارتفاعاً حاداً في عوائد السندات في اليابان".
عوائق محتملة أمام الأسواق في 2026
يرى كبير استراتيجيي السوق في شركة "ميلر تاباك وشركاه" مات مالي، أن الذكاء الاصطناعي وعوائد السندات يمثلان عائقين محتملين أمام الأسواق مع تطلع المستثمرين إلى عام 2026.
وأوضح أنه "مع تزايد وضوح أن صناعة الذكاء الاصطناعي لن تحقق أرباحاً واسعة النطاق، أو أرباحاً سريعة، كما يتوقع السوق، فإن ذلك سيخلق تحديات كبيرة".