Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تسعى إلى ضم غزة الشرقية لأراضيها

تتعارض هذه الخطوة مع خطة ترمب للسلام

فلسطيني يركب عربة يجرها حمار بالقرب من كتلة خرسانية تمثل "الخط الأصفر" الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج، وسط قطاع غزة (أ ف ب)

ملخص

يبدو أن إسرائيل تريد تحويل الخط الأصفر إلى حدود جديدة تفصلها عن غزة.

أثناء زيارته لأجزاء من قطاع غزة، فجر قائد الجيش الإسرائيلي إيال زامير مفاجأة من شأنها أن تعرقل المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام والازدهار، إذ قال إن "الخط الأصفر بات يشكل حدوداً جديدة بين غزة وإسرائيل، وخط دفاع متقدماً عن بلداتنا القريبة، وخطاً هجومياً في الوقت نفسه".

عندما وافقت حركة "حماس" وإسرائيل على خطة السلام والازدهار توقفت الحرب، وبموجب ذلك الاتفاق انسحب الجيش الذي يتوغل في مراكز مدن القطاع، من غالب المناطق، وأعاد انتشار قواته في مواقع جديدة، وذلك وفقاً لخرائط محددة.

انسحاب تدريجي

تسمح المرحلة الأولى من خطة ترمب لإسرائيل بالسيطرة على 53 في المئة من مساحة غزة، وبموجب ذلك صنع الجيش حدوداً لتفصل بينه وبين الغزيين، وأطلق على تلك الحدود اسم "الخط الأصفر" ثم عمل على ترسيمها بعلامات خرسانية صفراء.

وبموجب خطة السلام، فإن على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من غزة تدريجاً كلما تقدمت خطة ترمب، ولكن يبدو أن تل أبيب لا تتريد الالتزام بذلك، إذ بينما يستعد الرئيس الأميركي لإعلان بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة التي بموجبها تتراجع القوات الإسرائيلية من القطاع، ذهب زامير بنفسه واقتحم غزة وزار جنوده، ومن وسط رفح عقد لقاءات إعلامية مثيرة للجدل والاهتمام في الوقت ذاته.

يقول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن "الخط الأصفر بات حداً أمنياً طويل الأمد، وليس مجرد خط انتشار موقت، القوات لن تعود لمواقعها السابقة قبل الحرب، الآن جيشنا يسيطر على مساحات واسعة من قطاع غزة، ويتمركز في خطوط سيطرة محكمة، ويعمل على إحباط التهديدات في جميع الجبهات". ويضيف أن "الجيش يمتلك حرية عمل كاملة في غزة، ويستعد لسيناريو حرب مفاجئة"، في الواقع تعد هذه المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل توصيف الخط الأصفر كحدود ثابتة وجديدة مع قطاع غزة، مما أثار مخاوف من تثبيت واقع تقسيمي داخل القطاع.

 

غزة الشرقية والغربية

ولتوضيح معنى ذلك، فإنه يجب التذكير بأن الخط الأصفر، الذي يقسم القطاع إلى نصفين، الأول خاضع للسيطرة الإسرائيلية ويسمى غزة الشرقية، والثاني خاضع لسيطرة "حماس" ويطلق عليه غزة الغربية.

لذلك الخط أبعاد ديموغرافية وجغرافية وسياسية واقتصادية وأمنية كثيرة، فهو ليس مجرد حدود جديدة فقط، وعملية جعله الحدود الحديثة لغزة يعني الكثير، خصوصاً وأن الدعوات تتصاعد لبدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة وإتمام انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من القطاع المنكوب وبدء انتشار قوة الاستقرار الدولية بحسب خطة الرئيس الأميركي.

وبمجرد ما خرج زامير ليعلن أن الخط الأصفر بات يشكل حدوداً جديدة، فقد ضرب عرض الحائط ببنود خطة ترمب، مؤكداً أن الجنود لن ينسحبوا من غزة لتحل محلهم قوة دولية تتولى السيطرة على المنطقة.

تصريح نتنياهو

ربما يكون حديث زامير عن عدم الانسحاب من غزة وترسيم حدود جديدة لإسرائيل مجرد زلة لسان، عند مقارنته بتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنه "من المتوقع قريباً جداً أن تنتقل إسرائيل و’حماس‘ إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، يمكن أن تبدأ في أقرب وقت بنهاية الشهر الجاري".
وإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن خطة ترمب للسلام تسير للأمام، أما إذا تعارض كلام زامير مع حديث نتنياهو فذلك يعني وجود خلاف وفجوة بين المؤسستين الأمنية والسياسية في إسرائيل.

يهندس غزة بطريقة إسرائيلية

وتتضمن الخطة بعد المرحلة الأولى انسحاب إسرائيل بصورة أكبر انطلاقاً مما يسمى بـ"الخط الأصفر" المتفق عليه، إلى جانب إنشاء سلطة انتقالية لحكم غزة، ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى تسلم المسؤولية من الجيش الإسرائيلي، وكذلك نزع سلاح "حماس" وبدء إعادة بناء القطاع.

لكن بعدم انسحاب إسرائيل يصبح "الخط الأصفر" في إطار حدود جديدة بحكم الأمر الواقع، وبالفعل هذا ما يكشف عنه الميدان، إذ أقام الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 موقعاً عسكرياً على طول "الخط الأصفر" مجهزة ببنية تحتية دائمة تشمل جدراناً خرسانية وأبراج مراقبة حرارية وطرقاً معبدة، مما يعني تحول الخط الموقت إلى حدود دائمة بين غزة الغربية وإسرائيل.

وتغطي المساحة التي تسيطر عليها إسرائيل من القطاع نحو 210 كيلومترات مربعة، أي خمسة في المئة من مساحة القطاع البالغة 356 كيلومتراً مربعاً. ومع وجود المواقع العسكرية الجديدة على طول "الخط الأصفر"، فإن ذلك يعني إشارة واضحة إلى تحول الاستراتيجية الإسرائيلية نحو احتلال دائم لمساحة كبيرة من القطاع.

بحسب ما جاء في خطة ترمب فإنه يفترض أن "الخط الأصفر" مجرد حد وهمي موقت فرضته الولايات المتحدة للفصل بين الجيش الإسرائيلي والمناطق المدنية، كما أنه يعد منطقة عازلة موقتة يفترض أن تلتزم إسرائيل بعدم تجاوزها، ويسمح لجيش الاحتلال بالبقاء فيها مرحلياً، من دون التوغل مجدداً إلى ما بعدها.

ويشكل تحول "الخط الأصفر" إلى حد فاصل فعلي طويل الأمد إخلالاً جوهرياً ببنود الاتفاق، ويحرم المواطنين من العودة لمنازلهم، ومنعهم من الوصول إلى الأراضي الزراعية والمرافق الأساسية، والتلاعب بالملف الإنساني وإخضاعه لشروط أمنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أهداف كبيرة

ويخدم تثبيت "الخط الأصفر" حداً دائماً لتحقيق أهدافاً ديموغرافية واستراتيجية، إذ تشمل فصل مناطق عن أخرى وتقييد عودة النازحين، والاستحواذ على الأراضي الزراعية والبنية التحتية، وتغيير التوزيع السكاني والتركيبة الحياتية للمحافظات.

وحول كل ذلك يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إنه "يقع خلف الخط الأصفر منشآت اقتصادية وأراض زراعية ومستشفيات وطرقاً تؤدي إلى المعابر جميعها، الأخطر من ذلك أن يتحول هذا الوضع إلى واقع دائم، الخط الأصفر يقسم القطاع ويصادر نحو 55 في المئة من مساحته، ويهجر نحو مليون شخص عن بيوتهم".

أما عسكرياً فيرى اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي في الخط الأصفر "محوراً عسكرياً أمنياً ذا تبعات خطيرة للغاية، يستخدم كنقطة انقضاض على مناطق سكنية، بسبب قربه الشديد من التجمعات المدنية، بما يمنح إسرائيل حزاماً أمنياً متقدماً يحمي بلدات الغلاف".

ويقول الشرقاوي إن "حدود الخط الأصفر رسمت بدقة عالية على يد خبراء عسكريين، ليمنح إسرائيل سيطرة أمنية واسعة، وسهولة حركة عسكرية، وفرصاً كبيرة لتنفيذ اختراقات استخبارية مستقبلية".

 

رفض عربي فلسطيني أميركي

ولقيت فكرة تحويل "الخط الأصفر" لحدود جديدة رفضاً عربياً، وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي "لا يمكننا أن نحصل على غزة ممزقة، لأن غزة جزء من الأراضي الفلسطينية، العامل الحاسم يتمثل في بتحديد جدول زمني لانسحاب إسرائيل من القطاع الفلسطيني".

وحذر رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني من أن الوضع الحالي في قطاع غزة لا يمكن أن يستمر.

وعن رأي الفلسطينيين، يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إن "بقاء إسرائيل في المنطقة المصنفة بالخط الأصفر يعني أننا أمام واقع جديد فيه فصل قطاع غزة وتقسيمه، والحل واضح يتمثل في عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة".

أما الرأي الأميركي في ذلك، فيقول عنه المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية تيموثي هوكينز إن "استقرار قطاع غزة أولوية للولايات المتحدة، في إطار الحرص على أمن واستقرار الشرق الأوسط".

من جانبه، يقول المتحدث باسم السفارة الأميركية في إسرائيل كريستيان جيمز إن "هذه ليست خطة احتلال ولا ضم، إسرائيل ستنسحب من غزة كلما تحسن الوضع الأمني، المناطق الخالية من وجود ’حماس‘ سيتم تسليمها لقوات أمن دولية بدعم من الولايات المتحدة والشركاء العرب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير