Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل قوض سقوط الفاشر مشروع القاعدة الروسية في السودان؟

موسكو تعلق أعمال البناء في بورتسودان في ظل غياب شريك مستقر

تبدو روسيا أميل إلى الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان لكن سيطرة "الدعم السريع" على الفاشر أربك حساباتها (رويترز)

ملخص

أعلن وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، في فبراير الماضي، عن توصل الخرطوم وموسكو إلى اتفاق في شأن إنشاء القاعدة البحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر، لكن الأمر ظل يراوح مكانه على وقع التصعيد العسكري والسياسي بين الجيش و"الدعم السريع".

منذ سقوط مدينة الفاشر الاستراتيجية بقبضة قوات "الدعم السريع" قبل أيام، تراقب روسيا بحذر التطورات على الأرض في السودان وسط تساؤلات تخامر الدوائر السياسية والمتابعين في هذا البلد في شأن تداعيات ذلك على نفوذ موسكو في السودان.

وسارعت روسيا إلى إعلان تعليق مشروع إنشاء القاعدة البحرية في بورتسودان وذلك على لسان سفيرها لدى الخرطوم، أندريه تشيرنوفول، الذي عزا ذلك إلى النزاع العسكري الدائر حالياً.

وأحجم تشيرنوفول عن توضيح ما إذا كان المشروع، الذي كان محل تكهنات طوال خمسة أعوام، سيظل قائماً في المستقبل لا سيما في ظل المساعي التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية لإنهاء الحرب.

 

تهديد مباشر

وفي فبراير (شباط) الماضي أعلن وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، عن توصل الخرطوم وموسكو إلى اتفاق في شأن إنشاء القاعدة البحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر، لكن الأمر ظل يراوح مكانه على وقع التصعيد العسكري والسياسي بين الجيش و"الدعم السريع".

ورأى الباحث السياسي الروسي، ديمتري بريدجيه، أن "سقوط الفاشر بيد 'الدعم السريع' لا يعد مجرد تحول ميداني داخل السودان، بل هو لحظة مفصلية تهدد مباشرة مستقبل المشروع الروسي لإقامة قاعدة بحرية في بورتسودان، لأن موسكو كانت تراهن على شريك سوداني مستقر يستطيع ضمان تنفيذ الاتفاق، ومع تصاعد الحرب الأهلية ودخولها مرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوى، أصبح من المستحيل عملياً المضي في مشروع استراتيجي بهذا الحجم وسط غياب سلطة مركزية قادرة على الالتزام".
وأوضح بردجيه أن "إعلان السفير الروسي تعليق المشروع يعكس إدراك موسكو أن البيئة الحالية لا تسمح بتحقيق أي تقدم، لكن ذلك لا يعني نهاية الاتفاق، بل تجميداً مرحلياً بانتظار ما ستؤول إليه الأزمة"، ولفت إلى أن "السيطرة الميدانية لـ’الدعم السريع‘ قد تقوض الاتفاق القديم لأنها ليست طرفاً دولياً معترفاً به ولا تملك حتى الآن شرعية سياسية تتيح التوقيع على اتفاقات طويلة الأمد".

 

تواصل محتمل مع "الدعم السريع"

وتبدو روسيا أميل إلى الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقد عبرت أخيراً عن قلقها العميق إزاء الانتهاكات التي عرفتها الفاشر على يد "الدعم السريع".

ومع ذلك يرى بريدجيه أن "روسيا قد تفتح قنوات تواصل مع 'الدعم السريع' إذا ثبت أنها القوة الأكثر نفوذاً على الأرض، فموسكو اعتادت العمل مع الفاعلين غير التقليديين عندما تفرض الظروف ذلك"، وأشار إلى أنه "في المقابل، لا يمكن تجاهل أن هناك مساعي دولية واضحة لمنع إقامة أي قاعدة روسية على البحر الأحمر، فالولايات المتحدة تعتبر الوجود الروسي في هذا الممر الحيوي تهديداً مباشراً لنفوذها وحرية حركتها في البحر الأحمر والخليج، والاتحاد الأوروبي يخشى امتداد النفوذ العسكري الروسي إلى خاصرته البحرية، بينما تتعامل القوى الإقليمية مثل السعودية ومصر والإمارات بحذر، لأنها لا تريد إدخال البحر الأحمر في سباق قواعد عسكرية يزيد من تعقيد المشهد"، وتابع "لذلك يبدو أن المشروع اليوم معلق، لا هو سقط بالكامل ولا هو قابل للتنفيذ في الظروف الراهنة، ومستقبله سيبقى رهن مسار الحرب وتوازنات القوى الدولية، إذ تسعى بعض الأطراف إلى منع ولادته بينما تنتظر روسيا اللحظة التي تستعيد فيها الدولة السودانية قدرتها على اتخاذ القرار أو يتبلور واقع سياسي جديد يسمح بإعادة صياغة الاتفاق من نقطة الصفر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأولوية لإنهاء "التمرد"

وكانت موسكو قد وقعت مع الخرطوم في نهاية عام 2020 على اتفاق لإنشاء نقطة الدعم المادي – الفني للأسطول البحري الحربي الروسي في السودان وهو اتفاق ينص على ألا يزيد عدد أفراد القاعدة البحرية على 300 فرد، بمن فيهم العسكريون والمدنيون، وعلى ألا تستقبل أكثر من أربع سفن في وقت واحد، مع السماح بدخول السفن العاملة بالطاقة النووية، لكن اندلاع الحرب في السودان عام 2023 أدى إلى تعثر هذا المشروع الذي تعتبره روسيا استراتيجياً.
واعتبر الباحث السياسي السوداني، السماني عوض الله، أن "الحديث عن اتجاه روسيا لإنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر في السودان، سابق لأوانه، لكثير من الاعتبارات، أبرزها أن السودان يسعي حالياً إلى إنهاء تمرد ميليشيات 'الدعم السريع'، خصوصاً أن إقدام موسكو على هذه الخطوة في ظل هذه الظروف قد يزيد الأوضاع تعقيداً بالنظر إلى التنافس الدولي الحاد والسباق على النفوذ في البلاد".

وأردف عوض الله أن "السودان لم يبد أي موافقة رسمية على إنشاء هذه القاعدة قبل أو أثناء الحرب، على رغم الموقف الروسي الداعم للموقف السوداني، لكن يمكن للسودان النظر في هذا الموضوع بعد انتهاء الحرب لجس مواقف الدول في عملية الحرب''.

واستنتج المتحدث ذاته أن "روسيا طرحت المشروع قبل كثير من الأعوام، لكنها لم تجد القبول أو الموافقة، فلا يزال الأمر على طاولة الحكومة السودانية التي لم تبد رأياً قاطعاً حول إنشاء قاعدة بحرية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير