Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمد بن سلمان في واشنطن: الطاقة تتصدر أجندة الشراكة الاستراتيجية

وجود ترمب في المكتب البيضاوي فرصة تاريخية لأن بايدن أجبر الشركات السعودية على التخارج من شركات الذكاء الاصطناعي

تحويل "أرامكو" من شركة وطنية إلى شركة طاقة عالمية لم يعد خياراً بل مطلباً أساساً لمواكبة التطورات العالمية في أسواق الطاقة (أ ف ب)

ملخص

يتطلع المراقبون إلى هذه الزيارة لمعرفة ما إذا كانت ستسفر عن منح السعودية استثناء من هذا الاتفاق يمكّنها من تخصيب اليورانيوم بدلاً من استيراده من دول أخرى.

الطاقة النووية لم تعد خياراً بل أصبحت شرطاً لتحقيق التنمية والتوسع في مجالات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وتحويل "أرامكو" من شركة وطنية إلى شركة طاقة عالمية لم يعد خياراً بل مطلباً أساساً لمواكبة التطورات العالمية في أسواق الطاقة، والتعاون التقني في مجالات الطاقة الشمسية والرياح وبطاريات التخزين صار أمراً إستراتيجياً، بخاصة في ما يتعلق بنقل التقنية في بعض الأماكن النائية في السعودية.

 ولا شك في أن هناك مجالات مهمة وضخمة للتعاون السعودي - الأميركي ولكن لم أذكرها بحكم تركيزي في مقالاتي على أسواق الطاقة، وعلى رأسها مواضيع تتعلق بالتعاون العسكري والتسليح والذكاء الاصطناعي والطيران المدني.

الثلاثاء، 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، يوم تاريخي في العلاقات السعودية - الأميركية، إذ يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واشنطن على رأس وفد ضخم يشمل الوزارات الإستراتيجية مثل الدفاع والخارجية والطاقة والاستثمار، مع عدد كبير من رجال الأعمال للتركيز على أمور كثيرة، ومنها المواضيع المتعلقة بالطاقة المذكورة أعلاه، والتي يركز عليها وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي جعل الاقتصاد الدائري للكربون أحد أسس صناعة الطاقة السعودية، والذي حوّل "مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية" (كابسارك) إلى معهد عالمي للبحث العلمي.

هل تحتاج السعودية إلى الطاقة النووية؟

نعم السعودية تحتاج إلى الطاقة النووية وتبني طاقة نووية مستقبلية بدلاً من تقنية أمس أو تقنية اليوم، كما شرحت في مقالة سابقة، إذ لا يمكن لأية دولة أن تطمح إلى مستقبل مشرق وأن تبقى في "مجموعة الـ 20" من دون تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي وبناء عدد ضخم من مراكز البيانات، وموضوع الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في صميم المحادثات والاستثمارات السعودية - الأميركية، ووجود الرئيس ترمب في المكتب البيضاوي فرصة تاريخية لأن الرئيس السابق بايدن أجبر الشركات السعودية على التخارج من شركات الذكاء الاصطناعي، وبخاصة المبتدئة منها.

مراكز الذكاء الاصطناعي والبيانات تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، وهما أحد أسباب توقعات نمو ضخم في استهلاك الكهرباء ومن ثم الغاز، إضافة إلى مصادر الطاقة الأخرى، وفقاً لكل التوقعات المستقبلية لعام 2050، بما في ذلك توقعات "أوبك" و"وكالة الطاقة الدولية"، وهذا يعني أن السعودية بحاجة إلى بناء محطات كهرباء ضخمة عدة في وقت تهدف إلى وقف حرق النفط في محطات الكهرباء، فما هي الخيارات المتاحة لإنتاج مزيد من الكهرباء داخلها؟

أولاً: استخدام مزيد من النفط، وهذا يتنافى مع الرؤية ويخفض الصادرات وإيرادات النفط ومن ثم يخفض الدخل، لهذا فهو خيار غير مقبول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثانياً: حرق مزيد من الغاز فوق الكميات المخصصة للإحلال محل النفط ومقابلة الطلب المتزايد على الكهرباء، ولكن ذلك سيكون على حساب صناعات البتروكيماويات والصناعات الأخرى التي يحقق فيها الغاز قيمة مضافة، مما يعني أن حرق مزيد من الغاز سيحجّم القطاع الصناعي ويخفض معدلات النمو الاقتصادي، ولذلك فهو خيار غير مقبول.

ثالثاً: استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، وهذه الطاقة ستساعد في إنهاء حرق النفط وستخفض استخدام الغاز ولكنها متقطعة، ومراكز الذكاء الاصطناعي والبيانات تتطلب طاقة مستمرة وموثوقة، ولهذا يمكن استخدامها كرديف، ووفقاً لبعض التقارير فإن جزءاً من محادثات الوفد السعودي ستتركز على تقنية بطارية التخزين لتعزيز دور الطاقة المتجددة في السعودية.

ولهذا فلا بد من الطاقة النووية لتحقيق "رؤية 2030" وما بعدها من جهة، ومواكبة التطورات في الدول المتقدمة من جهة أخرى، فتقنية الطاقة النووية تطورت بصورة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة وأصبحت أكثر أمناً وكفاءة وأقل كلفة، وتشغيل أربعة مفاعلات في الإمارات وآخر في تركيا، وتركيز دول أوروبية عدة على بناء محطات نووية، وعودة الولايات المتحدة الطاقة النووية، كلها تؤكد دور الطاقة النووية المستقبلي، ولذلك فمن الواضح الآن أن إدارة ترمب ترحب بالتعاون النووي وفقاً لما يسمى بـ "اتفاقات 123" للتعاون النووي السلمي التي وقعتها الولايات المتحدة مع 84 دولة حتى الآن، ويتطلع المراقبون إلى هذه الزيارة لمعرفة ما إذا كانت ستسفر عن منح السعودية استثناء من هذا الاتفاق يمكّنها من تخصيب اليورانيوم بدلاً من استيراده من دول أخرى.

هل تستورد السعودية الغاز المسال؟

وقّعت "أرامكو" اتفاقات عدة لشراء الغاز المسال وقد يعلن عن مزيد منها خلال زيارة وليد العهد محمد بن سلمان لواشنطن، ومع انتشار هذه الأخبار جاءني عدد من الرسائل تسأل لماذا تحتاج السعودية إلى استيراد الغاز المسال؟ وكيف تستورده وليس عندها محطات "إعادة تغويز"؟

يجري حالياً تحويل "أرامكو" من شركة نفط وطنية إلى شركة طاقة عالمية، وكل هذه الشركات العالمية لديها ذراع لتجارة النفط والمنتجات النفطية والغاز المسال، والعقود التي وقعتها "أرامكو" كانت لتجارة الغاز المسال عالمياً وليس لاستيراد الغاز المسال للسعودية، فهذه التجارة تعزز دور الرياض عالمياً في أسواق الطاقة ككل بدلاً من حصر دورها في أسواق النفط فقط، والولايات المتحدة هي أكبر مصدر للغاز المسال حالياً، وغازها يباع بطرق مختلفة عن بقية دول العالم ووفقاً لأسعار الغاز الأميركية وكُلف التسييل والشحن، بينما تبيعه الدول المنتجة الأخرى بعقود طويلة المدة وفقاً لمعادلة تربط سعره بسعر النفط.

إن خبرة "أرامكو" في تجارة الغاز المسال تؤهلها مستقبلاً لأحد أمرين: تصدير الغاز المسال من السعودية إذا كانت هناك كميات كبيرة فائضة نتيجة اكتشافات جديدة أو تطوير للمصادر غير التقليدية مثل "حقل الجافورة"، أو حتى استيراد الغاز المسال للبلاد إذا احتاج الأمر وبخاصة في مواقع معينة، إذ إن التطور التقني في هذا المجال يجعل من السهل استيراد الغاز المسال من طريق استئجار سفينة إعادة "تغويز" وربطها بشبكة الغاز على الأرض.

التعاون السعودي - الأميركي قد يثمر تعاوناً كبيراً في مجال الطاقة ومشاريع أخرى، وبخاصة في تقنيات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات التنقيب والحفر والإنتاج وعمليات التحميل في الموانئ وزيادة الكفاءة في استهلاك الطاقة داخل القطاعات السكنية والصناعية، وخصوصاً في مجال التكييف، وهناك ثلاثة قطاعات مهمة قد يثمر التعاون فيها إنجازات كبيرة، وهي حجز وتخزين الكربون، وربما إعادة تدويره، إضافة إلى محطات تحلية المياه والهيدروجين.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء