Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيف بيزوس وبوصلة الفضاء الأميركي

دخلت "بلو أوريجن" ساحة المنافسة أمام "سبيس أكس" في مهمتي غزو القمر والمريخ

ستكون الأرض خلال الحقبة القادمة من عمر مشاريع الفضاء مخصصة للراحة والاستجمام (رويترز)

ملخص

بعض أثرياء العالم يفكرون في نقل الطبقة العاملة من الناس إلى كواكب أخرى، فيما تظل الأرض كوكباً نظيفاً خالياً من الاضطرابات البيئية وعوامل التلوث.

يحتدم الصراع بين عمالقة الفضاء وذلك لتحديد وجهة مشاريع الفضاء خلال العقود المقبلة. ومنذ مطلع العام الحالي دخلت "بلو أوريجن" ساحة المنافسة أمام "سبيس أكس" في مهمتي غزو القمر والمريخ. وضمن هذا التنافس المحموم كشف الملياردير الأميركي جيف بيزوس أخيراً نياته تجاه هذه المشاريع، من خلال تبنيه لمخططات "ناسا" العلمية الرامية إلى الحفاظ على كوكب الأرض بوصفه "متنزهاً" كبيراً، فيما تخصص الكواكب القريبة منا وأهمها القمر والمريخ للمشاريع الصناعية التي تلوث الأرض منذ قرون من الزمن.

من أهم النقاط المثيرة للجدل في الخطة التي يتبناها "بيزوس" أنها عبرت عن رؤية أرستقراطية لمشاريع الفضاء القادمة، إذ بينت هذه الرؤية التي تعيدنا إلى فترات من العصور الوسطى وتنافس الأثرياء على امتلاك الأراضي، أن بعض أثرياء العالم يفكرون فعلاً في نقل الطبقة العاملة من الناس إلى كواكب أخرى بعيداً من الأرض؟ فيما تظل الأرض كوكباً نظيفاً خالياً من الاضطرابات البيئية وعوامل التلوث.

وهذا ليس خيالاً علمياً بل سؤال حقيقي سيظل من دون إجابة واضحة لفترة من الزمن، ولكنه لا بد أن يتبادر للذهن بعد الاستماع لتصريحات لا تبدو عفوية من بعض أغنى رجال العالم وأكثرهم نفوذاً في مجال الفضاء.

تصريحات "بيزوس"

وضمن هذا السياق، قال جيف بيزوس صاحب شركة "بلو أوريجن" الخاصة للفضاء ومالك "أمازون" العملاقة، لوكالات إعلام وأثناء لقاء معه خلال أسبوع التكنولوجيا الإيطالي 2025، إن الأرض خلال الحقبة القادمة من عمر مشاريع الفضاء وخلال عقود قادمة ستكون مخصصة للراحة والاستجمام، بينما الكواكب الأخرى للعمل وتشغيل المصانع.

جاء ذلك بعد سماح "ناسا" له بالدخول في سباق المريخ إلى جانب إيلون ماسك، إذ أعلن بيزوس أخيراً عن ولادة حقبة جديدة للفضاء الأميركي والعالمي، وهي حقبة يمكن تسميتها بحقبة "الارستقراط". والتي تأتي مباشرة بعد فترة سيطرة رجال الأعمال وأثرياء العالم على هذا المجال منذ ما يقارب ثلاثة عقود.

 

وأوضحت مقالات ضمن مواقع إخبارية عربية أن بيزوس يأمل في أن تنقل الصناعات الثقيلة إلى الفضاء، مما يسمح للأرض بأن تصبح بمثابة "متنزه ضخم"، بينما تدار الأنشطة الاقتصادية مثل إنتاج الطاقة ومراكز البيانات في المحطات المدارية. ووفق هذه المواقع الإخبارية، يشير محللون مثل كريستيان دافنبورت إلى أن المشروع سيكون أول مكان مملوك للقطاع الخاص في الفضاء، وقد يبدأ العمل بكامل طاقته بحلول عام 2030، على رغم أن النسخة الكاملة قد تستغرق قروناً لتحقيقها.

مشروع قديم

الواقع أن بيزوس الذي دخل الآن بكل ثقله إلى هذه المنافسة الشرسة، لم يقدم شيئاً جديداً في ما يخص هذه التصريحات تحديداً، إذ تداولت مواقع علمية وإخبارية عديدة هذه الفكرة منذ أعوام. وخلال أبريل (نيسان) 2020 كتب عالم "ناسا" ويليام ستيغروالد مقالة بعنوان، تسعة أسباب تجعلنا ممتنين لوجودنا على الأرض. وجاءت المقالة إثر بحوث أجراها مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا" في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا/ برنامج علوم الفضاء والعلوم الفيزيائية، والتي احتوت مقارنة بين أجواء كوكبي الأرض والمريخ والقمر.

وأكد ستيغروالد، ضمن هذه المقالة، أنه يمكننا أن نتنفس بعمق ونقاء على الأرض، فيما يعرف المريخ باسم الكوكب الأحمر نظراً إلى جزيئات الصدأ في تربته التي تضفي عليه لونه الأحمر!

لا حياة سهلة على المريخ

المريخ طالما أذهل العقل البشري، لكن السؤال الذي يطرحه العلم هو كيف ستكون الحياة على هذا الكوكب القريب؟ ويوضح عالم "ناسا"، "لكننا نعلم بالفعل أن العيش هناك يتطلب بعض التعديلات الجذرية. وأننا لن نتمكن بعد الآن من أخذ أنفاس طويلة وعميقة من الهواء الغني بالنيتروجين والأوكسجين، بينما يلامس نسيم الربيع اللطيف الجلد. ومن دون بدلة فضاء توفر الدعم الأساس للحياة، سيضطر البشر على المريخ إلى استنشاق ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز سام نخرجه عادة كفضلات".

 

 علاوة على ذلك، ووفقاً لعلماء آخرين في "ناسا" منهم ستاسي تيديكين وهي منسقة التوعية بعلوم الكواكب في مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لـ"ناسا"، فإن الغلاف الجوي المريخي الرقيق (أرق بـ100 مرة من غلاف الأرض) وغياب المجال المغناطيسي العالمي سيجعلنا عرضة للإشعاع الضار الذي يلحق الضرر بالخلايا والحمض النووي. كما أن انخفاض الجاذبية (38 في المئة من جاذبية الأرض) سيضعف عظامنا. إلى جانب المشاق التي ستتحملها أجسادنا، لذلك ستكون الحياة على المريخ أقل متعة.

 وتؤكد ستاسي أن رحلات الصيف إلى الشاطئ علينا نسيان أمرها تماماً على الكوكب الأحمر، فالمريخ غني بالرمال، لكن لا يوجد فيه أية بركة سباحة، ناهيك ببحيرة أو محيط. ومتوسط درجة الحرارة نحو 81 درجة فهرنهايت (63 درجة مئوية تحت الصفر) وحتى أكثر البشر تحملاً للطقس سيجدون مناخ المريخ مرهقاً".

سر توقيت غزو المريخ

جاءت تصريحات بيزوس هذه عقب سماح "ناسا" له رسمياً بالدخول إلى منافسة غزو الفضاء. ومن المعلوم أن "ناسا" ممثلة بآخر زعمائها "الراحلين" وهو الوزير شون دافي، فتحت باب المنافسة في مهمة المريخ تحديداً من باب تحفيز إيلون ماسك الذي أخرت شركته "سبيس أكس" بعض مواعيد التسليم المهمة فيها.

آنذاك اكتسبت "بلو أوريجن" زخماً كبيراً لمهمتها المعروفة باسم "إسكابيد"، وضمن هذا السياق كتب الصحافي جوش دينر خلال الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري مقالة بعنوان، "لا تزال مهمة ’ناسا‘، ’إسكابيد‘، على المسار الصحيح".

وقال الصحافي المتخصص في أخبار الفضاء حينها، "يقترب موعد الإطلاق الثاني لصاروخ ’نيو جلين‘ القوي من ’بلو أوريجين‘، إذ يخضع الصاروخ للفحوصات النهائية في مجمع إطلاق محطة كيب كانافيرال الفضائية بولاية فلوريدا".

الصاروخ الوحش

سيحمل "نيو جلين" مسباري "ناسا" ESCAPADE في مهمة طموحة إلى المريخ، وفيما جرى إطلاق الصاروخ ليلة الـ28 من أكتوبر الماضي بنجاح، فإن الإطلاق الثاني الذي كان مقرراً خلال التاسع من نوفمبر الجاري تأجل بسبب الأحوال الجوية، علماً أن شركة "بلو أوريجين" أطلقت المرحلة الأولى من صاروخها القوي "نيو جلين" إلى منصة الإطلاق في محطة كيب كانافيرال الفضائية خلال الثامن من أكتوبر الماضي.

 

ووفقاً لمنشور "بلو أوريجين" على منصة "إكس"، انطلق الصاروخ الذي يوصف بالوحش عمودياً عند المنصة ليلة الأربعاء الـ29 من أكتوبر الماضي. ونشر الرئيس التنفيذي لشركة "بلو أوريجين" ديف ليمب مقطع فيديو لناقل "نيو جلين" (TE) وهو يرفع المركبة خلال الليلة نفسها، قائلاً إنه سيجرى اختبار إطلاق ناري بمجرد تثبيت ناقل "نيو جلين" وإتمام الفحوصات.

مستكشفات الهرب وتسريع البلازما

دمجت مسابير "ناسا" لمهمة ESCAPADE، وهي عبارة عن مستكشفات للهرب وتسريع البلازما والديناميكيات على سطح "نيو جلين" خلال وقت سابق من هذا الشهر في منشأة "بلو أوريجين" في تيتوسفيل بولاية فلوريدا. وستتجه المركبة الفضائية التي بناها مختبر الصواريخ إلى مدار حول المريخ، حيث ستدرس الغلاف المغناطيسي للكوكب الأحمر، وتحلل كيفية تفاعل جزيئات الرياح الشمسية النشطة مع الغلاف الجوي للمريخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانطلقت "نيو جلين" للمرة الأولى خلال يناير (كانون الثاني) الماضي في رحلة تجريبية أرسلت بنجاح نسخة "باثفايندر" من مركبة "بلو رينغ" الفضائية التابعة لشركة "بلو أوريجين" إلى المدار.

مهمة رفيعة المستوى

وتعد مهمة ESCAPADE التي تبلغ كلفتها 80 مليون دولار رفيعة المستوى بالنسبة إلى إطلاق "نيو جلين" الثاني، والذي سيكون أول مهمة لوكالة "ناسا" متجهة إلى المريخ منذ إطلاق مركبة "بيرسيفيرانس" خلال يوليو (تموز) عام 2020، وأول إطلاق بين الكواكب على الإطلاق للصاروخ الجديد.

وسوف تحاول "بلو أوريجين" استعادة المرحلة الأولى من صاروخ "نيو جلين" خلال إطلاق "إسكابيد"، وذلك من طريق هبوط دفعي على بارجة في المحيط الأطلسي.

مشروع خدمات الاتصالات التابع لـ"ناسا"

خلال هذه المهمة ستقوم شركة الاتصالات الفضائية "فياسات" بإطلاق عرض تقني كحمولة ثانوية على متن "نيو جلين". وتعد هذه الحمولة جزءاً من مشروع خدمات الاتصالات التابع لـ"ناسا"، والذي يسعى إلى إقامة شراكات تجارية لتطوير قدرات الشبكات للأقمار الاصطناعية القريبة من الأرض.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم