ملخص
بيانات "الفيدرالي الأميركي" في نيويورك تشير إلى ارتفاع ديون الأُسر الأميركية 3.6 في المئة إلى 18.6 تريليون دولار.
لا يزال التضخم المستمر يجعل من كلفة المعيشة باهظة الثمن بالنسبة إلى كثير من الأميركيين، على رغم ظهور كثير من الحلول المبتكرة، ولكن في موضوع مشترك يتمثل في زيادة ديون المستهلكين.
ويعد اقتراح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا الأسبوع في شأن الرهن العقاري لمدة 50 عاماً أحدث مثال على هذا التوجه، وقال مدير الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان بيل بولت خلال عطلة نهاية الأسبوع، إن اقتراح الرئيس دونالد ترمب سيحدث "تغييراً جذرياً"، لكن قد لا يكون هذا الاقتراح جيداً بالنسبة إلى كثير من الأميركيين.
ويأتي احتمال الحصول على قرض عقاري لمدة 50 عاماً في الوقت الذي يروج فيه قطاع السيارات لقروض السيارات مدة سبعة أعوام، والتي أصبحت خياراً شائعاً بصورة متزايدة، إذ وصل متوسط سعر السيارة الجديدة إلى رقم قياسي جديد يتجاوز 50 ألف دولار، وأدى انتشار خيارات "اشتر الآن وادفع لاحقاً" عبر الإنترنت وفي متاجر التجزئة التقليدية إلى تطبيع الاقتراض طويل الأجل لمشتريات استهلاكية صغيرة.
انخفاض الأوضاع المالية لشريحة كبيرة
ويمكن لهذه العروض أن تساعد في تخفيف القلق المالي في المستقبل القريب ولكنها قد تلحق أيضاً ضرراً كبيراً بالاستقرار المالي للمستهلك على المدى الطويل، ففي حين أن قرضاً عقارياً لمدة 50 عاماً قد يخفض الأقساط الشهرية، فإن مبلغ الفائدة الذي سيدفعه المقترض على مدى 50 عاماً قد يكون ضعف ما يدفع بالأسعار الحالية على مدى 30 عاماً، وهي المدة التقليدية لمعظم القروض العقارية، بافتراض أن المقترض سيعيش حتى نهاية الأعوام الـ 50، وبما أن متوسط العمر المتوقع في أميركا يبلغ نحو 80 عاماً فسيتعين على معظم الأميركيين الحصول على قرض عقاري بحلول الوقت الذي يبلغون فيه الـ 30 من العمر للحصول على فرصة، وإن كانت ضئيلة، لجني فوائد امتلاك المسكن.
وفي مذكرة بحثية حديثة قال كبير محللي تمويل المستهلك في شركة "ليندينغ تري" مات شولز إنه "كلما تمكنت من تجنب فترات القرض الأطول من المعتاد كان ذلك أفضل، وتميل السيارات إلى فقدان قيمتها بسرعة عند قيادتها، لذا فإن الحصول على قرض طويل الأجل يعني المخاطرة بتراكم ديون على السيارة تفوق قيمتها الحقيقية، وهذا ليس وضعاً جيداً لأي شخص".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتيح الخيار الشائع بصورة متزايدة لتأجيل الدفع، "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، لكثير من الأميركيين امتلاك مزيد من السلع من خلال توفير تدفق فوري للأموال للاستفادة منها، لكن وبصورة متزايدة يلجأ المستهلكون خصوصاً الشباب إلى عمليات شراء ربما لم يكونوا ليتمكنوا من تحمل كلفتها لولا ذلك، كما يتضح من الارتفاع الأخير في حالات التأخر في السداد.
وأفادت دراسة أجراها "الفيدرالي الأميركي" ونشرت العام الماضي حول مستخدمي القروض العقارية غير المهيكلة، بأن "البالغين الذين يبلغون عن انخفاض وضعهم المالي العام، والذين يبدو عليهم ضيق السيولة أو الائتمان، لم يكونوا من بين الأكثر احتمالاً لاستخدام القروض العقارية غير المهيكلة وحسب، بل أشار معظم هؤلاء المستهلكين أيضاً إلى أنهم استخدموها لأنها كانت الطريقة الوحيدة التي تمكنهم من تحمل كُلف عمليات الشراء".
مخاوف من انفجار وشيك لقنبلة الديون
وبلغت جميع صورة ديون المستهلكين الرئيسة، بما في ذلك الرهن العقاري وقروض السيارات وقروض الطلاب، مستويات قياسية، وفقاً لتقرير صدر الأسبوع الماضي عن "الاحتياطي الفيدرالي" في نيويورك، والذي يتتبع ديون الأسر منذ عام 2003.
وفي المجمل يتحمل الأميركيون ديوناً بقيمة 18.6 تريليون دولار، بزيادة مقدارها 3.6 في المئة عن العام الماضي، وفي هذا السياق ارتفعت ديون بطاقات الائتمان بنحو ستة في المئة عن العام الماضي لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 1.2 تريليون دولار، وفقاً لـ "الاحتياطي الفيدرالي" الأسبوع الماضي.
وفي الوقت نفسه فقد ارتفع معدل المستهلكين الذين دخلوا حال تخلف خطر عن السداد، أي تأخروا 90 يوماً في الأقل لسداد ديونهم، إلى أكثر من ثلاثة في المئة خلال الربع الثالث من هذا العام، وهذا هو أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد.
ويتجلى الضغط بصورة خاصة في أقساط قروض الطلاب، إذ تأخر أكثر من 14 في المئة منها بصورة كبيرة في السداد خلال الربع الأخير، وهو أعلى مستوى مسجل منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الإقليمي تتبعه عام 2004.
ويؤثر هذا الوضع بصورة مقلقة في الوضع المالي للأميركيين، فقد انخفضت درجات الائتمان بأكبر قدر هذا العام منذ الركود الكبير، ومع انخفاض درجة الائتمان للفرد يصبح تمويل أي دين قائم أو جديد أكثر كلفة بصورة عامة، إذ إن المقرضين يعتبرون المقترض خطراً أكبر، وللتعويض عن ذلك يفرضون فوائد أعلى.
ولطالما كان امتلاك منزل جزءاً لا يتجزأ من الحلم الأميركي وذلك لسبب وجيه، ففي حين أن للاستئجار مزاياه لكن الميزة الرئيسة للملكية هي أن قيم العقارات تميل إلى الارتفاع بمرور الوقت مما يولد ثروة يمكن استثمارها لاحقاً في الحياة، مما يتيح للأفراد التقاعد، ناهيك عن المزايا الضريبية لامتلاك منزل، مثل إمكان خصم أقساط فوائد الرهن العقاري لتخفيف العبء الضريبي الإجمالي، ويقول شولز إنه "كثيراً ما كان امتلاك منزل من أسهل الطرق المتاحة للشخص العادي لبناء الثروة"، ولكن مع ارتفاع أسعار المنازل وأسعار الرهن العقاري لأعوام عدة فقد أصبح خياراً مالياً آخر يثير قلق الناس.