Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيد حب إيراني - أميركي

طهران وواشنطن اختارتا الرابع من نوفمبر لتعبرا عن علاقة تجمعهما وتتسم بالحب والكره والتعاون والصراع في آن

العداء بين واشنطن وطهران ليس إلا خلافاً حول المصالح المتناقضة (غيتي)

ملخص

ستظل العلاقات الأميركية - الإيرانية تحمل سمتين، الأولى أنها عقدة لدى الطرفين بما تحمله من صبغة تاريخية لارتباطها بأحداث معينة، وهوياتية لأنه خرج منها شعار "محاربة الاستكبار العالمي ونصرة المستضعفين"، وهو ما يعد جزءاً من شعارات النظام الثوري الإيراني، كما أنه أهم مبررات سياستها الخارجية القائمة على دعم النظم الثورية المناهضة للغرب، أما السمة الثانية فهي استمرار وبراعة كل من واشنطن وطهران في التفاهم على أرضية المساحات المشتركة لمصالحهما معاً، كما كان الحال في العراق وأفغانستان.

اختار الكاتب الصحافي المصري مصطفى أمين الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1974 عيداً للحب في مصر، أما طهران وواشنطن فقد اختارتا الرابع من نوفمبر لتعبرا عن علاقة تجمعهما وتتسم بالحب والكره والتعاون والصراع في الوقت ذاته، ففي الرابع من نوفمبر كل عام تحتفل إيران بذكرى احتجاز الرهائن داخل السفارة الأميركية في طهران، وفي الرابع من نوفمبر 2018 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي، معللاً اختيار ذلك اليوم للرد على حادثة احتجاز الرهائن الأميركيين عام 1979، لكن لماذا اختار الخميني يوم الرابع من نوفمبر لاقتحام السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن؟ والجواب لأنه في اليوم نفسه من عام 1964 نفى الشاه الخميني لإثارته اضطرابات على خلفية اعتراضه على إحياء "قانون الحصانة القضائية للأجانب"، وبخاصة الأميركيين، وقد سمي هذا اليوم بـ "اليوم الوطني للنضال ضد الاستكبار العالمي"، وذلك منذ تأسيس نظام إيران ما بعد الثورة.

المعضلة الإيرانية ليست في العداء للولايات المتحدة بل في أن إيران تراوح بين رغبتها في أن تعود شرطي الخليج، والعقدة النفسية لدى صناع القرار الإيراني، وليس من خلال العلاقة مع الولايات المتحدة فقط بل من عقدة التغريب وما اعتبروه محاولات أجنبية لاستغلال مواردهم، ومن ذلك ما حدث تاريخياً في "ثورة التبغ" و"الثورة التصحيحية"، ثم انقلاب مصدق أو ما يعرف بـ "العملية أجاكس" التي قامت بها الاستخبارات الأميركية والبريطانية، ويمكن أن يضاف إلى ذلك في ما بعد الضربة الإسرائيلية على إيران قبيل عقد الجولة لسادسة من مفاوضات الاتفاق النووي، لتضاف إليها الضربة لأميركية على المنشآت النووية في يونيو (حزيران) 2025.

لذا ربما تكون الأحداث التي ستعمق لدى النخبة الإيرانية إدراكها الذاتي لدورها الإقليمي وتفاعل المحيط معها، أو لدورها على المستوى العالمي، ومن ثم يتعمق الشعور بالتهديد ومحاولة القضاء على النظام، والتذرع دائماً بأن مسار المفاوضات والانفتاح على الغرب ليس مضمون النتائج، سواء على مستوى عدم حصد منافع الاتفاق النووي حينما جرى عقده، أو من حيث تجنب الضربات العسكرية ضد طهران في خضم المفاوضات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هذا لا يعني أن إيران تنظر إلى علاقتها مع الغرب انطلاقاً من زاوية واحدة، فإيران التي تعد قوة إقليمية ضمن قوى إقليمية عدة في المنطقة، تتمتع بالموارد الاقتصادية والعسكرية والسكانية، لكنها تريد أن تكون قوة إقليمية مؤثرة وأكثر نفوذاً في منطقة الخليج، وهو ما كانت تتبعه أيضاً خلال عهد الشاه، ومن ثم فإن السياسة الإيرانية التي تنطلق من منظور الإدراك الذاتي كقوة مؤثرة ومسيطرة، تريد أن تمارس الدور نفسه حتى في ظل النظام الحالي، وللقيام بهذا الدور ينبغي الاعتراف الدولي، ولا سيما من القوى العظمى، بذلك الدور، وهو ما لا ينطبق على الحال الإيرانية فقط، فأية قوة إقليمية تريد ممارسة نفوذ وتأثير ولديها مشروع للسيطرة أو السيادة أو الهيمنة، فلا بد من أن تنال الاعتراف من قبل القوى العظمى بهذا الدور، وهو ما تسعى طهران إلى الحصول عليه عبر علاقاتها مع واشنطن، سواء من خلال سياسة المواكبة أحياناً في بعض الملفات، مثل أفغانستان والعراق في أعقاب هجمات الـ 11 من سبتمبر (أيلول) 2001، أو من خلال عداء وتحدي سياسة القوى العظمى، حتى يجري الدخول إلى بوابة الإقليم عبر تلك الدولة الإقليمية.

وما يؤكد وجهة نظر المقالة أن المرشد الإيراني عبّر خلال يوم "النضال الوطني ضد الاستكبار"، والذي أرجع أصله للقرآن الكريم حتى يؤكد هوية الشعارات الإيرانية، لكن الأهم واقعية خامنئي حينما أراد الرد على ما اعتبره تصريحات أميركية للتعاون مع إيران، قائلاً إن "التعاون مع إيران لا يتوافق مع تعاون أميركا ومساعدتها لإسرائيل"، مؤكداً أن من يعتبرون أن شعار "الموت لأميركا" هو سبب عداء أميركا للشعب الإيراني فذلك انقلاب على التاريخ، وأن هذا الشعار ليس قضية تعارض أميركا إيران من أجلها بهذه الطريقة، بل القضية بينهما هي تناقض متأصل وتضارب في المصالح، مضيفاً أنه إذا تخلت أميركا تماماً عن دعمها لإسرائيل وسحبت قواعدها العسكرية من المنطقة وتوقفت عن تدخلها، فيمكن درس هذه القضية، ومن هنا كان خامنئي واقعياً وبراغماتياً وصريحاً، فالعداء مع واشنطن ليس إلا خلافاً حول المصالح المتناقضة، والتي كانت متوافقة في عهد الشاه ثم اعتبرها النظام الحالي تهديداً له، ومن ذلك الوجود الأميركي في المنطقة، فيما لم يغلق باب التفاهم والتعاون مستقبلاً.

إجمالاً ستظل العلاقات الأميركية - الإيرانية تحمل سمتين، الأولى أنها عقدة لدى الطرفين بما تحمله من صبغة تاريخية لارتباطها بأحداث معينة، وهوياتية لأنه خرج منها شعار "محاربة الاستكبار العالمي ونصرة المستضعفين"، وهو ما يعد جزءاً من شعارات النظام الثوري الإيراني، كما أنه أهم مبررات سياستها الخارجية القائمة على دعم النظم الثورية المناهضة للغرب، وأما السمة الثانية فهي استمرار وبراعة كل من واشنطن وطهران في التفاهم على أرضية المساحات المشتركة لمصالحهما معاً، كما كان الحال في العراق وأفغانستان.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء