ملخص
تحسنت التوقعات في شأن النشاط المستقبلي خلال أكتوبر الماضي على رغم أنها ظلت أقل من المتوسط طويل الأمد، وأعربت الشركات عن تفاؤلها في شأن طلب العملاء والظروف الاقتصادية المحلية بشكل عام.
ارتفع مؤشر مديري المشتريات في مصر خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليسجل أبطأ وتيرة تراجع خلال ثمانية أشهر، وأوضح تقرير مؤشر مديري المشتريات التابع لمؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال" أن المؤشر ارتفع من 48.8 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 49.2 نقطة في أكتوبر ليظل أعلى من متوسط السلسلة البالغ 48.2 نقطة.
وأفادت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط باستقرار مستوى الإنتاج خلال أكتوبر الماضي، وقد ليتباطأ الانكماش مقارنة بسبتمبر الماضي.
وتحسنت التوقعات في شأن النشاط المستقبلي خلال أكتوبر الماضي على رغم أنها ظلت أقل من المتوسط طويل الأمد، وأعربت الشركات عن تفاؤلها في شأن طلب العملاء والظروف الاقتصادية المحلية بشكل عام.
وبرزت ضغوط الأسعار كمصدر قلق أكبر في القطاع الخاص غير المنتج للنفط خلال أكتوبر الماضي، فارتفعت كُلف مستلزمات الإنتاج الإجمالية بأسرع وتيرة خلال خمسة أشهر، مدفوعة بأكبر زيادة في كُلف الأجور منذ أكتوبر 2020.
استمرار التعافي الاقتصادي بوتيرة أبطأ
وقبل أيام أعلن البنك المركزي المصري أن النشاط الاقتصادي واصل تعافيه خلال الربع الثاني من عام 2025، متوقعاً أن يستمر هذا التعافي خلال الربع الثالث بوتيرة أبطأ، مدفوعاً في الأساس بأداء اقتصادات الأسواق الناشئة، وتوقع أن يواصل التضخم العالمي تباطؤه مقترباً من مستهدفات البنوك المركزية، في حين تراجعت أسعار السلع الأساس عالمياً خلال الربع الثالث من العام متأثرة بانخفاض أسعار الطاقة وتراجع تضخم أسعار الغذاء للشهر الرابع على التوالي حتى سبتمبر 2025.
وأشار التقرير إلى أن البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة واصلت اتباع سياسات نقدية تيسيرية بحذر مما انعكس إيجاباً على الأوضاع المالية العالمية، وزاد تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة.
كما لفت إلى أن وكالة "ستاندرد آند بورز" رفعت التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر مستوى من B- إلى B في أكتوبر الماضي نتيجة تحسن الثقة في الاقتصاد المصري واستمرار التقدم في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتحسن مؤشرات النمو والقطاع الخارجي.
أما محلياً فقد استمر التضخم في التراجع خلال الربع الثالث من العام الحالي محافظاً على مساره النزولي منذ بداية العام، فانخفض المعدل السنوي للتضخم العام إلى متوسط 12.5 في المئة مقابل 15.2 في المئة خلال الربع الثاني، مدفوعاً أساساً بانخفاض أسعار السلع الغذائية التي عادت لمستويات ما قبل عام 2022، كما سجل التضخم الأساس استقراراً عند متوسط 11.2 في المئة مقابل 11.6 في المئة خلال الربع السابق.
وعلى رغم هذا التراجع فقد أوضح تقرير البنك المركزي المصري أن تضخم السلع غير الغذائية ظل مستقراً عند مستويات مرتفعة نسبياً بسبب زيادة أسعار بعض الخدمات وعلى رأسها الإيجارات إضافة إلى بعض الأسعار المحددة إدارياً، مما يعكس تلاشي تأثير الصدمات السابقة وتحسن توقعات التضخم المستقبلية.
نمو كبير في الصناعات التحويلية غير البترولية
وفي ما يتعلق بالنشاط الاقتصادي فقد أظهرت التقديرات الأولية للبنك استمرار تعافي الاقتصاد المصري خلال الربع الثالث من عام 2025، بنمو مقداره نحو خمسة في المئة مدفوعاً بالصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع السياحة.
كما سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة خمسة في المئة خلال الربع الثاني من العام، وهو أعلى معدل منذ الربع الأول من عام 2022، ليرتفع معدل النمو في العام المالي 2024 - 2025 إلى 4.4 في المئة في مقابل 2.4 في المئة خلال العام السابق، بفضل الإسهامات الإيجابية للاستهلاك والاستثمار المحلي، وبخاصة الاستثمار الخاص.
وأشار التقرير إلى أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب لا تزال محدودة ومدعومة بالأوضاع النقدية الحالية وفجوة الناتج السالبة، كما سجلت الأجور الحقيقية نمواً موجباً للربع الرابع على التوالي، وإن ظلت دون مستويات عام 2022، مما يعكس استمرار السيطرة على الضغوط التضخمية من جانب الأجور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ما يخص القطاع الخارجي فقد أظهر التقرير تراجع عجز الحساب الجاري 41 في المئة خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة نمو تحويلات العاملين بالخارج وتحسن عائدات السياحة والنقل، ومع ذلك حد ارتفاع عجز الميزان التجاري البترولي من وتيرة التحسن بسبب زيادة واردات الغاز الطبيعي لتلبية الطلب المحلي، وسجل الحساب المالي والرأسمالي فائضاً خلال الربع نفسه بدعم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر التي كانت كافية لتمويل عجز الحساب الجاري، مما أدى إلى تسجيل عجز طفيف في ميزان المدفوعات الكلي بلغ 0.2 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن هذه التطورات مجتمعة تعكس استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية وتراجع الضغوط التضخمية، في ظل التزام البنك المركزي باتباع سياسة نقدية متوازنة تدعم استقرار الأسعار والنمو المستدام.
عجز الموازنة يتوسع خلال الربع الأول
وفي المقابل تشير بيانات حديثة لوزارة المالية المصرية إلى اتساع عجز الموازنة إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، ارتفاعاُ من 2.1 في المئة خلال الفترة المماثلة من العام المالي الماضي، فيما تضاعف الفائض الأولي الذي يستثني مدفوعات الفائدة على أساس سنوي ليسجل 178 مليار جنيه (3.747 مليار دولار)، أي ما يعادل 0.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وعزت الوزارة هذا التحسن إلى ارتفاع الإيرادات الضريبية وزيادة الانضباط المالي، إذ تستهدف الموازنة العامة لمصر خلال العام المالي الحالي 2026 - 2025 أن يصل الفائض الأولي إلى أربعة في المئة، ارتفاعاً من 3.5 في المئة خلال العام المالي الماضي، وتتوقع الموازنة أيضاً تقليص العجز الكلي إلى 7.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، انخفاضاً من 7.6 في المئة خلال العام المالي الماضي، قبل أن ينخفض أكثر إلى 5.5 في المئة في العام المالي 2027 - 2026.
وارتفعت الإيرادات العامة إلى 644.9 مليار جنيه (13.576 مليار دولار) خلال الربع الأول بزيادة بلغت 37.2 في المئة على أساس سنوي، مدعومة بارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 37 في المئة لتصل إلى 556.2 مليار جنيه (11.709 مليار دولار)، وسط تحسن العلاقة مع مجتمع الأعمال، وكذلك سجلت الموازنة قفزة في الإيرادات العامة بلغت 23 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 3.1 تريليون جنيه (65.263 مليار دولار).
وعلى رغم هذه الأرقام الإيجابية لكن مدفوعات الفائدة تظل هي العبء الأكبر، فمع أن نمو الإيرادات فاق التوقعات لكن المصروفات ارتفعت 39.1 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 1.2 تريليون جنيه (25.263 مليار دولار) خلال فترة ثلاثة أشهر، واستحوذت مدفوعات الفائدة على نصيب الأسد بقيمة 695.2 مليار جنيه (14.635 مليار دولار)، أما بالنسبة إلى العام المالي بأكمله فمن المتوقع أن تشكل مدفوعات الفائدة أكثر من نصف إجمال المصروفات المتوقعة لتبلغ 2.3 تريليون جنيه (48.421 مليار دولار).