ملخص
الفيلم مقتبس عن رواية للكاتب والمستشار السياسي الإيطالي جوليانو دا إمبولي، صدرت في عام 2022 بالتزامن مع عزو روسيا لأوكرانيا، وتحمل الاسم ذاته، والتي حققت نجاحاً لافتاً واعتُبرت محاولة جريئة لتشريح عقل السلطة في روسيا الحديثة، من خلال شخصية فاديم بارانوف المستلهمة من فلاديسلاف سوركوف المستشار ورجل الظل خلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأحد مهندسي "النظام البوتيني".
كشف مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي أمس، خلال مؤتمره الصحافي، عن الأفلام المختارة ضمن برنامجي "روائع عربية" و"روائع عالمية" التي احتفت بتنوع فريد في الأصوات والأساليب السينمائية من جميع أنحاء العالم.
ومن بين الأفلام العالمية اللافتة في البرنامج، برز الفيلم الروائي الطويل "ساحر الكرملين" للمخرج الفرنسي أوليفييه أساياس، وهو عمل سياسي مشوق يمزج بين الدراما والكوميديا السوداء.
وتدور أحداث العمل السينمائي في أوائل تسعينيات القرن الماضي عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، في مرحلة التحولات السياسية الأولى نحو روسيا الاتحادية حتى ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
"ساحر الكرملين"
الفيلم مقتبس عن رواية للكاتب والمستشار السياسي الإيطالي جوليانو دا إمبولي، صدرت في عام 2022 بالتزامن مع غزو روسيا لأوكرانيا، وتحمل الاسم ذاته، وحققت نجاحاً لافتاً، واعتُبرت محاولة جريئة لتشريح عقل السلطة في روسيا الحديثة، من خلال شخصية فاديم بارانوف المستلهمة من فلاديسلاف سوركوف المستشار ورجل الظل خلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأحد مهندسي "النظام البوتيني".
وتُعد شخصية سوركوف من أكثر الشخصيات إثارة في عالم بوتين، وشغل مناصب عليا في الإدارة الرئاسية الروسية بين عامي 1999 و2020، وكان المستشار الأبرز في بناء صورة النظام وتعزيز سيطرته الإعلامية.
ويُنسب إليه تطوير مفهوم "الديمقراطية السيادية"، الذي منح الكرملين مظهر التعددية السياسية مع الإبقاء على السلطة مركّزة في يد الرئيس.
وعرف بأسلوبه الغامض وقدرته على دمج الفن بالدعاية السياسية، ما جعله يلقب في الغرب بـ "ساحر الكرملين"، كذلك كان أحد مهندسي سياسة روسيا تجاه أوكرانيا قبل أن يقال بصورة مفاجئة من منصبه عام 2020 ويختفي بعدها من المشهد السياسي، مثيراً موجة من التساؤلات.
وعلى مدى 156 دقيقة، يأخذ المخرج أوليڤييه أساياس الجمهور بثقة، ومهارة فائقة، في رحلة عميقة عبر السنوات الأخيرة من عمر الاتحاد السوفياتي، ومرحلة التأسيس الأولى لروسيا الاتحادية، وذلك من خلال فيلمه السياسي المثير الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام ونال أكثر من 10 دقائق من التصفيق.
ويقود بول دانو طاقماً متناغماً ومحكم الأداء، حيث يلعب دور شخصية فاديم بارانوف الخيالية، وهو مخرج مسرحي، تحول إلى مدير تنفيذي للتلفزيون، وخبير إعلامي متخصص في إدارة الصورة، وصانع ملوك في الكرملين.
وفي المقابل، يواصل البريطاني جود لو، الذي يجسد دور "بوتين"، إحياء مسيرته المهنية الأخيرة، بينما يتتبع الفيلم صعود رئيس الوزراء الروسي، الذي لا يمكن إيقافه، نحو سدة السلطة.
توجه هذه العروض التمثيلية المتوازنة المشاهد عبر فترة زمنية حاسمة، ممهدة للمشهد السياسي الذي نعيشه اليوم، ويشارك في بطولة هذه الكوميديا السوداء أليسيا فيكاندر، وتوم ستوريدج، وجيفري رايت.
رده فعل الكرملين
وعلى رغم الجدل الذي أثاره الفيلم، قلل الكرملين من أهميته، إذ قال المتحدث الرسمي ديمتري بيسكوف لوكالة "تاس" الروسية إن الرئيس بوتين "لا يشاهد الأفلام أو يقرأ الكتب التي تتحدث عنه"، مضيفاً أن الرئيس يفضل الأعمال التاريخية والوثائقية.
أما بوتين نفسه، فعند سؤاله خلال مؤتمرٍ صحافي عقده في بكين مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي عمّا إذا كان قد شاهد الفيلم الذي يجسّد فيه الممثل البريطاني جود لو شخصيته، أجاب قائلاً إنه لم يشاهد الفيلم، وهذه أول مرة يسمع عنه، وذلك وفقاً لما ورد في الموقع الرسمي للكرملين.
وفي تعليق نقدي، وصفت مجلة "فوربس روسيا" الفيلم بأنه مبالغ فيه "لطالما استبدلت روسيا الحقيقية بدببة تحمل بالالايكا؛ ولا أحد يحاول حتى تصوير البلاد بأي قدر من الواقعية".
ويشير موقع "إندي واير" إلى أن التصوير في لاتفيا والصور المُولّدة بالحاسوب جعلا الصورة المعروضة على الشاشة "شتوية وكئيبة بما يكفي لإثارة الشكوك حول موسكو".
الأفلام العالمية
وبجانب العمل السياسي الساخر "ساحر الكرملين" يستعرض المهرجان ضمن برنامج "روائع عالمية" باقة من أبرز إنتاجات العام السينمائية من مختلف أنحاء العالم، تجمع بين كبار المخرجين وأبرز نجوم الشاشة، في عروضها الأولى في العالم العربي.
ويضم البرنامج أعمالاً متنوّعة تعكس ثراء التجربة الإنسانية في أزمنة وثقافات متعددة، من بينها الدراما "كوتور" للمخرجة أليس وينوكور وبطولة أنجلينا جولي، في دراما إنسانية تتناول قصص نساء في مراحل مختلفة من الحياة.
إضافة إلى ملحمة الرسوم المتحرّكة "سكارليت" لمامورو هوسودا والمستوحاة من "هاملت" لشكسبير، والوثائقي الراقص "فارّوكيتو: سلالة فلامنكو" الذي يتتبع إرث فن الفلامنكو عبر أجياله.
إلى جانب الملحمة التاريخية "محاربة الصحراء" للمخرج روبرت ويات، التي صورت أحداثها في السعودية، والذي تدور أحداثه حول المواجهة العربية ضد الإمبراطورية الساسانية في معركة ذي قار بالقرن السابع الميلادي.
"روائع عربية"
أما عن الأعمال العربية يقدّم برنامج "روائع عربية" بانوراما حيّة من الإبداع العربي عبر مجموعة مُنتقاة بعناية من الأفلام التجارية والمستقلة، تضم أعمالاً حائزة جوائز وعروضاً أولى إقليمياً.
في هذا الإطار، يقدّم "فلسطين 36" للمخرجة آن ماري جاسر دراما تاريخية تعود إلى عام 1936 وقت الانتداب البريطاني، عبر مصور يوثق لحظات تمرد وواقعاً يتأرجح فيه يوسف بين قريته وأجواء القدس المتوترة.
يتناول الفيلم كلفة المواجهة الإنسانية وقرارات الفرد تحت ضغط التاريخ، ويعيد تركيب ذاكرة الثورة العربية الفلسطينية من منظور شخصيات مدنية وعسكرية وريفية وحضرية.
ويحكي فيلم "المجهولة" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، قصة إثارة بوليسية تقودها شخصية نسائية تعيد مساءلة الصور النمطية حول العنف ضد المرأة.
فيما يأتي فيلم "مسألة حياة أو موت" للمخرج أنس باطهف كحكاية حب سعودية غير تقليدية تدور في جدة، تؤمن حياة بلعنة عائلية ستودي بحياتها يوم بلوغها الثلاثين، بينما يعيش جراح القلب الخجول يوسف بطئاً في النبض، ولا يجد خلاصه إلا ممسكاً بالمشرط.
وفي "رهين" للمخرج أمين الأخنش نتابع سطام، الشاب الذي يطارده سوء الحظ، وتفشل محاولاته المتكررة، وعلى وشك خسارة منزله لمصلحة "أبو عاتق" ليبتكر خطة جريئة للحصول على المال من والده الثري شديد البخل.
"العملاق" فيلم الافتتاح
كذلك أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن افتتاح دورته الخامسة مع عرض فيلم "العملاق" للمخرج البريطاني-الهندي روان أثالي، الذي يروي القصة الملهمة لبطل الملاكمة البريطاني-اليمني الأمير نسيم "ناز" حامد. وسيُعرض الفيلم للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتاريخ 4 ديسمبر (كانون الأول) 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويروي فيلم "العملاق" قصّة حياة بطل الملاكمة البريطاني-اليمني الأمير نسيم "ناز" حامد، ومن بطولة الممثل المصري-البريطاني أمير المصري، وكلّ ما انطوت عليه من محطات ملهمة، باعتباره أحد أبرز رموز الملاكمة في المملكة المتحدة، بدءاً من طفولته المتواضعة إلى مسيرة نجاحه المذهلة نحو بطولة العالم، مسلّطاً الضوء على علاقته الوطيدة بمدرّبه الإيرلندي بريندان إنجل والدور المحوري الذي لعبه في مسيرته الرياضية الباهرة.
وكان ثمن نجاحه في الملاكمة باهظاً، حيث واجه نسيم الكثير من العنصرية والكراهية تجاه الإسلام خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ليصبح أيقونة في عالم الرياضة.
وقال فيصل بالطيور، الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائية إن اختيار فيلم الافتتاح "يُجسد احتفاءً فنياً بالمواهب الإقليمية على الساحة العالمية عبر قصة بطل عربي عالمي تُلهم الأجيال، وتُجسّد الاعتزاز بالهوية"، مؤكداً تنامي حضور المبدعين العرب في الإنتاجات الدولية.