ملخص
استطاع السينمائيون السودانيون كسر حالة الجمود المستمرة من خلال إنتاج أعمال مميزة نالت قدراً كبيراً من التقدير العالمي، وحازت على جوائز في دور العرض الأوروبية، إضافة إلى المشاركة في مهرجانات دولية للمرة الأولى، منها برلين ومالمو ونيو أورلينز وصندانس.
لم تمنع ظروف الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة صناع السينما السودانية من تقديم إنتاجات جديدة، والتفوق فنياً في المهرجانات العالمية، وكذلك الوصول إلى الجمهور غير السوداني بأفلام نوعية قدمها جيل جديد من المنتجين والمخرجين الذين يسعون إلى إعادة تعريف المشهد السينمائي المحلي بمعايير فنية حديثة ورؤى سردية جريئة.
استطاع السينمائيون السودانيون كسر حالة الجمود المستمرة من خلال إنتاج أعمال مميزة نالت قدراً كبيراً من التقدير العالمي، وحازت على جوائز في دور العرض الأوروبية، إضافة إلى المشاركة في مهرجانات دولية للمرة الأولى، منها برلين ومالمو ونيو أورلينز وصندانس.
نجاحات وتتويج
في السياق، يقول المنتج وصانع الأفلام السوداني ياسر فائز إن "الإنتاج السينمائي الذي لا يعتمد على السودان في التمويل بات قادراً على المواصلة، إذ أسهم تمويل الشراكات غير السودانية في إنتاج عدد كبير من الأفلام، منها القصيرة والطويلة والوثائقية، كذلك فإن معظم المنتجين والمخرجين السودانيين إما أنهم كانوا يعيشون بالأصل في بلدان أخرى، أو انتقلوا للعيش في دول الجوار بسبب الحرب".
وأضاف المنتج السينمائي "استطاع شباب كثر إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة داخل السودان في ظل استمرار الصراع المسلح وتوقف مؤسسات الإنتاج".
وأوضح فائز أن "السودان خلال فترة الحرب حقق نجاحات عدة في المجال من خلال الحضور بالمهرجانات العالمية، وفوز مجموعة كبيرة من الأفلام بالجوائز، إلى جانب ترك بصمات مهمة في السينما العربية والأفريقية والعالمية".
ويأمل المنتج وصانع الأفلام في أن يتيح ذلك الانفتاح نحو الجوار فهماً أعمق للإنسان السوداني، لأن هنالك امتدادات ثقافية للسودان لم تكن مرئية على نحو كاف، كذلك يخلق الأمر تفاعلاً بين السينما السودانية ونظيراتها في المنطقة من حيث الإنتاج والتوزيع، وكذلك تطوير معارف ومهارات العاملين في السينما بخاصة أن السودان لم تكن به أية أكاديميات سينمائية".
إصرار وتشجيع
من جانبها، ترى الممثلة والمطربة السودانية إيمان يوسف بطلة فيلم "وداعاً جوليا" أن "الوضع السينمائي أصبح مشجعاً، وهذا ما منح الشباب من الصناع دفعة قوية لمواصلة العمل في إنتاج أفلامهم، بخاصة أنها فترة مناسبة للتعبير عن أنفسنا بكل الحرية وبعيداً من القهر والظلم الذي نعيشه".
وأشارت الفنانة السودانية إلى أن "هذه الفترة هي التي يمكن أن يعبر فيها الفنانون عن أنفسهم وعن القضايا المسكوت عنها، فضلاً عن أهمية إنتاج الأعمال".
وأردفت يوسف "الحروب والأزمات تتعبنا نفسياً، لكنها تعطينا درجة من الإصرار على مواصلة أحلامنا وإبراز الأفكار، ولا حل آخر غير أن نستمر في إخراج الأفكار"، لافتة إلى أن "هذه هي الفترة التي يفترض أن تخلق فيها الأفكار من جانب الشباب السوداني الذي كان يشعر بالقيود من قبل".
تطور لافت
على صعيد متصل، أوضح المخرج السينمائي السوداني مبارك الفاتح أنه "على رغم توقف الإنتاج والأنشطة في السودان بسبب الصراع المسلح، فإن السينما وجدت في الحرب بيئة مناسبة للتطور والازدهار، ونجحت ملامح سينما شبابية يقودها منتجون ومخرجون قدموا إنتاجاً كمياً ونوعياً، وحققوا نجاحات لافتة في المهرجانات العربية والعالمية".
ونوه المخرج السوداني بأن "هناك مؤشرات إيجابية من الجمهور العربي والعالمي، إضافة إلى النقاد تجاه الأفلام السودانية القصيرة والطويلة، وكذلك الوثائقية خصوصاً التي تم إنتاجها وعرضها خلال فترة الحرب".
وتابع الفاتح "معدل الإنتاج السينمائي بعد مرور عامين من اندلاع الصراع المسلح أصبح أفضل كثيراً، لا سيما من ناحية الكم والنوع، علاوة على الطلب المتزايد على الأفلام السودانية في المهرجانات السينمائية العالمية".
حضور خارجي
على نحو متصل، أشارت المخرجة السودانية سوزانا ميرغني إلى أن "فيلمها الروائي الطويل "ملكة القطن" يشارك في ثلاثة مهرجانات ألمانية خلال أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إذ يُعرض في كل من هامبورغ وشتوتغارت وكمبينتس، كذلك يشارك في مهرجان شيكاغو بأميركا وذلك بعد مشاركته في مهرجان فينيسيا السينمائي خلال دورته الماضية".
ولفتت إلى أن "الفيلم عن المرأة السودانية والأرض، فالبطلة تستيقظ على إدراكها لذاتها وقدرتها على تحدي سياسات مجتمعها، سواء كان الختان أو الزواج المبكر أو الاستغلال بكل أشكاله".
وتصف ميرغني مشاركة الفيلم في مهرجان فينيسيا بأنه كان حلماً، لا سيما أن السينما السودانية كانت لها مشاركة واحدة بهذا المهرجان العريق، وهناك جيل جديد من المخرجات والكتابات السودانيات قادم بقوة خلال الأعوام المقبلة".
وأضافت المتحدثة "أسعدني وجود جمهور شاهد فيلماً سودانياً للمرة الأولى وقالوا إنهم يشاهدون وجهاً آخر للسودان غير الحرب، سودان الجمال والشعر، لذا نحاول شق طريقنا على رغم كل المعوقات لأن السينما تنقل أصواتنا للعالم".
طفرة وإنجازات
بدأ حراك السينما السودانية وانطلاقها في المهرجانات العالمية عام 2019، حين شارك فيلم "الحديث عن الأشجار" للمخرج صهيب قسم الباري في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية ومنها مهرجان "برلين" السينمائي الدولي في دورته الـ 69.
وحقق المخرج والمنتج السوداني أمجد أبو العلاء بفيلم "ستموت في العشرين" فوزاً نادراً بمشاركته في مهرجان "فينيسيا" وحصده جائزة "أسد المستقبل" ليكون أول فيلم سوداني يحظى بها.
وسبق أن حاز مشروعه منحاً نقدية من مهرجان "برلين" السينمائي ومنحة "سور فاند" النرويجية ونال أيضاً جائزة "السوسنة السوداء" لأفضل فيلم روائي عربي طويل في مهرجان "عمان" السينمائي الدولي، كذلك حصل على جائزة من مهرجان "الجونة" السينمائي كأفضل فيلم.
ونافس فيلم "تسلل الخرطوم" من إخراج مروة الزين في مهرجانات "برلين" والقاهرة السينمائي الدولي و"قرطاج"، وفاز بجائزة خاصة من القناة الخامسة الفرنسية، كذلك عرض في مهرجان "مالمو" للسينما العربية بالسويد وفاز بجائزة لجنة التحكيم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحاز المخرج ناصر يوسف بفيلمه "إبرة وخيط" جائزة "الفيلم العالمي" في مهرجان "كلكامش للفيلم"، وناقش فيه قضية زواج القاصرات ومعاناتهن النفسية والجسدية والضرر الواقع عليهن وقتل طفولتهن. وشارك الفيلم في مهرجانات سينمائية عدة منها مهرجان "أوسارا" السينمائي الدولي في رواندا ومهرجان "القدس" السينمائي ومهرجان "لبنان" السينمائي في طرابلس.
وواصلت السينما السودانية تألقها وشارك فيلم "وداعاً جوليا" للمخرج محمد كردفاني كأول عمل روائي طويل سوداني ينافس في مهرجان "كان" السينمائي في مسابقة "نظرة ما"، وحاز الفيلم على جائزة "الحرية"، وسبق أن فاز "وداعاً جوليا" بجائزة منظمة الفيلم السويدي النقدية في مهرجان "مالمو" للسينما العربية، كذلك فاز مشروع الفيلم بجوائز في مهرجانات أخرى.
قضايا المرأة
حصل فيلم "الست" على جائزة أفضل فيلم قصير في الدورة الـ32 لمهرجان "نيو أورلينز" السينمائي الدولي، وجائزة أفضل مخرجة من مهرجان "بيروت" الدولي لسينما المرأة، وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان "الإسماعيلية" الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، ونالت المخرجة سوزانا ميرغني جائزة أفضل صانعة أفلام صاعدة من مهرجان "الفيلم العربي" في تورونتو وجائزة قناة "كنال بلوس سينما" الفرنسية بمهرجان "كليرمون فيران" الدولي للأفلام القصيرة.
وفاز الفيلم السوداني الوثائقي "أجساد بطولية" للمخرجة سارة سليمان بجائزة الجمهور في الدورة الأخيرة من مهرجان "مالمو" الدولي بالسويد، ويبرز الفيلم قوة المرأة السودانية ونضالها عبر الزمن ضد المعتقدات والتقاليد المقيدة لحريتها ونجاحها.
وشاركت خمسة أفلام سودانية قصيرة في النسخة الثامنة من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، وهي "طوبة لهن" للمخرجة السودانية رزان محمد، والذي يسلط الضوء على نساء نزحن من معسكر للاجئين في عام 2003، عندما اندلعت الحرب في إقليم دارفور، وفيلم "نساء الحرب" للمخرج السوداني القدال حسن الذي يتناول قضية النساء في مناطق الصراع بولاية النيل الأزرق، وتأثير الحرب فيهن وفي ذاكرتهن، إضافة إلى أفلام "حكاية مآب" و"كالوس برؤوت" و"وسينامون داليا".