Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البقاع الشمالي... هل يشكل عقدة لبنان في معركة نزع السلاح؟

غارات إسرائيلية مكثفة تجوب الأجواء اللبنانية وتقول تل أبيب إنها تستهدف بنى تحتية ومراكز ومخازن أسلحة تابعة لـ "حزب الله"

يقع البقاع الشمالي على امتداد الحدود اللبنانية–السورية، كما يتميز بتضاريس جبلية وعرة تتيح وجود ممرات طبيعية تربط بين القرى اللبنانية وبين الداخل السوري (اندبندنت عربية)

ملخص

ترسل واشنطن رسائل مركبة وحازمة تجاه نزع سلاح "حزب الله" من خلال حديث توم براك، وتحمل هذه الرسائل في طياتها تحذيراً بقدر ما تحمل وعداً مشروطاً، فالكلمات التي قالها براك لم تكن مجرد قراءة اقتصادية أو دعوة إلى الاستقرار، بل جاءت كترجمة مدروسة لنمط جديد من الخطاب الأميركي تجاه بيروت، يجمع بين الإغراء والعقاب وبين الاستثمار المشروط والسيادة المراقبة.

يجد لبنان نفسه في عين عاصفة إقليمية مفتوحة على احتمالات تتجاوز الجغرافيا، إذ لم تنعكس هدنة غزة بأي حال هدوءاً في الداخل اللبناني، بل كأن إسرائيل استبدلت جبهة غزة بالجبهة اللبنانية، فإسرائيل التي أنهكتها معركة غزة واستنزفت قدراتها الميدانية والسياسية هناك، تبدو وكأنها نقلت مركز الثقل إلى الشمال إلى الجبهة اللبنانية تحديداً، في محاولة لإعادة ترميم توازن الردع عبر استعراض القوة وخلق مناخ ردعي مزدوج، نفسي وعسكري في آن.

إعادة تعريف "حدود الاشتباك"

صحيفة "معاريف" الإسرائيلية كانت ذكرت في الـ 19 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري أن الجيش الإسرائيلي بدأ أوسع مناورة عسكرية له منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، بمشاركة الفرقة (91) التابعة للقيادة الشمالية على طول الحدود مع لبنان، لاختبار قدراته الهجومية والدفاعية في مواجهة أي تصعيد محتمل مع "حزب الله"، وقالت الصحيفة إن التدريب الذي يستمر أياماً عدة يعد الأكبر منذ الحرب الأخيرة على غزة، ويهدف إلى محاكاة سيناريوهات قتال متعددة الجبهات، تشمل هجمات صاروخية من لبنان ومحاولات تسلل إلى الداخل الإسرائيلي. وأشارت إلى أن المناورة تركز على القتال في مناطق مأهولة والتعامل مع مفاجآت ميدانية غير متوقعة، مستذكرة أن الجيش الإسرائيلي فشل في توقع نمط هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر 2023 على رغم تدريباته المكثفة على حرب الأنفاق.

ولا يمكن قراءة المناورات الواسعة التي أجرتها تل أبيب في الشمال كتمرين روتيني، بل كـ "محاكاة ما بعد الحرب" تهدف لاختبار الجبهة الجديدة بعد غزة والتعامل مع سيناريوهات مواجهة مباشرة أو حرب استنزاف طويلة مع "حزب الله".

أما وبعد تحليق المسيرات فوق القصر الجمهوري في بعبدا، حيث حلقت مسيرة بصورة مكثفة فوق القصر الرئاسي، وفي أجواء الضاحية الجنوبية الإثنين الماضي، فهو انتقال بالرسائل من الميدان إلى الرمزية السياسية ورسائل مقصودة في شكلها وغامضة في مضمونها. وفي الجوهر فإن ما يجري هو مواجهة على "معنى الردع" أكثر مما هو مواجهة على الأرض، فإسرائيل تريد القول إنها قادرة على بلوغ كل مركز قرار لبناني أو حزبي، في حين يجهد "حزب الله" للحفاظ على معادلة "الردع بالردع" من دون الانجرار إلى حرب شاملة، وفي هذا الفراغ المعلق بين الرسالة والرد يتحول لبنان إلى مسرح لتجاذب أكبر من حدوده، واختبار بين من يريد أن يعلن نهاية حرب غزة عبر جبهة جديدة ومن يريد أن يثبت أن توازن الرعب لا يزال قائماً.

في وقت يحاول لبنان الرسمي تفادي الذهاب مرة جديدة نحو حرب بين الحزب وإسرائيل، جاءت تصريحات المبعوث الأميركي إلى المنطقة السفير توم براك لتثير عاصفة من التحليلات والتعليقات، ومخاوف مشروعة من الرسائل التي أراد توجيهها، في ظل الـ "ستاتيكو" السياسي الحاصل داخل البلد، والهشاشة الأمنية التي تنذر باندلاع حرب لا يستطيع لبنان تحملها.

عرض أميركي رفضه لبنان

في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، حذر براك من أن فشل لبنان في نزع سلاح "حزب الله" قد يدفع إسرائيل إلى تحرك عسكري أحادي، معتبراً أن العواقب ستكون "خطرة للغاية"، وأضاف أن الجناح العسكري للحزب سيكون في مواجهة كبرى مع إسرائيل في "لحظة قوة إسرائيل وضعف الحزب المدعوم من إيران"، في حين سيواجه جناحه السياسي عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات عام 2026، وقال "بينما تستقر دمشق يبقى لبنان رهينة لهيمنة ميليشيات 'حزب الله' التي تعرقل السيادة وتمنع الاستثمار وتثير القلق الإسرائيلي"، مضيفاً أن "اتفاق وقف التصعيد الذي أبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 ورعته إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، فشل في تحقيق السلام بسبب غياب آلية تنفيذ حقيقية، واستمرار التمويل الإيراني لـ 'حزب الله' وانقسام الحكومة اللبنانية"، كاشفاً عن عرض أميركي قدم للبنان من أجل نزع سلاح "حزب الله"، وأن "الولايات المتحدة طرحت خطة محاولة أخيرة لنزع سلاح 'حزب الله' تدريجياً مقابل حوافز اقتصادية، لكن الحكومة اللبنانية رفضتها بسبب نفوذ الحزب داخل مجلس الوزراء".

 

الإنذار الأخير

ترسل واشنطن رسائل مركبة وحازمة تجاه نزع سلاح "حزب الله" من خلال حديث توم براك، وتحمل تلك الرسائل في طياتها تحذيراً بقدر ما تحمل وعداً مشروطاً، فالكلمات التي قالها براك لم تكن مجرد قراءة اقتصادية أو دعوة إلى الاستقرار، بل جاءت كترجمة مدروسة لنمط جديد من الخطاب الأميركي تجاه بيروت، فهو خطاب يجمع بين الإغراء والعقاب، وبين الاستثمار المشروط والسيادة المراقبة، فالرسالة الأولى التي يمكن تلمسها من وراء حديثه هي أن البيت الأبيض لم يعد ينظر إلى لبنان من زاوية الحرب وحسب، بل من زاوية "الفرصة المهدورة" لبلد يمتلك كل عناصر النهوض إذا ما قرر الابتعاد من محاور السلاح والانقسام، وهذه اللهجة تشبه نغمة "الإنذار الأخير" قبل أن تعاد صياغة العلاقة على أسس مختلفة أقل رومانسية وأكثر واقعية، والرسالة الثانية موجهة إلى الداخل اللبناني، وتحديداً إلى النخب السياسية والاقتصادية، أن زمن التمويل غير المشروط ولّى وأن واشنطن لم تعد مستعدة لحماية نظام مالي أو طبقة حاكمة، ما لم يثبت لبنان أنه قادر على إنتاج قرار سيادي حقيقي، بعيداً من نفوذ السلاح وعن لعبة المحاور.

أما الرسالة الثالثة فهي إلى الفاعلين غير الرسميين، في إشارة غير مباشرة إلى "حزب الله" ومفادها أن الولايات المتحدة لن تسمح بتحويل لبنان إلى ساحة اختبار جديدة بعد غزة.

خلايا إيرانية في الجنوب السوري

في السياق نشر مركز "ألما" للدراسات والبحوث الأمنية الإسرائيلي تقريراً جاء فيه أن "تواصل إيران و'حزب الله' إقامة بنى تحتية إرهابية في جنوب سوريا، حتى بعد سقوط نظام الأسد، وتتكون هذه البنى التحتية من خلايا محلية يمكن نشرها في عشرات البلدات في جنوب سوريا وتحرك أساساً بدوافع اقتصادية، وتدار من قبل الإيرانيين عبر وحدة (840) وحدة العمليات الخاصة في فيلق القدس بقيادة أزهر بكري ومن القسم (4000)، قسم العمليات الخاصة في جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى 'حزب الله' عبر وحدة الجولان، وهي تخدم المحور الشيعي في بناء جهد إرهابي متجدد ضد إسرائيل"، متابعاً أن "المحور الإيراني اعتبر جنوب سوريا منطقة إستراتيجية للغاية تشكل خط مواجهة مباشراً مع إسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير تقرير المركز الإسرائيلي إلى أن "المحور الشيعي يستخدم منطقة جنوب سوريا كمنصة أساس وخاصة من طريق تهريب الأسلحة العالية الجودة"، وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أعلنت وزارة الداخلية السورية القبض على خلية تابعة لـ "حزب الله" كانت تنشط في ريف دمشق الغربي، فيما نفى الحزب اعتقال أي من عناصره في سوريا حينها.

وكانت إسرائيل قد كثفت غاراتها على مناطق في البقاع اللبناني منذ شهر سبتمبر الماضي، بخاصة تلك القريبة من الحدود مع سوريا، إذ تعرضت ولا تزال منطقة الهرمل ومناطق في البقاع الشمالي لغارات عسكرية إسرائيلية، وتقول إسرائيل إنها تستهدف معسكرات تابعة لـ "حزب الله"، بما فيها معسكرات "قوة الرضوان" المخصصة لتدريب عناصر الحزب على تخطيط وتنفيذ عمليات ضدها.

البقاع: ربط لبنان بسوريا 

تعتبر منطقة البقاع بأكملها نقطة محورية وتمثل عقدة تربط سوريا بلبنان، وأية قدرة لوجستية أو بنية تصنيع تنشأ هناك يمكنها أن تزود جبهات متعددة بسرعة، والسيطرة على هذه العقدة تعني تعطيل دورة التجديد العسكري مادياً وتقنياً، ولذلك الهدف ليس فقط تدمير أسلحة الحزب بل تقويض القدرة على الاسترجاع عبر تعطيل خطوط الإمداد، وتعطيل مخازن الأجزاء الحساسة وتفكيك شبكات التمويل والتهريب، ومن هنا قد تكون الأولوية للبقاع الشمالي لأنه في ذلك مفعول مضاعف، فكل قطعة عتاد أو تقنية تمر من سوريا إلى لبنان تمر غالباً عبر عقد البقاع وتعطيل هذه العقد يخنق التجدد العسكري على كل الجبهات، وتعتبر الجغرافيا في تلك المنطقة وقائية، فتضاريس القلمون - بعلبك - الهرمل تمنح الحزب عمقاً وإخفاء وتحصيناً وممرات بديلة، وتفكيكها أصعب من الجنوب المفتوح والمشمول بترتيبات (1701).

كما يؤمن البقاع حماية ومظلة، واستمرار هذه المظلة يهدد حرية المناورة الجوية الإسرائيلية ويؤمن "ساحة إنتاج وتجميع" محمية نسبياً، مما استدعى ضربات على دفاعات جوية داخل البقاع بعد إسقاط الدرون الإسرائيلية.

ومن هذه الأهمية يمكن فهم ما وضعته خطة الجيش من مراحل لسحب سلاح "حزب الله"، فبعد منطقة جنوب الليطاني وشماله، كشفت التقارير أن خطة الجيش وضعت البقاع الشمالي ضمن المرحلة الثالثة التي سيشملها سحب السلاح.

 

شل قدرات "حزب الله"

تتفاوت دوافع اللاعبين واشنطن وتل أبيب بالأدوات وتلازم بالأهداف، ومن المنظور الإسرائيلي أن الهدف هو تقليص خطر الضربات بعيدة المدى وقطع مسارات تصنيع وتجميع الصواريخ الدقيقة داخل لبنان عبر الضربات الاستباقية والتشويش على بنى التمركز، في حين تصوب الولايات المتحدة نظرها ومن منظور أوسع على الطريقة والنتيجة، وتبحث عن إعادة حصر الاحتراف العسكري داخل مؤسسات الدولة (حصر السلاح) وتجفيف الموارد التمويلية، وبناء القدرات الحدودية والمؤسسية اللبنانية القادرة على إدارة الأزمة على المدى المتوسط، ومن هنا جاء التزام واشنطن بتقديم 230 مليون دولار كمساعدات للبنان، ولكنها ربطت هذا الدعم بقدرة الدولة على ضبط السلاح غير الشرعي على كامل الأراضي اللبنانية بحلول نهاية عام 2025، ولذلك فإن الإدارة الأميركية تميل إلى أدوات مالية ودبلوماسية وتدريبية بالتوازي مع الضغوط.

أهمية البقاع في الخريطة الأميركية والإسرائيلية

يعتبر البقاع العمق اللوجستي المفتوح على سوريا، من القصير والقلمون حتى بعلبك - الهرمل، هو شريان الإمداد البري بين مصانع ومستودعات إيران والنظام السوري البائد وبين لبنان، وتجعل الحدود المثقوبة تاريخياً المنطقة عقدة نقل للعتاد والأفراد، وتغيرات السلطة داخل سوريا لا تزال تخلخل قدرة دمشق على ضبط الأطراف، مما يبقي طرق التهريب نشطة ومتكيفة، وتحولت منطقة بعلبك - الهرمل خلال الأعوام الأخيرة إلى نقطة ارتكاز لنفوذ الحزب، ليس عسكرياً وحسب بل أيضاً ديموغرافياً واجتماعياً، وفي حديث سابق لأحد وجهاء العشائر المقيم في منطقة بعلبك لـ "اندبندنت عربية" رفض الكشف عن اسمه، قال "إن هناك جبالاً لا يزال الحزب يستولي عليها ويخبئ أسلحته ضمن أنفاق داخلها".

وتربط تقارير إسرائيلية وغربية البقاع بمستودعات ومنصات لصواريخ متوسطة وبعيدة المدى ومكونات الصواريخ الدقيقة"، مما يجعل الضربات على مدينة بعلبك وما حولها متكررة وعميقة منذ 2024 و2025، وفي فبراير (شباط) 2024 أعلن "حزب الله" إسقاط مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو، وأكد الجيش الإسرائيلي حينها سقوط المسيرة فوق الأراضي اللبنانية بعد إصابتها بصاروخ، وإسقاط الحزب للطائرة الإسرائيلية عبر منظومة أرض-جو يشي بأن البقاع ليس ممراً فقط بل "فقاعة حماية" لوجستية تحتاجها قيادة الحزب.

تحييد "الذراع البعيدة"

وبما أن البقاع هو مجال إطلاق وتخزين لقدرات تهدد العمق الإسرائيلي عبر الصواريخ الدقيقة والمسيرات، وربما مكونات دفاع جوي تهدف إسرائيل وعبر الضربات العميقة المتكررة لتقليص الدقة والمدى وكسر سلاسل التجميع، وأيضاً قطع ممر سوريا - لبنان عبر استهداف المعابر والمستودعات على خط القصير - جوسية - القلمون، وذلك لخنق خط "وحدة 4400"، وبحسب "المركز العربي لدراسات التطرف" فإن "تلك الوحدة تعرف باسم الوحدة (108) داخل 'حزب الله' أيضاً"، ويعتقد أنها وحدة فرعية من الوحدة (108) التي تعمل في سوريا، وبعد اغتيال رئيس أركان الحزب عماد مغنية في دمشق عام 2008 تولى الحزب مهمة إنشاء وتأمين طرق نقل الأسلحة من إيران إلى المجموعة داخل لبنان، وأدى هذا الجهد إلى قيام "حزب الله" بإنشاء شبكة من المكاتب والوحدات داخل سوريا لتسهيل هذه العملية، وخلال الأعوام الثلاثة التي سبقت الحرب الأهلية السورية وخلال الأعوام الأولى من الحرب تولت ثلاث وحدات داخل الحزب هذه المهمة، وهي الوحدة (100) والوحدة (108/4400) والوحدة 112، وكانت الوحدة (108/4400) الأكثر أهمية وتأثيراً بينها، وعبر خنق تلك الوحدة تقطع سلاسل الإمداد التي تغذي مخزون البقاع، وكلما تعذر القطع داخل سوريا يرتفع الإغراء لضرب الحلقة اللبنانية العميقة، ولطالما ربطت مراكز أبحاث غربية وإسرائيلية ومنذ أعوام بين البقاع ومشروع تحويل الصواريخ إلى دقيقة التوجيه داخل لبنان، وأي تفكيك لهذه البنية يخفض كلفة الردع الإسرائيلي في أي حرب مفتوحة.

 

أهمية البقاع الشمالي 

يعد البقاع الشمالي من أهم المناطق بالنسبة إلى "حزب الله"، لما يتمتع به من أهمية استراتيجية متعددة الأبعاد، تشمل الجغرافيا والعسكر والاقتصاد والسياسة. كما يشكل بالنسبة للحزب عمقاً جغرافياً وأمنياً واجتماعياً لا يمكن الاستغناء عنه.

ويقع البقاع الشمالي على امتداد الحدود اللبنانية–السورية، كما يتميز بتضاريس جبلية وعرة تتيح وجود ممرات طبيعية تربط بين القرى اللبنانية مثل القصر والهرمل ورأس بعلبك والقاع وبين الداخل السوري، وبخاصة منطقة القصير. هذا الموقع الحدودي جعله نقطة عبور أساسية لخطوط الإمداد والتموين بين الحزب وحلفائه سابقاً في سوريا، لا سيما منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011. كما أن وعورة المنطقة وبعدها النسبي عن الرقابة الإسرائيلية المباشرة جعلا منها عمقاً استراتيجياً آمناً لبنية الحزب العسكرية.

أما من الناحية الاجتماعية والسياسية، فإن البقاع الشمالي يشكل أحد أبرز معاقل الطائفة الشيعية في لبنان، ما جعله قاعدة طبيعية لانتشار "حزب الله" ونفوذه. فهو يُعتبر خزاناً بشرياً له، ويمده بالمقاتلين والمؤيدين، كما يحظى بنفوذ سياسي واسع في الانتخابات، بخاصة في دائرة بعلبك–الهرمل، حيث يسيطر الحزب بشكل شبه مطلق على الحياة السياسية. كما أن مؤسساته التعليمية والصحية والاجتماعية المنتشرة في المنطقة تعزز ارتباط السكان به وتجذر حضوره في تفاصيل حياتهم اليومية.

إقليمياً، يشكل البقاع الشمالي حلقة وصل محورية في ما كان يُعرف بـ"الممر الإيراني" الممتد من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا، ما يجعله ذا أهمية قصوى في استراتيجية "محور الممانعة". لذلك ترى إسرائيل والولايات المتحدة أن هذه المنطقة تمثل عنصراً أساسياً في مشروع النفوذ الإيراني في المشرق العربي.

المزيد من تحلیل