Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ألغاز قد لا تحل أبدا

يُقال إن الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني بنى الحدائق المعلقة الفخمة في القرن السادس قبل الميلاد هدية لزوجته أميتيس، التي كانت تشتاق إلى جمال نباتات وجبال موطنها

غياب الإجابات يزيد هذه الألغاز إثارةً للاهتمام (pixabay)

ملخص

ألغاز لا تزال قيد التحقيق والبحث، فأحياناً يعود اللغز فيها إلى ضياع المواد المُنقّبة ذات الصلة أو تدمير موقع أثري، وفي أحيان أخرى، يعود إلى صعوبة ظهور أدلة جديدة أو غموض الأدلة المتبقية بما لا يُمكّن العلماء من التوصل إلى إجماع.

هل سيجد الباحثون يوماً قبر كليوباترا أو الإسكندر الأكبر؟ أو هل سيعثر المفتشون على هوية جاك السفاح؟ وهل سنعرف أن من سار إلى جبل إيفرست في عام 1924 قد وصل إلى القمة أم باغته الموت قبل الوصول إليها؟ وهل ألقي القبض على قاتل جون كينيدي؟ وهل فعلاً كانت حدائق بابل معلقة؟

كل هذه ألغاز لا تزال قيد التحقيق والبحث، فأحياناً يعود اللغز فيها إلى ضياع المواد المُنقّبة ذات الصلة أو تدمير موقع أثري، وفي أحيان أخرى، يعود إلى صعوبة ظهور أدلة جديدة أو غموض الأدلة المتبقية بما لا يُمكّن العلماء من التوصل إلى إجماع.

إن غياب الإجابات يزيد هذه الألغاز إثارةً للاهتمام، لذا سنلقي نظرة على هذه الأسئلة التاريخية التي قد لا تجد لها تفسيرات قاطعة، فبعض الألغاز قد لا تُحل أبداً.

هل وصلا إلى قمة إيفرست 1924؟

"ثبت عيناي على بقعة سوداء صغيرة مرسوم عليها ظل على قمة ثلجية صغيرة، ثم اختفت الرؤية وغطتها السحب"، كانت تلك آخر مرة يرى فيها نويل أوديل صديقيه، ساندي إيرفين وجورج مالوري اللذين كانا قد وصلا إلى نقطة متقدمة من جبل إيفرست، إذ يصف في مذكراته أنه في تلك اللحظة، اختفى اثنان من أعظم مستكشفي التاريخ سبقا عصرهما بعقود.

في عام 1933 عثرت بعثة بريطانية على فأس إيرفين الجليدي ملقى على قمة صخرة ليست بعيدة من المكان الذي شوهد فيه آخر مرة، ثم في عام 1999 عثر كونراد أنكر على جثة مالوري على حافة على ارتفاع 26700 قدم، كان مالوري مستلقياً على وجهه ومتجمداً في الأرض وذراعاه ممدودتان فوق رأسه وأصابعه العارية مغروسة في الحصى وشقت سترته عن جسده وكُسرت ساقه اليمنى.

تشير حروق الحبل على الجانب الأيسر من جذعه إلى أنه قد سقط سقوطاً قوياً ومتأرجحاً، فقد كان الحبل نفسه متشابكاً حول جسده، وطرفه المقطوع يرفرف في الريح. قام أنكر ورفاقه بتفتيش جيوب مالوري، فوجدوا زوجاً من النظارات ذات اللون الأخضر وساعة يد فقدت بلورتها وتوقفت عن العمل بين الساعة الواحدة والثانية، لكن الأهم من ذلك هو ما لم يعثروا عليه، ألا وهو صورة زوجة مالوري، روث، التي صرّح بأنه سيتركها على القمة، كما لم يُعثر على أي أثر لساندي إيرفين، ولا لكاميرا كوداك فيست بوكيت كانت بحوزتهم.

ففي عام 1924 توفي متسلقا الجبال البريطانيان ساندي إيرفين وجورج مالوري على جبل إيفرست، ومنذ ذلك الحين ثارت تكهنات حول ما إذا كانا قد وصلا إلى القمة قبل هلاكهما. ولكن في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 جاءت بعض الأخبار من التيبت، فقد عثر فريق ناشيونال جيوغرافيك بقيادة المتسلق جيمي تشين على حذاء ساندي، مع جورب يحمل علامة AC على نهر رونغبوك الجليدي المركزي، عند قاعدة الوجه الشمالي لإيفرست، إذ يبدو أن ساندي سقط بالفعل إلى أسفل الجبل.

من القاتل؟

إن أحد أكبر ألغاز التاريخ الأميركي، والذي يبدو أنه لن يُحل أبداً بما يُرضي الجميع وستبقى حوله إشارات الاستفهام مطروحة هو لغز قاتل الرئيس جون كينيدي. ففي 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963، أُطلق النار على الرئيس جون أف. كينيدي في دالاس على يد لي هارفي أوزوالد، وعلى رغم أن البعض يُشير إلى أنه لم يكن مطلق النار الوحيد، إذ في 24 نوفمبر 1963، وقبل أن يُحاكم أوزوالد، قُتل برصاصة قاتلة أطلقها عليه جاك روبي صاحب ملهى ليلي، إلا أن روبي توفي بسرطان الرئة في 3 يناير (كانون الثاني) 1967 قبل أن يعرف منه شيء.

إن التفسير الأكثر قبولاً بحسب الباحثين هو أن أوزوالد قتل جون كينيدي من تلقاء نفسه، وأن روبي قتله بمحض إرادته، وقد كان دافع روبي المعلن هو تجنيب جاكلين كينيدي متاعب عودة أوزوالد للمحاكمة. وعلى رغم ذلك لا يزال هناك عدد كبير من المؤرخين المحترفين والهواة الذين لا يتفقون مع هذا التفسير. إذ منذ وفاة جون كينيدي، طُرحت تفسيرات بديلة عدة، ونظراً لاستبعاد ظهور أدلة جديدة مهمة، فمن المرجح ألا يتم التوصل إلى إجماع قاطع.

وفي مكان آخر من العالم كذلك، لا تزال هوية القاتل الذي يلقب بـ"السفاح" مجهولة، إذ يشير مصطلح "جاك السفاح" إلى قاتل متسلسل مجهول الهوية، نشط في منطقة وايت تشابل بلندن عام 1888 مستهدفاً عاملات الجنس. واشتهرت جرائم القتل المرتبطة بهذه الشخصية بوحشيتها، إذ قُتلت خمس نساء على الأقل ذبحاً وتشويهاً بجثثهن بعد الوفاة، كانت الضحية الأولى ماري آن نيكولز التي عُثر عليها في 31 أغسطس (آب)، تلتها آني تشابمان وإليزابيث سترايد وكاثرين إيدويس، ثم جريمة القتل الأكثر فظاعة التي راحت ضحيتها ماري جين كيلي في نوفمبر.

لقد أدى أسلوب عمل السفاح إلى تكهنات باحتمال امتلاكه معرفة جراحية، مما أثار نظريات حول هويته شملت العديد من المشتبه فيهم، لكنها لم تُسفر عن أدلة قاطعة. وعلى رغم التحقيقات المكثفة والرسائل الكثيرة التي تدّعي أنها من القاتل، لا تزال الهوية الحقيقية لـ"جاك السفاح" لغزاً، إذ أثارت اهتماماً عاماً وألهمت العديد من الأعمال الأدبية.

حدائق بابل معلقة أم لا؟

يُقال إن الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني بنى الحدائق المعلقة الفخمة في القرن السادس قبل الميلاد هدية لزوجته أميتيس، التي كانت تشتاق إلى جمال نباتات وجبال موطنها ميديا (الجزء الشمالي الغربي من إيران حالياً). ولإزهار الصحراء كان لا بد من هندسة ريّ مذهلة، وقد خمّن العلماء أنه كان من الممكن استخدام نظام مضخات ودواليب مائية وصهاريج لرفع وتوصيل المياه من نهر الفرات القريب إلى قمة الحدائق.

ومع ذلك، فإن الروايات اليونانية والرومانية المتعددة عن الحدائق المعلقة كانت مكتوبة من مصادر غير مباشرة بعد قرون من تدميرها المزعوم، ولم تكن هناك روايات مباشرة. ولقرون بحث علماء الآثار عبثاً عن بقايا الحدائق، حتى أن مجموعة من علماء الآثار الألمان أمضت عقدين من الزمن في مطلع القرن الـ20 تحاول الكشف عن آثار هذه العجيبة القديمة من دون جدوى، وقد دفع غياب أي آثار المتشككين إلى التساؤل عما إذا كانت هذه العجيبة الصحراوية المزعومة مجرد سراب تاريخي.

ومع ذلك، تعتقد ستيفاني دالي الباحثة في المعهد الشرقي بجامعة أكسفورد بإنجلترا، أنها عثرت على أدلة على وجود تلك العجيبة الأسطورية من عجائب العالم القديم، في كتابها بعنوان "لغز حدائق بابل المعلقة، تتبع عجائب العالم الغامضة"، إذ تؤكد دالي أن سبب عدم العثور على أي أثر للحدائق المعلقة في بابل هو أنها لم تُبنَ هناك أصلاً.

وتعتقد دالي، التي أمضت ما يقارب عقدين من الزمن في البحث عن الحدائق المعلقة ودراسة النصوص المسمارية القديمة، أنها بُنيت على بُعد 300 ميل شمال بابل في نينوى، عاصمة الإمبراطورية الآشورية المنافسة، وتؤكد أن الملك الآشوري سنحاريب وليس نبوخذ نصر الثاني هو من بنى هذه الأعجوبة في أوائل القرن السابع قبل الميلاد، أي قبل قرن مما كان يعتقده العلماء سابقاً. ووفقاً لجامعة أكسفورد وجدت دالي، الباحثة في لغات بلاد ما بين النهرين القديمة، أدلة في ترجمات جديدة لنصوص قديمة للملك سنحاريب تصف "قصره الفريد" و"عجائب الدنيا"، إضافة لذكرها للولب برونزي لرفع الماء، يُشبه لولب أرخميدس الذي طُوّر بعد أربعة قرون، وربما استُخدم لري الحدائق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أين القبر؟

عندما توفي الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد في الـ32 من عمره، قرر خليفة الإسكندر بيرديكاس إعادة جثمان الإسكندر إلى مقدونيا، لكنه لم يصل قط إلى المدينة، فقد استولت قوات بطليموس على الجثمان في سوريا ونقلته إلى مصر. وبعد أعوام عدة من وجوده في ممفيس، نُقل جثمان الإسكندر إلى الإسكندرية على يد بطليموس الثاني فيلادلفوس، ولكن هذه المقبرة الموقتة الثانية مفقودة ولا يعرف عنها شيء سوى أنها كانت موجودة. ويذكر في المراجع التاريخية أن بطليموس الرابع فيلوباتور هو من أكمل بناء مقبرة الإسكندر الثالثة والأشهر والمعروفة باسم صوما.

لكن لليوم لا أحد يعلم تحديداً مكان تلك المقبرة الشهيرة، لذا فقد اقترح البعض أنها غرقت تحت الأمواج، لأنها بُنيت في حي القصور المغمور حالياً، وعليه فربما تكون قد دُمرت على مر آلاف الأعوام بفعل قوى بشرية وطبيعية. إلا أنه وفقاً لما ذكره خبراء لموقع "لايف ساينس" فإن، حتى لو عُثر عليها، فمن المرجح أن تكون هناك علامات تعريفية قليلة تُثبت أن المقبرة تعود للإسكندر، إذ لم يترك المؤرخون القدماء الذين وصفوا بناء المقبرة وصفاً مادياً يُذكر لها، لذا قد يحتاج الباحثون إلى نقش سليم لتحديد هوية المقبرة.

وبالقرب من الإسكندرية، اكتشف علماء الآثار بقايا ميناء ضخم مغمور بالمياه قبالة الساحل الشمالي لمصر، وهو اكتشاف قد يُلقي الضوء على أحد أكثر ألغاز التاريخ غموضاً وهو معرفة مكان مثوى الملكة كليوبترا الأخير. ويقع الاكتشاف بالقرب من تابوزيريس ماجنا، وهو مجمع معابد قديم يقع على بُعد نحو 30 ميلاً غرب الإسكندرية، والذي طالما اعتقد بعض العلماء أنه مرتبط بآخر فراعنة مصر.

وتوفيت كليوباترا وحبيبها وحليفها الروماني، ماركوس أنطونيوس، عام 30 قبل الميلاد عقب هزيمتهما في معركة أكتيوم، ويُقال إنهما دُفِنا معاً من قبل كُتاب قدماء، لكن لم يُعثر على قبرهما قط في الإسكندرية، إذ غمرت الزلازل وأمواج تسونامي عام 365 ميلادي أجزاء كبيرة من الحي الملكي بالمدينة، ومن المرجح أن النزوح الزلزالي المستمر على طول الساحل جرّ قطعاً من تابوزيريس ماجنا إلى الماء أيضاً.

يأتي هذا الإنجاز ثمرة عقدين من العمل الذي قامت به عالمة الآثار الدومينيكية كاثلين مارتينيز التي كرّست مسيرتها المهنية لتتبع مقبرة كليوبترا الغامضة. وبينما يُصرّ معظم علماء المصريات على أن الملكة دُفنت في الإسكندرية، تُجادل مارتينيز بأن الأدلة تُشير إلى تابوزيريس ماجنا، وتعتقد مارتينيز أن الملكة، خوفاً من الوقوع في قبضة روما، ربما أعدت دفناً سرياً بعيداً من متناول أوكتافيان، وذلك بوضعها مع أنطونيوس في مكان مشبع بالرمزية ومحمي من الكوارث الطبيعية، وذلك لتستطيع الحفاظ على إرثها من القوات الرومانية.

وقد كشفت أعمال التنقيب الأثري في تابوزيريس ماجنا عن عملات معدنية تحمل صورة كليوبترا وأوانٍ فخارية ومومياوات كانت مغطاة سابقاً بورق الذهب، مما يدعم الادعاءات بأهمية المعبد في عهدها. ويُعد الميناء المغمور بالمياه جزءاً آخر من اللغز، إذ يقدم دليلاً ملموساً على أن الموقع كان قيد الاستخدام خلال عهد كليوبترا، وربما كان مركز رحلتها الأخيرة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات