ملخص
قال المدير التنفيذي لقسم الأسواق النقدية ورأس المال في الصندوق توبياس أدريان إن الأسواق شهدت منذ أبريل (نيسان) الماضي، تصحيحات موقتة بعد إعلان التعريفات الجمركية، لكن الأوضاع تعافت بسرعة مع ارتفاع المؤشرات في الاقتصادات المتقدمة بنحو من 10 إلى 15 في المئة، والأسواق الناشئة بنحو ضعف ذلك
حذر صندوق النقد الدولي من أن الاستقرار المالي العالمي يواجه ضغوطاً متنامية، على رغم تحسن الأداء الاقتصادي داخل مناطق عدة، موضحاً أن الأسواق المالية تبدو هادئة حالياً، لكنها معرضة لتقلبات حادة في حال ظهور صدمات مفاجئة.
وضمن مؤتمر صحافي بمناسبة إطلاق تقرير الاستقرار المالي العالمي (GFSR)، قال المدير التنفيذي لقسم الأسواق النقدية ورأس المال في الصندوق توبياس أدريان إن الأسواق شهدت منذ أبريل (نيسان) الماضي، تصحيحات موقتة بعد إعلان التعريفات الجمركية، لكن الأوضاع تعافت بسرعة مع ارتفاع المؤشرات في الاقتصادات المتقدمة بنحو من 10 إلى 15 في المئة، والأسواق الناشئة بنحو ضعف ذلك.
وأضاف أن الذهب ارتفع بصورة كبيرة بسبب ارتفاع حال عدم اليقين في السياسات، وعلى رغم ذلك أشار أدريان إلى وجود ثلاث نقاط ضعف رئيسة، أولاها ارتفاع أسعار الأصول، ثم التعرض للمؤسسات المالية غير المصرفية، وأيضاً ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل في بعض الدول نتيجة المخاوف المالية.
وتابع "تظل الأخطار الماكرومالية مرتفعة، على رغم سهولة الشروط المالية في الأسواق حالياً، فالتفاعل بين البنوك والمؤسسات غير المصرفية قد يؤدي إلى ضغوط على تقييمات الأصول إذا حصلت أية تعديلات في الأسعار، وهو ما نراقبه بعناية".
الأسواق الناشئة والاقتصادات الحدودية
وعند سؤاله عن الأسواق الحدودية مثل سريلانكا، أكد أدريان أن هذه الدول تواجه كلف اقتراض مرتفعة على رغم التحسن في الوصول إلى الأسواق، مشيراً إلى أن السيولة في الأسواق العالمية تساعد هذه الدول على إصدار الدين، لكن تحسين الأساسات الاقتصادية والاحتياطات المالية يبقى ضرورياً لضمان استقرارها المالي على المدى الطويل.
من جانبه، قال مساعد مدير إدارة أسواق النقد ورأس المال في الصندوق جيسون وو، إن تطوير أسواق السندات المحلية سيكون مفتاحاً لتمويل هذه الدول عبر الموارد الداخلية، وتقليل اعتمادها على التمويل الخارجي، مشدداً على أهمية تحسين جودة المؤسسات وتوقعات الإصدار، وتعزيز هيكلية أسواق الدين لضمان أن يتمكن الاقتصاد من توجيه المدخرات المحلية نحو الاستخدام الحكومي.
سياسات الولايات المتحدة وتداعياتها
وفي ما يخص سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال أدريان إن "الأسواق تفاعلت مع الإعلانات الجمركية وتهديدات السياسة النقدية، لكن الأسواق حافظت على مرونتها"، مضيفاً "تظل السيولة العالمية متاحة، وعدد من الأسواق الناشئة والحدودية تمكنت من إصدار الدين على رغم عدم اليقين السياسي".
وعن اتجاه أسعار الفائدة طويلة الأجل، أوضح أن ارتفاع المربح النقدي (term premium) يعكس التغيرات في الأسعار المتوقعة والأخطار المرتبطة بسندات الخزانة، وأن هذا الارتفاع يعود إلى مستويات لم تشهد منذ نحو 20 عاماً، قبل الأزمة المالية العالمية.
أداء الصين واليابان
وحول الأسواق الآسيوية، ذكر أدريان أن النمو في الصين مستقر بنحو خمسة في المئة هذا العام، مع ضعف استهلاك محلي مقارنة بالنمو الإجمالي، في حين شهدت الأسواق الآسيوية أداء قوياً بالمقارنة مع الأسواق المتقدمة.
وفي ما يتعلق باليابان، أوضح أن أسعار العوائد على السندات طويلة الأجل ارتفعت متأثرة بتوقعات السياسات المالية والنقدية، مؤكداً أن هذا الاتجاه مشابه لما تشهده دول متقدمة أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن مستوى الين الياباني أقوى مقارنة بالدولار خلال العام، وأن تحركات العوائد لا تشير إلى خلل استثنائي في الأسواق.
من جهته، قال نائب مدير إدارة أسواق النقد ورأس المال في صندوق النقد الدولي أنثاناسيوس فامفاكيديس إن "ارتفاع العوائد في اليابان يعكس احتمال التيسير المستقبلي في السياسات المالية والنقدية، مع تماشيه والاتجاهات العالمية المماثلة".
استقرار الأسواق والذهب
وأوضح أدريان أن "الذهب يظل ملاذاً آمناً في ظل ارتفاع حال عدم اليقين العالمي والسياسي، لكنه شدد على أن السندات بالدولار الأميركي لا تزال المرجع الأهم للأصول الآمنة، بسبب عمق أسواقها وسيولتها الكبيرة".
أما فامفاكيديس فأشار إلى أن سوق الصرف الأجنبي يلعب دوراً محورياً في نقل تأثيرات السياسات النقدية إلى الأسواق المالية، وأن أي تغييرات في قيمة الدولار تؤثر مباشرة على كلفة التمويل في الأسواق الناشئة.
المديونية والإصلاحات المالية
وحول الأسواق الأوروبية، أشار أدريان إلى أن الضغوط على عوائد السندات في فرنسا واليابان لا تعكس أزمة سيادية واسعة كما حدث خلال أزمة ديون منطقة اليورو قبل أكثر من عقد، معتبراً أن تحركات الأسعار تظل محدودة نسبياً ومرتبطة بعدم اليقين السياسي من دون أن تشكل تهديداً للنظام المالي الإقليمي ككل.
وفي ما يخص المملكة المتحدة، أوضح فامفاكيديس أن الأسواق قلقة بسبب التقلبات في الاقتصاد البريطاني، وانخفاض الإنتاجية وثبات التضخم، داعياً الحكومة إلى تعزيز الصدقية في خطة ضبط المالية العامة وزيادة الإنتاجية.
وأكد المسؤولون في الصندوق أن الأسواق المالية هادئة نسبياً، لكن تقييمات الأصول مرتفعة في بعض القطاعات مثل أسهم الولايات المتحدة، خصوصاً في شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وأشار أدريان إلى أن ارتفاع العوائد على السندات يعكس إعادة تسعير طبيعية نتيجة زيادة المعروض من السندات وتراكم الدين العام، وأن أي تصحيح في السوق قد يكون حاداً لكنه لن يكون دائماً.
وشدد الصندوق على ضرورة تطوير الأسواق المحلية وتعزيز قدرة البنوك، وضبط السياسات المالية لضمان قدرة الاقتصادات على امتصاص الصدمات، مؤكداً أن الإصلاحات الهيكلية تلعب دوراً أساساً في تعزيز الاستقرار المالي والنمو المستدام.