Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديدات كاتس تنذر بغموض اليوم التالي في غزة

دعوات لإعداد خطة لشن ضربات استباقية لمنع تعزيز قدرات "حماس"

مركبات عسكرية إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة في 12 أكتوبر 2025 (رويترز)

ملخص

بدأت قوة المهام الأميركية لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة عملها في قاعدة "حتسور" الجوية. وسيتمركز هناك ما لا يقل عن 200 جندي أميركي لهذه المهمة. وبينما صرح مسؤول أمني كبير بأن إسرائيل لم تناقش في هذه المرحلة الانسحاب المقبل من غزة، أكد مسؤول إسرائيلي كبير آخر أن مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، وفريقه بدأوا العمل على خرائط الانسحاب المقبل.

مع استكمال المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لوقف الحرب في غزة بتبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس"، والتوقيع على الخطة في شرم الشيخ، يفترض أن ينطلق تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة، والتي تقود إلى ما هو معروف باليوم التالي، أي غزة بعد وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي وبدء الترتيبات لإدارة القطاع وإعادة ترميمه.

في إسرائيل، لم ينتظروا استكمال المرحلة الأولى من الخطة بتنفيذ تبادل الأسرى حتى عادوا ليصعدوا تهديداتهم ويضعوا الخطط التي تبقي يد إسرائيل العليا في قطاع غزة، حتى مع وصول لجان وقوات دولية وعربية لإدارة القطاع.

وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أبقى لهيب الحرب مشتعلة بعد أن أعلن أنه أصدر تعليماته للجيش لبدء الاستعداد لنزع سلاح "حماس" وهدم جميع الأنفاق، معتبراً شبكة أنفاق غزة هي التحدي الأول والأكبر للإسرائيليين، ثم عزز حديث ضابط إسرائيلي بقوله إن الجيش الإسرائيلي الذي سيبقى في أكثر من 50 في المئة من منطقة القطاع لن ينتظر عندما يكشف أي ورشة لـ"حماس" تعزز قدراتها لا المستوى السياسي ولا موافقة الرئيس ترمب، بل سيهاجمها وسيدمر كل عمل من شأنه تعزيز قدرات الحركة العسكرية والصاروخية.

الضابط حرص على نقل حديثه عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية تحت مسمى "ضابط كبير في الجيش"، فيما اختار كاتس حسابه في منصة "إكس" ليهدد برسالة قصيرة أثارت النقاشات والتوتر وحتى القلق مما ينتظر غزة، فكتب يقول، "التحدي الأكبر لإسرائيل، بعد مرحلة تبادل الأسرى، هو الأنفاق التي سيتم هدمها بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي"، وعد كاتس أن استئناف عمليات جيشه هذه هو تنفيذ للمبدأ الذي تم الاتفاق عليه حول نزع سلاح غزة وتحييد "حماس" عن سلاحها. ولم يكتفِ كاتس عند هذا الحد بل أوضح خطواته التي أسهمت في رفع حدة أجواء التوتر بقوله إنه أوعز لجيشه للاستعداد لتنفيذ هذه المهمة.

رئيس أركان الجيش إيال زامير، وبعد أن تم التأكيد على إطلاق عملية الإفراج عن الأسرى، فاجأ الإسرائيليين بكلمة مسجلة مساء الأحد، تحدث فيها عن انتصار جيشه على "حماس" خلال العامين من الحرب، وأوضح لمن كان لديه شك في حديث كاتس حول التصعيد الأمني أن جيشه سيواصل تحقيق أهداف الحرب المتبقية.

حديث أثار أجواء مقلقة من احتمال عودة القتال في غزة عندما تحدث عن أن وجود الأسرى كان اعتباراً محورياً طوال مجريات القتال في غزة.

وأعلن زامير أنه عين قائد الفيلق الشمالي ياكي دولف، رئيساً للمركز الذي سيعنى بربط الجيش بآلية الرقابة الدولية في غزة، والذي سيعمل تحت إشراف نائب رئيس الأركان تامير يداي.

ترتيب المرحلة الثانية للانسحاب

التهديدات الإسرائيلية تأتي في وقت يفترض أن تبدأ الترتيبات الداخلية لسير العمل في قطاع غزة. ووفق خطة ترمب يفترض إنشاء هيئتين لتحل مكان حكومة "حماس". خلال الأيام الـ10 التي انقضت، لم يتم تشكيل أي منهما. الجميع يعمل على ذلك. الهيئة الأولى هي "الحكومة": ذلك المجلس الذي يرأسه الرئيس الأميركي، ويديره رئيس حكومة بريطانيا السابق توني بلير، بالتعاون مع ممثلين عن الدول العربية.

 

وكاتس، كغيره من المسؤولين الإسرائيليين الذين اطلعوا بشكل معمق وموسع على خطة ترمب، يدرك أن الهيئة الثانية التي يفترض أن تتشكل هي "قوة الاستقرار الدولية"، بمعنى توضيحي أكثر ستكون بمثابة الجيش الذي سيقاتل "حماس" بدلاً من الجيش الإسرائيلي ويشرف على نزع سلاحه.

هذه القوة، وفق الاتفاق، تتشكل من جنود من عدة دول بإشراف ومرافقة من مصر والأردن، وفق مسؤول إسرائيلي أشار إلى أن بلورتها وبداية عملها قد يستغرقان أسابيع. "حالياً يفترض تشكيل هيئة للشرطة والنظام العام، تتألف من فلسطينيين ليسوا من (حماس)، أو بعبارة أخرى، أعضاء سابقين في السلطة الفلسطينية لن يطلق عليهم هذا الاسم".

الأحد، بدأت قوة المهام الأميركية لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة عملها في قاعدة "حتسور" الجوية. وسيتمركز هناك ما لا يقل عن 200 جندي أميركي لهذه المهمة. وبينما صرح مسؤول أمني كبير بأن إسرائيل لم تناقش في هذه المرحلة الانسحاب المقبل من غزة، أكد مسؤول إسرائيلي كبير آخر أن مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، وفريقه بدأوا العمل على خرائط الانسحاب المقبل. وأوضح أن زيارة ويتكوف للقطاع كانت تهدف أيضاً إلى الاطلاع على أماكن انتشار "قوة الاستقرار الدولية"، التي ستتألف من جنود من دول إسلامية وعربية وأوروبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا يتضمن الاتفاق؟

وفق تقرير إسرائيلي تناول الاتفاق لوقف الحرب في غزة، فإن الجيش الإسرائيلي لن يجري أي انسحاب آخر حتى تدخل "قوة الاستقرار الدولية" المنطقة. وستتمركز هذه القوة بين المناطق المأهولة في غزة التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي والسياج الحدودي.

ومن المتوقع أن تستغرق القوة أسابيع طويلة قبل أن تصبح جاهزة لدخول القطاع. وتطالب الدول العربية بتحديد صلاحيات القوة بقرار من مجلس الأمن الدولي، بينما تحجم إسرائيل عن ذلك، خشية أن يحد ذلك من حرية عملها.

مفاهيم جديدة وخطرة

تهديدات كاتس تعكس جانباً من تعامل إسرائيل مع مسألة نزع سلاح "حماس"، التي ينقسم حولها الإسرائيليون، حيث لا جدول زمنياً محدداً لتنفيذ هذا البند. المستشار السابق للشؤون الفلسطينية لمنسق أعمال الحكومة في الضفة، ميخائيل ميلشتاين، يعد الجانب في غاية الخطورة، وبحسب رأيه فإن حركة "حماس" لم تقدم التزامات في هذا البند، كما أن الرئيس الأميركي لم يصر على هذه النقطة. ويقول "الحركة، ووفق ما أشار أكثر من مسؤول فيها، فإنها ستوافق كحد أقصى على تجميد قوتها العسكرية أو التخلي عن الأسلحة الهجومية"، وفق تعبيره.

 

في إسرائيل، يفترض على نطاق واسع أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستجرد "حماس" من قدراتها العسكرية، لكن بحسب ميلشتاين "لا يمكن تحقيق ذلك عملياً إلا باحتلال القطاع بأكمله والحفاظ على السيطرة عليه لفترة طويلة. وإذا لم توافق الحركة على ذلك، وهو سيناريو شبه مؤكد، فستضطر إسرائيل إلى العودة إلى القتال، ربما في انتهاك للضمانات التي قدمها ترمب لإنهاء الحرب".

وأشار ميلشتاين إلى خطورة الأجواء والتصريحات التي تشهدها إسرائيل والتي أطلقها مسؤولون ومتشددون، أبرزها التأكيد على "أن الاتفاق الحالي يختلف جذرياً عن المبادرات التي سبقته في العام الماضي، علماً أن هذا غير صحيح، وأن (حماس) تخلت عن أمور لم توافق عليها سابقاً، وأن الضغط العسكري هو ما أدى إلى الوضع الجديد بأن الحركة لا تتخلى عن سلاحها، وتعارض أيضاً (مجلس السلام) الذي دعا إليه ترمب".

أسئلة وعقبات

في سياق نقاش المرحلة الثانية في إسرائيل، وتحديداً نزع سلاح "حماس" وبدء سحب السيطرة على القطاع منها، تطرح في إسرائيل أسئلة عدة، التي تشكل بعضها عقبة بحد ذاتها. بين هذه الأسئلة: إذا سيتم تحديد مكان جميع جثث الإسرائيليين، وإذا ستواصل إسرائيل انسحاباتها من المناطق التي لا تزال مسيطرة عليها، والأهم إذا ستنسحب من محور فيلادلفي ومنطقة الغلاف.

بين الأسئلة التي يخشى ميلشتاين أن تشكل عقبة حقيقية أمام استمرار تنفيذ الاتفاق:

- كيف ستبدو الحكومة المحلية الجديدة التي يفترض تشكيلها في قطاع غزة؟

- ماذا سيحدث عندما تنشأ أزمة تتعلق بنزع السلاح؟

هذا السؤال، عملياً، رد عليه الضابط الكبير في الجيش، الذي أوضح ما تخطط له إسرائيل من تطبيق نموذج لبنان بعد التوصل إلى اتفاق وقف النار في غزة، حيث هناك لم تتوقف عمليات القصف بذريعة أن "حزب الله" يعزز قدراته العسكرية، وهو ما يتطابق مع حديث الضابط وأيضاً مع كاتس.

وإزاء ما يحذر منه ميلشتاين من تصريحات المسؤولين وتهديداتهم، عد الخطة التي وضعها ترمب وسيوقَّع عليها في شرم الشيخ بمثابة مقبرة للأوهام الإسرائيلية التي نشرها المسؤولون بشأن غزة.

ويرى أنه يتوجب أن تنضم الأوهام الإسرائيلية التي انهارت إلى التحقيق المتعمق في جذور فشل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: "هذا دليل قاتم آخر على حقيقة أن أولئك الذين خلقوا مفهوم السابع من أكتوبر واستمروا في تشكيل الواقع من دون التحقيق في إخفاقاتهم، ينتجون، كما هو متوقع، مفاهيم جديدة"، يقول ميلشتاين، الذي يشير إلى أن الإحباط في إسرائيل هذه المرة أكبر، والأوهام كانت مصحوبة منذ البداية بإشارات تحذيرية حادة، وهو ما يثير السؤال حول مدى تحسن إدراك القيادة للواقع وفهمها للعدو.

حقيقة أن "حماس" وافقت على إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء دفعة واحدة، على عكس العديد من التقييمات في المنظومتين السياسية والأمنية، وكذلك في وسائل الإعلام، توضح أن إنتاج المفاهيم لم يتوقف للحظة بعد السابع من أكتوبر 2023، ويتسبب بثبات في أضرار استراتيجية.

ميلشتاين، الذي ينتقد القيادة بل إنه قاد على مدار عامين من الحرب حملة ضد سياسة حكومة نتنياهو والقيادات السياسية والعسكرية، يتوافق اليوم معهم في ضرورة التركيز على أهداف واقعية بدلاً من الأوهام، وأهمها "ضمان حرية التحرك ضد أي تهديد ناشئ في قطاع غزة، خصوصاً التخطيط للهجمات وتهريب الأسلحة، كما هو مطبق في لبنان منذ نحو سنة، ونشر قوة أجنبية، ويفضل أن تكون أميركية على محور فيلادلفي".

وبحسبه، يشكل المحور المسار الذي تحولت من خلاله "حماس" من "منظمة إرهابية" إلى جيش. وبما أنه من غير المتوقع أن تتلاشى "حماس" في غزة ولا في الساحة الفلسطينية، بخاصة في الضفة الغربية، فمن المرجح أنها ستحاول استعادة قوتها ومواصلة التخطيط لكيفية الإضرار بإسرائيل بأساليب وساحات متنوعة. وهذا يتطلب من إسرائيل، بعد انتهاء الحرب، إعداد النظام المستقبلي للقضاء على "حماس"، وهذه المرة بشكل استباقي ورصين، على غرار الجولة الثانية المطلوبة، على ما يبدو، ضد التهديد النووي الإيراني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير