Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسالة سرية من طهران إلى بروكسل: نرغب في التعاون معكم

في محاولة لإعادة صياغة موقعها الدولي وتخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية لجأت إيران إلى الانفتاح مع الاتحاد الأوروبي في التسعينيات لكن الأخير كان حذراً

رغبت طهران في تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في التسعينيات (رويترز)

ملخص

أرسلت السفارة الإيرانية في بروكسل، في الـ 22 من سبتمبر 1994، رسالة سرية لمجلس وزراء الاتحاد الأوروبي تعبر فيها عن رغبة طهران في تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي عبر توقيع اتفاقية تعاون جرى التفاوض حولها بين عامي 1991 و1992، وطُرحت على مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، للحصول على التفويض اللازم، وطالبت البعثة الإيرانية بتوضيح الموقف الرسمي للاتحاد بشأن التوقيع عليها.

شهدت تسعينيات القرن العشرين تحولات بارزة في السياسة الخارجية الإيرانية، تمثلت في سعي طهران إلى تعزيز علاقاتها مع أوروبا بعد سنوات من العزلة والتوتر. وقد برزت سياسة الانفتاح الإيراني تجاه الاتحاد الأوروبي كمحاولة لإعادة صياغة موقعها الدولي، وتخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية.

يثير هذا التوجه تساؤلات حول دوافعه الحقيقية: هل هو تعبير عن قناعات سياسية أم استراتيجية ظرفية؟ تستند الإجابة إلى وثائق وزارة الخارجية البريطانية رُفِع عنها طابع السرية، لا سيما الملف المرجعي FCO 98/7258  المعنون بالعلاقات بين أوروبا وإيران، الذي فُتح رسمياً في الـ 19 من سبتمبر (أيلول) 2025، لتسليط الضوء على خفايا المداولات الأوروبية والإيرانية في تلك المرحلة الحساسة.

إيران تمدّ يدها إلى أوروبا

أرسلت السفارة الإيرانية في بروكسل، في الـ 22 من سبتمبر 1994، رسالة سرية لمجلس وزراء الاتحاد الأوروبي تعبر فيها عن رغبة طهران في تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي عبر توقيع اتفاقية تعاون جرى التفاوض حولها بين عامي 1991 و1992، وطُرحت على مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، للحصول على التفويض اللازم، وطالبت البعثة الإيرانية بتوضيح الموقف الرسمي للاتحاد بشأن التوقيع عليها.

جاء في الرسالة الإيرانية ما نصّه، "سفارة جمهورية إيران الإسلامية – بروكسل الرقم المرجعي: 670-1/3222، تتقدم بعثة جمهورية إيران الإسلامية لدى الاتحاد الأوروبي بتحياتها إلى أمانة وزراء الاتحاد الأوروبي، ومجلس الاتحاد الأوروبي، وعملية التقارب الأوروبية، وإلى الدول الأعضاء في الاتحاد المعنية بتطوير العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولها الشرف أن تبلغ الدول الأعضاء بأن جمهورية إيران الإسلامية ترغب في توقيع اتفاقية تعاون".

 

وبعد التقديم تؤكد الرسالة الإيرانية أنه "تمت دراسة الاتفاقية التمهيدية وإنهاؤها بعد زيارة وزراء الخارجية الثلاثي إلى طهران والمفاوضات التمهيدية بين ممثلي جمهورية إيران الإسلامية والجماعة الأوروبية خلال الفترة من سبتمبر 1991 إلى فبراير (شباط) 1992. وقد قُدّم هذا الاتفاق التمهيدي، عبر مفوضية الجماعات الأوروبية، إلى مجلس الوزراء في يونيو (حزيران) 1992 بغرض الحصول على تفويض".

وتشير الرسالة إلى أن "بعثة جمهورية إيران الإسلامية لدى الاتحاد الأوروبي ترغب في تلقي الرأي الرسمي للاتحاد الأوروبي بشأن التوقيع على الاتفاقية المذكورة، وتغتنم هذه الفرصة لتجديد أسمى آيات الاحترام والتقدير إلى الأمانة العامة لمجلس وزراء الاتحاد الأوروبي. بروكسل، 22 سبتمبر 1994".

الحذر في التعامل مع إيران

وفي الـ 17 من أكتوبر (تشرين الأول) 1994، أصدرت الأمانة في الاتحاد الأوروبي تقريراً سرياً ضمن مجموعة العمل الشرق أوسطية/ الخليج العربي حول الحوار النقدي مع إيران، مؤكداً الحذر والدبلوماسية المعقدة التي اتبعتها بروكسل، بسبب حساسية العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية. وأشارت برقية COREU في 20 أكتوبر 1994 إلى تباين مواقف الدول الأعضاء بين الدعوة لعقد اجتماع مبكّر والحذر من إرسال إشارات خاطئة لإيران.

استطلعت الرئاسة آراء الشركاء بشأن الطلب الإيراني لعقد اجتماع للحوار النقدي على مستوى نواب الوزراء. واتفقت المجموعة مبدئياً على استمرار الحوار النقدي على مستوى نواب الوزراء، كما كانت الحال في الجولات السابقة. وفضّل بعض الشركاء عقد اجتماع مبكّر للحوار النقدي، خلال الجولة الألمانية، على رغم أن الاجتماعات السابقة لم تُسفر إلا عن نتائج قليلة على مستوى الرئاسة.

 

النتائج، كان من المهم عدم عزل إيران. واقترح آخرون أن يختار الاتحاد الأوروبي بنود جدول الأعمال بعناية للسماح بنقاش بناء بدلاً من نقاش مثير للجدل. فضّل الشركاء نهجاً أكثر حذراً. تناول الاجتماع الوزاري مع وزير الخارجية الإيراني في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (على أرض الجمعية العامة للحوار الحاسم، لم تستجب إيران للقرار 961 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الأمن والدفاع الدوليين)، القضايا التي أثارتها الترويكا، ولم يكن مثمراً. سيُرسل الاتحاد الأوروبي رسالة خاطئة إلى إيران إذا وافقت على عقد اجتماع آخر قريباً، أو ينبغي عليه أيضاً تجنب أي قضايا خلافية. واقترح إضفاء الطابع المؤسسي على الحوار النقدي.

وبناءً على هذه الخلفية، اتفقت المجموعة على إمكانية إجراء مناقشات تمهيدية غير رسمية مع إيران، لتحديد مدى استعدادها للرد بشكل إيجابي وبناء على مخاوف الاتحاد الأوروبي التي أُثيرت في الاجتماعات السابقة. ومن المقرر أن يعيد الشركاء النظر في توقيت عقد جولة رسمية أخرى من الحوار الحاسم في ضوء الرد الإيراني.

وأشار التقرير إلى استمرار الاتصالات بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي بخصوص إيران، إذ طلبت طهران عقد اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الرئاسة الأوروبية رفضت هذا الاقتراح بعد التشاور مع الشركاء، مع الإشارة إلى أن المفاوضات على مستوى العمل مع أمانة منظمة التعاون الاقتصادي كانت تسير بوتيرة بطيئة.

 

كذلك أطلع التقرير الشركاء على اقتراح الولايات المتحدة لعقد اجتماع لمجموعة العمل بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا حول إيران مباشرة بعد مؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاقتصادي المقرر في كازابلانكا في الفترة من الـ 31 من أكتوبر إلى الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). كان الهدف من الاجتماع مناقشة التحقيقات في تفجيرات يوليو (تموز) في الأرجنتين ولندن، إضافة إلى استعراض الوضع السياسي والاقتصادي الداخلي في إيران، ومتابعة تطورات الحوار النقدي بين الاتحاد الأوروبي وطهران، مع فتح المجال لأي توصيات أو مقترحات بشأن جدول أعمال الاتحاد الأوروبي أو كندا.

إضافة إلى ذلك، تطرق التقرير إلى الاجتماع الوزاري الثلاثي المرتقب بشأن سلمان رشدي، إذ أكدت الرئاسة أنها ستبقي الشركاء على اطلاع كامل حول مكان وموعد الاجتماع، بما يعكس الحرص على التنسيق الكامل بين الدول الأعضاء لتفادي أي سوء تفاهم مع إيران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك شددت مجموعة العمل على موضوع العراقيل الإدارية التي تفرضها السلطات الإيرانية على البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي في طهران. وقد أوصت المجموعة بإحالة هذا الملف إلى مجموعة العمل المعنية بالبروتوكول، مع إعداد تقرير من مكتب الاتحاد الأوروبي بشأن القيود والعراقيل التي تواجه عمل البعثات، بهدف تقييم حجم التحديات ووضع خطة لمعالجتها."

موقف الاتحاد الأوروبي من إيران واتفاقية الشراكة

في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 1994، تناول النقاش علاقات الاتحاد الأوروبي مع إيران، لا سيما مسألة اتفاقية الشراكة بين الطرفين، وذلك في ضوء المذكرة الإيرانية واجتماع مجموعة عمل الخليج والشرق الأوسط المقرر عقده في السادس والعشرين من الشهر نفسه. تعود خلفية الموضوع إلى صيف عام 1991، حين برز الاهتمام باتفاقية الشراكة وسط مخاوف من أن يقوم الألمان بتأجيل بدء المفاوضات بغرض توجيه رسالة واضحة إلى الإيرانيين تؤكد ضرورة استجابتهم لمطالب الجماعة الأوروبية المتعلقة ببعض جوانب سياساتهم.

 

كان من المقرر أن يُستأنف الحوار في خريف عام 1992، إلا أنه لم يحدث، إذ غيّر الإيرانيون في تلك الفترة تركيزهم نحو منظمة التعاون الاقتصادي، لتتراجع بذلك أهمية اتفاقية الشراكة، ولم يُسمع عنها الكثير منذ ذلك الحين.

تشير المداولات إلى أن فكرة الاتفاقية تعثرت في صيف عام 1992 نتيجة القلق من بعض مواقف إيران السياسية، كذلك أكدت خلاصات رئاسة إدنبرة في نهاية العام ذاته أهمية تحسين سلوك إيران قبل التفكير في تطوير علاقات أوثق معها وبناء الثقة المتبادلة. أما النقاشات التي أجريت في مجموعة العمل الشرق أوسطية في وقت لاحق، فقد أبرزت بطء التقدم في ما سُمّي بالحوار النقدي مع طهران.

وإضافة إلى ذلك، فإن اجتماع الثلاثي مع الوزير الإيراني فلاياتي في نيويورك، إلى جانب محادثات السيد هيرد، لم يُظهر سوى استمرار التعنت الإيراني. بناءً على ذلك، خلصت المداولات إلى أن الوقت غير مناسب في تلك المرحلة للنظر في إبرام اتفاقية شراكة بين الاتحاد الأوروبي وإيران.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير