ملخص
بعد إعلان "المحافظين" وقبله "ريفورم" نيتهم الانسحاب من الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان، رصدت مؤسسة "يوغوف" توجهات الشارع البريطاني إزاء الخطوة، ومدى معرفة الناس بمضمون الاتفاق وأبعاد التخلي عنه.
قبل بضعة أيام أعلن "المحافظون" في المملكة المتحدة نية الانسحاب من الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان من أجل وقف الهجرة غير الشرعية إلى البلاد، ويبدو الأمر مؤجلاً إلى حين عودة الحزب المعارض للسلطة عبر انتخابات 2029 إن فاز فيها، لكن الموقف يستحق التوقف عنده شعبياً مع اتساع نفوذ اليمين المتطرف المناهض للاجئين والأجانب.
وما يعزز من خطورة الخطوة هو تبنيها من قبل حزب "ريفورم" أولاً، وهذا الحزب الشعبوي بقيادة النائب نايجل فاراج، تتوقع له استطلاعات الرأي اليوم أن يظفر بالسلطة في الاستحقاق البرلماني المقبل، بل إنها تقول إنه قادر على حصد أكثرية واضحة في مجلس العموم، إذا ما فتحت صناديق الاقتراع غداً أمام الناخبين على امتداد المملكة المتحدة.
مؤسسة "يوغوف" للأبحاث قررت استطلاع الآراء إزاء الانسحاب من الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان، فوجدت أن 29 في المئة من البريطانيين يؤيدون الخطوة بينما يرفضها 46 في المئة، فيما لا تزال النسبة الباقية غير واثقة بعد من هذه القرار، على رغم أنه يحسم قدرة الحكومة على ترحيل المهاجرين غير الشرعيين تجاه خيارات عدة، وفق التقارير.
وتفيد الأرقام بأن سبعة من كل 10 أشخاص سيصوتون لحزب "ريفورم" في الانتخابات العامة، يؤيدون التخلي عن ذلك الاتفاق الذي يعطي القضاء الأوروبي سلطة تعطيل خطط الحكومة البريطانية في ترحيل المهاجرين إن لم تلتقِ مع معاييره، بينما يدعم الخطوة أربعة من كل 10 ناخبين سيمنحون أصواتهم لـ"المحافظين" قائد المعارضة في البرلمان.
على مستوى الأحزاب الأخرى، فإن 82 في المئة من ناخبي حزب العمال الحاكم يرفضون التخلي عن الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان، وهذه النسبة تزيد إلى 85 في المئة بين أنصار حزب الخضر، وتبلغ 76 في المئة وسط القاعدة الشعبية التي تمنح أصواتها عادة لـ"الديمقراطيين الليبراليين" في الانتخابات، سواء كانت على مستوى البرلمان أو البلديات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما كانت تبحث عنه زعيمة "المحافظين" كيمي بادينوك عبر إعلان نيتها القطيعة مع الاتفاق الأوروبي، هو تحسين صورة الحزب بعد تراجع شعبيته كثيراً منذ هزيمة الانتخابات العامة في يوليو (تموز) عام 2024، والخسارة التي تلتها خلال الاستحقاق البلدي في مايو (أيار) الماضي، وما حصدته بادينوك وفق استطلاع "يوغوف" لم يكن كثيراً.
نتائج الاستبيان تؤكد أن 36 في المئة من ناخبي "ريفورم" باتوا يفكرون إيجاباً حيال حزب المحافظين بعد إعلان بادينوك، فيما لم يتأثر نحو 40 في المئة من قاعدة فاراج بكل ما خرج عن المؤتمر السنوي للمعارضة، بالتالي لا توجد أية ضمانات بأن تتغير توقعات استطلاعات الرأي حول الاستحقاق البرلماني المقبل على المدى المنظور، في الأقل.
والجانب الأهم في استطلاع "يوغوف" أيضاً هو مدى معرفة البريطانيين بتأثير انسحاب بلادهم من اتفاق حقوق الإنسان، إذ إن الأمر يمنح الحكومة برأي الأكثرية، مرونة أكبر في حل أزمة اللاجئين وضمان السيادة، لكنه في الوقت ذاته قد ينعكس سلباً على كثير من جوانب حياة السكان بصورة عامة، وعلى الاتفاقات التي تنضوي تحتها المملكة المتحدة.
ويعتقد 40 في المئة من البريطانيين بأن طلاق لندن وبروكسل في مجال حقوق الإنسان سيعين حكومة المملكة المتحدة على ضبط الحدود ووقف تدفق المهاجرين، في حين أن 23 في المئة ليسوا واثقين من هذه النتيجة، و12 في المئة يعتقدون بأن الأمر لن يحمل تأثيراً إيجابياً على هذا المستوى، بل يتوقعون تأثيراً سلبياً للخطوة في معالجة أزمة الهجرة.
من الآثار السلبية المتوقعة للخطوة، يأتي تضرر سمعة المملكة المتحدة عالمياً من وجهة نظر نحو نصف المشاركين في الاستطلاع، كما يظن 39 في المئة أن التعاون الأمني بين بريطانيا والدول الأوروبية سيتراجع إذا ما تخلت لندن فعلاً عن اتفاق حقوق الإنسان، و33 في المئة يعتقدون بأن حتى حقوق البريطانيين في الداخل ستتأثر سلباً بالخطوة.
وثمة 34 في المئة من البريطانيين يعتقدون بأن الانسحاب من الاتفاق سيبث الخوف في نفوس الأقليات بالمملكة المتحدة، لكن بادينوك قالت إن "الانفصال عن بروكسل في هذا الصدد لا يعني التخلي عن حقوق الإنسان"، إذ يمكن أن تكون للمملكة المتحدة قوانينها الخاصة التي تواكب أفضل المعايير الدولية المتبعة في هذا المجال، وفق تعبيرها.
وفي سياق القوانين المحلية البديلة لا تعتقد نسبة كبيرة بأن "برطنة" قوانين حقوق الإنسان مهمة سهلة بالنسبة إلى بريطانيا، وربما هو تشابك العلاقات بين الطرفين إلى حد يصعب انفصالهما بلا أثر سلبي، كما أن معايير الاتحاد الأوروبي في هذا المجال منافسة وربما من الأفضل البحث عن خيارات أخرى غير التخلي عن اتفاق شاركت بريطانيا في تأسيسه.
ومن الممكن أن يكون الحل في ما طرحه رئيس الوزراء كير ستارمر بإعادة النظر في بعض بنود الاتفاق التي يمكن أن تفسر ضد مصالح المملكة المتحدة وخططها لضبط الحدود، فيبدو أن هناك ثغرات في تلك المواد تفسر في سياق غير موضوعي لدعم ادعاء بعض المهاجرين باستغلالهم من قبل مهربي البشر أو سوء الأوضاع الإنسانية في بلادهم.
والسؤال الجوهري الذي طرحته "يوغوف" على المشاركين كان ماذا تعرف عن الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان؟ فكانت النتائج أن خمسة في المئة فقط قالوا إنهم يعرفون مضامينه جيداً، فيما أقر نصفهم تقريباً بأنهم لا يعرفون كثيراً، و31 في المئة يملكون قدراً لا بأس به من المعرفة حوله، فيما صرح 15 في المئة بأن ليست لديهم أدنى فكرة عن فحواه.
واتخذ المشاركون في الاستطلاع مواقف واضحة من البقاء في الاتفاق أو مغادرته، لكن 38 في المئة فقط كانوا يعرفون أن حق التعبير مشمول فيه، و37 في المئة يعون أن الصحة المجانية من بنوده، أما اللافت فهو أن 22 في المئة فقط يعرفون أن حق الهجرة لا ينتمي له، و15 في المئة يعلمون أن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لا تتبع لدولة محددة.