ملخص
في حين تتزايد احتمالات توجيه ضربة، بل وحتى تغيير النظام، يبدو أن استراتيجية واشنطن على المدى القريب جداً لا تزال قائمة على الضغط من دون التزام كامل بعمل محدد، مستخدمة استعراضات القوة والعقوبات والضربات الانتقائية لإضعاف كاراكاس مع تجنب الانجرار إلى حرب فوضوية أو إثارة صدمة نفطية.
مع تدمير الطائرات الحربية الأميركية سادس قارب سريع يشتبه في تهريبه المخدرات بالبحر الكاريبي وقبالة سواحل فنزويلا وقتل من فيه، تؤكد الولايات المتحدة ما قاله دونالد ترمب، إن بلاده في حال حرب مع تجارة المخدرات التي يقودها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على حد وصفه، لكن تزايد الحشود العسكرية للولايات المتحدة واقتراب طائراتها الحربية من سواحل فنزويلا وتخصيص واشنطن مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تسهل القبض على مادورو، ورفضها دعوات كاراكاس لإجراء محادثات، ينذر بتصعيد خطر في المواجهة وسط تساؤلات عما إذا كانت الولايات المتحدة ستقدم على اشتباك عسكري مباشر أو حتى تغيير النظام أم تكتفي باستهداف قوارب تهريب المخدرات؟
المجهول الكبير
بالنسبة إلى كثيرين في فنزويلا، لم يعد السؤال المطروح هو ما إذا كانت التوترات مع واشنطن ستصل إلى نقطة الغليان، فقد وصلت إليها بالفعل عبر عديد من الشواهد التي تنذر بأخطار واسعة، إذ إن واشنطن لم تكتف بنشر السفن الحربية والمدمرات وآلاف جنود المارينز وغواصة هجومية وطائرات "أف-35" في منطقة بحر الكاريبي، بل واصلت التصعيد، منذ أسابيع، بتدمير ما لا يقل عن خمسة قوارب سريعة الحركة وقتل من عليها بدعوى أنها تحمل شحنات مخدرات تستهدف الأسواق الأميركية.
وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة حذر الرئيس الأميركي في 23 سبتمبر (أيلول)، من المزيد متعهداً القضاء على مهربي المخدرات، ومكرراً تأكيده أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يقف وراء شبكات التهريب، وهي تهمة ينفيها مادورو وجنرالاته، ومع ذلك حددت واشنطن مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تمكن من القبض على مادورو الذي يقول ترمب، إنه يترأس "كارتل الشمس" الفنزويلي، كما رفضت واشنطن دعوات كاراكاس لإجراء محادثات.
وهكذا، أصبح المجهول الكبير الآن هو ما إذا كانت الولايات المتحدة سترد على التهديدات وإغراق قوارب تهريب المخدرات بشيء أكثر صرامة، عبر تدخل عسكري مباشر ضد فنزويلا أو ستعمل على تغيير النظام، أم إنها ستكتفي في المرحلة الحالية بالاستمرار في تدمير القوارب التي تشتبه في تهريبها المخدرات مع تكثيف الضغوط على نظام الحكم في فنزويلا بدعم إقليمي.
احتمالات الحرب
عندما سئلت عن إمكانية القيام بعمل عسكري أميركي مباشر في فنزويلا، علقت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الرئيس ترمب كان واضحاً وثابتاً للغاية، فهو مستعد لاستخدام كل عنصر من عناصر القوة الأميركية لوقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. ربما ينذر ذلك بتكرار تجارب الولايات المتحدة التاريخية في أميركا اللاتينية التي لا تعد غريبة على التدخلات العسكرية الأميركية وتغييرات الأنظمة، إذ رعت واشنطن خلال النصف الثاني من القرن الـ20 عمليات عسكرية سرية وعلنية في المنطقة، من تشيلي إلى البرازيل ومن غواتيمالا إلى غرينادا، مما أدى إلى تغيير الأنظمة في هذه الدول.
كما تظهر عمليات القيادة الجنوبية الأميركية من نشر مزيد من الحشود العسكرية بين بورتوريكو وجزر الأنتيل الصغرى ومياه شمال فنزويلا تحولاً في موقف الإدارة الأميركية، إذ أصبحت المدمرة الحربية "ستوكديل" تاسع سفينة تابعة للبحرية الأميركية وثالث مدمرة إلى جانب "غريفلي" و"جيسون دونهام"، تنضم إلى مجموعة "يو أس أس إيو جيما" البرمائية، بقيادة سفينة الهجوم البرمائي "إيو جيما"، التي تضم إلى جانب السفن، ما لا يقل عن 4500 من مشاة البحرية التي تعمل كقوة استجابة سريعة، وتوفر وجوداً مرناً في مواقع متقدمة لحماية المصالح الوطنية الأميركية.
إضافة إلى ذلك تعززت الحشود الأميركية أخيراً بطراد الصواريخ الموجهة "يو أس أس إيري"، وغواصة الهجوم السريع التي تعمل بالطاقة النووية "نيوبورت نيوز"، فضلاً عن نشر 10 طائرات مقاتلة إضافية من طراز "أف-35" وطائرات مسيرة من طراز "أم كيو-9" تعمل من مطاري أغواديلا وسيبا في بورتوريكو، مما يتيح القدرة على المراقبة المستمرة وتحديد خيارات أية ضربات محتملة.
ومع وجود هذه الحشود العسكرية الأميركية قرب مياه فنزويلا الإقليمية، ثار قلق القيادة الفنزويلية التي تستعد لكل الاحتمالات، فقد منح مادورو نفسه صلاحيات إضافية ودعا مواطنيه للانضمام إلى الميليشيات الوطنية، معلناً أنه لن تمس أي إمبراطورية تراب فنزويلا المقدس، كما نشرت البحرية الفنزويلية سفناً حربية وطائرات مسيرة لدوريات على طول الساحل وأجرت مناورات عسكرية، وفي المقابل حذر ترمب من إسقاط أي طائرات ترسلها كاراكاس إذا هددت الولايات المتحدة، كما استنكر "البنتاغون" ما وصفه بالنشر الاستفزازي للغاية للطائرات الفنزويلية قرب سفينة تابعة للبحرية الأميركية في المياه الدولية.
تباين قتالي واضح
سلطت التوترات المتصاعدة بين ترمب ومادورو الضوء على التباينات بين جيشي البلدين التي تكشف عن هوة ساحقة عددياً وتكنولوجياً تجعل أي مواجهة عسكرية محتملة محسومة مسبقاً، إذ تضع موقع التصنيفات العسكرية "غلوبال فاير باور" فنزويلا في المرتبة 52 من بين 145 دولة لعام 2025، وتأتي في المرتبة السابعة بين دول أميركا اللاتينية، متأخرة عن دول مجاورة إقليمية مثل البرازيل والأرجنتين والمكسيك، بينما احتفظت الولايات المتحدة بالمركز الأول في العالم.
وحتى من حيث العدد لدى الولايات المتحدة أكثر من 1.3 مليون عسكري عامل، ونحو 800 ألف جندي احتياط بينما صرح مادورو بأنه يستطيع الاعتماد على قوة قوامها 8 ملايين فنزويلي، لكن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يقدر أرقاماً أقل بكثير حيث يصل تعداد القوة العاملة بالجيش إلى 123 ألف جندي، و8 آلاف جندي احتياط، و220 ألف شخص يشكلون جناحاً مدنياً للجيش.
من حيث التسليح، تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 13 ألف طائرة، مقارنة بعدد 229 طائرة تملكها فنزويلا، تشمل 23 طائرة "سوخوي-30" روسية، وطائرات إيرانية مسيرة، وطائرات "أف-16" أميركية الصنع قديمة من ثمانينيات القرن الماضي، وثماني طائرات هليكوبتر، ومنظومات صواريخ متعددة مضادة للطائرات، ودبابات فرنسية قديمة، وغواصة ألمانية من سبعينيات القرن الماضي، بينما تفتقر البحرية إلى حاملات الطائرات والمدمرات.
ووفقاً لإيفان إليس المتخصص في معهد الدراسات الاستراتيجية بكلية الحرب الأميركية، فإن القوات المسلحة الفنزويلية لم تتدرب بصورة جماعية على استخدام جميع العناصر البرية والجوية والبحرية، مما يصعب عليها قيادة عملية معقدة، ويعاني الجيش الفنزويلي أيضاً من ارتفاع معدلات الفرار من الخدمة وانخفاض معدلات التجنيد، وروح معنوية أقل بكثير مما هو متوقع في صراع، فضلاً عن محدودية صناعة الدفاع المحلية، مما يجعلها تعتمد على مساعدات من دول مثل روسيا والصين وإيران لصيانة أنظمتها وتطويرها.
وهناك فرق واضح آخر بين البلدين يتمثل في الإنفاق العسكري، فقد بلغ إنفاق فنزويلا نحو أربعة مليارات دولار عام 2023، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بعدما سجل 6.2 مليار دولار قبل عقد من الزمن، مما يمثل جزءاً ضئيلاً من موازنة الدفاع الأميركية البالغة 895 مليار دولار.
تغيير النظام
على رغم أن القوات البحرية الأميركية المنتشرة قرب فنزويلا أقوى من البحرية الفنزويلية بأكملها، فإنها أقل من القوات اللازمة لغزو شامل، كما تصور القيادة الجنوبية الأميركية الحملة على أنها عمليات معززة لمكافحة المخدرات، وليست تمهيداً لحصار أو غزو، إذ سلطت البيانات العسكرية الأميركية الضوء على الدوريات المشتركة وجهود الحظر مع البحرية الملكية الهولندية وكندا وجمهورية الدومينيكان والمملكة المتحدة، وعلى الطبيعة الإنسانية أو تبادل المعلومات للمهام.
ووصفت القيادة الجنوبية موقفها بأنه موقف استعداد، وليس حرباً، لكن هذا قد يتغير، لا سيما مع المراجعة المرتقبة من "البنتاغون" لاستراتيجية الدفاع الوطني لعام 2025 التي يتوقع أن تعطي الأولوية لمواجهة التهديد المتصور للتدخل الصيني في نصف الكرة الغربي.
ومع ذلك يبدو أن موقف الولايات المتحدة يتجه ببطء نحو تغيير النظام، وهو ما يتجاوز موقفها السابق الذي لم يصل إلى حد التعهد الصريح بإزاحة مادورو، كما يقول المتخصص السياسي في أكاديمية "بوش" ومؤسس معهد "إيغارابي"، روبرت موغا الذي يرى أن واشنطن ستدرك أن أي تدخل عسكري مباشر في فنزويلا سيكون أمراً فوضوياً، فعلى رغم تزايد العزلة الدولية، لا يزال مادورو يتمتع بأصدقاء في موسكو وبكين، إضافة إلى مقربين منه في هافانا، وقد تجبر هذه العوامل إدارة ترمب على مواصلة السعي لتحقيق توازن دقيق بين ممارسة أقصى قدر من الضغط على حكومة مادورو من دون الالتزام الكامل بالنزاع المسلح.
الخصوم والحلفاء
من المرجح أن تضع الإدارة الأميركية في حساباتها مواقف الخصوم والحلفاء وتأثيرها في تطور الصراع المحتمل، بخاصة أن معظم الحكومات المجاورة لفنزويلا تجنبت الانحياز لأي طرف، باستثناء الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، الذي دعا في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إجراءات جنائية في شأن الضربات الأميركية الأخيرة ضد القوارب السريعة الفنزويلية التي تقول أميركا إنها تحمل شحنات مخدرات.
لكن في كل الأحوال، لا توجد في منطقة البحر الكاريبي، رغبة تذكر في استضافة قوة غزو أميركية، إذ أشارت رئيسة الدومينيكان سيلفاني بورتون في خطابها أمام الجمعية العامة إلى أنه لا مكان للحرب في منطقة البحر الكاريبي، ولهذا فإن أي هجوم على فنزويلا أو محاولة لتغيير النظام قد يهدد بحشد حلفاء البلاد وأولهم هي كوبا، إذ طالما تم دمج مستشاري الاستخبارات والأمن الكوبيين في الجيش والأجهزة الأمنية الفنزويلية، وهذا يمنح مادورو بعض المرونة في مواجهة الانقلابات الداخلية، ويعقد جهود الولايات المتحدة لتسريع انشقاقات النخبة من الدائرة المقربة لمادورو.
لكن على رغم دعم كوبا السياسي لمادورو، فإنه من المستبعد جداً أن تتمكن من دعم أي قوات قتالية فنزويلية، نظراً إلى ضعف موقف هافانا، واقتصادها المتعثر، وقدراتها العسكرية المتواضعة نسبياً.
في المقابل، هناك بعض الأدلة على أن مجرد التهديد بالتدخل العسكري الأميركي من شأنه أن يعزز موقف بعض دول المنطقة تجاه عصابات تهريب المخدرات، إذ صرحت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بأن حكومتها ستتعاون مع الولايات المتحدة لمكافحة تهريب المخدرات، كما نشرت شينباوم عشرات الآلاف من قوات الحرس الوطني في مختلف أنحاء البلاد لوقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، بهدف تجنب أي ضربة عسكرية أحادية الجانب ضد الكارتلات مما يهدد سيادة المكسيك.
وفي باراغواي، تحظى سياسات ترمب لمكافحة الكارتلات بدعم رسمي، واتباعاً لقواعد واشنطن، صنف رئيس باراغواي سانتياغو بينيا بالاسيوس، "كارتل الشمس" منظمة إرهابية أجنبية، بينما ظل زعيم السلفادور نجيب بوكيلي، حليفاً موثوقاً للولايات المتحدة في حربها ضد عصابات المخدرات، إذ نجح في كبح جماح قوة ونفوذ عصابة "أم أس-13" واضعاً معظم أعضائها خلف القضبان في سجن البلاد شديد الحراسة.
كما تحتجز السلفادور زعماء العصابات والمجرمين المرحلين من الولايات المتحدة، وإذا نجح الضغط الأميركي المتزايد التركيز، فقد يكون الأمر مسألة وقت فقط قبل أن تنضم دول أميركا اللاتينية إلى حرب ترمب على عصابات المخدرات كما يشير أماليندو ميسرا المتخصص في مجال السياسة الدولية بجامعة "لانكستر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ماذا ستفعل روسيا والصين؟
بالنسبة إلى روسيا فعلى رغم تأكيدات الكرملين المتجددة بالتضامن واستمرار وجود خبراء عسكريين روس في فنزويلا، إلا أن موسكو تفتقر أيضاً إلى القدرة السياسية والعسكرية الكافية لنشر قوات عسكرية كبيرة، ومع ذلك فإن العلاقات العسكرية والتقنية طويلة الأمد بين البلدين في مجالات التدريب والصيانة ومبيعات الأسلحة، توفر لمادورو حماية متواضعة، ولكنها قيمة ضد الضغوط الخارجية.
وربما تزيد زيارة رمزية من سفن حربية روسية للميناء أو تحليق قاذفات قنابل روسية فوق البلاد، من الاحتكاك السياسي، مما قد يدفع واشنطن إلى التوقف للتأمل، خصوصاً أن روسيا أرسلت قاذفات نووية إلى فنزويلا في الماضي، وقامت قواتها البحرية بزيارة معلنة إلى ميناء لاغوايرا في يوليو (تموز) عام 2024. غير أن العامل الأكثر أهمية يتمثل في موقف الصين، إذ تلعب بكين دوراً مهماً كمشترية للنفط الفنزويلي منذ بدء تطبيق العقوبات الغربية، إذ تضخ فنزويلا حصة متزايدة من صادرات النفط عبر ناقلات "أسطول الظل" التابع لها من خلال مخططات تحويل مسارات معقدة، مما يسمح للنفط الخام الفنزويلي بالوصول إلى المصافي الصينية على رغم العقوبات وقيود التصدير، ولهذا ستعطل أي حملة أميركية عسكرية ضد فنزويلا هذه التدفقات وستضر المصافي الصينية أولاً، مما قد يدفع بكين إلى الرد دبلوماسياً وتجارياً.
من شواهد الرد الصيني المحتمل تأكيد بكين في أواخر سبتمبر، معارضتها استخدام القوة وشجبت التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لفنزويلا في استنكار واضح للحشد العسكري الأميركي، كما أعرب السفير الصيني لدى كاراكاس عن تضامنه مع الدولة المستضيفة، مؤكداً أن بكين ستدعم فنزويلا بقوة صون سيادتها وكرامتها الوطنية واستقرارها الاجتماعي، ومع ذلك فإن الصين تبدو دائماً مستعدة لتقديم الدعم الدبلوماسي، لكنها لم تقدم أي تعهد باستخدام القوة.
ضغوط ما دون الحرب
على رغم توقعات الصدام العسكري، وتقدير عديد من المتنبئين أن احتمالات توجيه ضربة أميركية لفنزويلا تصل إلى نحو 35 في المئة، مع ارتفاع هذه الاحتمالات قبل نهاية العام الحالي، فإن احتمال الغزو المباشر لا يزال بعيداً، لأسباب عدة منها وجود عديد من الإشكاليات القانونية المرتبطة بالعمل العسكري الأميركي المباشر في أميركا اللاتينية، فمن شأن ذلك أن ينتهك سيادة الدول هناك، في حين أن شن ضربات من دون موافقة الكونغرس أو تفويض من الأمم المتحدة ربما يخاطر بخرق المحظورات الداخلية في الولايات المتحدة.
كما تشكل السياسة الداخلية الأميركية عائقاً، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن معظم الأميركيين يعارضون العمل العسكري لإطاحة مادورو، بل إن غالبية كبرى ترفض فكرة الغزو الشامل. ولهذا يبدو المسار الحالي الأكثر ترجيحاً لأميركا هو مراقبة سواحل فنزويلا والضغط العسكري في البحر، مما يعني استمرار الولايات المتحدة في قيادة عمليات مكافحة المخدرات، ولكن مع وجود غطاء عسكري بحري قريب، وقد يعزز الحشد العسكري الأميركي شبكات المعارضة السرية في فنزويلا، مما يزيد الضغط على نظام مادورو من الداخل.
وسيصاحب ذلك على الأرجح ضغوط مالية متزايدة على شكل عقوبات تهدف إلى زيادة الضغط على صناعة النفط الحكومية في فنزويلا، ولكن مع محاولة تجنب وقوع صدمة طاقة عالمية، وتشمل الإجراءات أيضاً تقييد عمليات المقاصة بالدولار والتأمين البحري، وإدراج الوسطاء وناقلات أسطول الظل في القائمة السوداء، واستهداف الشركات الوهمية.
3 عوامل
مع ذلك هناك ثلاثة عوامل قد تحدد ما إذا كانت واشنطن ستصعد إجراءاتها، ومتى ستفعل ذلك، أول هذه العوامل وقوع حادثة مميتة في البحر تطاول مدنيين أو أفراداً أميركيين، والثاني ظهور أدلة دامغة على تورط مسؤولين فنزويليين بصورة مباشرة في عمليات تهريب واسعة النطاق إلى الولايات المتحدة، أما العامل الثالث فهو اصطفاف حكومات المنطقة وراء إجراءات أشد.
وفي حين تتزايد احتمالات توجيه ضربة، بل وحتى تغيير النظام، يبدو أن استراتيجية واشنطن على المدى القريب جداً لا تزال قائمة على الضغط من دون التزام كامل بعمل محدد، مستخدمة استعراضات القوة والعقوبات والضربات الانتقائية لإضعاف كاراكاس مع تجنب الانجرار إلى حرب فوضوية أو إثارة صدمة نفطية.