ملخص
تزوجت ديب خلال عام 2017، وبنت مع زوجها الذي كان محاسباً عائلة "سعيدة وجميلة، كان زوجي يحرص ألا ينقصني أي شيء". لكن حياة العائلة الهانئة انهارت مع اندلاع الحرب وكان الحي الذي تسكنه من أولى المناطق التي طاولها القصف الإسرائيلي رداً على هجوم "حماس" غير المسبوق.
تتلخص حياة لميس ديب منذ بدء الحرب المدمرة داخل قطاع غزة في معاناة متواصلة، بعدما اضطرت إلى النزوح مع عائلتها 11 مرة وفقدت زوجها ووالدها جراء غارة إسرائيلية، فيما تكافح الآن من أجل البقاء مع طفليها.
تخون الكلمات لميس البالغة 31 سنة للتعبير عن الوضع، فتكتفي بالقول "لا يمكن وصف ما مررنا به" خلال العامين الماضيين منذ هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وما تبعه من حملة عسكرية إسرائيلية مدمرة في القطاع الفلسطيني.
تعود لميس بالذاكرة إلى عشية بدء الحرب. وتقول إن يوم "السادس من أكتوبر كان أحلى يوم في حياتنا، أخذنا زوجي حينها للبحر، الجمعة كان يوم العائلة فقط".
خلال تلك الفترة كانت ابنتها سوار البالغة سبع سنوات الآن، بدأت الذهاب إلى الروضة. وتقول لميس إنها كانت تترقب عودتها، واقفة عند نافذة منزل العائلة في حي الشيخ رضوان داخل مدينة غزة. وتروي أن ابنها أمين البالغ خمس سنوات "كان يشغل كل وقتي، كنا نذهب للبحر أحياناً".
انهيار العائلة
تزوجت ديب خلال عام 2017 وبنت مع زوجها الذي كان محاسباً عائلة "سعيدة وجميلة، كان زوجي يحرص ألا ينقصني أي شيء". لكن حياة العائلة الهانئة انهارت مع اندلاع الحرب، وكان الحي الذي تسكنه من أولى المناطق التي طاولها القصف الإسرائيلي رداً على هجوم "حماس" غير المسبوق.
نزحت العائلة مرة أولى من منزلها إلى مخيم الشاطئ في غرب غزة ومنه إلى شرق المدينة. ولاحقاً، قرر الزوجان خلال نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2023 النزوح نحو الجنوب باتجاه خان يونس.
وتقول لميس "نزحت نحو 11 مرة، سبع مرات كانت في مدينة غزة، وكل نزوح كان هرباً من الموت تحت النار" عبر الطرق المدمرة ونقاط التفتيش العسكرية.
وتقول "النزوح، كأن الروح تصعد، نحمل أطفالنا ونحتضنهم ونركض، لا نعرف ماذا يوجد خلفنا ولا أين سنذهب، نركض فقط". وفي كل عملية نزوح، كان ينبغي على العائلة إيجاد مكان يؤويها.
وتروي المرأة الشابة "كنا ننام 30 شخصاً في غرفة واحدة من دون حمام، خلال ستة أشهر من النزوح في رفح"، أقصى جنوب قطاع غزة.
وتوضح "صعب وصف المشاعر الكامنة بداخلنا وواقع القمع الذي نعيشه، القصف الذي لا يتوقف، والجوع والعطش وقلة النظافة، وانعدام الخصوصية".
ماتوا جميعاً
في مطلع أغسطس (آب) عام 2024 تغيرت حياة لميس للأبد، فيما كانت العائلة تقيم داخل منزل أقارب لها نزحت إليه في مخيم النصيرات وسط القطاع.
وتسترجع الشابة النحيلة "أصعب أيام" حياتها حين سمعت دوي انفجار، موضحة "شعرت أن القصف علينا، فركضت إلى الطابق الرابع وفتحت باب السطح، كان المشهد لا يوصف، لقد ماتوا جميعاً، زوجي ووالدي وخمسة شبان من العائلة".
وتروي بألم "المشهد كان مرعباً لا يمكنني نسيانه، كانوا جميعهم أشلاء. زوجي كان جسده سليماً، اعتقدت أنه حي فحاولت إيقاظه لكن إصابته كانت برأسه، ثم تفاجأت برؤية جثة والدي، كانت يده مبتورة".
وأسفرت الحرب العنيفة المتواصلة داخل قطاع غزة عن مقتل أكثر من 66 ألف فلسطيني بحسب أرقام وزارة الصحة، فيما أسفر هجوم "حماس" عن مقتل 1219 شخصاً في إسرائيل بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى الأرقام الرسمية. وغالبية قتلى الجانبين من المدنيين.
وتتابع لميس وإلى جانبها طفلاها "حياتي تغيرت خلال هذا اليوم، أصبحت ألعب دور الأب والأم في كل جوانب الحياة، والأمر صعب جداً بالنسبة إلي كأم".
انتقلت الأم الشابة مع طفليها إلى خيمة داخل منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، في أحد المخيمات المكتظة بآلاف الفلسطينيين وسط ظروف مأسوية.
وتقول بأسى إن قريباتها النازحات معها يمكنهن الاعتماد على أزواجهن أو أهلهن، بينما "أنا بمفردي لا أعرف كيف أتصرف وأريد ناساً يساعدونني (...) أنا حياتي التعب".
وتؤكد "الحياة صعبة كثيراً... كثيراً... كثيراً"، مشددة على مشقة إيجاد المواد الغذائية وغيرها من ضرورات الحياة. وتشير إلى أنها تحتاج أحياناً إلى ثلاث ساعات لإعداد إبريق شاي.
ويعاني قطاع غزة الذي فرضت إسرائيل حصاراً مطبقاً عليه خففته قليلاً نهاية مايو (أيار) الماضي أزمة إنسانية كارثية، فيما المساعدات الإنسانية التي تدخله غير كافية بتاتاً بحسب الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية.
"قليل من السلام"
وكحال جميع سكان قطاع غزة، تترقب لميس رد حركة "حماس" على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب، والتي أعلن عنها الإثنين الماضي.
وقال قيادي في الحركة لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم الجمعة إن "حماس" تحتاج إلى مزيد من الوقت لإعطاء ردها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الأثناء، تعبر ديب عن قلقها على مستقبل سوار وأمين وهي تراقبهما وهما يدرسان، وتقول "كنت أحلم مع زوجي بتوفير حياة كريمة لطفلينا، لقد حرم أطفالنا التعليم والطعام والحياة الطبيعية".
لكن بالنسبة إلى سوار وأمين قد تمتد آثار الحرب حتى بعد توقفها، إذ حذرت منظمة اليونيسيف خلال عام 2024 من أن كل طفل في غزة في حاجة إلى دعم نفسي.
وتتابع لميس بحسرة "أتمنى أن تتوقف هذه الحرب وأن نعيش بأمان ونعود إلى بيوتنا حتى لو هدمت، سنعيد بناءها، لكن نريد قليلاً من الأمن والسلام فقط".