ملخص
تتقاطع المؤشرات اليوم عند مفترق حساس، وأسعار النفط تعكس صراعاً بين عوامل الدعم (العقوبات والأخطار الجيوسياسية) وضغوط التراجع (مخزونات مرتفعة وزيادة مرتقبة من "أوبك+")، وفي قلب هذه المعادلة، تتحرك دول منتجة مثل العراق لاقتناص الفرصة عبر تعزيز قدراتها الإنتاجية
شهدت أسعار النفط العالمية اليوم انتعاشاً محدوداً بعد ثلاثة أيام من الخسائر، إذ صعد خام برنت وغرب تكساس الوسيط مدعومين بتصاعد الأخطار الجيوسياسية وتكهنات بفرض عقوبات أشد على الخام الروسي.
في المقابل، تبقى الضغوط حاضرة مع توقعات بزيادة إنتاج تحالف "أوبك+" الشهر المقبل، ما يضع الأسواق بين قوتي العرض والطلب.
وبينما تتأرجح السوق العالمية، تحرك العراق بخطوات عملية عبر تفعيل عقد ضخم مع "بي بي" لتطوير حقول كركوك، بالتوازي مع زيادة تدفقات نفط كردستان إلى ميناء جيهان التركي.
صعود محدود بعد خسائر طويلة
ارتفعت أسعار النفط صباح اليوم الخميس، منهية سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أيام متتالية، إذ صعدت العقود الآجلة لخام "برنت" 15 سنتاً، أو 0.2 في المئة، لتسجل 65.50 دولار للبرميل، بينما زاد خام "غرب تكساس" الوسيط الأميركي 14 سنتاً ليصل إلى 61.92 دولار للبرميل.
وكان الخامان قد سجلا أمس أدنى مستوياتهما منذ منتصف يونيو (حزيران) الماضي، مع تراجع المعنويات جراء توقعات زيادة المعروض.
ضغوط جيوسياسية وعقوبات على روسيا
وأفاد محللون بأن الإقبال على الشراء تعزز مع اقتراب خام "غرب تكساس" من مستوى 60 دولاراً، مدعوماً بتصاعد الأخطار الجيوسياسية.
في غضون ذلك، أعلن وزراء مالية مجموعة السبع عن تحركات إضافية لتشديد العقوبات على روسيا، خصوصاً على الدول والشركات التي تواصل شراء النفط الروسي أو تسهل الالتفاف على القيود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت أيضاً أن واشنطن ستزود أوكرانيا بمعلومات استخباراتية لاستهداف البنية التحتية النفطية الروسية، مما يعزز الضغوط على إيرادات موسكو.
في المقابل، تشير توقعات إلى أن تحالف "أوبك+" قد يقر زيادة إنتاجية تصل إلى 500 ألف برميل يومياً في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي ثلاثة أمثال الزيادة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، لكن ذلك يتزامن مع مؤشرات تراجع الطلب الأميركي والآسيوي، إذ إن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أظهرت ارتفاع مخزونات الخام 1.8 مليون برميل الأسبوع الماضي، وهو ما يعكس فتوراً في الطلب.
العراق: تعاقدات كبرى وزيادة في التدفقات
على المستوى الإقليمي، أعلن وزير النفط العراقي حيان عبد الغني عن تفعيل عقد تطوير حقول كركوك مع شركة "بي بي" البريطانية، مستهدفاً إنتاجاً أولياً يبلغ 328 ألف برميل يومياً.
العقد يتضمن التعاون مع شركتي نفط الشمال وغاز الشمال لإعادة تأهيل وتوسيع الإنتاج في حقول كبرى مثل "بابا" و"آفانا" و"جمبور".
ويتوقع أن تستثمر "بي بي" ما يصل إلى 25 مليار دولار في المشروع، الذي يعيد الشركة إلى واحد من أقدم مواقع اكتشاف النفط بالعراق.
وتمتلك الشركة حصة تبلغ 50 في المئة في مشروع مشترك يشغل حقل الرميلة النفطي العملاق في جنوب البلاد، حيث تعمل منذ قرن.
بالتوازي، ارتفعت تدفقات الخام من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي إلى 180 ألف برميل يومياً، مقارنة بمتوسط سابق تراوح بين 150 و160 ألف برميل يومياً، بعد استئنافها في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي.
تتقاطع المؤشرات اليوم عند مفترق حساس، وأسعار النفط تعكس صراعاً بين عوامل الدعم (العقوبات والأخطار الجيوسياسية) وضغوط التراجع (مخزونات مرتفعة وزيادة مرتقبة من "أوبك+")، وفي قلب هذه المعادلة، تتحرك دول منتجة مثل العراق لاقتناص الفرصة عبر تعزيز قدراتها الإنتاجية، إضافة إلى العودة القوية لشركات كبرى مثل "بي بي" إلى كركوك، كل ذلك يعطي إشارات ثقة في احتياطات العراق وقدرته على لعب دور أكبر في موازين السوق.
ومع كل برميل إضافي من كركوك أو جيهان، ومع كل قرار جديد من "أوبك+" أو السبع الكبار، تبقى سوق النفط تحت وطأة معادلة دقيقة، أسعار تبحث عن توازن بين إغراءات العرض وأخطار السياسة. وبينما يترقب المستثمرون مسار الأسعار في الأسابيع المقبلة، يظل العراق لاعباً صاعداً، يسعى لترسيخ موقعه كمورد رئيس في سوق مضطرب.وقال كبير المحللين لدى "نيسان سيكيوريتيز إنفستمنت" هيرويوكي كيكوكاوا "ظهر الإقبال على الشراء مع اقتراب خام غرب تكساس الوسيط من مستوى 60 دولاراً، وقدمت الأخطار الجيوسياسية المتزايدة والتكهنات بتشديد العقوبات على الخام الروسي الدعم أيضاً".
وأشار كيكوكاوا أيضاً إلى أن الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة أجج المخاوف في شأن الاقتصاد العالمي، كما أثرت توقعات ارتفاع إنتاج تحالف "أوبك+" على المعنويات مما حد من مكاسب النفط.