ملخص
شهدت مواجهة برشلونة ونيوكاسل في دوري الأبطال تألق ماركوس راشفورد الذي سجل هدفين وصنع الفارق بابتسامة نادرة عكست عودته إلى مستواه. في المقابل، كشفت المباراة عن الفجوة بين خبرة الكتالونيين وتجربة "الماكبايس" الأوروبية المحدودة.
مسح ماركوس راشفورد عرق جبينه وعانق مدربه في برشلونة هانسي فليك وهو يغادر ملعب "سانت جيمس بارك"، ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة. ابتسامة نادرة. وهمس فليك بكلمات مديح، ولم يكن ذلك مستغرباً.
بداية واعدة لراشفورد وتأثير مباشر في النتيجة
فمع خروجه بديلاً في الدقيقة الـ81 كان صنع هدفين، هما أول أهدافه مع الفريق الكتالوني، بعدما قدم تمريرة حاسمة ضد فالنسيا في عطلة نهاية الأسبوع.
لقد حسمت المواجهة الصعبة في دوري أبطال أوروبا أمام نيوكاسل بفضل ارتجاله الحاسم. وأظهر أداؤه المثير مدى سعادته وتحفزه وثقته، ربما في طريقه للعودة إلى أفضل مستوياته العالمية.
راشفورد هو ما يفتقده مانشستر يونايتد
لا بد أن جماهير مانشستر يونايتد تابعت وهي تتمتم بما تفتقده. فلا خلافات هنا، ولا اتهامات بتقصير في الحصص التدريبية. فقط موهبة خام، وبعض المراوغات وانطلاقة سريعة وتمريرة أولى مذهلة وإنهاء أنيق للهجمة بقدمه اليمنى.
أداء يطرح بصورة غير مباشرة سؤالاً ملحاً يتكرر على مستويات عديدة، هل يستحق روبن أموريم؟
إشادة فليك براشفورد وتوقعات المرحلة المقبلة
لم يعد راشفورد ذلك الفتى المندفع كما في السابق، لكن ما قدمه هنا كان دليلاً كافياً على أنه ينعش مسيرته المتعثرة ويتهيأ ليصبح ورقة أساس لإنجلترا في موسم كأس العالم. بينما ناديه الأصلي يعاني.
وقال فليك عن أول أهداف راشفورد في دوري الأبطال منذ أربعة أعوام، "لست متفاجئاً. مهاراته مذهلة، إنهاؤه مذهل. الأعوام الأخيرة لم تكن سهلة. نرى هذا دائماً في التدريبات ورأيناه اليوم. أنا سعيد بامتلاكه. هدفان سيساعدانه كثيراً على الانتقال للخطوة التالية. عليه أن يخطو تلك الخطوة".
ارتفاع القيمة السوقية مع الأداء
لكن ما يخفف من معاناة مانشستر يونايتد أن قيمة راشفورد السوقية مرشحة للارتفاع إذا واصل صعوده.
سجل المهاجم البالغ من العمر 27 سنة هدفين خلال تسع دقائق، وأخرس جماهير ملعب "سانت جيمس بارك". جاء الأول برأسية دقيقة من عرضية جول كوندي، والثاني بتسديدة قوية صافية ومذهلة من مسافة 20 ياردة، انخفضت واصطدمت بالعارضة قبل أن تعانق الشباك.
ابتسامة مختلفة ورسالة ضمنية
وكانت الابتسامة في النهاية ذات دلالة، إذ اضطر غاريث ساوثغيت ذات مرة أن يطلب منه إظهار وجه سعيد بعد أداء مميز مع إنجلترا، بعدما بدا شديد الجدية حتى في الانتصار. أما هنا فقد جاءت الابتسامة بعفوية. فبرشلونة ونسخة راشفورد هذه يشكلان توليفة متناغمة، بل نسخة أسكتت الزلزال المبكر لأجواء "تينسايد".
وقال راشفورد "أنا مفعم بالحماسة ومتحفز ومصمم. من المنعش أن ألعب مع هؤلاء اللاعبين".
نيوكاسل... اجتهاد بلا حصاد
لقد أنهى رجال إيدي هاو المباراة بصورة فوضوية، على رغم أن هدف أنتوني غوردون في الدقيقة الـ90 أعاد الأمل خلال الوقت بدل الضائع.
وهناك سبب يجعل ملعب "سانت جيمس بارك" في أرضيته ومدرجاته يقدم دفعات عنيفة من الحماسة والضجيج في ليالي دوري الأبطال. فالمباريات التاريخية أمام عمالقة أوروبا نادرة للغاية.
فجوة الخبرة الأوروبية بين الفريقين
فرص الاحتكاك بأندية النخبة كانت شحيحة جداً خلال العقود الماضية، ولهذا كانت هناك طاقة خام ورهبة تتأجج في ليلة "تينسايد". وقوة حقيقية بكل تأكيد في إشعال الحماسة – بل وتخويف – منافسين مرموقين مثل برشلونة في البداية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن ذلك يكشف أيضاً عن جانب ضعف، فالخبرة تصنع الفارق في هذا المستوى خصوصاً ذلك الصبر الماكر الذي يمكنك من تجاوز العاصفة المبكرة وانتظار الثغرات حتى تظهر، وهو ما حدث بالفعل.
إرث أوروبي متباين
ففي موسم 2002، عندما قاد السير بوبي روبسون – الذي ينتمي إلى تاريخ كلا الناديين – نيوكاسل لمواجهة فرق بحجم يوفنتوس وإنتر، تصفح ورقة إحصاءات من الاتحاد الأوروبي قبل المباراة الافتتاحية.
هز رأسه وسحب نفساً حاداً وقال "50 مباراة، 60 مباراة… هؤلاء لعبوا ما يعادل موسمين محليين في هذه البطولة. هذا هو المستوى الذي يجب أن نصل إليه".
معاناة نيوكاسل مع محدودية المشاركات
لكن ذلك لم يحدث، فهذه ليست سوى المشاركة الرابعة لنيوكاسل في دور المجموعات منذ أول ظهور عام 1997 تحت قيادة كيني دالغليش. وفي المقابل فإن الفريق الكتالوني فاز باللقب خمس مرات.
وكانت هذه هي المباراة الـ29 فقط لنيوكاسل في دور المجموعات عبر تاريخ النادي، بينما مهاجم برشلونة روبرت ليفاندوفسكي كان يخوض مباراته الـ134 في دوري الأبطال بمسيرته وحدها. لذا فقد كانت هناك فجوة هائلة في الخبرة، لكن لمدة ساعة كاملة لم يكن هناك فارق يذكر، حتى أضاءت لمسة راشفورد الساحرة الفارق.
ذكريات قديمة وأجواء حالية
لم تكن هذه ليلة أوروبية كلاسيكية في "تينسايد"، على رغم ذكريات ثلاثية فاوستينو أسبريا وقفزاته التي تتحدى الجاذبية لتسجيل كرات كيث غيليسبي العرضية، والتي أعيد استحضارها في التحضيرات للمباراة.
كان إيدي هاو يأمل بتكرار الحماسة التي صاحبت الانتصار الكبير بنتيجة (4 - 1) على باريس سان جيرمان قبل عامين، من أفضل أجواء وروابط بين اللاعبين والجماهير كما تتذكرها الأجيال.
غياب الحسم وندم على الفرص المهدرة
يمكن لهاو أن يتشجع بما حدث خلال الساعة الأولى، فسرعة أنتوني إلانغا فتحت الدفاع مرتين. لكن ما كان مطلوباً هو اللمسة الأخيرة الحاسمة، وبدلاً من ذلك أهدر غوردون وهارفي بارنز الفرص وسط العرض المبكر للقوة. هل افتقدوا ألكسندر إيساك؟ بالطبع نعم.
وقال هاو "كنا في أجواء المباراة، ولم نخرج منها أبداً، لكني أشعر بخيبة أمل لأننا لم نسجل الهدف الأول. كان ذلك حاسماً".
دروس الماضي والحاجة إلى استثمارها
قبل عامين في هذه البطولة فاز نيوكاسل مرة واحدة فقط في ست مباريات، وخسر مرتين أمام دورتموند وتعادل سلبياً مع ميلان، وحرم من الانتصار في باريس بركلة جزاء بفضل هدف من كيليان مبابي في الدقيقة الـ98. كان خروجاً مبكراً، لكن هل استفادوا من الدروس؟
التأهل هذه المرة سيعتمد على الفوز على خصوم من المستوى المتوسط، مثل يونيون سان غيلواز وأتلتيك بيلباو ومارسيليا وباير ليفركوزن.
© The Independent