Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا سجل سهم "أرامكو" السعودية أدنى مستوى منذ جائحة كورونا؟

محللون: التقلبات في أسواق الخام العالمية تضع مستقبل عملاقة النفط أمام تحديات جديدة

خلال جائحة كورونا هبط سهم "أرامكو" نحو 30 في المئة متأثراً بانهيار أسعار النفط العالمية (اندبندنت عربية)

ملخص

منذ بداية العام وحتى نهاية تعاملات جلسة اليوم الأربعاء، هبط سهم "أرامكو" دون الوزن النسبي الثقيل أكثر من 15 في المئة ليتداول حالياً دون مستوى 24 ريالاً (6.4 دولار) وينهي تعاملات اليوم عند 23.88 ريال مقترباً بذلك من أدنى مستوياته منذ مارس (آذار) عام 2020.

يشهد سهم عملاقة النفط "أرامكو" السعودية خلال العام الحالي تراجعاً ملحوظاً ليقترب من مستوياته التي سجلها منذ نحو خمس سنوات، تحديداً أثناء جائحة كورونا.

ويأتي هذا الأداء متأثراً بالموجة البيعية التي تجتاح أسواق الطاقة والمال العالمية على خلفية الضغوط المستمرة على أسعار النفط، تزامناً مع تجدد الأزمات الجيوسياسية والتجارية.

ورصد إحصاء لـ"اندبندنت العربية"، استناداً إلى بيانات السوق المالية السعودية، الترابط بين أداء سهم "أرامكو"  وأسعار النفط، تحديداً منذ اندلاع جائحة كورونا، وسط استمراره رهينة لحركة أسواق الطاقة العالمية.

الوضع في 2025

منذ بداية العام وحتى نهاية تعاملات جلسة اليوم الأربعاء، هبط سهم "أرامكو" دون الوزن النسبي الثقيل أكثر من 15 في المئة ليتداول حالياً دون مستوى 24 ريالاً (6.4 دولار) وينهي تعاملات اليوم عند 23.88 ريال مقترباً بذلك من أدنى مستوياته منذ مارس (آذار) عام 2020.
وجاء هذا الأداء السلبي للسهم في تلك الفترة من العام الحالي مع تراجع خام "برنت" إلى مستويات 65–66 دولاراً للبرميل.

تاريخياً، وخلال أزمة كورونا التي بدأت في مارس  2020، هبط سهم "أرامكو" نحو 30 في المئة متأثراً بانهيار أسعار النفط العالمية.

وفي الوقت نفسه تراجع خام "برنت" نحو 80 في المئة من ذروته قرب 90 دولاراً للبرميل ليصل إلى ما دون 20 دولاراً، وهو الانخفاض الأكبر منذ عقود نتيجة تراجع الطلب العالمي وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا.

وبعد الأزمة بأشهر، تحديداً في نهاية عام 2020، ظل السهم دون مستويات ما قبل الجائحة، بينما تعافى النفط جزئياً ليغلق قرب 43 دولاراً للبرميل.

أما في نهاية عام 2021 ومع تحسن الطلب العالمي، فارتفع "برنت" إلى متوسط 70 دولاراً تقريباً، بالتالي تبعه سهم "أرامكو" بالصعود، وفي نهاية عام 2022 سجل النفط قمة جديدة قرب 100 دولار وسط الحرب الأوكرانية، وكذلك سهم "أرامكو" الذي بلغ قمة جديدة حول 40 ريالاً (10.70 دولار)، ومنها هبط تأثراً بتلك الأحداث.

وفي نهاية عامي 2023–2024، تشابه الأداء تماماً، إذ عادت أسعار النفط للتراجع إلى نطاق أدنى من 80 دولاراً، وانخفض السهم تدريجاً مع زيادة الضغوط البيعية.

عوامل متغيرة

وأكد محللون لـ"اندبندنت عربية" أن الأداء الهبوطي لسهم شركة "أرامكو" السعودية منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية تعاملات اليوم لم يكُن حدثاً معزولاً، بل هو جزء من مسار يواجه فيه عملاق النفط تحديات متزايدة.

ولفتوا إلى أنه إذا كانت مسيرة السهم منذ جائحة كورونا وحتى نهاية العام الماضي مثالاً للمرونة والنمو، فإن العوامل الاقتصادية الكلية المتغيرة باتت تلقي بظلالها على جاذبيته.

وأشاروا إلى أنه منذ بداية جائحة كورونا، أظهر سهم "أرامكو" قدرة لافتة على التعافي، إذ قادته الأرباح القياسية التي حققتها الشركة عامي 2022 و2023، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط العالمية بعد الأزمة الجيوسياسية في أوروبا.

وأكدوا أن هذه الأرباح الضخمة سمحت للشركة حينها بالحفاظ على توزيعات أرباح سخية للمستثمرين، مما جعلها وجهة استثمارية مفضلة.

عامل رئيس

وأشاروا إلى أن مسار سهم شركة "أرامكو" بدأ يواجه تحديات جديدة العام الحالي، موضحين أن الأسباب الرئيسة لتراجع السهم تعود لعوامل عدة في مقدمتها التقلبات في أسواق النفط، إذ تضغط المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، خصوصاً في الصين، على الأسعار، مما ينعكس سلباً على إيرادات الشركة.

وخلال الشهر الجاري تحديداً، لاحظ المحللون تزايد الضغوط على سهم "أرامكو" وهبوطه بصورة حادة، مما يعود لعوامل عدة أيضاً، أولها وأكثرها أهمية هو إظهار النتائج المالية للشركة تراجعاً طفيفاً في الأرباح مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وأوضحت المتخصصة المعتمدة لدى أكاديمية "كي ويلث" في الرياض مها سعيد أن "هذا التراجع، على رغم أنه لا يزال ضمن الحدود الطبيعية، أثار قلق بعض المستثمرين حيال استدامة الأرباح في ظل بيئة أسعار نفط أقل دعماً"، وأردفت أن "التباطؤ في النمو العالمي والسياسة النقدية المتشددة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي تسببا في تحويل رؤوس الأموال من الأسهم إلى أصول ذات عائد ثابت، مما أثر في شهية المخاطرة تجاه قطاع الطاقة بصورة عامة".

وأكدت أن عوائد "أرامكو" المستقبلية ستواجه ضغوطاً، خصوصاً مع بقاء الإنفاق الرأسمالي مرتفعاً والحاجة إلى تمويل مشاريع ضخمة ضمن "رؤية 2030".

تحديات كبرى

بدوره قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة "مباشر كابيتال هولدينغ للاستثمارات المالية" إيهاب رشاد إن سهم "أرامكو" يواجه تحديات كبرى حالياً نتيجة لانخفاض أسعار النفط وزيادة المعروض بسبب تخفيف قيود الإنتاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشرح أن الطرح السنوي للأسهم بأسعار أدنى من السوق، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية وعدم وضوح الوضع التجاري، تزيد من حال الضبابية حول أداء الشركة.

وشدد رشاد على أن "أرامكو" تظل واحدة من أكبر الشركات الربحية في العالم، مما يجعل سهمها فرصة استثمارية جذابة للمستثمرين.

مصادر طاقة

وعلى المدى الطويل، لفت المحلل المالي محمود عطا إلى أن سهم "أرامكو" يواجه تحدياً بنيوياً يتمثل في "رواية ذروة الطلب على النفط" العالمية، إذ يتجه العالم نحو مصادر الطاقة المتجددة، مما يضع ضغوطاً مستقبلية على تقييمات شركات النفط العملاقة.

وأكد أن هذا العامل، وإن كان بعيد المدى، إلا أنه يظل حاضراً في ذهن المستثمرين، مما يفسر جزئياً تردد بعضهم في الرهان على السهم في الوقت الحالي، على رغم قوته المالية الهائلة ودوره المحوري في سوق الطاقة العالمية.

من جهته قال رئيس أبحاث السوق في شركة "OW Markets" عاصم منصور إن التراجع الذي يشهده سهم عملاق النفط "أرامكو" خلال الفترة الحالية يعود بصورة أساسية لتراجع أسعار النفط العالمية.

وأوضح أن الهدف الرئيس لشركة "أرامكو" يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقلبات أسعار النفط، مشيراً إلى أن سعر خام "برنت" تراجع خلال الفترة الأخيرة إلى ما بين 66 و70 دولاراً للبرميل، بعد أن كان يتجاوز 80 دولاراً العام الماضي، مضيفاً أن هذا التدني كان له أثر سلبي مباشر في إيرادات الشركة وأرباحها.

ولفت إلى أن هذا التراجع انعكس بصورة واضحة على أداء الشركة، إذ سجلت "أرامكو" تراجعاً بنسبة 12 في المئة في صافي دخلها لعام 2024، مردفاً أن "هذا الانخفاض أدى إلى خفض كبير في توزيعات الأرباح التي تراجعت من 124 مليار دولار عام 2024 إلى 85.4 مليار دولار متوقعة للعام الحالي".

وأكد منصور أن هناك عاملاً آخر أسهم في هذا الوضع، وهو ضعف الطلب العالمي على النفط، خصوصاً من جانب الصين، موضحاً أن هذا التراجع في الطلب زاد من الضغط على أسعار النفط والنمو العالمي بصورة عامة، مما انعكس سلباً على أداء "أرامكو"، وأضاف أن "الشركة شهدت ارتفاعاً في التزاماتها المالية، بعدما وصل إجمال الدين إلى 92.9 مليار دولار"، لافتاً إلى أن التدفقات النقدية الحرة للشركة انخفضت بنسبة تقارب 20 في المئة، مما زاد من التحديات المالية التي تواجهها.

وأشار إلى أن سهم "أرامكو" يعد الأسوأ أداء بين شركات النفط الكبرى هذا العام، بعدما تراجع بنسبة 14 في المئة ليصل إلى أدنى مستوى إغلاق له منذ مارس عام 2020.

وأضاف منصور أن هذا الأداء الضعيف هو نتيجة تراكمية لعوامل عدة، من بينها انخفاض أسعار النفط وتراجع الطلب وتصاعد الالتزامات المالية ونقص العائدات النقدية، مما جعل السهم يهبط من القمة إلى أدنى مستوياته منذ جائحة كورونا.

مخاوف مستثمرين

من جانبه قال المحلل المالي المتخصص بدر زينهم إن انخفاض أسعار النفط أثر بصورة سلبية واضحة في التدفقات النقدية لشركة "أرامكو"، مما أدى إلى تراجع ملموس في مواردها المالية، موضحاً أن استمرار الشركة في توزيع الأرباح على المساهمين يقلل من الاحتياطات النقدية، مما يثير مخاوف المستثمرين إزاء قدرة الشركة على الاستدامة المالية على المدى المتوسط، ويؤثر بذلك سلباً في أداء سهمها في السوق.

وأضاف زينهم أن ضعف الاستثمارات الأجنبية في الشركة مقارنة بالفترات السابقة يعود بصورة رئيسة للنزاعات الجيوسياسية التي تحيط بالمنطقة التي تحد من فرص جذب رؤوس الأموال الجديدة وتدفع المستثمرين الحاليين إلى السحب والبحث عن فرص أكثر استقراراً خارج نطاق النزاع.

وأشار إلى أن السوق السعودية، خصوصاً الأسهم القيادية مثل "أرامكو"، تأثرت أيضاً بنقص السيولة، إذ شهدت خروجاً لسيولة كبيرة من المتداولين نحو الأسواق الأميركية التي تقدم فرصاً استثمارية أكثر جاذبية.

وأفاد بأن "المخاوف العالمية من احتمال ركود اقتصادي وتباطؤ النمو تؤثر بدورها في توقعات الطلب على الطاقة، مما يضعف ثقة المستثمرين باستثمارات قطاع الطاقة ويدفعهم إلى البحث عن قطاعات أكثر ربحية مثل التكنولوجيا والاتصالات، مما ينعكس سلباً على طلب سهم عملاق النفط السعودي".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز