Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان أمام مأزق السلاح والتسليح... على حافة عشرية سوداء

الأمل معقود على رجال الدولة وعلى رأسهم نبيه بري لإغلاق الملف وطمأنة المجتمع الجنوبي

المجتمع الدولي مطالب بدعم الجيش اللبناني ليكون قادراً على المواجهة وتنفيذ قرار نزع السلاح (أ ف ب)

ملخص

المعضلة الحقيقية أن أية محاولة لنزع سلاح "حزب الله" ستقود حتماً إلى مواجهة مباشرة مع الجيش اللبناني، الذي سيجد نفسه، وهو ليس في أفضل أحواله، أمام خيارين كلاهما مر: إما الدخول في حرب شوارع غير متكافئة مع ميليشيات عقائدية مدربة ومسلحة، أو الاستعانة بقوات أجنبية تعمق الانقسام وتفتح باب التدويل.

من المنطقي ألا يملك المتابع للشأن اللبناني أي قدر من التفاؤل بأن يسلم "حزب الله" سلاحه، ويتحول إلى مجرد حزب سياسي طبيعي يكتفي بالممارسة الديمقراطية وبمقاعده في البرلمان والحكومة، فالحزب الذي اعتاد أن يلوح بسلاحه كلما احتد النقاش، وسبق له أن احتل بيروت عام 2008، لا يمكن تخيل وزرائه يجلسون على طاولة بورقة وقلم وياقات عالية، بعدما اعتدنا منه أن يفرض خياراته السياسية بلغة التعطيل والسلاح.

نحن نعلم أن الحزب اليوم، بعد النكسات الأخيرة التي تعرض لها، لم يعد يملك من السلاح ما يؤهله لاستخدامه ضد العدو، وأن ترسانته المتبقية لم تعد سوى معول هدم موجه إلى الداخل، لن يجرؤ على التلويح بها جنوباً.

المعضلة الحقيقية أن أية محاولة لنزع سلاح "حزب الله" ستقود حتماً إلى مواجهة مباشرة مع الجيش اللبناني، الذي سيجد نفسه، وهو ليس في أفضل أحواله، أمام خيارين كلاهما مر: إما الدخول في حرب شوارع غير متكافئة مع ميليشيات عقائدية مدربة ومسلحة، أو الاستعانة بقوات أجنبية تعمق الانقسام وتفتح باب التدويل، وعندها سيصارع الحزب للبقاء، متحولاً إلى تنظيم إرهابي يمارس أعمال التفجير والاغتيالات العبثية بما تبقى لديه من ذخيرة وموارد، وهذا ليس توقعاً خيالياً، بل سيناريو خبرته المنطقة مع جماعات مشابهة، تبدأ بجيش عقائدي وتنتهي بخلايا سرية لا تقل خطورة.

لبنان إذاً أمام احتمال "عشرية سوداء"، قد لا نتمناها، لكن يصعب استبعادها في ظل تركيبة معقدة، ونظام سياسي هش، وأزمة اقتصادية خانقة، والرهان على الوساطة الأميركية في هذا الملف لا يبدو باعثاً على التفاؤل، فالدروس السابقة علمتنا أن واشنطن تدير الأزمات أكثر مما تحلها، وأن إسرائيل تحديداً لن تدعم أية انفراجة حقيقية في محيطها العربي، فاستقرار لبنان ليس في مصلحة إسرائيل، التي اعتادت أن تراهن على ضعف الدول المحيطة بها، إذ نراها اليوم تمد يدها إلى الدروز وتغذي نزعاتهم، وغداً ستجد نفسها في موقع التقاطع مع المخططات الإيرانية التي تريد لبنان ساحة للفوضى لا كياناً موحداً ومستقراً، وعندها لن تكون النهاية قريبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من هنا، فإن المجتمع الدولي مطالب بوضع الحصان أمام العربة عبر دعم الجيش اللبناني بما يحتاج إليه من سلاح وموارد ليكون قادراً على المواجهة وتنفيذ قرار نزع السلاح، قبل أن يدفع إلى حرب غير متكافئة مع حزب يتفوق عليه خبرة وتسليحاً على مدى عقود.

وفي المقابل، يظل الأمل معقوداً على رجال الدولة القادرين على لعب أدوار تاريخية، وهنا نتحدث تحديداً عن الرئيس نبيه بري، الرجل الذي عاصر كل التحولات الكبرى في الحياة السياسية اللبنانية، لكنه ظل في موقع المواربة والحياد الذي يبدو أقرب إلى التبعية للحزب المسلح.

اليوم، أمام بري فرصة نادرة ليكفر عن مواقفه الماضية، ويضع نفسه في موقع مختلف، وأن يكون رجل الدولة لا رجل المحاصصة، ويسهم في إغلاق ملف السلاح خارج الدولة، ويكون المبادر إلى طمأنة المجتمع الجنوبي الذي بلا شك ضاق ذرعاً بمغامرات "حزب الله"، ويبحث عمن يحتويه ويحفظ له كرامته والعيش الكريم.

الحقيقة أن كل ما يريده اللبنانيون اليوم ليس أكثر من الاستقرار، فبلدهم الذي أنهكته الحروب والانقسامات والاغتيالات والانهيار المالي لا يحتاج إلى مزيد من المغامرات والشعارات الفارغة، ولا إلى مقاومة بالنيابة، فالعرض الأميركي، مهما قيل عنه، يفتح نافذة للخلاص، انسحاب إسرائيلي، وتحرير للأسرى، وإعمار للجنوب، ودعم مباشر للجيش اللبناني، لكن كل ذلك مشروط بقرار لبناني موحد يختبر المسار السياسي إلى نهايته.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء