Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في عالم مضطرب: "أوبك+" يقود النفط للاستقرار

محللون يؤكدون نجاح سياسات الإنتاج في ضبط الأسعار والتحالف ضمانة أساسية للأسواق

بدأت "أوبك" زيادة الإنتاج بمقدار 138 ألف برميل يومياً في أبريل الماضي (اندبندنت عربية) 

ملخص

انخفض إنتاج مجموعة دول "أوبك" بصورة كبيرة من نحو 33 مليون برميل يومياً قبل جائحة كورونا إلى نحو 28.5 مليون برميل يومياً في ظل سياسات الخفوض المتتالية التي وصلت في بعض الأحيان إلى 8 ملايين برميل يومياً.

تعد منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وتحالفها الأكبر "أوبك+"، لاعباً رئيساً في تشكيل ملامح أسواق النفط العالمية، فمنذ تأسيسها سعت المنظمة إلى تحقيق الاستقرار من خلال إدارة مستويات الإنتاج والأسعار.

ووفقاً للإحصاءات، انخفض إنتاج مجموعة دول "أوبك" بصورة كبيرة من نحو 33 مليون برميل يومياً قبل جائحة كورونا إلى نحو 28.5 مليون برميل يومياً في ظل سياسات الخفوض المتتالية التي وصلت في بعض الأحيان إلى 8 ملايين برميل يومياً.

هذه الخفوض كانت استجابة ضرورية لتراجع الطلب العالمي، مما يعكس مرونة التحالف في التعامل مع الأزمات، وعلى رغم أن هذه السياسات أسهمت في منع انهيار الأسعار، فإن مدى نجاحها في تحقيق استقرار دائم لا يزال موضع نقاش، خصوصاً مع التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية المستمرة.

زيادة الإنتاج

ووفق قاعدة بيانات "أوبك" لدى منصة الطاقة المتخصصة في واشنطن، بدأت الدول الـثماني زيادة الإنتاج في أبريل (نيسان) الماضي بمقدار 138 ألف برميل يومياً، تلتها زيادات أخرى قدرها 411 ألف برميل يومياً في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) ويوليو (تموز) من العام الحالي.

واستمراراً لسياسة تسريع التخلص التدريجي من الخفوض، قررت المجموعة زيادة الإنتاج في أغسطس (آب) الجاري بمقدار 548 ألف برميل يومياً، وسبتمبر (أيلول) المقبل 547 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل أربع زيادات شهرية كانت معلنة سابقاً في الخطة المقررة.

وركزت الرسالة الأساسية التي بعثت بها الدول الـثماني على أن "تحالف ’أوبك+‘ يتخذ نهجاً احترازياً واستباقياً ووقائياً في دعم استقرار سوق النفط".

وشددت المجموعة على أن التخلص من خفوض الإنتاج الطوعية الإضافية قد يجري إيقافه أو عكس اتجاهه (عودة الخفوض مرة أخرى)، رهناً بتطورات ظروف السوق، وستمكن هذه المرونة المجموعة من مواصلة دعم استقرار سوق النفط.

وفي عالم مضطرب سياسياً واقتصادياً، حيث تتقاطع مصالح الدول الكبرى مع معارك الطاقة، يبرز تحالف "أوبك+" كإحدى أبرز ركائز الاستقرار في سوق النفط العالمي. لم يعد هذا التحالف مجرد آلية لتنسيق الإنتاج، بل تحول إلى نموذج متقدم للدبلوماسية الاقتصادية متعددة الأقطاب، يجسد تقارباً استراتيجياً بين السعودية وروسيا في مواجهة قوى الطاقة البديلة، وضغوط الغرب، وتحولات الاستهلاك العالمي.

منذ تأسيسه في 2016 لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط بسبب ثورة النفط الصخري الأميركي، أصبح تحالف "أوبك+" قوة يصعب تجاهلها في معادلات الطاقة العالمية، بخاصة مع امتلاكه أكثر من 41 في المئة من الإنتاج العالمي و90 في المئة من الاحتياطات المؤكدة.

مظلة دبلوماسية اقتصادية

ويرى محللون أن تحالف "أوبك+" يتجاوز كونه مجرد تكتل نفطي، ليصبح مظلة للدبلوماسية الاقتصادية الجديدة متعددة الأقطاب، بخاصة في ظل التقارب السعودي - الروسي خلال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي 2025 الذي انطلق أخيراً في مدينة "سان بطرسبورغ" الروسية.

ضامن رئيس

وفي ظل التصعيد الأخير في المنطقة ومخاوف السوق في شأن أي انقطاع محتمل لإمدادات النفط الإيرانية، طمأن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الأسواق بتأكيده أن تحالف "أوبك+" يقف "ضامناً رئيساً لاستقرار الأسعار والسوق".

وأشار وزير الطاقة السعودي إلى أن القرارات "الاستباقية" التي يتخذها التحالف هي أساس قدرته على الحفاظ على استقرار السوق النفطية العالمية في وجه التحديات الجيوسياسية الراهنة.

قوى متعددة الأقطاب

وفي النهاية وفي خضم تغيرات الأسواق العالمية وتبدل مراكز القوى الاقتصادية يبقى تحالف "أوبك+" نموذجاً حياً على كيفية استخدام الطاقة كأداة للسياسة الخارجية، وبينما تتجه الأنظار إلى مستقبل الطاقة النظيفة، يظل هذا التحالف حجر أساس في النظام النفطي العالمي، في الأقل حتى نهاية هذا العقد.

متقلبة وغير كافية

وقال محللون لـ"اندبندنت عربية" إن سياسة "أوبك+" نجحت في تحقيق قدر من التوازن في أسواق النفط، لكنها لم تحقق الاستقرار التام في الأسعار التي لا تزال متقلبة وغير كافية لبعض الدول الأعضاء.

وأشاروا إلى أن تحقيق السعر التعادلي المطلوب لتمويل موازنات الدول المنتجة لا يزال يمثل تحدياً رئيساً، مضيفين أن تركيز "أوبك+" على استعادة حصته السوقية هو أمر ثانوي يأتي بعد تحقيق توازن العرض والطلب، ولكنه يمثل ضرورة في ظل ظهور لاعبين جدد في السوق.

ضبط إيقاع

من جانبه أوضح المحلل في شؤون الطاقة ومدير إدارة المعلومات في منظمة "أوبك" سابقاً فؤاد الزاير أن "المنظمة قامت بدور محوري منذ تأسيسها عام 1960 في ضبط إيقاع سوق النفط العالمية"، مشيراً إلى أن شراكتها مع دول منتجة من خارج عضويتها، أبرزها روسيا تحت مظلة "أوبك+"، عززت من قدرتها على التأثير وتحقيق مستويات أعلى من التوازن.

وأكد الزاير أن التحالف يواصل أداء مهمته الأساسية في ضبط مستويات العرض، وأن تركيزه على استعادة حصصه السوقية لا يتعارض مع هدفه الرئيس في الحفاظ على استقرار الأسعار، بل يعكس مرونة استراتيجية، موضحاً أن "التحالف لا يزال يحتفظ بقوة تأثير كبيرة، نظراً إلى تنوع أعضائه وقدرته على خفض الإمدادات عند تراجع الطلب، مما يعكس فاعلية أدواته في إدارة السوق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ما يتعلق بتأثير سياسة "أوبك+" في الاستثمار بقطاع الطاقة، لفت الزاير إلى أن "وضوح الرؤية الذي تقدمه المنظمة يعزز من ثقة المستثمرين ويشجع على ضخ رؤوس الأموال في هذا القطاع الحيوي".

معضلة الأسعار

من جانبه قال المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي إن "الأسعار الحالية للنفط غير ثابتة وغير مناسبة لدول ’أوبك‘"، مؤكداً أن دولاً مثل الكويت والسعودية في حاجة إلى سعر يراوح ما بين 90 و95 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في موازنتها.

ويرى الحرمي أن "أوبك" تسعى جاهدة إلى استعادة حصتها السوقية، وهو أمر ضروري في ظل وجود فائض كبير من النفط الخام يضغط على الأسعار، متسائلاً عن مدى قدرة المنظمة على الاستمرار في هذه السياسة، خصوصاً مع وجود حاجة ماسة إلى زيادة الإنتاج وارتفاع الأسعار لتمويل الخطط التنموية.

 منطقي ومقبول

من جهته قال مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة والمعادن في سلطنة عمان سابقاً علي الريامي إنه "لا يوجد ثبات في أسعار النفط حالياً وأن التذبذب الحالي منطقي ومقبول"، موضحاً أن التركيز الرئيس لتحالف "أوبك+" ليس على استعادة الحصص السوقية بالدرجة الأولى، بل على توازن السوق، معتبراً أن حصة السوق مهمة بصورة ثانوية في ظل وجود لاعبين جدد، وأشاد بمرونة أعضاء التحالف في اتخاذ قرارات سريعة لزيادة الإنتاج أو خفضه، واصفاً إياها بأنها عامل قوة لا يتوافر في مؤسسات عالمية أخرى.

وفي ما يخص الاستثمار طويل الأجل، يرى الريامي أن سياسة "أوبك+" أثرت إيجاباً، إذ تصدت للمطالبات بخفض الاستثمار في الطاقة الأحفورية.

ظروف مواتية

بدوره قال المحلل في شؤون الطاقة في "هوك إنيرجي" خالد العوضي إن "أوبك" اتبعت سياسة حكيمة في إدارة السوق، خصوصاً بعد جائحة كورونا، إذ عملت على التوازن في الأسعار حول مستوى 70 دولاراً للبرميل، حتى مع خسارتها جزءاً من حصتها السوقية، موضحاً أن التحالف يستغل الظروف الجيوسياسية مثل الأزمات في أوكرانيا والبحر الأحمر، لزيادة إنتاجه بصورة تدريجية ومدروسة، مما يخلق توازناً بين العوامل التي ترفع الأسعار وتلك التي تخفضها.

وأشار العوضي إلى أن "أوبك" تمتلك طاقة إنتاجية احتياطية كبيرة وأن مرونتها تسمح لها بالاستمرار في زيادات الإنتاج إلى أن يحدث خلل كبير في السوق، مع قدرتها على إيقاف هذه الزيادات بسهولة إذا لزم الأمر، مما يثبت حكمتها وقوتها.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز