ملخص
هناك أسباب مباشرة لارتفاع إيجارات المساكن من قبيل معدل التضخم في بريطانيا، الذي يظل مرتفعاً بأعلى من المستهدف الذي حدده بنك إنجلترا، لكن وتيرة ارتفاع الإيجارات في يوليو (تموز) الماضي جاءت أعلى بكثير من ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد بصورة عامة
على رغم توقع خفض بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) سعر الفائدة في اجتماعه نهاية هذا الأسبوع بربع نقطة مئوية (0.25 في المئة)، لتصبح الفائدة الأساسية عند أربعة في المئة، إلا أن الفائدة على القروض العقارية ما زالت مرتفعة.
ويحول ذلك دون قدرة كثير ممن يرغبون في شراء مسكن على دفع أقساط القرض العقاري، ونتيجة ذلك التردد يتجهون إلى تأجير مسكن بدلاً من الشراء.
وهناك أسباب مباشرة لارتفاع إيجارات المساكن من قبيل معدل التضخم في بريطانيا، الذي يظل مرتفعاً بأعلى من المستهدف الذي حدده بنك إنجلترا، لكن وتيرة ارتفاع الإيجارات في يوليو (تموز) الماضي جاءت أعلى بكثير من ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد بصورة عامة. ويرجع المحللون ذلك إلى أن الشهر الماضي شهد ارتفاعاً موسمياً كبيراً في الإيجارات، لأنه بنهاية العام الدراسي يتحول المستأجرون من الطلبة إلى مساكن أخرى.
كذلك فإن الأسر التي تبحث عن مساكن تستأجرها بالقرب من مدارس لأولادها تفعل ذلك في هذا الشهر قبل بداية الموسم الدراسي المقبل، إلا أن هناك عوامل أخرى مختلفة تسهم في ارتفاع إيجارات المساكن في بريطانيا، بعضها يتعلق بتغييرات ضريبية وأخرى تتعلق بأساسيات سوق العقار في البلاد، وإن كان غالبية المحللين في السوق العقارية يتوقعون أن تستقر معدلات أسعار الإيجارات السكنية في الفترة المقبلة بصورة عامة.
ما هي معدلات ارتفاع ايجار السكن في بريطانيا؟
إلى ذلك يظهر مؤشر "غودلورد" لإيجارات المساكن الصادر أمس الأربعاء من هذا الأسبوع، أن أسعار الإيجار وصلت إلى مستوى غير مسبوق الشهر الماضي.
وبحسب المؤشر، الذي يتابع تعاقدات تأجير المساكن الجديدة في إنجلترا منذ أكثر من ست سنوات، فإن متوسط الإيجار الشهري للسكن في إنجلترا وصل الشهر الماضي إلى 1496 جنيهاً استرلينياً (ألفي دولار أميركي).
وذلك معدل غير مسبوق يتجاوز المعدل الأعلى السابق، الذي سجل في يوليو 2024 عند 1470 جنيهاً استرلينياً (1966 دولاراً).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعني الارتفاع الأخير زيادة شهرية في معدلات الإيجار الشهر الماضي بنسبة 18.3 في المئة، أي مقارنة بيونيو (حزيران) الماضي، وبينما كان الارتفاع الأكبر في شمال غربي إنجلترا بنسبة 42 في المئة، كان ارتفاع الإيجارات في لندن أربعة في المئة بمعدل شهري.
أما بمعدل سنوي، فإن ارتفاع الإيجارات في إنجلترا الشهر الماضي لم يكن كبيراً، بل عند 1.8 في المئة (أي أقل من ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد الذي تصل نسبته إلى 3.6 في المئة)، وربما ذلك ما يجعل المحللين يتوقعون استقرار أسعار الإيجارات في الأشهر المقبلة.
تبدو الأرقام والبيانات المتعلقة بنمو الإيجارات في إنجلترا متسقة مع معدلات نمو الإيجارات في بريطانيا كلها، فبحسب تقرير لشركة "رايت موف" العقارية صدر الأسبوع الماضي وصل متوسط الإيجار خارج لندن إلى 1365 جنيهاً استرلينياً (1825 دولاراً) شهرياً، بزيادة سنوية قدرها 3.9 في المئة، وهي أدنى نسبة نمو منذ عام 2020.
أما في لندن، فبلغ متوسط الإيجار المعلن 2712 جنيهاً (3760 دولاراً)، بزيادة سنوية 1.9 في المئة.
وأشار التقرير إلى تباطؤ الارتفاع السنوي في الإيجارات في عموم بريطانيا في المتوسط، على رغم التباين بين معدلات الارتفاع في المناطق المختلفة.
وأرجع هذا التباطؤ إلى تحسن في توازن العرض والطلب، إذ ارتفع عدد العقارات المتاحة للإيجار بنسبة 15 في المئة مقارنة بالعام الماضي، على رغم بقائه أقل بنسبة 29 في المئة من مستويات ما قبل أزمة وباء كورونا في 2019، وانخفض الطلب من المستأجرين بنسبة 10 في المئة، وأصبح متوسط الاستفسارات لكل عقار 11 استفساراً، انخفاضاً من 16 في العام الماضي.
هل يشتري البريطانيون أم يستأجرون؟
مما يحد من قدرة البريطانيين على شراء البيوت الزيادات الأخيرة في الضرائب بمختلف صورها، خصوصاً إلغاء الإعفاءات بالنسبة إلى ضريبة الدمغة العقارية التي يدفعها المشتري كنسبة من ثمن العقار، فضلاً عن إضافة علاوة زيادة لضريبة الدمغة العقارية على المشترين من غير المقيمين، وهذا ما جعل سوق العقارات الغالية في العاصمة لندن تتباطأ بشدة نتيجة تفادي الأثرياء من الأجانب الشراء، بسبب ارتفاع ضريبة الدمغة العقارية.
ذلك إضافة إلى التعديلات الضريبية التي أعلنتها الحكومة أخيراً بالنسبة إلى غير المقيمين، التي جعلت كثيراً من الأثرياء المقيمين يفضلون استئجار البيوت بدلاً من شرائها.
وعن ذلك، يقول المحلل من شركة الاستشارات "بيلد بليس" نيل هدسون إن "الإيجار السنوي لعقار سعره 20 مليون جنيه استرليني يعادل 570 ألف جنيه فحسب، أي يمكنك أن تستأجر العقار لمدة أربع سنوات بكلفة تساوي تقريباً ما كنت ستدفعه كضريبة دمغة عقارية إذا اشتريته".
وعلى رغم أن تراجع الطلب على الشراء يعني زيادة في المساكن التي يمكن أن تكون معروضة للإيجار، إلا أن أصحاب المساكن يتعرضون أيضاً إلى زيادة في الضرائب على أرباح رأس المال، ويمررون تلك الزيادة برفع سعر الإيجار على الساكن، ثم هناك إجمالاً نقص في المعروض العقاري في مقابل الطلب، سواء للشراء أم التأجير.
إذ يتراجع بناء المساكن بأعلى وتيرة منذ بداية أزمة وباء كورونا، حين تعطلت كل قطاعات الاقتصاد، بما فيها البناء والإنشاءات، فقد أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات لقطاع البناء والإنشاء في بريطانيا الصادر عن مؤسسة "ستاندرد اند بورز" هذا الأسبوع انكماشاً في قطاع البناء على عكس توقعات المحللين.
وجاءت قراءة المؤشر ليوليو الماضي عند 44.3 نقطة، في مقابل قراءة عند 48.8 نقطة ليونيو السابق له، وأية قراءة للمؤشر دون حاجز 50 نقطة تعني انكماشاً في النشاط.
هذا التراجع السريع والقوي في بناء المساكن يعد ضربة قاصمة لمستهدف حكومة "العمال" الحالية التي وعدت ببناء 1.5 مليون مسكن جديد في بريطانيا في الفترة من 2024 إلى 2029، ويقول كبير الاقتصاديين في "غلوبال ماركت انتلجينس" جو هايز إنه "بتحليل الانكماش الأخير نرى انخفاضاً جديداً وحاداً في البناء للوحدات السكنية، إضافة إلى تراجع سريع في العمل على مشاريع الهندسة المدنية".