Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ديون بريطانيا القياسية تشي بزيادة وشيكة في الضرائب

سجلت 4.4 تريليون دولار في أعلى مستوى منذ ستينيات القرن الماضي

سجلت الحكومة البريطانية اقتراضاً أعلى من المتوقع في يونيو الماضي (أ ف ب)

ملخص

اقترضت الحكومة 4.7 مليار دولار أكثر من المتوقع في يونيو لارتفاع مدفوعات الفائدة على الديون، مما قد يفرض على وزيرة الخزانة اتخاذ إجراء.

اقترب الدين العام البريطاني من 3 تريليونات جنيه استرليني (4.4 تريليون دولار) في يونيو (حزيران) الماضي، أي ما يعادل 96.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة قدرها 0.5 نقطة مئوية خلال عام، وفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية، وهو أعلى مستوى منذ ستينيات القرن الماضي.

وبلغت مدفوعات الفائدة على الديون في يونيو الماضي 16.4 مليار جنيه استرليني (22.1 مليار دولار)، مقارنة بـ8 مليارات جنيه استرليني (10.8 مليار دولار) في الشهر نفسه من العام الماضي، ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة مؤشر أسعار التجزئة (RPI)، وهو مقياس قديم للتضخم لا تزال نسبة كبيرة من الديون البريطانية مرتبطة به، مما يعني أن مدفوعات الفائدة ترتفع تلقائياً مع ارتفاع المؤشر.

اقتراض أعلى من المتوقع

وسجلت الحكومة البريطانية اقتراضاً أعلى من المتوقع في يونيو الماضي، مما يزيد الضغوط على وزيرة الخزانة رايتشل ريفز، لإعلان زيادات ضريبية محتملة في موازنة الخريف المقبلة.

وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية(ONS)  بأن صافي الاقتراض الحكومي بلغ 20.7 مليار جنيه استرليني (28 مليار دولار) في يونيو الماضي، مقارنة بـ17.4 مليار جنيه استرليني (23.5 مليار دولار) في مايو (أيار) من هذا العام، ليكون ثاني أعلى رقم يسجل في هذا الشهر منذ بدء السجلات عام 1993، وكان المحللون توقعوا اقتراضاً بنحو 17.5 مليار جنيه استرليني (23.6 مليار دولار).

وجاء العجز الشهري، وهو الفارق بين إيرادات الحكومة من الضرائب وإنفاقها، أعلى بكثير من التقديرات السابقة لمكتب مسؤولية الموازنة (OBR)، التي بلغت نحو 17 مليار جنيه استرليني (23 مليار دولار). وتعتمد ريفز في تحديد سياسات الضرائب والإنفاق على مدى توافقها مع القاعدة المالية الأساسية التي تضعها: تغطية الإنفاق اليومي من إيرادات الضرائب.

وبلغ إجمال الاقتراض في أبريل (نيسان) ومايو ويونيو من هذا العام 57.8 مليار جنيه استرليني (78.2 مليار دولار)، وهو ما يتماشى مع توقعات مكتب مسؤولية الموازنة الصادرة في مارس (آذار) من هذا العام، لكن العجز المسجل في يونيو الماضي وحده قد يضغط على الحكومة للبحث عن مصادر تمويل جديدة، بما في ذلك احتمال زيادة الضرائب في الخريف.

وجاء العجز المسجل في يونيو مدفوعاً بزيادة تقارب 10 مليارات جنيه استرليني (13.5 مليار دولار)، في المبالغ التي تدفعها الحكومة للمستثمرين كتعويض عن شرائهم لديونها أو سنداتها.

وألقت زيادة مدفوعات الفائدة على الديون بظلالها على الارتفاع في إيرادات التأمين الوطني (NICs)، التي ارتفعت بمقدار 3.1 مليار جنيه استرليني (4.1 مليار دولار) لتصل إلى 17.4 مليار جنيه استرليني (23.5 مليار دولار) في يونيو من هذا العام. ورفعت الحكومة في أبريل الماضي المعدل الأساس لمساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني إلى 15 في المئة، وخفضت الحد الأدنى للأجور الخاضعة لتلك المساهمات إلى 5 آلاف جنيه استرليني (6.7 ألف دولار)، وهو ما يعادل زيادة ضريبية بقيمة 25 مليار جنيه استرليني (33.8 مليار دولار) سنوياً.

ريفز وتجاوز القواعد المالية بـ26 مليار دولار

وتظهر أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية الضغوط الكبيرة على المالية العامة، مما يزيد من التكهنات بأن وزيرة الخزانة رايتشل ريفز قد تضطر إلى رفع الضرائب مجدداً.

وتراجع كل من ريفز ورئيس الوزراء السير كير ستارمر عن خطط لخفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية ومدفوعات المتقاعدين، التي كانت ستوفر أكثر من 6 مليارات جنيه استرليني (8.1 مليار دولار) من تخفيضات الإنفاق لمساعدة الأسر في مواجهة فواتير الطاقة.

دفع هذا التراجع، إلى جانب ارتفاع كلفة الاقتراض وضعف النمو الاقتصادي، الاقتصاديين إلى التنبؤ بأن ريفز قد تتجاوز قواعدها المالية بأكثر من 20 مليار جنيه استرليني (27 مليار دولار). وفي بيان الربيع الصادر في مارس الماضي، قدرت مساحة المناورة المالية لديها بـ9.9 مليار جنيه استرليني (13.3 مليار دولار)، بحسب تقييم مكتب مسؤولية الموازنة.

وقال الاقتصادي البريطاني في شركة "كابيتال إيكونوميكس" للاستشارات أليكس كير، لصحيفة "التايمز"، "الأمور من المرجح أن تسوء بالنسبة إلى وزيرة الخزانة، نعتقد أنها ستحتاج إلى زيادة الإيرادات بنحو 15 إلى 25 مليار جنيه استرليني (33.8- 20.2 مليار دولار) في موازنة نهاية العام، مع تحمل الضرائب الجزء الأكبر من العبء."

ورداً على بيانات المالية العامة الجديدة، قال الكاتب الأول لخزانة بريطانيا دارين جونز "نحن ملتزمون بقواعد مالية صارمة، بحيث لا نقترض لتغطية الإنفاق اليومي، ونعمل على خفض الدين كنسبة من حجم اقتصادنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، قال الاقتصادي الرئيس بالإنابة في مكتب الإحصاءات الوطنية ريتشارد هايز للصحيفة "بلغ الاقتراض في يونيو الماضي أكثر من 6 مليارات جنيه استرليني (8.1 مليار دولار)، أعلى مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي. في حين أدت كلفة تقديم الخدمات العامة المتزايدة والارتفاع الكبير هذا الشهر في الفوائد المستحقة على سندات الحكومة المرتبطة بمؤشر الأسعار إلى زيادة الإنفاق الإجمالي، بما فاق ارتفاع الإيرادات من الضرائب ومساهمات التأمين الوطني، مما تسبب في ارتفاع الاقتراض في يونيو الماضي".

ويتعرض حزب العمال لضغوط لإثبات قدرته على إنعاش الاقتصاد، كما وعد خلال حملة الانتخابات العامة العام الماضي، إذ انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المئة في أبريل الماضي و0.1 في المئة في مايو الماضي، في حين ارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته خلال 18 شهراً، مسجلاً 3.6 في المئة الشهر الماضي.

وأظهرت أرقام منفصلة الأسبوع الماضي ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في أربعة أعوام، في حين سجلت أجور القطاع الخاص أبطأ وتيرة نمو منذ عام 2022. ويتوقع عدد من المحللين أن يخفض بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى أربعة في المئة، في أوائل أغسطس (آب) المقبل.

ارتفاع فاتورة فوائد الدين

غالباً ما تؤدي المنتجات المالية المبتكرة التي يبتكرها مصرفيو "سيتي" و"لون ستريت" إلى كوارث مالية، كما حدث مع أدوات الدين المضمونة التي هزت الاقتصاد العالمي خلال أزمة 2008 المالية.

لكن نوعاً جديداً من سندات الدين الحكومية البريطانية، التي أنشئت لحماية المستثمرين من التضخم، لم يبتكر من النخبة المالية العالمية، بل في "10 داونينغ ستريت" في ثمانينيات القرن الماضي.

في جوهرها، يسعى المستثمرون في أي أصل إلى تحقيق ربح، وهذا لا يتأتى إلا إذا حقق الأصل عائدات تفوق الكلفة ومعدل التضخم.

ويحصل حاملو السندات، المعروفة بـ"اللينكرز"، على زيادة في مدفوعات الفائدة الدورية تحسب بناء على مستوى مؤشر أسعار التجزئة (RPI) قبل ثلاثة أشهر. ويشكل الدين المرتبط بهذا المؤشر نحو ربع إجمال ديون بريطانيا، وهو أكثر من ضعف النسبة في أية دولة من دول مجموعة السبع.

وبحسب أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية الصادرة الثلاثاء، بلغت مدفوعات فوائد الدين 16.4 مليار جنيه استرليني (22.1 مليار دولار) في يونيو الماضي، وهو العامل الرئيس في تجاوز الاقتراض 3.5 مليار جنيه استرليني (4.7 مليار دولار) فوق توقعات مكتب مسؤولية الموازنة الشهر الماضي، وكان مؤشر أسعار التجزئة في مارس الماضي عند 3.2 في المئة.

وجاء قرار ربط الدين الحكومي بمؤشر أسعار التجزئة في عهد حكومة مارغريت ثاتشر خلال ثمانينيات القرن الماضي، بهدف جذب المستثمرين الذين أرعبهم التضخم المدمر الذي شهدته بريطانيا في العقد السابق، ومنذ ذلك الحين تصاعد إصدار السندات المرتبطة بالتضخم مع كل حكومة متعاقبة.

وتقول "التايمز" في تحليل تناول مدى تحمل سندات تاتشر المرتبطة بالمؤشر مسؤولية فاتورة فوائد الديون في المملكة المتحدة، إن لوم السياسيين على الضغط على المالية العامة عبر التوسع في الدين المرتبط بالتضخم هو أمر خاطئ، فالسبب الحقيقي وراء ارتفاع مدفوعات فوائد الدين في بريطانيا، وكذلك في كل دول العالم، هو الارتفاع المفاجئ في التضخم الذي بدأ في 2022 عقب الحرب الروسية على أوكرانيا، مما دفع بنك إنجلترا إلى رفع سعر الفائدة الأساس إلى ذروة 5.25 في المئة، وأدى النمو الاقتصادي الضعيف المستمر إلى زيادة الإنفاق على فوائد الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة.

وأضافت الصحيفة، "مع ذلك فإن الجدال حول أسباب ارتفاع مدفوعات الفوائد لا ينفع ريفز كثيراً، فهي تواجه المأزق القديم: هل ترفع الضرائب أم تقلص الإنفاق لتتوازن الحسابات المالية؟".

اقرأ المزيد