Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين التهديد والانسحاب... ماذا جرى في كواليس جلسة حصرية السلاح؟

سلام يرفض تهديد أحد الوزراء بمغادرة الاجتماع والرئيس عون يجري اتصالات مكثفة

رئيس الحكومة نواف سلام كان من أشد المطالبين بحسم موضوع حصرية السلاح خلال الجلسة التي دامت أكثر من خمس ساعات (ا ف ب)

ملخص

أصر وزراء القوات اللبنانية ومعهم الكتائب والاشتراكي فضلاً عن الوزراء المحسوبين على رئيس الحكومة على تحديد جدول زمني لحصر السلاح واعترض وزيرا "أمل" و"حزب الله" على تحديد أواخر العام الحالي كمهلة نهائية لتسليم السلاح وحاولا تأجيل بت الموضوع.

على رغم ضغط مارسه "حزب الله" لتأجيل البحث في ملف سلاحه على طاولة مجلس الوزراء، نجحت الحكومة بعد نقاش تخطى ثلاث ساعات في تحديد جدول زمني لحصر السلاح في مهلة أقصاها نهاية العام الحالي. ولم يكُن قرار حصر السلاح المفاجأة الوحيدة على طاولة مجلس الوزراء حيث أقرت الحكومة أيضاً، بعد عام على سقوط نظام الأسد، تعديل اسم جادة حافظ الأسد في بيروت إلى جادة الفنان زياد الرحباني.

قرار حصر السلاح اتخذ بإجماع الحاضرين بعد عرضه على التصويت وفضل وزيرا حركة "أمل" و"حزب الله" تمارا الزين وركان ناصر الدين الانسحاب من الجلسة عند بدء التصويت، علماً أن الوزيرين الباقيين من حصة الثنائي ياسين جابر ومحمد حيدر تغيبا بداعي السفر.

وتولى رئيس الحكومة نواف سلام الذي كان من أشد المطالبين بحسم الموضوع خلال الجلسة، قراءة القرار معللاً أسبابه، فاستند إلى مضامين وثيقة الوفاق الوطني وخطاب القسم والبيان الوزاري ونص الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية، ليعلن تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تنفيذية لحصر السلاح قبل نهاية العام على أن تعرض على مجلس الوزراء لإقرارها قبل الـ31 من أغسطس (آب) الجاري. أما "ورقة براك" – نسبة إلى توماس براك سفير أميركا لدى تركيا ومبعوثها الخاص لسوريا - أكد سلام استكمال البحث بها خلال جلسة بعد غدٍ الخميس وسط تساؤلات عن إمكان عدم مشاركة وزراء الثنائي في الجلسة.

ولم يخلُ النقاش المطول في موضوع السلاح من بعض التشنجات، وكان بحسب مصادر وزارية نقاشاً صريحاً قارب مواضيع للمرة الأولى بجدية وبصراحة. وأصر وزراء القوات اللبنانية ومعهم الكتائب والاشتراكي فضلاً عن الوزراء المحسوبين على رئيس الحكومة على تحديد جدول زمني لحصر السلاح واعترض وزيرا "أمل" و"حزب الله" على تحديد أواخر العام الحالي كمهلة نهائية لتسليم السلاح وحاولوا تأجيل بت الموضوع لجلسة أخرى إفساحاً في المجال لمزيد من التشاور مع مرجعياتهم السياسية، لكنهم لم ينجحوا لأن الغالبية على طاولة مجلس الوزراء أصرت على هذه الصيغة.

 

وعندما هدد وزير الصحة ناصر الدين بمغادرة الجلسة خاطبه الرئيس سلام بحدية، قائلاً بالعامية اللبنانية "ما حدا بيهددني اللي بدو يطلع يطلع"، لا أحد يهددني من يريد المغادرة فليغادر، وفيما حاول رئيس الجمهورية جوزاف عون إيجاد صيغة ترضي المعترضين، كشفت مصادر وزارية عن أن الكلام التصعيدي للأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي تزامن مع الجلسة كان له صداه على طاولة مجلس الوزراء وأحرج عون وعلم أن تواصلاً حصل خلال الجلسة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

في المحصلة، اتخذ قرار حصر السلاح بإجماع الحاضرين بعد عرضه على التصويت وفضل وزيرا "الثنائي" تمارا الزين وركان ناصر الدين الانسحاب من الجلسة عند بدء التصويت، فيما تحفظ الوزير الشيعي الثالث فادي مكي لكنه بقي حاضراً في الجلسة. كذلك حصلت "اندبندنت عربية" على معلومات تفيد بأن وزيري "أمل" و"حزب الله" اعترضا على تحديد نهاية العام كمهلة نهائية لتسليم السلاح وتبنى وزيرا الدفاع ميشال منسى والاتصالات شارل الحاج من حصة رئيس الجمهورية فكرة التأجيل قبل أن يقبلا برأي الأغلبية على طاولة مجلس الوزراء الرافضة لأي تأجيل.

اتصالات سبقت الجلسة

وقبل ساعات قليلة على موعد الجلسة، كان سيناريو ترحيل استكمال مناقشة بند السلاح إلى جلسة بعد غدٍ وحده الأكثر تقدماً من بين السيناريوهات الأخرى. وبدا أن التأجيل ارتبط بعدم توصل الاتصالات التي تكثفت خلال الساعات التي سبقت الجلسة على خط بعبدا -عين التينة- السراي الحكومي - الضاحية، إلى صيغة مقبولة من "حزب الله" وترضي في الوقت نفسه القوى الممثلة في الحكومة ومعها الولايات المتحدة، المصرة على تحديد جدول زمني لسحب السلاح لا يتخطى الأشهر القليلة وعلى آلية تنفيذ واضحة.

وكشفت مصادر حكومية عن أن سلام بقي متمسكاً بضرورة أن تخرج جلسة مجلس الوزراء بقرار ينقل البلد إلى مرحلة جديدة، وبدورها أكدت مصادر مقربة من عون أنه لم يتخلَّ عن خطاب القسم وأنه كان يفاوض بصمت ولكن بثبات. وعلى وقع ضغوط أميركية وفرنسية وسعودية، جرت محاولات لتأمين توافق على قرار يصدر بالإجماع عن مجلس الوزراء يتضمن ترتيباً زمنياً، إلا أن "حزب الله" أصر على رفض البحث في موضوع السلاح متمسكاً بنقاش لا يتخطى البيان الوزاري، وتسلح وفق ما أعلن النائب علي فياض بالترتيب الذي حدده رئيس الجمهورية في خطاب عيد الجيش والذي يبدأ بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية ووقف الاعتداءات وتحرير الأسرى، أما حصر السلاح فمتروك لاستراتيجية الأمن الوطني.

قاسم يصعد

وفيما كان الوزراء يناقشون بند سحب سلاح "حزب الله"، أطل الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وقطع الطريق على أي قرار قد تتخذه الحكومة، وأعلن أن أي جدول زمني يعرض لينفذ تحت سقف العدوان الإسرائيلي لن يوافقوا عليه وأنهم لن يقبلوا بالتخلي التدريجي عن قوتهم. وقال "المقاومة هي جزء من دستور الطائف ولا يمكن لأمر دستوري أن يناقش بالتصويت، بل يتطلب توافقاً".

 

ودعا الدولة إلى وضع خطط لمواجهة الضغط وحماية الأمن والسيادة لا تجريد مواطنيها من قدرتهم وخسارة أوراق القوة. ورفض البحث في جدول لنزع السلاح وحصر النقاش حوله باستراتيجية أمن وطني.

تهويل وتهديد

وكان "حزب الله" استبق جلسة مجلس الوزراء برسائل في أكثر من اتجاه، تشي بتوتير الداخل اللبناني، مرفقة بمواقف سياسية عالية السقف وصلت إلى حد قول أحد نوابه علي المقداد تعليقاً على نزع السلاح "طويلة على رقبتن"، أي استحالة تنفيذ الأمر .

ونشر الإعلام الحربي في "حزب الله" مقطع فيديو بعنوان "خيارنا مقاومة" أكد خلاله التمسك بالسلاح، مشدداً على أن المقاومة هي الخيار الأساس. وخاض جمهوره مواجهة تخوينية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد المطالبين بتسليم السلاح، وجابت شوارع بيروت مجموعات من الدراجات النارية ترفع أعلام الحزب، بالتزامن مع إطلاق دعوات مجهولة المصدر إلى الإضراب والتظاهر بالتزامن مع موعد عقد الجلسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجرى تداول بيان باسم عشائر البقاع، نفاه تجمع العشائر، يدعو إلى التجمع في بيروت ضد أي قرار يفرض تسليم السلاح. ونفذ الجيش اللبناني تدابير ميدانية مشددة على مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، لمنع خروج مسيرة لدراجات نارية باتجاه مناطق خارج الضاحية وأغلق المداخل المؤدية إلى كفرشيما والحدث وعين الرمانة.

تأجيل "ورقة براك"

قبل الجلسة وقبل تحديد سلام موعدها وصلت رسائل أميركية وفرنسية وحتى عربية إلى المسؤولين اللبنانيين حذرت من خطورة تأزم الوضع وتطوره ما لم يلتزم لبنان قراراً واضحاً حول حصرية السلاح وتحديد موعد لبدء التنفيذ والمهلة لإنجازه.

وحاصرت ورقة الموفد الرئاسي الأميركي توم براك التي تسلمها كل من رئيسي الجمهورية والبرلمان أية محاولة للتلكؤ، وهي وفق مصادر دبلوماسية حددت للحكومة أغسطس الجاري للبدء بتنفيذ قرار نزع السلاح ونهاية العام لإنجاز المهمة.

وفيما كشفت مصادر مقربة من الرئيس عون لـ"اندبندنت عربية" عن أن لبنان كان أدخل تعديلات جوهرية على ورقة براك وأُخذ بمعظمها، تردد أن الترتيب الذي حدده الموفد الرئاسي الأميركي في رده الأخير على الملاحظات اللبنانية، يعطي بند نزع السلاح الأولوية على أي بند آخر.

وتعد الورقة الأميركية أن بند السلاح هو المدخل الرئيس لأي موضوع آخر، على أن يليه ملف المفاوضات برعاية الدول الضامنة حول النقاط المتنازع عليها حدودياً مع إسرائيل، وترسيم الحدود مع سوريا. وتضمنت الورقة في المرحلة التالية وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وانسحاب تل أبيب من النقاط التي تحتلها في الجنوب والإفراج عن الأسرى وإعادة الإعمار ومساعدة لبنان في الخروج من أزمته الاقتصادية.

المزيد من الأخبار