Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قسد" من التأسيس إلى السيطرة... 10 أسئلة

أُسست لمواجهة "داعش" وتسيطر على مناطق غنية بالنفط والغاز والموارد الزراعية وسط تحديات سياسية وعسكرية مستمرة

مظلوم عبدي، المعروف أيضاً باسم "مظلوم كوباني"، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) (اندبندنت عربية)

ملخص

تأسست "قسد" بدعم من التحالف الدولي، وهي تحالف متعدد الأعراق والأديان، وتشكل نسبة العرب فيها 60 في المئة، وفق "البنتاغون"، فيما تشير مصادر أخرى إلى نسبة أقل

قُتل شخصان وأُصيب آخرون، بينهم طفلان وعنصران من الدفاع المدني، جراء قصف متبادل في أحياء سكنية بمدينة حلب بين قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، وجاء التصعيد بعد تصريحات لوزير الخارجية التركي شكك فيها بالتزام "قسد" اتفاق الاندماج مع الجيش السوري، مع تحذير أنقرة من احتمال التدخل العسكري.

وعقب الاشتباكات اتفق الطرفان على خفض التصعيد، وأعلنت السلطات تعليق الدراسة وإغلاق المكاتب الحكومية في وسط حلب، فيما تبادل الجانبان الاتهامات في شأن مسؤولية الهجمات قبل إصدار أوامر متبادلة بوقف إطلاق النار.

في هذا التقرير نحاول من خلال 10 أسئلة تقديم قراءة شاملة لأبرز الاستفسارات المتعلقة بـ"قسد"، بما يشمل تكوينها، ومناطق سيطرتها، ومواردها الاقتصادية، والتحديات التي تواجهها في الوقت الراهن.

1- ما قوات سوريا الديمقراطية؟

أُسست قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 من اندماج ثمانية فصائل عسكرية محلية تضم مكونات كردية وعربية وسريانية، بهدف مواجهة تنظيم "داعش"، بدعم من التحالف الدولي، وهي تحالف متعدد الأعراق والأديان، وتشكل نسبة العرب فيها 60 في المئة، وفق "البنتاغون"، فيما تشير مصادر أخرى إلى نسبة أقل.

وجاء إعلان التأسيس في مدينة الحسكة، في ظل مرحلة شديدة التعقيد عسكرياً وسياسياً، متزامناً مع تحول في الاستراتيجية الأميركية عقب فشل برامج تدريب وتسليح فصائل سورية سابقة، مما دفع واشنطن إلى دعم قوة محلية قادرة على تنفيذ عمليات منسقة ضد "داعش"، وخلال الأشهر التالية انضمت فصائل أخرى كانت تتبع للجيش الحر أو تعمل بشكل مستقل، بالتوازي مع تصاعد التنسيق مع التحالف الدولي الذي وفر دعماً جوياً ولوجستياً واسعاً.

ومع توسع هذا الدعم، خاضت القوات معارك متواصلة ضد "داعش" في شمال وشرق سوريا، وصولاً إلى معركة الباغوز شرق الفرات، التي انتهت في مارس (آذار) 2019 بإعلان القضاء على آخر معاقل التنظيم داخل الأراضي السورية.

2- من قائد قوات سوريا الديمقراطية؟

يعد مظلوم عبدي، المعروف أيضاً باسم "مظلوم كوباني"، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وأحد أبرز القادة العسكريين الذين برزوا خلال الحرب السورية، وفقاً لتقارير صحافية دولية وتحليلات صادرة عن مراكز أبحاث غربية.

تولى عبدي قيادة "قسد" منذ تأسيسها بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وأدى دوراً محورياً في المعارك ضد تنظيم "داعش"، خصوصاً في الرقة ودير الزور، وصولاً إلى القضاء على الوجود الجغرافي للتنظيم عام 2019، ثم إدارة مرحلة ما بعد الحرب، بما فيها ملف السجون والمخيمات التي تضم آلافاً من عناصر "داعش" وعائلاتهم.

 

وتشير هذه التقارير إلى أن أبرز إنجازاته تمثل في قدرته على إدارة تحالف عسكري معقد يضم فصائل كردية وعربية وسريانية، والمحافظة على تماسكه على رغم الضغوط العسكرية والسياسية، إضافة إلى ترسيخ "قسد" بوصفها الشريك المحلي الأهم لواشنطن في محاربة "داعش" ومنع عودته، كذلك أدى دوراً سياسياً بارزاً في التفاوض مع دمشق حول مستقبل مناطق شمال شرقي سوريا، مدافعاً عن نموذج حكم لا مركزي ضمن سوريا موحدة، وفقاً لما تذكره دراسات بحثية متخصصة.

على المستوى الشخصي، تصفه مراكز الأبحاث وقنوات إعلامية غربية بأنه قائد هادئ وبراغماتي، قليل الظهور الإعلامي، يتجنب الخطاب الأيديولوجي الحاد ويفضل لغة الاستقرار والتفاهم، سواء في تعامله مع الولايات المتحدة أو في محاولاته لخفض التصعيد مع تركيا، وعلى رغم ذلك تضعه أنقرة على قوائمها للإرهاب، متهمة إياه بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، وهو اتهام ينفيه عبدي، مؤكداً أن "قسد" قوة سورية محلية تشكلت حصراً لمحاربة "داعش".

وبحسب التحليلات، يقف مظلوم عبدي اليوم في موقع بالغ الحساسية، بين شراكة استراتيجية مع واشنطن وعداء معلن مع تركيا وتفاوض حذر مع دمشق، مما يجعل شخصيته البراغماتية وقدرته على المناورة من أهم عوامل بقائه لاعباً رئيساً في المشهد السوري حتى الآن.

3-  ما مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؟

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كلياً أو جزئياً على أربع محافظات سورية هي حلب والرقة والحسكة ودير الزور، وتقدر المساحة الجغرافية الخاضعة لنفوذها بنحو 60 ألف كيلومتر مربع من إجمال مساحة البلاد البالغة 185 ألف كيلومتر مربع.

وتخضع هذه المناطق لقوانين خاصة تشمل انتخابات ودستوراً خاصاً، إضافة إلى نظام تعليمي مستقل في المدارس والجامعات، يضم أكثر من 850 ألف طالب.

4 - بماذا تتميز هذه المناطق؟

تتميز المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بغناها الاقتصادي، إذ تضم معظم حقول النفط والغاز والسدود المقامة على نهر الفرات، وتسيطر "قسد" على شمال شرقي سوريا، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية خرجت عائداتها من سيطرة دمشق، التي كانت تعتمد عليها في استيراد الغاز وتشغيل المحطات الكهربائية ومولدات الطاقة.

وتشكل هذه المنطقة، المعروفة باسم الجزيرة السورية، سلة غذاء السوريين ومصدر أمنهم الغذائي، إذ تنتج محاصيل أساسية مثل القمح والحبوب والقطن، وتتوزع حقول النفط والغاز في محافظة الحسكة بين الرميلان والجبسة والشدادي، بينما تضم محافظتا دير الزور والرقة، في ما يعرف بالمثلث الجنوبي لإقليم الجزيرة، عشرات الحقول.

وبلغت قيمة صادرات هذه الموارد عام 2000 نحو 75 في المئة من الإنتاج الوطني، فيما يشكل الاحتياط خمسة في المئة عربياً وثلاثة في المئة عالمياً.

5-  ما الاتفاق الذي التزمته دمشق و"قسد"؟

في الـ10 من مارس عام 2025 أعلنت الرئاسة السورية عن اتفاق مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، تضمن بنوداً حول وقف إطلاق النار، وحقوق التمثيل السياسي للمكونات المختلفة، واندماج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية كهدف أساس، مع تفويض لجان فنية وسياسية بمتابعة التفاصيل، وأشير فقط إلى أن عملية الاندماج ستتم مع نهاية العام الحالي.

6-  ما التحديات بين دمشق و"قسد"؟

تتمثل نقطة الخلاف بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مستقبل العلاقة بين "قسد" والدولة السورية، وتحديداً: هل ستندمج "قسد" ضمن الجيش السوري الجديد، وهل ستستمر الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بنظام حكم مستقل، أم ستكون تحت سلطة الدولة المركزية؟

 

وتقترح "قسد" أن يتولى قائدها مظلوم عبدي أو أحد ضباطها منصب وزير الدفاع أو رئيس الأركان لضمان تمثيلها السياسي والعسكري، في المقابل تدعم الولايات المتحدة تشكيل حكومة سورية مركزية وشاملة تكفل حقوق جميع المكونات والأقليات، مشيرة إلى أن الفيدرالية ليست حلاً مناسباً للأزمة السورية.

7-  هل هناك انقسام داخل "قسد"؟

وسط هذه الأجواء، لفت مراقبون إلى أن الانقسام داخل "قسد" واضح، إذ إن هناك تياراً براغماتياً يرى أن ضمان مستقبل الكرد يمر عبر الدولة السورية الجديدة، في حين يخشى التيار الآخر المتوجس فقدان المكاسب السياسية والعسكرية التي تحققت منذ تأسيس "قسد" قبل 10 أعوام، أما التيار الثالث فهو تيار الارتباط العقائدي مع "حزب العمال الكردستاني"، وهذا التيار يرفض الدمج ويعتبره تنازلاً، إلا أن الإرادة الإقليمية والعربية تبدو مع الدمج وحماية وحدة الأراضي السورية.

8 - لماذا توطد واشنطن علاقتها بـ"قسد"؟

يعود الاهتمام الأميركي بالشمال الشرقي لسوريا لكونه جزءاً من استراتيجية جديدة عقب التطورات التي شهدتها المنطقة بعد سقوط نظام الأسد، منذ ذلك الحين لم تقلل الولايات المتحدة من مستوى المساعدات العسكرية المرسلة إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بل زادت المساعدات لأسباب عدة، أبرزها المخاوف من عودة تنظيم "داعش" واستغلال الفراغ الأمني، إضافة إلى عدم ثقة واشنطن الكاملة بحكومة دمشق، التي تعتبرها حديثة العهد وذات خلفية متطرفة.

تسعى الولايات المتحدة إلى وضع علاقتها مع "قسد" ضمن الإطار الجديد للعلاقة مع الحكومة السورية الانتقالية، ودعمت الحوار بين دمشق و"قسد" من دون تحديد شكل الانضمام، سواء كأفراد أو ككيان مستقل، وترى واشنطن أن العلاقة العسكرية مع "قسد" ككيان غير دولتي هي الأكثر فعالية واستراتيجية، وأنه لا يمكن التخلي عنها على رغم بعض الدعوات لحصر العلاقة بالحكومة السورية.

توجد القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا خارج نفوذ حكومة دمشق، وتتعاون منذ عام 2016 في تحالف استراتيجي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لمكافحة تنظيم "داعش"، وقد أسهمت في القضاء على آخر معاقله في دير الزور منتصف مارس 2019، واستمر وجود القوات الأميركية في قواعد عسكرية في حقول النفط والبترول على رغم محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب أو تقليص العدد في ولايته الأولى، لكنه واجه اعتراضات من الجناحين السياسي والعسكري في إدارته.

حالياً، تعمل الولايات المتحدة على تقليص وجودها العسكري بعد إنجاز مهمتها، وهو ما أكده السفير الأميركي لدى أنقرة ومبعوث ترمب الخاص في سوريا، توماس براك، مشيراً إلى تنفيذ 99 في المئة من مهمة جيش بلاده في محاربة "داعش".

وبناء على ذلك، قلصت الحكومة الأميركية عدد القواعد العسكرية في سوريا إلى ثلاث قواعد بعدما كان عددها ثماني قواعد، مع التخطيط لمزيد من التقليص إلى قاعدة واحدة.

9- ما علاقة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بحزب العمال الكردستاني التركي؟

العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني تعد من أكثر الملفات حساسية وجدلاً في شمال سوريا.
تركيا ترى أن "قسد" امتداد مباشر لحزب العمال الكردستاني، المصنف لديها تنظيماً إرهابياً، وتبني هذا الموقف على أن العمود الفقري لـ"قسد" هو وحدات حماية الشعب، التي تقول أنقرة إنها مرتبطة تنظيمياً وفكرياً بالحزب، وإن عدداً من قادتها سبق أن نشطوا ضمن صفوفه أو تلقوا تدريباته.

في المقابل، تنفي "قسد" هذا الربط الرسمي، وتؤكد في تصريحاتها وتقارير مراكز أبحاث غربية أنها تحالف سوري محلي تشكل عام 2015 حصراً لمحاربة "داعش"، ويضم مكونات كردية وعربية وسريانية، ولا يعمل ضد تركيا ولا داخل أراضيها، وتقول إن العلاقة مع حزب العمال الكردستاني ليست علاقة تنظيمية، بل تقاطع تاريخي وفكري بحكم القضية الكردية الممتدة عبر حدود سوريا وتركيا والعراق.

مراكز أبحاث مثل "مجموعة الأزمات الدولية" و"كارنيغي" تميز بين الارتباط الأيديولوجي والارتباط التنظيمي، فبحسب هذه الدراسات لا توجد أدلة معلنة على أن "قسد" تتلقى أوامر مباشرة من قيادة حزب العمال الكردستاني، لكنها في الوقت نفسه تتأثر بخلفيته الفكرية وتجربته القتالية، خصوصاً في أعوام التأسيس الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا الخلاف في توصيف العلاقة هو جوهر الصراع بين أنقرة و"قسد"، تركيا تعتبر أي وجود مسلح كردي منظم قرب حدودها تهديداً مباشراً، بينما ترى واشنطن أن "قسد" شريك ميداني فعال ضد "داعش"، وتفصل بينه وبين حزب العمال الكردستاني، وهو ما خلق معادلة متوترة: دعم أميركي لـ"قسد"، مقابل رفض تركي قاطع لها.

10-  هل يمكن استخدام العشائر كعنصر ضغط كما في السويداء لحسم النزاع مع "قسد"؟

تشكل العشائر ركناً أساساً من "قسد" ولا يمكن أن تنقلب على قواتها، لذلك لا تستطيع الحكومة السورية الاعتماد على العشائر لحسم النزاع في شمال شرقي البلاد، وحتى من دون تدخل العشائر تبدو المعركة محسومة، ويقتصر دورهم على تسريع الحسم فقط، وبناء على ذلك يبدو أن ملف "قسد" ستحسمه التسوية السلمية، لا عبر التلويح بالعمل العسكري أو تدخل العشائر، بل من خلال رغبة الطرفين في التوصل إلى اتفاق يحفظ مصالحهما الاستراتيجية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير