ملخص
نائب مدير إدارة الأبحاث لدى صندوق النقد تشير إلى زيادة أعلى من المتوقع في ناتج القطاع التصنيعي غير النفطي، والاتصالات والسياحة خلال الأشهر الماضية
خلافاً لتوقعات سابقة، رجح صندوق النقد الدولي أن يكون الاقتصاد المصري نما بنسبة 4.0 في المئة خلال العام المالي المنتهي خلال يونيو (حزيران) الماضي، صعوداً من تقديراته خلال أبريل (نيسان) الماضي البالغة 3.8 في المئة.
لكن الصندوق ووفق تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" خفض توقعاته للعام المالي 2025/2026 إلى 4.1 في المئة، انخفاضاً من 4.3 في المئة خلال أبريل الماضي. ولم يقدم التقرير تعليقاً حول مصر، لكنه أرجع هذه التعديلات العالمية لأسباب عدة، من ضمنها التعجيل بالأنشطة التجارية تحسباً للتعريفات الجمركية، وتيسير الأوضاع المالية والتوسع المالي في بعض الاقتصادات الكبرى.
لكن في المقابل، توقع استطلاع حديث أجرته وكالة "رويترز" أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة أربعة في المئة خلال العام المالي المنتهي خلال يونيو الماضي، لكن الاستطلاع جاء أكثر تفاؤلاً في شأن العام المالي الحالي، إذ رجح تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.6 في المئة وسط نشاط صناعي أقوى وإصلاحات مرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي.
لماذا رفع الصندوق توقعاته؟
من جانبها، قالت نائب مدير إدارة الأبحاث لدى صندوق النقد الدولي بيتيا كويفا بروكس، إن رفع الصندوق توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الماضي يرجع إلى زيادة أعلى من المتوقع في ناتج القطاع التصنيعي غير النفطي، والاتصالات والسياحة خلال الأشهر الماضية.
وكان وزير السياحة المصري شريف فتحي ذكر في تصريحات حديثة، أن إيرادات مصر السياحية قفزت بنسبة 22 في المئة على أساس سنوي خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 8 مليارات دولار، تزامناً مع ارتفاع أعداد السائحين الزائرين إلى مصر بنحو الربع إلى 8.7 مليون سائح خلال الفترة نفسها.
وأشارت "بروكس" ضمن مؤتمر صحافي لصندوق النقد إلى أن خفض التوقعات الخاصة بمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بصورة طفيفة خلال العام المالي الجاري 2025/2026 يرجع إلى التأخير في تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلية.
وقال صندوق النقد الدولي ضمن تقريره إن مصر تتوقع الحصول على تدفقات بقيمة 3 مليارات دولار من طرح الأصول المملوكة للدولة خلال العام المالي الحالي، صعوداً من 600 مليون دولار خلال العام المالي الماضي، وتستهدف كذلك 2.1 مليار دولار في العام التالي.
كذلك سيولي صندوق النقد الدولي، وفق التوقعات، تركيزاً كبيراً إلى استراتيجية الحكومة الرامية إلى طرح الأصول المملوكة للدولة، إذ تستهدف السلطات الآن "صفقات استراتيجية قليلة، ولكنها رئيسة".
وقال وزير المالية أحمد كجوك إن حكومة بلاده تريد إتمام ما يصل إلى أربعة طروحات هذا العام المالي في قطاعات الاتصالات وإدارة المطارات والخدمات المالية.
وأشار كجوك إلى أن هذه الطروحات "ستكون عبر كثير من القطاعات"، لافتاً إلى أن مصر شاركت خطة استراتيجية متوسطة الأجل مع صندوق النقد الدولي وشركاء دوليين آخرين، تتضمن "جدولاً زمنياً واضحاً ومرئياً". وتوقع الانتهاء من المراجعتين الخامسة والسادسة خلال سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام، مما يسمح بصرف شريحة بقيمة 2.5 مليار دولار، موضحاً أن "صندوق النقد الدولي يسعى إلى تحقيق مستهدفات معينة، وهذا هو المهم".
تطورات إيجابية مع تحسن عجز حساب المعاملات الجارية
في سياق تحسن المؤشرات الاقتصادية، كشف البنك المركزي المصري أن الاقتصاد المصري شهد تطورات إيجابية خلال الفترة من يوليو (تموز) 2024 إلى نهاية مارس (آذار) الماضي، إذ تحسن عجز حساب المعاملات الجارية بنسبة 22.6 في المئة ليبلغ نحو 13.2 مليار دولار مقابل نحو 17.1 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق، وجاء هذا التحسن بصورة خاصة خلال الربع الثالث من يناير (كانون الثاني) وحتى مارس 2025.
وعلى رغم هذه التطورات الإيجابية شهدت الفترة من يوليو 2024 إلى مارس 2025 عجزاً كلياً قدره نحو 1.9 مليار دولار، مقابل فائض كلي بلغ نحو 4.1 مليار دولار خلال الفترة المناظرة.
ويرجع هذا التحول أساساً إلى تراجع صافي التدفقات للداخل ضمن المعاملات الرأسمالية والمالية إلى نحو 7.7 مليار دولار، مقارنة بتدفقات غير مسبوقة بلغت نحو 20 مليار دولار خلال الفترة المناظرة، والتي كانت تضمنت صفقة "رأس الحكمة" بقيمة 15 مليار دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن إيرادات قناة السويس بلغت 2.6 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 إلى مارس 2025، مقابل 5.8 مليار دولار أثناء الفترة نفسها قبل عام.
وذكر أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج ارتفعت إلى 26.4 مليار دولار خلال الفترة المذكورة، مقابل 14.5 مليار دولار أثناء الفترة المماثلة قبل عام.
وأشار البنك المركزي المصري إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بلغ 9.8 مليار دولار خلال القترة من يوليو 2024 إلى مارس 2025، مقارنة بنحو 23.7 مليار دولار أثناء الفترة نفسها من العام السابق.
وفي ما يتعلق بالواردات، ارتفعت واردات مصر من المنتجات البترولية بنحو 4.8 مليار دولار، ومن الغاز الطبيعي بنحو 3.3 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 إلى مارس 2025.
وتابع "إيرادات السياحة في مصر سجلت ارتفاعاً، لتصل إلى 12.5 مليار دولار خلال الفترة المذكورة مقابل 10.9 مليار دولار أثناء الفترة نفسها قبل عام".
نمو قياسي خلال الربع الثالث من 2024/2025
في السياق، ووفق بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 4.77 في المئة خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025.
ويعد هذا النمو أعلى معدل نمو فصلي تسجله البلاد خلال ثلاثة أعوام، مقارنة بنحو 2.2 في المئة خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي، مما يعكس تعافياً تدريجاً على رغم أجواء عدم اليقين العالمية.
جاء النمو الحالي مدفوعاً بإصلاحات واسعة أطلقتها الحكومة المصرية خلال عام 2024، شملت تحرير سعر الصرف والحصول على تمويلات خارجية كبرى من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واستثمارات مشروع رأس الحكمة، تجاوزت قيمتها 50 مليار دولار.
وارتفعت مساهمة القطاع الخاص في إجمال الاستثمارات إلى أكثر من 50 في المئة نهاية عام 2024، بدعم من تحفيزات مالية وتشريعية جديدة. وكانت القطاعات غير النفطية المحرك الرئيس للنمو، إذ سجلت الصناعة التحويلية نمواً بنحو 17.7 في المئة والسياحة أكثر من 18 في المئة بحسب بيانات رسمية، على رغم الضغوط التي يواجهها الاقتصاد من تراجع إيرادات قناة السويس وتباطؤ إنتاج الغاز،وأوضحت وزارة التخطيط المصرية أن حركة الملاحة في قناة السويس انخفضت بنسبة 23.1 في المئة خلال العام المالي 2024/2025. وجاء هذا الأداء القوي عكس التوقعات، إذ خفض عدد من المحللين توقعاتهم لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري في توقعات سابقة، مع ظهور ضغوط مالية من ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع القدرة الشرائية.