Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تلوّح بالمعادن والطاقة في مواجهة تجارية مع أميركا

قد تطلب بكين من واشنطن إلغاء إدراج مئات الشركات من القائمة الأميركية السوداء

الخلافات حول الـ"فنتانيل" والنفط الروسي تهدد هدنة تجارية بين بكين وواشنطن (رويترز)

ملخص

بالنسبة إلى بكين، فإن التركيز الرئيس في مفاوضات هذا الأسبوع هو الرسوم الجمركية الأميركية المتبقية على الواردات الصينية، وفقاً لمتخصصين صينيين.

للمرة الثالثة خلال شهرين سيجتمع مسؤولون أميركيون وصينيون في أوروبا لإجراء محادثات تجارية، وهذه المرة، تصل بكين إلى طاولة المفاوضات أكثر جرأة من أي وقت مضى.

وأجبرت قبضة الصين القوية على المعادن الإستراتيجية إدارة ترمب على التراجع عن بعض قيود التصدير المفروضة على الصين، بما في ذلك التراجع عن حظر مبيعات شريحة الذكاء الاصطناعي الرئيسة من شركة "إنفيديا".

سجل الاقتصاد الصيني نمواً أفضل من المتوقع بعد أشهر من بدء الحرب التجارية، وفقاً لبيانات حكومية، محققاً فائضاً تجارياً قياسياً يؤكد مرونة صادراتها في ظل ابتعادها عن السوق الأميركية.

وقبل أيام قليلة فحسب، عززت بكين موقفها المتشدد في قمة مهمة مع الاتحاد الأوروبي، ولم تقدم سوى القليل لمعالجة مخاوف الكتلة، بدءاً من اختلالات الميزان التجاري ووصولاً إلى حرب أوكرانيا.

هل هناك تمديد محتمل للهدنة التجارية؟

مع انطلاق جولة جديدة من المحادثات في ستوكهولم اليوم الإثنين من المتوقع أن يستقبل المفاوضون الصينيون، بقيادة نائب رئيس الوزراء هي ليفينغ، نظراءهم الأميركيين بثقة متجددة في نهج بكين الصارم والحازم، وبرغبة متزايدة في تقديم مزيد من التنازلات الأميركية.

وقال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الذي يقود الوفد الأميركي، قبل المحادثات في العاصمة السويدية إن الجانبين سيعملان على تمديد "محتمل" للهدنة التجارية بينهما، التي تنتهي في الـ12 من أغسطس (آب) المقبل.

وأدت الهدنة التي استمرت 90 يوماً، وتوصل إليها في اجتماع جنيف في مايو (أيار) الماضي، إلى وقف فرض رسوم جمركية ضخمة في أبريل (نيسان)، التي هددت بقطع التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، وسط تقليص الهدنة من حافة الانهيار مع إجراء مزيد من المحادثات في لندن في يونيو الماضي، بعدما اتهم كل جانب الآخر بالتراجع عن وعوده.

والآن، قد تقدم محادثات ستوكهولم مؤشرات إلى مدى استمرار هذا الانفراج، وما إذا كان بإمكان البلدين تخفيض الرسوم الجمركية المتبقية بصورة كبرى ومعالجة قضايا شائكة أخرى، مثل القيود على التكنولوجيا، في إطار السعي إلى التوصل إلى اتفاق دائم.

تأتي الجولة الأخيرة من المفاوضات في أعقاب سلسلة الصفقات التجارية التي أبرمها دونالد ترمب أخيراً مع المملكة المتحدة واليابان وشركاء تجاريين آخرين، كجزء من حرب الرسوم الجمركية العالمية التي أطلقها في وقت سابق من هذا العام.

لكن يبدو أن الرئيس الأميركي خفف من حدة نهجه التصادمي تجاه الصين، وتحدث بحماسة عن زيارة البلاد بدعوة من زعيمها شي جينبينغ في "المستقبل غير البعيد". في تعليقه، قال رئيس قسم الاقتصاد الدولي في المجلس الأطلسي، جوش ليبسكي، إن التوصل إلى اتفاق موقت هو النتيجة الأكثر ترجيحاً هذا الأسبوع. وأضاف "في الوقت الحالي تشير جميع الدلائل إلى استمرار المفاوضات لمدة 90 يوماً أخرى، إذ تبقى الرسوم الجمركية عند 30 في المئة، وتستمر المفاوضات، مع احتمال عقد اجتماع بين ترمب وشي في الخريف"، في إشارة إلى مستوى الرسوم التي فرضها ترمب على السلع الصينية خلال ولايته الثانية.

لكن كما تعلمنا في الربيع، يمكن أن يتقلب الوضع فجأة، وسواءً كان ذلك حظر الخروج أو أية نقطة اشتعال أخرى، فإن هذه الهدنة الهشة تعتبر وقف إطلاق نار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال الفترة الماضية، منعت السلطات الصينية موظفاً في وزارة التجارة الأميركية ومسؤولاً تنفيذياً في بنك "ويلز فارغو" من مغادرة الصين، مما ألقى بظلاله على المحادثات. وندد وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك بهذا الحظر ووصفها بأنها "عمل شائن".

ومع ذلك أبدى بيسنت نبرة إيجابية عند إعلانه عن الجولة الأخيرة من المفاوضات، قائلاً "التجارة في وضع جيد للغاية مع الصين... أعتقد أننا انتقلنا بالفعل إلى مستوى جديد مع الصين، وهو أمر بناء للغاية". وقال إن البلدين سيناقشان أيضاً شراء الصين النفط "المعاقب" من روسيا وإيران.

والخميس الماضي صرح لوتنيك بأن الشركة المقترحة لتشغيل تطبيق الفيديوهات القصيرة الشهير "تيك توك" في الولايات المتحدة، التي تنتظر موافقة بكين، ستكون جزءاً من المناقشات أيضاً.

من جانبهم، أبقى المسؤولون الصينيون جدول أعمال المحادثات غامضاً، وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، قالت وزارة التجارة الصينية، إن الجانبين "سيواصلان المشاورات حول القضايا الاقتصادية والتجارية ذات الاهتمام المشترك، مسترشدين بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين".

ما هي المطالب الرئيسة من قبل بكين؟

بالنسبة إلى بكين، فإن التركيز الرئيس في مفاوضات هذا الأسبوع هو الرسوم الجمركية الأميركية المتبقية على الواردات الصينية، وفقاً لمتخصصين صينيين.

تبلغ الرسوم الجمركية نحو 55 في المئة، وتشمل تعريفة "متبادلة" بنسبة 10 في المئة فرضتها الولايات المتحدة على شركائها التجاريين في أبريل، ورسوماً بنسبة 20 في المئة فرضت على الصين بسبب ما وصفه ترمب بدوره في تدفق الفنتانيل غير المشروع إلى الولايات المتحدة، ورسوماً جمركية سابقة، وفقاً للبيت الأبيض.

يقول محللون صينيون إن أهم أولويات بكين تتمثل في السعي إلى إلغاء الرسوم الجمركية المتعلقة بالـ"فنتانيل" والبالغة 20 في المئة. والشهر الماضي أعلنت الصين أنها ستضيف مادتين إضافيتين من سلائف الـ"فنتانيل" إلى قائمة المواد الخاضعة للرقابة، وأدرجت النيتازينات - وهي فئة من المواد الأفيونية الاصطناعية القوية - على قائمة أخرى من الأدوية الخاضعة للرقابة.

ترى الباحثة البارزة في مركز الصين والعولمة، هي وي وين، أن التركيز الرئيس لهذه الجولة من المحادثات هو البناء على الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في المحادثات السابقة، والسعي إلى تحقيق مزيد من "النتائج الملموسة".

قالت هي، التي شغلت سابقاً منصباً دبلوماسياً في الولايات المتحدة "الأولوية الأولى هي حل قضايا التعريفات الجمركية المتبقية، وبخاصة تلك التي فرضتها الولايات المتحدة بحجة الفنتانيل، بينما تتعلق الثانية بكيفية تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة".

قد تطلب بكين أيضاً من واشنطن إلغاء مزيد من ضوابط تصدير التكنولوجيا التي فرضتها سابقاً على الصين، بما في ذلك إدراج مئات الشركات الصينية في القائمة السوداء لوزارة التجارة الأميركية بسبب القيود التجارية، وفقاً لما ذكره مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنغهاي، وو شينبو.

خلال ولايته الأولى، بدأ ترمب بفرض قيود تكنولوجية على الشركات الصينية، بما في ذلك شركة "هواوي"، الشركة الوطنية المسيطرة في مجال التكنولوجيا، ثم تبعه خليفته، الرئيس السابق جو بايدن، بتوسيع نطاق القيود لتشمل مجموعة واسعة من الفئات.

وقال وو، وهو مستشار لوزارة الخارجية الصينية، "بعد هذه الفترة من التنافس بين الولايات المتحدة والصين، أدرك الجانب الأميركي أن الصين تمتلك أوراقاً مهمة، والأهم من ذلك، أنها مستعدة لاستخدامها عند الضرورة".

وأوضح أن هذه البطاقات تشير إلى اعتماد أميركا على سلسلة التوريد الصينية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات، اللازمة لكل شيء من الإلكترونيات اليومية والمركبات إلى الطائرات المقاتلة.

كيف تستغل الصين سيطرتها على المعادن النادرة؟

في ذروة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة في أبريل، استغلت الصين هيمنتها العالمية على سلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة وفرضت شروط ترخيص جديدة على صادرات سبعة أنواع من معادن الأرض النادرة وكثير من المغناطيسات.

وأدى الانخفاض الكبير في صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة، على رغم الهدنة التجارية التي توصل إليها في مايو في جنيف، إلى تجدد التوترات، مما دفع ترمب إلى اتخاذ "إجراءات مضادة"، بما في ذلك ضوابط تصدير برمجيات الرقائق والإيثان والمحركات النفاثة. ولم يهدأ الخلاف المتجدد إلا بعد اجتماع لندن الشهر الماضي، عندما وافقت بكين على السماح بتدفق المعادن الأرضية النادرة، وقررت واشنطن رفع قيودها على التصدير.

لكن الصين أدركت قيمة نفوذها على الولايات المتحدة، وقال مستشار لوزارة الخارجية الصينية، إن نفوذ البلاد يتجاوز المعادن النادرة ليشمل - من بين أمور أخرى - سلاسل توريد بطاريات الطائرات من دون طيار والمركبات الكهربائية، إذ تؤدي الصين دوراً مهماً. وأضاف أن سحب استثمارات "تيك توك" الولايات المتحدة من مالكها الصيني بايت دانس، الذي يخضع لموافقة بكين، يعد ورقة رابحة أخرى، وقال "في الماضي لم نستخدم هذه الأوراق بوعي... الآن، أعتقد أن الصين ستبادر بصورة متزايدة إلى التفكير في استخدامها".

والثلاثاء الماضي قال بيسنت إنه ينوي تحذير بكين في شأن استمرارها في شراء النفط الروسي والإيراني الخاضع للعقوبات، إضافة إلى دعمها حرب روسيا ضد أوكرانيا. وكان ترمب هدد سابقاً بفرض رسوم جمركية ثانوية بنسبة 100 في المئة على السلع من الدول التي تواصل شراء النفط الروسي، وتحديداً الصين والهند، واكتسبت التشريعات في هذا الصدد زخماً متزايداً.

لكن من غير المرجح أن ترحب الصين بمثل هذا التهديد بالتعريفات الجمركية وتتوقف عن استيراد النفط من روسيا أو إيران، إذ تدرك بكين أن الولايات المتحدة قد تستغل التهديد لإجبارها على التعاون في قضايا مثل الصراع بين روسيا وأوكرانيا والمحادثات مع إيران.

اقرأ المزيد