Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأماكن المهجورة... فضاء تكتب سيرته الأشباح للبشر

ارتبطت بقصور وسجون ومواقع أثرية وظهر مصطلح سياحة الرعب نتيجة رغبة بعض في استكشاف هذه المواقع وخوض مغامرة غير مألوفة

سراديب الموتى في باريس من أهم المواقع التي ترتبط بسياحة الرعب ويزورها نحو 500 ألف شخص كل عام (رويترز)

ملخص

أماكن مهجورة حول العالم يتردد أنها مسكونة بالأشباح والأرواح الشريرة بعضها هجره الناس أو تحول لمزار سياحي، وأخرى تداولت حكايات خرافية عن أحداث تقع فيها على مدار الأعوام

أماكن مهجورة لأعوام تُنسج حولها الأساطير عن الأشباح والأرواح الشريرة وتبقى رمزاً للغموض والتكهنات، بعضها يحظى بشهرة واسعة وقد يتحول إلى مزار سياحي عالمياً، وبعضها تتردد حوله الأقاويل في بيئته المحلية، بعض المجتمعات يكون لديها قناعة بهذه الأفكار، وقطاعات أخرى من البشر ربما لديهم فضول للاستكشاف والبحث وراء مثل هذه الأماكن.

الأمثلة على الأماكن التي يقال إنها مسكونة بالأشباح والأرواح الشريرة عديدة حول العالم، أشهرها سراديب الموتى في باريس التي تقع على عمق 20 متراً تحت الأرض، وتضم رفات نحو 6 ملايين شخص في شبكة أنفاق بنيت قديماً لتدعيم المحاجر في باريس، ثم تحولت إلى مقبرة في أواخر القرن الـ18 بعدما عانت باريس أزمة صحية كبرى إذ واجهت البلاد أزمة في المقابر، ومنذ عام 1809 افتتحت أمام الزوار بعدما جرى تنظيم العظام، بحيث أصبحت مزاراً يتردد عليه كل عام نحو 500 ألف شخص.

وفي سان فرانسيسكو توجد جزيرة ألكاتراز، التي تعد واحدة من أكثر الأماكن التي يتردد أنها مسكونة بالأشباح، نظراً إلى وجود أصعب سجون الولايات المتحدة الذي يُنقل إليه المجرمون الخطرون وجرى إغلاقه منذ نحو 60 عاماً، وأعلن أخيراً عن نية الرئيس ترمب إعادة افتتاحه، ومن أشهر من نزلوا بهذا السجن آل كابوني، وكان هذا السجن المشدد بطلاً لواحد من أفلام هوليوود تحت اسم الهرب من ألكاتراز وأنتج عام 1979، إذ يقال إنه ما زال بإمكان زواره سماع صدى صراخ السجناء أثناء التجول عبر مبانيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بكين تقع المدينة المحرمة التي شهدت عدداً من عمليات الإعدام الإمبراطورية، ويقال إنه يسمع فيها صوت مزامير مع حلول الظلام. وفي لندن يقع قصر هام هاوس الذي تلاحقه جملة مسكون بالأشباح، وسكنته دوقة لودرديل التي ماتت بسبب حبس أنفاسها، ويقال إنها تظهر بملابس سوداء على الدرج.

وتوجد أيضاً حديقة توياما في شينجوكو، فبينما تظهر كمساحات خضراء شاسعة يقال إنها يسمع بها ليلاً صراخ وآلام، باعتبار أنها كانت مستشفى خلال فترة الحرب العالمية، ويقال كذلك إنها شهدت حالات تعذيب أسرى. وفي رومانيا توجد قلعة دراكولا التي تعد من أهم المواقع السياحية داخل البلاد، وتشتهر بقصص الأشباح والأساطير.

وفي مصر يوجد قصر البارون بمصر الجديدة الذي بناه البارون إمبان، ونتيجة أنه كان مهجوراً لأعوام ترددت عنه أساطير بأنه كانت تسمع فيه صرخات وتلطخ جدرانه بالدماء وتشتعل فيه النيران وتضاء الأنوار وتطفأ، وبخاصة مع ما يعرف بأن شقيقة البارون ماتت فيه بطريقة غير طبيعية، إذ سقطت من شرفة القصر مما ساعد على انتشار مثل هذه الأقاويل، وحالياً القصر واحد من أهم معالم منطقة مصر الجديدة بعد تطويره وافتتاحه.

سياحة الرعب

توجد أماكن تحولت مع الوقت إلى مزارات سياحية وأصبحت فئات معينة من محبي المغامرات والرعب يهتمون بزيارتها، وبعض المواقع أصبح يسوق لها سياحياً بالإشارة إلى التجربة المرعبة التي سيمر بها. وتشير بعض التقديرات إلى أن هذا النوع من السياحة قدرت عائداته بنحو 20 مليار دولار على المستوى العالمي خلال عام 2024، فهل بالفعل يوجد قطاع سياحي تحت اسم سياحة الرعب؟

المتخصص السياحي محمد كارم يقول "يمثل هذا بالفعل أحد أنواع السياحة لكن لا يمكن اعتباره نوعاً رئيساً، بعض الناس يحبون مثل هذه الأفكار ويكون لديهم فضول لاستكشافها، وأحياناً يُسوق سياحياً لبعض المواقع لجذب هذه النوعية من السياح، باعتبار أنه سينتج منه عائد اقتصادي نتيجة رغبة بعض في خوض مغامرة أو شيء غير مألوف عن السياحة التقليدية، فقطاعات السياحة متنوعة ومختلفة وكل منها له محبوه".

 

ويضيف "في النهاية كلها خرافات، فأي مكان مهجور فترة طويلة يخيل للناس أنه مسكون بالجن والأشباح والأرواح الشريرة، ويبدؤون في تداول قصص وحكايات مثيرة عن هذا الشأن تزيد من شهرة هذا المكان أو الموقع، وبالفعل هناك قطاع من البشر يؤمنون بالقوى الخارقة والأساطير وهذه الأشياء الغيبية، بالتالي يزيد اقتناعهم بهذا الكلام عندما يتردد على منزل أو مكان معين".

هناك عدد من المواقع التي يعرف عنها أنها مسكونة في العالم العربي، أشهرها البيت المسكون بالجزيرة الحمراء في الإمارات وتحديداً داخل منطقة رأس الخيمة، إذ يقال إنه تظهر به حيوانات مخيفة مثل القطط والماعز، ودرب السلطان في المغرب الذي يُروى إنه قتلت فيه أعداد كبيرة في مرحلة ما قبل استقلال المغرب ولهذا سكنته الأشباح، وكذلك واحة جدار بهلاء في عمان، وهي من مواقع التراث العالمي التي سجلتها "اليونيسكو" لكن يشتهر عنها أنها مسكونة، وأن هناك شجرة ملعونة في قلعتها.

وفي السعودية يوجد المنزل المسكون داخل جدة الذي يتوارث عنه الناس أنه مسكون بالأشباح، وأن هناك قوى خارقة ستصيب من يقترب منه، والفندق المهجور في لبنان الذي جرى إغلاقه بعد فشل استضافته النزلاء الذين تردد أنهم كانوا يسمعون ليلاً أصوات صراخ واستغاثات، وكان هذا الفندق مسرحاً لعمليات دموية خلال فترة الحرب الأهلية في لبنان.

 

ويوجد في مصر عدة مواقع ارتبطت بأساطير عن الأشباح والأرواح الشريرة من بينها عمارة شهيرة في الإسكندرية تقع داخل منطقة رشدي، وهي شاغرة ولا يقربها السكان بسبب ما يتردد عنها، إذ يقال إن الدماء تنزل من صنابير المياه وتُسمع أصوات صراخ ونيران تشتعل. وفي الإسكندرية يوجد أيضاً المنزل الشهير لريا وسكينة اللتين عرفتا بأنهما تستقطبان النساء لقتلهن وسرقة مصاغهن، ثم دفنهن تحت المنزل.

وفي رواية أخرى قيل إنهما استدرجتا الجنود الإنجليز وقت الاحتلال البريطاني لمصر، ومن ثم قتلهم ودفنهم تحت المنزل. وفي مصر عرفت أيضاً فيلا عائلة الفنان الراحل عزت أبو عوف الواقعة داخل منطقة الزمالك بالقاهرة التي تدور حولها قصص مرعبة، عن أن هناك شبحاً كان يظهر ليلاً بهيئة رجل عجوز يحمل مصباحاً ثم يختفي في النهار، وفسر بعض ذلك بأنها كانت ملكاً لرجل الأعمال شيكوريل الذي قتل داخلها قبل أن تشتريها عائلة أبو عوف.

تراث مظلم

يطلق التراث المظلم على الأماكن التي تدور حولها الأساطير والخرافات المتعلقة بالسحر والأساطير، ويحقق بعض منها شهرة بالغة وتصبح مثاراً للتساؤلات حول العالم، وقد تنشأ متاحف أو مراكز خاصة بعرضها باعتبارها جانباً مظلماً من التراث الإنساني، لكن هناك من يهتم بالتعرف عليه.

يقول كبير الأثريين في وزارة الآثار المصرية مجدي شاكر "هناك أمثلة عديدة على مثل هذا النوع من الأماكن التي ترتبط بما يطلق عليه التراث المظلم، من بينها متحف التعذيب في إيطاليا الذي يعرض طرق التعذيب خلال العصور الوسطى، ومتحف ضحايا قنبلة هيروشيما ونجازاكي في اليابان وقبو لندن دنجن الذي يعد مزاراً سياحياً، وفي أميركا هناك 11 متحفاً للتراث المظلم منها متاحف للتعذيب والشنق وأدواته، ومتحف الموت الذي يضم صوراً لفنانين رسموا الموتى وحوادث السيارات البشعة، ومتحف للدمى المتكلمة من بطنها، ومتحف المومياوات لموتى مرض الكوليرا، وفي إندونيسيا يوجد متحف تسونامي الذي يعرض مآسي إعصار تسونامي على شاشات ثلاثية الأبعاد".

 

نشرت مجلة فورين بوليسي سابقاً تقريراً عن أكثر الأماكن المرعبة في العالم، وكان من بينها منطقة وادي الملوك بالأقصر التي تحوي كثيراً من مقابر ملوك مصر القديمة، باعتبارها واحدة من أكثر الأماكن المرتبطة بالسحر واللعنات والأشباح، وكثيراً ما ترددت مثل هذه الأفكار عن مواقع أثرية متعددة تعود إلى الحضارة المصرية القديمة، أبرزها معبد الكرنك ومنطقة الأهرام، واشتهر مفهوم لعنة الفراعنة التي ستصيب كل من يقترب من هذه المقابر أو يزعج ساكنيها، وانتشر هذا المفهوم عالمياً خصوصاً بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922.

يقول شاكر "بعض الحضارات كان لها ارتباط وثيق بالسحر والأساطير، ومن بينها الحضارة المصرية القديمة بأساطيرها المتعددة مثل إيزيس وأوزوريس وغيرهما، وخلال الوقت نفسه دائماً ما كانت المقابر ترتبط بالسحر منذ مقابر ملوك مصر القديمة وحتى الآن، حتى إن من يقوم بسحر أو أعمال يضعها في المقابر حتى يومنا هذا، وبالتالي تعد جزءاً من تراث وثقافة المجتمع، ولهذا فإن كثيراً من المواقع الأثرية مرتبطة بهذا المفهوم عند قطاع من الأجانب والسياح وليس فقط لدى المصريين".

ويضيف "يمكن استغلال هذه المواقع من حين إلى آخر بعمل عروض تستهدف محبي سياحة الرعب باستخدام الأضواء والتقنيات الحديثة، وستكون تجربة فريدة ولها جمهورها والمواقع كثيرة ومن كل العصور، مثل معبد فيلة وحكاية الكاهنة الأخيرة التي يتردد أن شبحها يظهر ليلاً وقلعة صلاح الدين ومذبحة القلعة التي قتل فيها مئات الأشخاص، ومثل منطقة المقطم التي يعرف أن الحاكم بأمر الله خرج فيها ولم يعد والأمثلة كثيرة".

 

البعض يكون لديه حس للمغامرة والدخول في عوالم الرعب والمنازل المسكونة وحتى لو لم تكن حقيقية فقد تُخترع مثل أفلام الرعب التي حقق بعضها نجاحاً كبيراً، ومثل بيوت الرعب التي أنشئت داخل بعض المواقع الترفيهية، وحتى خلال أصعب الأوقات وأكثرها رعباً في العالم يسعي بعض الناس إلى البحث عن تجربة رعب إضافي.

في أثناء فترة حظر كورونا وفي واحدة من التجارب الغريبة نفذت شركة يابانية تجربة غريبة تقوم على تصميم أجواء مرعبة في مرآب للسيارات وسط مدينة طوكيو، بأن يجلس الزوار في سياراتهم الخاصة لخوض هذه التجربة مقابل 75 دولاراً لتطفأ الأنوار وتظهر شخصيات تشبه الزومبي تهز السيارات وتتطاير دماء تلطخ السيارات، وحقق هذا العرض نجاحاً طاغياً وكانت هناك قائمة انتظار تضم أكثر من 1000 شخص، من ثم فبعض يبحث عن تجربة مثيرة حتى في أكثر الأوقات صعوبة مثل فترة كورونا.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات