Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لم يبق من "حماس" سوى شبح... لكنها موجودة

تواجه غموضاً حيال دعم إيران وضعفها يذكي معارضات عشائرية ولا تزال ترى أن الاستسلام بعيد

تحتفظ ببعض النفوذ والقدرة على تنفيذ العمليات العسكرية في غزة على رغم الانتكاسات التي تعرضت لها (أ ف ب)

ملخص

ظهرت عشائر فلسطينية في إطار إستراتيجية إسرائيل لمواجهة "حماس"، وقال نتنياهو علناً إن إسرائيل تسلح عشائر معارضة للحركة، لكنه لم يحدد أياً منها.

تكافح حركة "حماس" من أجل الصمود في قطاع غزة بمواجهة عشائر محلية معارضة لها، والضغط العسكري الإسرائيلي الذي لا هوادة فيه، بعدما فقدت قادة وجانباً كبيراً من شبكة أنفاقها، وتعاني غموضاً في شأن دعم حليفتها إيران.

وقالت ثلاثة مصادر مقربة من "حماس"، إن مقاتلي الحركة يعملون على نحو مستقل بموجب أوامر بالصمود أطول فترة ممكنة، لكنها تجد صعوبة من أجل الحفاظ على سيطرتها على قطاع غزة في ظل دعم إسرائيل العلني عشائر معارضة لها.

وأفاد أحد المصادر بأن "حماس" بحاجة ماسة إلى وقف القتال تحت وطأة الأزمة الإنسانية في غزة، التي تزيد من الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.

وأضاف المصدر أن وقف إطلاق النار لن يوفر فقط متنفساً لسكان غزة المنهكين الذين يتزايد انتقادهم لـ"حماس"، وإنما سيسمح أيضاً للحركة بسحق العناصر المارقة، ومنها أفراد بعض العشائر واللصوص الذين ينهبون المساعدات.

موجودون بطريقة ما

وأفاد مصدران من "حماس" وآخران مطلعان على الوضع، بأن الحركة أرسلت بعضاً من كبار مقاتليها للقضاء على أحد المتمردين، وهو ياسر أبو شباب، سعياً إلى مواجهة التهديد المباشر، لكنه حتى الآن لا يزال بعيداً من قبضتها في منطقة رفح التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية.

وتحدثت "رويترز" إلى 16 مصدراً، من بينهم أشخاص مقربون من "حماس" ومصادر أمنية إسرائيلية ودبلوماسيون، رسموا صورة لحركة أصابها الضعف الشديد، وتحتفظ ببعض النفوذ والقدرة على تنفيذ العمليات العسكرية في غزة على رغم الانتكاسات التي تعرضت لها، لكنها تواجه تحديات شديدة.

ولا تزال "حماس" قادرة على توجيه ضربات، فقد قتلت سبعة جنود إسرائيليين في هجوم بجنوب غزة الثلاثاء الماضي، لكن ثلاثة دبلوماسيين في الشرق الأوسط قالوا إن تقييم أجهزة الاستخبارات أظهر أنها فقدت القيادة والسيطرة المركزية، وتكتفي بهجمات محدودة ومباغتة.

 

وقدر مسؤول عسكري إسرائيلي، أن إسرائيل قتلت 20 ألف مقاتل أو أكثر من "حماس"، ودمرت مئات الأميال من الأنفاق تحت القطاع الساحلي أو جعلتها غير صالحة للاستخدام. وتحول جزء كبير من غزة إلى ركام خلال الصراع الدائر منذ نحو 20 شهراً.

وقال مصدر أمني إسرائيلي إن متوسط أعمار مقاتلي "حماس" ينخفض يوماً بعد يوم. وتقول مصادر أمنية إسرائيلية إن "حماس" تجند مئات الآلاف من الشبان الفقراء والعاطلين عن العمل والمشردين، ولا تكشف "حماس" عن عدد القتلى في صفوف مقاتليها.

وقال عصام (57 سنة)، وهو عامل بناء في مدينة غزة "هم لا يظهرون، لأن الطائرات تقصفهم باستمرار، لكنهم يوجدون أيضاً هنا وهناك، ينظمون طوابير الناس أمام مخابز، أو يقومون بحماية شاحنات المساعدات أو معاقبة اللصوص"، مضيفاً "وضعهم ليس مثله قبل الحرب، لكنهم موجودون".

ورداً على طلب للتعليق، قال القيادي في "حماس" سامي أبو زهري إن الحركة تعمل من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب مع إسرائيل، لكن "الاستسلام ليس خياراً".

وأضاف أن "حماس" لا تزال ملتزمة المفاوضات، ومستعدة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، لكنها تريد وقف سفك الدماء وانسحاب إسرائيل.

محكومون بالأمل

لم تعد "حماس" الآن إلا شبحاً للحركة التي شنت هجوماً على إسرائيل عام 2023 تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، وتقول سلطات الصحة في غزة إن الهجوم الذي شنته إسرائيل رداً على ذلك أودى بحياة أكثر من 56 ألف شخص.

ولم تتعرض "حماس" منذ تأسيسها لأضرار مثل تلك التي ألحقتها إسرائيل بها، إذ قتل معظم كبار قادتها العسكريين في غزة.

وأُسست "حماس" عام 1987، ورسخت وضعها تدريجاً منافساً رئيساً لحركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى أن انتزعت منها أخيراً السيطرة على غزة في 2007.

ومع صمود الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل، عاد الاهتمام ينصب مرة أخرى على إمكان التوصل إلى اتفاق في غزة قد ينهي الصراع ويطلق سراح الرهائن المتبقين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مصدر مقرب من "حماس" لـ"رويترز"، إن الحركة سترحب بهدنة ولو شهرين لمواجهة العشائر المحلية التي تكتسب نفوذاً.

لكنه أوضح أن شروط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، ومنها مغادرة قادة "حماس" غزة، ستعني الهزيمة الكاملة، وأن الحركة لن تستسلم أبداً. وقال "الوضع لا يبدو جيداً، ولكننا محكومون بالأمل والإيمان".

وأعرب يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز "كارنيجي" الشرق الأوسط في بيروت، عن اعتقاده بأن "حماس" تحاول ببساطة الاحتفاظ بوجودها. وقال إن ذلك ليس مجرد تحد مادي للصمود عسكرياً، وإنما سياسي قبل كل شيء.

ورداً على أسئلة من "رويترز"، قال "سيواجهون خطر الإبادة على الأرض في غزة إذا لم تتوقف الحرب، لكنهم يواجهون أيضاً محوهم من أية صيغة حكم تنهي الحرب في غزة" حال التوصل إلى صيغة من هذا القبيل.

وظهرت عشائر فلسطينية في إطار إستراتيجية إسرائيل لمواجهة "حماس"، وقال نتنياهو علناً إن إسرائيل تسلح عشائر معارضة للحركة، لكنه لم يحدد أياً منها.

ويأتي أحد أبرز هذه التحديات من أبو شباب، وهي عشيرة فلسطينية بدوية تتمركز في منطقة رفح الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

وقالت ثلاثة مصادر من "حماس" لـ"رويترز"، إنها تريد القبض على أبو شباب حياً أو ميتاً، وتتهمه بالتعاون مع إسرائيل والتخطيط لشن هجمات على الحركة.

ويسيطر أبو شباب على شرق رفح، ومن المعتقد أن العشيرة تتمتع بحرية الحركة في منطقة رفح الأوسع. وتظهر صور على صفحة العشيرة على "فيسبوك" مسلحين تابعين لها ينظمون دخول شاحنات مساعدات من معبر "كرم أبو سالم".

 

وتشير بيانات للعشيرة إلى أنها تحاول بناء إدارة مستقلة في المنطقة، على رغم نفي محاولة أن تصبح سلطة حاكمة. ودعت العشيرة سكان رفح الموجودين الآن في مناطق أخرى من غزة إلى العودة إلى ديارهم، ووعدتهم بتوفير الطعام والمأوى.

ورداً على أسئلة لـ"رويترز"، نفت عشيرة أبو شباب حصولها على دعم من إسرائيل أو أية اتصالات لها مع الجيش الإسرائيلي، ووصفت نفسها بأنها قوة شعبية تحمي المساعدات الإنسانية من النهب من خلال مرافقة شاحنات المساعدات، واتهمت "حماس" بممارسة العنف وتكميم أفواه المعارضة.

وقال مسؤول أمني في "حماس"، إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية "ستضرب بيد من حديد لاجتثاث العميل أبو شباب ومن يعاونه"، مؤكداً أنها لن تظهر رحمة أو تردداً، واتهمه بأنه جزء من "محاولة لخلق فوضى وفلتان"، مع ذلك، ليست كل عشائر غزة على خلاف مع "حماس".

وقال تحالف عشائري أمس الخميس، إن رجاله اضطلعوا بمهمة حماية شاحنات المساعدات من اللصوص في شمال غزة. وقالت مصادر مقربة من "حماس" إن الحركة وافقت على قيام التحالف بهذه الجهود.

وذكرت إسرائيل أن مقاتلي "حماس" استولوا بالفعل على الشاحنات، وهو ما نفته كل من العشائر والحركة.

غموض الموقف الإيراني

يقول المحلل الفلسطيني أكرم عطا الله، إن صعود نجم أبو شباب جاء نتيجة لضعف "حماس"، مع أنه توقع فشله في نهاية المطاف، لأن الفلسطينيين يرفضون على نطاق واسع أي تلميح للتعاون مع إسرائيل.

وبغض النظر عن صغر حجم مجموعة أبو شباب، فإن وجود عدو لـ"حماس" من الثقافة نفسها أمر وصفه بأنه خطر، وقال "سيظل الأمر يمثل تهديداً لحين التعامل معه".

وفاقم الهجوم الإسرائيلي على إيران من غموض الصورة أمام "حماس"، فقد كان لدعم طهران للحركة دور كبير في تطوير جناحها المسلح ليصبح قوة قادرة على إطلاق الصواريخ إلى عمق إسرائيل.

وفي خضم إعلان كل من إيران وإسرائيل النصر في الحرب، أشار نتنياهو إلى أن الحملة الإسرائيلية على طهران تزيد من تعزيز موقفه في غزة، وقال إن التطورات "ستساعدنا في تسريع نصرنا وإطلاق سراح جميع رهائننا".

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اولىمن أمس الأربعاء، إن ملف غزة يشهد إحراز تقدم كبير، وأضاف أن من شأن الهجوم على إيران أن يساعد في إطلاق سراح الرهائن.

وأوضح مسؤول فلسطيني مقرب من "حماس" أن الحركة تدرس احتمالات انحسار الدعم الإيراني، وتوقع أن "يكون التأثير في شكل التمويل والخبرة التي اعتادت إيران تقديمها للمقاومة".

وكان من بين المستهدفين في الحملة الإسرائيلية على إيران ضابط "الحرس الثوري" الذي يشرف على التنسيق مع "حماس". وقالت إسرائيل إن سعيد إيزدي، الذي أعلنت مقتله السبت، كان القوة المحركة وحلقة الوصل بين إيران و"حماس".

وقدمت الحركة تعازيها لإيران أمس الخميس، ووصفت إيزدي بأنه كان "من أعمدة دعم حركات المقاومة الفلسطينية".

وقال مصدر من فصيل مدعوم من إيران في المنطقة، إن إيزدي ساعد في تطوير قدرات "حماس"، بما في ذلك كيفية تنفيذها هجمات معقدة على غرار إطلاق الصواريخ وعمليات التسلل وإطلاق الطائرات المسيرة.

وعندما سئل أبو زهري عن كيفية تأثير الحملة الإسرائيلية على إيران في دعم الأخيرة لـ"حماس"، قال إن إيران دولة كبيرة وقوية ولن تهزم.

المزيد من متابعات