ملخص
باستعادة رفات الرهائن، يتبقى في قبضة "حماس" 50 محتجزاً يعتقد أن 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة، وهذا ما يقرأه المراقبون السياسيون بأنه بداية لفقدان "حماس" ورقة قوتها في الحرب.
حديث نتنياهو تزامن مع التقدم اللافت الذي أحرز في ملف مفاوضات الهدنة بغزة، إذ سافر وفد حمساوي إلى مصر، لاستئناف المفاوضات التي تستهدف التوصل إلى اتفاق، ووافق نتنياهو على إرسال وفد إسرائيلي لمكان عقد اللقاءات في شرم الشيخ ومنحه صلاحيات كبيرة أثناء التفاوض.
خلال الأيام الـ20 الماضية، تمكن الجيش الإسرائيلي من استعادة جثث ثمانية محتجزين لدى حركة "حماس" في غزة، وهذا عدد غير مسبوق منذ اندلاع حرب القطاع، فهل ينعكس ذلك سلباً أو إيجاباً على المحادثات التي يجريها الوسطاء في شأن إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار داخل غزة؟
خلال شهر يونيو (حزيران) الجاري، نفذ الجيش الإسرائيلي بمؤازرة جهاز الأمن الداخلي "الشاباك"، ثلاث عمليات خاصة داخل قطاع غزة، تمكن خلالها من استعادة ثماني جثث لرهائن قتلوا في الحرب الدائرة بين تل أبيب و"حماس".
50 محتجزاً
ويعد تحرير ثماني جثث لرهائن في غضون أقل من شهر عدداً كبيراً، إذ خلال 21 شهراً من القتال لم يستطع الجيش استعادة سوى 11 رهينة في عمليات خاصة، أما باقي المحتجزين فقد أطلقت "حماس" سراحهم ضمن صفقات تبادل.
وباستعادة رفات الرهائن، يتبقى في قبضة "حماس" 50 محتجزاً يعتقد أن 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة، وهذا ما يقرأه المراقبون السياسيون بأنه بداية لفقدان "حماس" ورقة قوتها في الحرب.
من جهته، عدَّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الإفراج عن جثث الرهائن الثماني خلال وقت محدود إنجاز عظيم، وأعلن عن ذلك بنفسه قائلاً "هذه العمليات جاءت بعد أشهر من العمل الاستخباراتي الميداني المعقد، وجرى نقل الجثث إلى إسرائيل".
وأضاف "لن نهدأ ولن نسكت حتى نعيد جميع مختطفينا إلى ديارهم، أحياء وأموات، هذه العمليات شأنها أن تساعد تل أبيب في حربها ضد ’حماس‘ وتمكننا من إعادة المحتجزين، إن هذا الأمر سيستغرق وقتاً إضافياً".
ماذا ينتظر غزة: صفقة أم مزيد من الحرب؟
في الواقع، غير مفهوم كلام نتنياهو ويحمل في طياته كثيراً من التأويل، إذا كان يقصد أنه يريد تحرير الرهائن بالعمليات الخاصة والضغط العسكري أو أنه يرغب في إطلاق سراحهم من طريق إبرام اتفاق مع "حماس" يتضمن الإفراج عن هؤلاء المحتجزين.
ولكن حديث نتنياهو تزامن مع التقدم اللافت الذي أُحرز في ملف مفاوضات الهدنة بغزة، إذ سافر وفد حمساوي إلى مصر لاستئناف المفاوضات التي تستهدف التوصل إلى اتفاق، ووافق نتنياهو على إرسال وفد إسرائيلي لمكان عقد اللقاءات في شرم الشيخ ومنحه صلاحيات كبيرة أثناء التفاوض.
من الواضح أن نجاح الجيش الإسرائيلي في إطلاق سراح الجثث المحتجزة في غزة ستكون له تداعيات على الحوارات في مصر، وبخاصة أن "حماس" تصر على إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة مقابل إنهاء الحرب في غزة وانسحاب الجيش من القطاع، بينما يفضل نتنياهو صفقات جزئية، ويرى أن الضغط العسكري والعمليات الخاصة في غزة تؤدي لنتائج.
لا انصياع لشروط "حماس"
يقول المتخصص في مجال السياسة رمزي عصفور "بعد الوصول إلى مكان جثث المحتجزين في غزة، فإن نتنياهو يبدو أنه غير مستعجل لصفقة شاملة أو الرضوخ لمطالب ’حماس‘، مما قد يعرقل التوصل إلى اتفاق".
ويشرح عصفور "يرى نتنياهو نفسه أنه يحقق إنجازات وأن الضغط العسكري يفقد ’حماس‘ السيطرة على الأرض، وأن مواصلة الاجتياح البري لغزة يحرز نتائج على مستوى إطلاق سراح الرهائن، ولذلك فإنه يشعر بالقوة وأنه قادر على فرض شروطه، لذلك لن ينصاع لشروط ’حماس‘".
ويضيف "عمليات الوصول إلى جثث الرهائن تقلل الثمن الذي تدفعه إسرائيل مقابل إطلاق ’حماس‘ سراح المحتجزين ضمن صفقة تبادل، وهذا يضعف موقف ’حماس‘ كثيراً أثناء التفاوض ويعزز موقف إسرائيل".
ويوضح أن عثور نتنياهو المستمر على جثث الرهائن يؤثر في مجريات صفقة الرهائن، إذ قد تستغل تل أبيب تلك العمليات لتعقيد المفاوضات أو تعطيلها، لأنها ترى بذلك نجاحاً وأن "حماس" تواجه صعوبة في السيطرة على الأرض.
كذلك يشير عصفور إلى أن "حماس" ما زال لديها رهائن أحياء وهذا قد يغير قواعد المفاوضات، لكن في جميع الحالات فإن الثمن اليوم الذي ستدفعه إسرائيل منخفض للغاية ولن تجني "حماس" نتائج إيجابية طالما ما زالت إسرائيل تستعيد رهائنها وإن كانوا جثثاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"حماس" تفهم نتنياهو وذاهبة لهدنة
من جانبه يقول الباحث الأمني صالح حمادة "قد ترتفع أسهم نتنياهو داخل إسرائيل وفي المفاوضات، ولكن يبدو أن ’حماس‘ تفهم ذلك وتحاول المراوغة، إذ قد تكون تعلمت الدرس واستفادت من أن الضغط العسكري قد تكون له نتائج".
ويضيف "ربما تستجيب ’حماس‘ لمطالب نتنياهو وضغوطه بعد تمكن الجيش من استعادة بعض الجثث، وتوافق على الصفقة من باب أن التعنت يعني خسارتها مزيداً من الرهائن الذين يشكلون ورقة رابحة في يدها".
ويوضح حمادة أن "حماس" تفهم أن الثمن بات منفخضاً ولذلك لن تقلل فرص الذهاب لصفقة، وإنما قد تعزز ذلك بمزيد من التنازلات، لأنها تعتقد أن الغزيين باتوا منهكين من الحرب ولا يستطيعون الصمود أكثر من ذلك.
وخلال وقت يفكر فيه نتنياهو بمعارضة الصفقة المطروحة بتشجيع من وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير الذي يقول "استعادة الجثث دليل واضح على أن بإمكاننا إعادة أقاربنا إلى الديار بالقوة العسكرية، لا نفضل مسار الصفقة حالياً"، فإنه يواجه ضغوطاً داخلية من حكومته للذهاب إلى هدنة.
وفي إسرائيل يطالب الرئيس إسحاق هرتسوغ بالإفراج العاجل عن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، ويقول "يجب الدفع قدماً بالإفراج العاجل عن المحتجزين في غزة، هذه الخطوة الشجاعة تخدم أمن وسلامة العالم وقد تقود إلى نهاية الحرب".