Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دلالات تصريحات ترمب حول سد النهضة؟

كان الرئيس الأميركي توسّط بين أديس أبابا والقاهرة عامي 2019-2020 في ما عُرف بـ "مسار واشنطن" إلا أن المفاوضات وصلت لطريق مسدود

رأى المختص في الشأن الإثيوبي بيهون غيداون أن تصريحات الرئيس الأميركي حول سدّ النهضة "لن يكون له تأثير ملموس" (أ ف ب)

ملخص

أثارت تدوينة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصة "تروث سوشيال" عن أن بلاده "موّلت بشكل غبي" سدّ النهضة الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق، موجة من الجدل في الأوساط السياسية والدبلوماسية، فضلاً عن انتشارها، بشكل كبير، في وسائط التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الإثيوبيون والمصريون.

أثارت تدوينة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منصة "تروث سوشيال" عن أن بلاده "موّلت بشكل غبي" سدّ النهضة الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق، موجة من الجدل في الأوساط السياسية والدبلوماسية، فضلاً عن انتشارها، بشكل كبير، في وسائط التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الإثيوبيون والمصريون، لتطرح أسئلة عدة حول الدلالات السياسية لهذه التصريحات، ولماذا تم إطلاقها في هذا التوقيت الذي يتزامن مع إعلان إثيوبيا إنهاء الأشغال المتعلقة بالسد بنسبة 95 بالمئة؟ كما أعادت التدوينة الرئاسية النقاش حول حجم الدعم الأميركي لبناء السد، وما إذا كان كان الدعم يتعلّق بالرغبة في تنمية إثيوبيا؟ أم التحكم في شريان الحياة بالنسبة لمصر والسودان، ومن ثم استغلاله سياسياً لجهة تفعيل المصالح الإقليمية والدولية للولايات المتحدة في المنطقة؟ ثم لماذا اعتراض الرئيس الأميركي على ذلك الدعم؟

 

لم تردّ مصر رسمياً

وفي حين لم تردّ مصر رسمياً على الاعتراف الأخير للرئيس ترمب، ردّ وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إتيفا على تصريحات الرئيس الأميركي في صفحته الشخصية على منصة "إكس" كاتباً "أن سدّ النهضة بناه الشعب الإثيوبي"، مضيفاً "أن السدّ مشروع محلي بناه الشعب عبر الاكتتاب العام وليس بمساعدات أجنبية".

وكان ترمب في عهده الأول قد توسّط بين أديس أبابا والقاهرة في عامي 2019-2020، في ما عُرف بـ "مسار واشنطن"، إلا أن تلك المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بعد انسحاب إثيوبيا من المفاوضات، وقد وجّه ترمب، حينها، هجوماً لاذعاً ضدّ إثيوبيا، مشيراً إلى أن مصر قد تلجأ إلى "تفجير السدّ لأنها لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة"، مضيفاً "كان ينبغي عليهم إيقافه قبل وقت طويل من بدء إنشائه"، ما اعتبر تشجيعاً لمصر لاتخاذ خطوات حاسمة لإيقاف السد منذ خمس سنوات مضت.

خلاف الرؤيتين

من جهته، رأى المحلل السياسي المصري محمد السيد رؤوف أن تدوينة الرئيس الأميركي ليست مفاجئة لمتابعي الشأن الأميركي، إذ سبق وأكد، في نهاية عهده الرئاسي الأول، رفضه النهج الإثيوبي الأحادي الطابع تجاه بناء السدّ، ولا سيما بعد انسحاب أديس أبابا من المفاوضات الطموحة التي أطلقتها إدارته آنذاك. وأشار رؤوف إلى أن ترمب يبدو متفهماً للموقف المصري ومعارضاً لفكرة الانفراد في اتخاذ القرارات بشكل أحادي بشأن نهر عابر لحدود نحو 10 دول، "إلاّ أن خروجه من البيت الأبيض في الانتخابات التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، قد أسهم، بشكل واضح، في تغيير مواقف الإدارة الأمريكية تجاه المشروع"، وأكد المحلل السياسي المصري "أن هناك خلافاً بين رؤيتي الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركيين، إذ إن إدارة الرئيس (السابق) باراك أوباما باركت، بشكل ضمني، بناء السد الإثيوبي، وساهمت بشكل من أشكال الدعم من أجل قيامه، من دون الالتفات لمصالح دول الحوض بخاصة دولتي المصبّ مصر والسودان"، ورأى أن الفريق الذي عيّنه أوباما لإدارة الملفات الأفريقية في الخارجية الأميركية، يعدّ من أكثر ما دافع عن المواقف الإثيوبية، وعلى رأسه ليندا توماس-غرينفيلد التي شغلت منصب مساعد أول لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية، بالإضافة إلى سوزان رايس التي عملت مستشارة للأمن القومي ومندوبة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن هذا الفريق ظل يعمل كلوبي لأثيوبيا، لا سيما أن الأخيرة ظلت تعترف بعلاقاتها المتميزة مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق ملس زيناوي الذي يعدّ صاحب فكرة السدّ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف رؤوف أن السدّ أضحى أمراً واقعاً الآن، إلا أن ثمة فرصاً لا تزال سانحة للاستفادة من موقف الإدارة الأميركية الحالية، للوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص القضايا الفنية المتعلقة بالتشغيل، لضمان عدم إضراره بالمصالح المائية لكل من مصر والسودان، وقدّر المحلل السياسي المصري أنه على رغم "أن التصريحات الأخيرة لترمب قد أتت في إطار ترشيد النفقات الأميركية، بخاصة تلك المتعلقة بدعم دول أجنبية، فإن أمام الإدارة المصرية، الآن، فرصة للعمل الديبلوماسي تجاه واشنطن، على رغم الفتور الديبلوماسي الملحوظ بين العاصمتين على خلفية رؤية ترمب بشأن تهجير الفلسطينيين".

مناورة لتخفيف الضغط

بدوره، رأى المختص في الشأن الإثيوبي بيهون غيداون أن تصريحات الرئيس الأميركي "تفتقد للدقة إذ إن المشروع تم تمويله، بشكل رئيس، عبر الاكتتاب العام للشعب الإثيوبي، وليس عبر دعم أميركي مباشر"، موضحاً أنه "إذا كان المقصود الدعم السياسي والدبلوماسي فالأمر مختلف، إلا أن التدوينة تتحدث بشكل واضح عن تمويل مالي، وهو أمر غير صحيح تماماً". ورجح غيداون أن ما ذكره ترمب حول سدّ النهضة الإثيوبي لن يكون له تأثير ملموس، بخاصة أن إثيوبيا أتمّت كل المراحل المتعلقة بالسدّ، ولا شيء يمنعها من استخدامه، مشيراً إلى أن تصريحات ترمب تتعلق بتخفيف الضغط الذي يواجهه بعد الأزمات الكبيرة التي تسببت فيها إدارته سواء في ما يتعلّق بالتعريفات الجمركية مع الاتحاد الأوروبي والصين وكندا وغيرها من الدول، فضلاً عن حجبه الميزانيات التي ظلت توجهها الولايات المتحدة للمنظمات الدولية، ما وضع واشنطن في مرمى نيران دول العالم".

ورأى غيداون أن "العلاقات المصرية - الأميركية في أسوأ حالاتها، الآن، بخاصة بعد الخلافات العميقة في الشأنين الفلسطيني والإيراني، ومن ثم لا يمكن ترجيح أن تقف إدارة ترمب إلى جانب المطالب المصرية بشأن السدّ"، موضحاً "أن عدداً من الدول العربية، بخاصة الخليجية منها، أضحت متفهمة ومستعدة للاستثمار في سدّ النهضة الإثيوبي سواء في إنتاج الطاقة، أو في المشاريع الزراعية"، مضيفاً أنها ترتبط بعلاقات متميزة مع كل من الإدارة الأميركية وأديس أبابا في آن معاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل