Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

5 عوامل ستحكم توجهات النفط وسط "اشتعال" التوتر

الأسواق في مفترق طرق بعد سبعة أيام من الصراع والأنظار صوب واشنطن والتداعيات على استقرار أسواق الطاقة

على مدى الأسبوع الجاري حقق خام "برنت" مكاسب ملحوظة (اندبندنت عربية)

ملخص

تتباين رؤى المؤسسات المالية العالمية الكبرى حول مستقبل أسعار النفط خلال النصف الثاني من عام 2025، إذ تراوح السيناريوهات ما بين الاستقرار الحذر وموجات صعود قد تدفع الخام فوق حاجز 100 دولار، وقد تتجاوزه بكثير في حال التصعيد العسكري المباشر.

تباينت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الخميس، مع تقييم الأسواق ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في هجماتها على إيران، بعدما دخل الصراع يومه السابع.

وانخفضت أسعار العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي تسليم أغسطس (آب) 0.15 في المئة أو 13 سنتاً عند 76.57 دولار للبرميل، بينما استقرت أسعار العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأميركي تسليم يوليو (تموز) عند 75.09 دولار للبرميل.

يأتي هذا بعدما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى احتمال تدخل الولايات المتحدة في النزاع، لكنه لم يحسم الأمر، مما خلق حال عدم يقين في السوق ودفع المستثمرين إلى تجنب اتخاذ مراكز جديدة في السوق، فأسهم في تراجع الأسعار.

وعلى مدى الأسبوع الجاري، حقق خام "برنت" مكاسب ملحوظة مرتفعاً من 74 دولاراً إلى مستوياته الحالية، مدفوعاً بتزايد القصف المتبادل في الشرق الأوسط. أما خام غرب تكساس، فشهد قفزة لافتة من 67 دولاراً إلى أكثر من 75 دولاراً في غضون أيام قليلة.

أما على مدى الشهر الماضي، فتقلبت أسعار الخام بصورة حادة وسط حال من الضبابية الشديدة، إذ تراوح "برنت" ما بين 58 و88 دولاراً للبرميل، بينما تحرك الخام الأميركي ضمن نطاق 55 إلى 84 دولاراً، في انعكاس مباشر لحال التوتر السياسي والمخاوف حول مستقبل إمدادات الطاقة العالمية.

احتمال انقطاع إمدادات

على صعيد متصل، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان اليوم، رداً على سؤال حول ما إذا كانت السعودية وروسيا ستتدخلان لتعويض أي انقطاع محتمل لإمدادات النفط الإيرانية "ردود فعلنا تكون فقط على الحقائق"، مضيفاً خلال منتدى اقتصادي في سانت بطرسبورغ أن "أوبك+" تحالف جدير بالثقة.

وأكد المسؤول السعودي أن تحالف "أوبك+" يُعدّ تحالفاً موثوقاً وفاعلاً يراعي الظروف عند حدوثها".

وأشار إلى أن هناك مجموعة "أوبك+" و"مجموعة الثماني"، وكلنا يجب أن نتفق في إطار هذه الصيغة، ويجب أن تتاح لنا الفرصة للرد على أية أوضاع وفقاً للتطورات، مضيفاً "لا يحق لأحد أن يتحدث باسم الجميع من دون أن يعرف رأي الجميع في مجموعتنا".

وشدد وزير الطاقة على أن "أوبك+"، منذ إنشائه، حل كثيراً من المشكلات، مؤكداً أن التحالف تنظيم جدي وفاعل، ويتابع باهتمام بالغ التطورات الجارية.

من جانبه قال الممثل الخاص للرئيس الروسي للتعاون الاستثماري والاقتصادي مع الدول الأجنبية كيريل دميترييف لـوكالة "رويترز" على هامش المنتدى إن "من الممكن اتخاذ روسيا والولايات المتحدة والسعودية إجراء مشتركاً لتحقيق استقرار أسواق النفط".

وأضاف دميترييف، وهو أيضاً رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، أن هناك سابقة لإجراء مماثل في 2020.

وقال محلل السوق لدى "آي جي" توني سيكامور ضمن مذكرة "لا تزال هناك علاوة مخاطرة جيدة في السعر مع ترقب المتعاملين لمعرفة ما إذا كانت المرحلة التالية من الصراع الإسرائيلي- الإيراني هي ضربة أميركية أو محادثات سلام".

إيران ثالث منتج

وإيران هي ثالث أكبر منتج في منظمة "أوبك"، إذ تضخ نحو 3.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام، لكن الأهم من ذلك هو مرور نحو 19 مليون برميل يومياً من الخام والمنتجات النفطية عبر مضيق هرمز، ويتصاعد القلق من أن يتسبب القتال في تعطيل التدفقات التجارية من هناك.

مفترق طرق

وفي ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إيران وإسرائيل، تقف أسعار النفط العالمية أمام مفترق طرق مصيري، تقوده خمسة عوامل رئيسة ترسم ملامح المستقبل القريب للسوق.

وحدد محللون لـ"اندبندنت عربية" خمسة محركات رئيسة تتحكم في أسعار النفط حالياً، مؤكدين أن الخطر الأكبر بالقطاع سيبقى من جهة بوابة مضيق جبل هرمز الذي من المتوقع أن تهدد إيران بإغلاقه حال تصاعد الأحداث.

وأوضح المحللون أن أول تلك العوامل التوترات الجيوسياسية في الخليج، إذ أن الأزمة بين إيران وإسرائيل أصبحت العامل الأبرز في تحديد مسار السوق، ولا سيما مع تصاعد المخاوف من تهديد الملاحة في مضيق هرمز، مشيرين إلى سياسات إنتاج تحالف "أوبك+" وهي الجهة المنظمة للأسعار التي تواصل سياسة الحذر من دون اتخاذ قرارات برفع الإنتاج على رغم تصاعد الأحداث الجارية.

وبينوا أن من تلك العوامل اتجاهات الدولار الأميركي، إذ إن ضعف الدولار أخيراً يدعم أسعار الخام لكنه ليس العامل الحاسم وحده، لافتين إلى أن تقلبات عقود المشتقات ونشاط المضاربين في الأسواق يعززان من موجات الارتفاع الحادة الجارية في الأسعار.

وأشاروا إلى أن تباين الرؤى من قبل المؤسسات المالية العالمية وتفاوتها يزيدان من حال التذبذب وعدم اليقين في الأسواق.

القلق على هرمز

ويشير تقرير "بلومبيرغ الشرق" إلى أن أكبر مصدر قلق لأسواق النفط يتمثل في مضيق هرمز، لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن إيران تسعى إلى تعطيل حركة الشحن في هذا الممر البحري الضيق عند مدخل الخليج العربي، إذ يمر عبر المضيق نحو خُمس إنتاج النفط العالمي.

وقال رئيس "معهد البترول الأميركي" مايك سومرز خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ"، "لا نرى أن هذا السيناريو مرجح في الوقت الحالي، لكن نظراً إلى الوضع المضطرب الذي تعيشه إيران حالياً، أعتقد بأن على الجميع مراقبة مضيق هرمز عن كثب".

صعود حاد

وبدوره أوضح المحلل النفطي الكويتي خالد بودي أن هذا الصعود الحاد في أسعار النفط يعكس بصورة رئيسة قلق الأسواق من احتمال تعطل الإمدادات العالمية، ويأتي هذا القلق مدفوعاً بتصاعد التهديدات التي تستهدف أمن الملاحة في مضيق هرمز الذي يعد شرياناً حيوياً يمر عبره نحو 20 في المئة من إمدادات النفط العالمية، وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

وأشار إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت بالغ الحساسية للأسواق العالمية التي تكافح بالفعل لمواجهة الضغوط التضخمية وتقلبات أسعار السلع الأساسية. وضمن تحليل معمق، أشار المتخصص في الشأن الاقتصادي بالجامعة اللبنانية جاسم عجاقة إلى أن المقترح الجاري لمد خط أنابيب نفط يربط شرق السعودية بغربها ليس وليد اللحظة، بل هو مشروع ذو جذور تاريخية تعود لثمانينيات القرن الماضي.

وأوضح عجاقة أن هذا المشروع يكتسب أهمية حيوية غير مسبوقة في ظل "الاضطرابات الجيوسياسية الراهنة التي تحيط بمضيق هرمز"، مضيفاً أن السعودية وشركاءها الإقليميين، مثل الإمارات والكويت ودول خليجية أخرى، ينظرون إلى هذا الأنبوب كحل استراتيجي لضمان "تدفق آمن وموثوق للنفط"، متجاوزاً بذلك أية أخطار أو تطورات محتملة قد تطرأ على مضيق هرمز.

أزمة إمدادات

وحذر المتخصص في شؤون الطاقة مدحت يوسف من أن إغلاق مضيق هرمز لن يقتصر تأثيره في أزمة إمدادات وحسب، بل سيشكل نقطة تحول جذرية في أسواق الطاقة العالمية بأكملها. وأوضح أن السعودية، على رغم امتلاكها لبدائل، لن تتمكن بمفردها من سد الفجوة الهائلة التي ستنتج من توقف صادرات الخليج العربي عبر المضيق.

وأشار إلى أن تجاوز أسعار النفط حاجز 100 دولار للبرميل سيكون إيذاناً بما أسماه "عصر الطاقة الجيوسياسية"، وفي هذا العصر الجديد، ستعود الاعتبارات العسكرية والجيوسياسية لتتصدر مشهد تسعير النفط عالمياً، مما يعيد تشكيل ديناميكيات السوق بصورة عميقة.

رؤية المؤسسات العالمية

وتتباين رؤى المؤسسات المالية العالمية الكبرى حول مستقبل أسعار النفط خلال النصف الثاني من عام 2025، إذ تراوح السيناريوهات ما بين الاستقرار الحذر وموجات صعود قد تدفع الخام فوق حاجز 100 دولار، وقد تتجاوزه بكثير في حال التصعيد العسكري المباشر، مما يعكس حال عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق، مدفوعة بصورة رئيسة بالأخطار الجيوسياسية المتزايدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورفع بنك "غولدمان ساكس" تقديراته لعلاوة الأخطار الجيوسياسية إلى 11 دولاراً للبرميل، متوقعاً أن يراوح خام "برنت" ما بين 88 و92 دولاراً إذا استمرت الأزمة من دون تصعيد مباشر على إمدادات الخليج. ومع ذلك، يرجح البنك قفز الأسعار إلى 100 دولار أو أكثر في حال تعطيل صادرات النفط الإيرانية أو إغلاق موقت لمضيق هرمز.

ويتوقع بنك "باركليز كابيتال" نطاقاً سعرياً بين 85 و100 دولار، محذراً من موجة صعود سريعة قد تدفع السوق بسهولة إلى 110 دولارات في حال استهداف منشآت نفطية إيرانية أو تعطيل الصادرات.

ويتبنى بنك "جيه بي مورغان" رؤية أكثر حذراً، متوقعاً استقرار الخام بين 70 و80 دولاراً إذا لم تشهد الأزمة تصعيداً مباشراً، وعلى رغم إقرار البنك باحتمال قفز الأسعار فوق 100 دولار، فإنه لا يرى هذا السيناريو يتحقق إلا إذا خرجت الأزمة عن السيطرة بصورة كاملة.

أما "سيتي بنك"، فيرجح بقاء أسعار النفط في نطاق 70-80 دولاراً على المدى القصير، لكنه حذر من أن "أي خلل في الملاحة أو استهداف جديد لمنشآت الطاقة الإيرانية قد يدفع الأسعار موقتاً فوق 100 دولار".

ويرى بنك الاستثمار "آي أن جي" أن الأسواق تتفاعل لحظة بلحظة مع الأخبار الواردة من الخليج، مؤكداً استعداد الخام للقفز فوق 100 دولار في حال التصعيد المباشر.

أما "ريستاد إنرجي"، الشركة المستقلة في مجال أبحاث الطاقة وذكاء الأعمال، فأكدت ضمن تقريرها الأخير أن "السوق في حال هشاشة غير مسبوقة"، مشددة على أن أي تطور عسكري جديد قد يعيد مشهد ارتفاع الأسعار إلى مستويات ثلاثية الأرقام.

معركة تلوح في الأفق

وفي النهاية فإن العالم يقف اليوم أمام لحظة اختبار جديدة لأسواق الطاقة، إذ تترابط السياسة بالاقتصاد في مشهد معقد وغير قابل للتنبؤ، وبينما تسابق الجهود الدبلوماسية الزمن لمنع انفجار الأسعار، تبقى الأسواق في حال تأهب قصوى لأي تطور جديد.

ومن المؤكد أن أسعار النفط لن تعود لمستويات الأمان قبل اتضاح مسار الأزمة الجيوسياسية، بينما تظل عيون المستثمرين والمؤسسات المالية مشدودة نحو الخليج، حيث تُرسم ملامح مستقبل الطاقة، وربما شكل جديد للنظام الاقتصادي العالمي بأسره.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز