Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا في الحرب... إسرائيل كسبت السماء وإيران خسرت الأرض

شهد البلد العربي تصعيداً ملحوظاً وراقب المدنيون الصواريخ والانفجارات الناجمة عن اعتراضها في أجواء وطنهم

ضباط سوريون يتفقدون بقايا طائرة مسيرة إيرانية قيل إنها سقطت قرب درعا جنوب غربي سوريا (أ ف ب)

ملخص

يرى مراقبون أن ترك الأجواء السورية مفتوحة بهذه الصورة يعبر عن فقدان السيادة، وغياب ردع القوى المتصارعة، وإبقاء الساحة السورية ملعباً للصراع، وتصفية الحسابات علاوة على المشاركة الفاعلة لقوات التحالف الدولي لمكافحة "داعش" في سوريا باعتراض الصواريخ الإيرانية وإسقاطها.

عين على السماء وأخرى على أرض تأكلها النيران، تصعيد خطر بين إيران وإسرائيل خطف أنظار العالم بأسره، وترك كل السيناريوهات مفتوحة أمام أحداث في غاية الخطورة قد تحيل المنطقة برمتها إلى خراب، في ظل الاقتتال الحاصل والضربات الجوية التي امتدت إلى استهداف مواقع عسكرية قرب مواقع تخصيب اليورانيوم ومفاعلاتها النووية.

الساعات الـ48 الماضية كانت كفيلة بقراءة أولية عن عملية "الأسد الصاعد" التي أطلقتها إسرائيل بعد اغتيال قادة وعلماء، وتوجيه ضربات لثكنات ومراكز إيرانية حساسة، بينما لم ينتظر رد طهران طويلاً وأطلقت بدورها صواريخ ومسيرات صوب الأراضي الإسرائيلية.

وما بين هذا وذاك بدت إسرائيل مرتاحة هذه المرة لضرباتها في العمق الإيراني، خصوصاً بعد تحرك مقاتلاتها من دون أي تهديدات من الدفاعات الجوية السورية أو الإيرانية في أعقاب خروج إيران من ساحة الدم السورية بعد عقد من الزمن.

اشتباك في الجو

وشهدت الأجواء السورية تصعيداً ملحوظاً، وراقب المدنيون الأضواء المنبعثة ليلاً من الصواريخ أو الصواريخ المضادة والانفجارات الناجمة عن الاعتراضات المتبادلة حتى تحولت السماء إلى ساحة حرب واشتباك.

ويرى مراقبون أن ترك الأجواء مفتوحة بهذه الصورة يعبر عن فقدان السيادة، وغياب ردع القوى المتصارعة، وإبقاء الساحة السورية ملعباً للصراع، وتصفية الحسابات علاوة على المشاركة الفاعلة لقوات التحالف الدولي لمكافحة "داعش" في سوريا باعتراض الصواريخ الإيرانية وإسقاطها، مما تسبب بأضرار مادية حسب الأنباء الواردة من مناطق جنوب سوريا في ريفي درعا والقنيطرة.

في المقابل استنفرت قاعدة التنف العسكرية في البادية، أو ما يطلق عليها منطقة الـ55 كيلو وفيها قوات أميركية على الحدود السورية – العراقية - الأردنية، وفعلت أنظمت دفاعاتها الجوية، وأسقطت ثلاث طائرات مسيرة إيرانية.

ومع أن التصعيد الأخير يدور في فلك الصراع بين دولتين متنازعتين منذ عام 1979 إلا أن السوريين لم يكونوا بمنأى عن هذه النزاعات، ولعل الضربات الأخيرة تركت أثراً معنوياً سواء باستباحة سماء بلادهم أو حتى الأضرار المادية بعد تسبب اعتراضات إسرائيل وقوات التحالف الدولي الصواريخ الإيرانية في وقوعها على الأرض السورية.

 

 

ولا يوجد إحصاء دقيق للأضرار التي تأثر بها السوريون بسبب الضربات المتبادلة لعدم انتهاء غبار الحرب الدائرة بعد، لكن أبرز ما حدث تسجيل إصابة طفل بشظايا صاروخية في ريف القنيطرة، وتداولت وسائل إعلام إصابة امرأة وأضرار في منزل بريف طرطوس إثر سقوط طائرة مسيرة، علاوة على أضرار مادية في الأراضي الزراعية التي تأثرت بسقوط بقايا الصواريخ المدمرة.

المكاسب والخسائر

ويعتقد الباحث في شؤون السياسة السورية، محمد هويدي، بأن إسرائيل حققت مكاسب كبيرة في المجال الحيوي السوري أولاً بالاستيلاء على مناطق واسعة من المنطقة العازلة التي كانت تحت رقابة الأمم المتحدة منذ عام 1974 وقمة جبل الشيخ، لافتاً الانتباه إلى قدرتها على التوغل بعمق بمساحة تصل إلى 40 كيلومتراً من الحدود.

ويرى أن ذلك ترافق مع القضاء على القدرات العسكرية السورية، ودمرت غالب القواعد العسكرية وبنيتها التحتية ومخازن الصواريخ الاستراتيجية السورية والإيرانية، وحققت بالمجال الحيوي هدفاً في غاية الأهمية فقضت على الممر الممتد من طهران إلى بيروت، وهو مشروع إيران الاستراتيجي، وأدى انهيار الأسد إلى تراجع الخط الإمدادي وتدمير البنية التحتية لهذه الشبكة مما حد من دعم إيران لـ"حزب الله". وأضاف، "اليوم فرضت الحكومة السورية واقعاً جديداً، إذ تقدم نفسها كالواقف في مواجهة المشروع الإيراني، وتركت المجال الجوي للبلاد لتحرك الطيران الإسرائيلي واستهداف طهران والعبور إلى الأجواء العراقية وثبتت قواعد اشتباك جديدة".

الممر الاستراتيجي

كانت إيران سحبت قادة الحرس الثوري والمتخصصين مع قوات خاصة لها تعمل على الأرض السورية فور سقوط نظام بشار الأسد وهربه في ديسمبر (كانون الأول) 2024، وأنهت بذلك ما يفوق على عقد من الحضور في سوريا، وشاركت إلى جانب الحليف الروسي بضرب التحرك المسلح الحاصل، وبسطت نفوذها على امتداد رقعة البلاد ولا سيما في الشرق والجنوب في مساع إلى تمرير طريق حيوي واستراتيجي بين طهران وصولاً إلى الجنوب اللبناني مروراً بسوريا والعراق بدعم من الحشد الشعبي العراقي.

في هذه الأثناء، يتحدث الناشط الحقوقي من مدينة دير الزور أحمد الشيخ عن قدرات الميليشيات الإيرانية في تعبيد الطريق قبل زواله مع سقوط الأسد، قائلاً "لقد مر عبر الطريق كثير من الشحنات التي تحوي أسلحة وذخائر وصواريخ، ومعظمها كانت تقلها حافلات نقل بضائع كبيرة الحجم، كما وفرت الميليشيات الإيرانية والموالية لها حماية هذه الشحنات المتجهة إلى الجنوب أثناء مرورها بالبادية".

ورجح أن الضربات الأخيرة من الممكن أن تدفع إلى تحريك أذرع إيران في الشرق الأوسط بعد ستة أشهر من سقوط النظام، وتعيد شحذ مخالبها التي قلمت أخيراً، مضيفاً "يجب قراءة الهجمات الصاروخية من جانب فصائل الحشد الشعبي العراقي التي ضربت شرق سوريا، وهو ما يعني أن طهران تعيد تجهيز نفسها لإعادة تموضع ما بعد كل ما خسرته في سوريا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى متابعون أن ما يحصل اليوم من انتهاك السيادة السورية يأتي كانعكاس حقيقي للخسائر الإيرانية، لأن دخول طهران إلى سوريا ودعم الأسد كان أحد الأهداف الاستراتيجية حتى لا تنتقل المعركة إلى قلب طهران، في حين كانت الميليشيات الإيرانية تطلق صواريخ من الجنوب السوري على الحدود السورية - الإسرائيلية.

وذكر الباحث السياسي محمد هويدي أن إيران باتت مكشوفة بصورة مباشرة منذ سقوط الأسد، وأعطى ذلك ضوءاً أخضر لإسرائيل لتنفيذ غارات بصورة مباشرة، مضيفاً "أدى هذا إلى اصطدام، وإلى ضربها بالعمق، وهذه في تقديري ارتدادات لسقوط الأسد وستكون لها ارتدادات على روسيا أيضاً عبر رسم خرائط شرق أوسط جديد، وهو ما أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سابقاً".

ومنذ اشتعال المواجهة بين إيران وإسرائيل اعتقلت دورية تابعة للقوات الإسرائيلية شابين من قرية كودنة بريف القنيطرة ولا تزال متحفظة عليهما. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الإسرائيلية نفذت أعمال تجريف جديدة خارج ثكنة الجزيرة العسكرية قرب قرية معرية في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، حيث أقيمت سواتر ترابية قرب نقطة الهاون التي كان يتمركز فيها جيش النظام السابق.

وشهد ريف القنيطرة الأوسط توغلاً مفاجئاً لقوة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من مدرعات ومعدات عسكرية عند منتصف ليل الجمعة ـ السبت، حيث دخلت القوات الطريق الواصل بين بلدتي خان أرنبة وجبا، ونصبت القوة المتوغلة حاجزاً موقتاً في المنطقة قبل أن تنفذ عملية تفتيش طاولت عدداً من المنازل، ونصبت حواجز موقتة في بلدات (خان أرنبة وجباتا الخشب وأوفانيا) فتشت خلالها المارة وحذرتهم من الاقتراب من الحدود.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير