Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاولات الهرب من الفقر في أفريقيا تصطدم بـ 4 أخطار

تتعلق بالنمو المتقلب وعدم الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية إضافة إلى تأثر الموارد بالتغير المناخي

 ارتفع معدل النمو في أفريقيا من 2.9 في المئة عام 2023 إلى 3.2 في المئة خلال 2024 (أ ف ب)

ملخص

تكافح كثير من الدول الهشة للحفاظ على دفعات النمو السريع اللازمة للهرب من الفقر، فبينما تمكنت اقتصادات دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى غير المشمولة بـ "الاتفاق الإطاري" من مواصلة النمو بعد الجائحة، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً سابقاً، لكنها لم تتمكن من استعادة ما خسرته، إذ لا يزال متوسط ​​دخل الفرد المعدل بحسب التضخم أقل من مستواه عام 2019

تشير البيانات المتاحة إلى أن أكثر من نصف سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعيشون في دول هشة ومتأثرة بالصراعات، وهي اقتصادات تواجه تحديات جسيمة مثل ركود النمو الاقتصادي وضعف المؤسسات وعدم كفاية الخدمات العامة والفقر المدقع والحرب، إضافة إلى النزوح الداخلي القسري.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير حديث إن "بعض الدول نجحت بالفعل في تجاوز حال الهشاشة الشديدة من خلال تطبيق سياسات اقتصادية كلية سليمة، وتنويع الاقتصاد وتعزيز المؤسسات".

ومع ذلك، ووفق التقرير الذي يحمل عنوان "كيفية تحفيز النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية الهشة والمتأثرة بالصراعات"، فمن المرجح أن يكون التعافي من الصدمات المتتالية خلال الأعوام الأخيرة صعباً على كثير من الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات، في ظل نمو متقلب وعدم استقرار سياسي، وتعرضها للكوارث الطبيعية واعتمادها الكبير على الموارد الطبيعية التي بدأت تتأثر بسبب عمليات التغير المناخي.

لكن للهشاشة كلفة بشرية باهظة، فمع موازنات متوترة وحاجات تنموية هائلة ونقص في التمويل، تحتل الدول الهشة في المنطقة باستمرار مرتبة متدنية في مؤشرات التنمية العالمية، إذ لا يزال متوسط ​​العمر المتوقع عند 60 سنة، ومعدلات الفقر أعلى بمرتين من مثيلتها في الدول غير المتأثرة بالصراع في المنطقة، ولا تزال معدلات إتمام التعليم الابتدائي من بين الأدنى عالمياً، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية فسيعيش ثلثا فقراء العالم المدقعين في دول هشة بحلول عام 2030، مع كون أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مركزاً للأزمة.

محاولات متسارعة للهرب من الفقر

وتكافح كثير من الدول الهشة للحفاظ على دفعات النمو السريع اللازمة للهرب من الفقر، فبينما تمكنت اقتصادات دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى غير المشمولة بـ "الاتفاق الإطاري" من مواصلة النمو بعد الجائحة، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً سابقاً، لكنها لم تتمكن من استعادة ما خسرته، إذ لا يزال متوسط ​​دخل الفرد المعدل بحسب التضخم أقل من مستواه عام 2019.

وعندما تعاني دول أفريقيا جنوب الصحراء من تباطؤ اقتصادي فإنها تفقد إيراداتها ويقل وصولها إلى التمويل الميسور، مما يجبرها على خفض نفقاتها بصورة أكثر حدة، مما يؤدي إلى انكماش مالي أطول وأعمق نسبياً يفاقم الصدمة الأولية.

وبالفعل تتجاوز الهشاشة مجرد نقص في القدرات المؤسسية والصراع المسلح، فهي غالباً ما تعكس قوى سياسية واقتصادية أعمق تجعل التعافي صعب المنال، ويؤدي تقييد الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وضعف المؤسسات ومحدودية ريادة الأعمال في الدول الهشة إلى انخفاض ملحوظ في مساهمات القطاع الخاص في الاقتصاد، وفرص عمل أقل مقارنة بالدول الأخرى.

ومع ذلك تمكنت بعض الدول الهشة من التحرر من خلال التركيز على الحوكمة التشاركية والإصلاح المؤسسي والتنويع الاقتصادي، وأوضح الصندوق الدولي أنه "وفقاً لتحليلنا لحالات سابقة استناداً إلى نهج التعلم الآلي، فإن الدول التي تكبح الفساد وتعزز المؤسسات وتشجع المشاركة السياسية أكثر قدرة على تخفيف حدة الهشاشة".

وتبعث دروس الماضي على الأمل، فبعد الحرب الأهلية التي شهدتها عام 2002، سعت سيراليون إلى إعطاء الأولوية لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات العامة في التعليم والرعاية الصحية، بينما عززت ليبيريا بعد أربعة أعوام من انتهاء الحرب الأهلية عام 2003 المؤسسات الأساس وقللت من الاعتماد على الصناعات الاستخراجية، واستغلت الدولتان لحظات محورية لإعادة ضبط التوقعات المجتمعية وبناء الثقة ووضع مسار جديد.

تعزيز المؤسسات المالية وتحسين إدارة المالية

وتعد الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات في المنطقة مصادر للاجئين رئيسة، وعلى رغم أن التحديات والقيود الشديدة لكن دولاً مثل الكاميرون تشاد وإثيوبيا والنيجر وغيرها طبقت سياسات مبتكرة للاجئين، مثل منحهم حرية التنقل وتصاريح العمل والوصول إلى الخدمات العامة.

وبينما تتطلب هذه التدابير استثمارات أولية وقدرات إدارية فإن إستراتيجيات إدماج اللاجئين المصممة جيداً يمكن أن تعزز فرص العمل والدخل لكل من الدولة المضيفة واللاجئين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال صندوق النقد الدولي إن الانتقال نحو النمو المستدام والمرونة عملية طويلة الأمد تتطلب المثابرة والقدرة على التكيف وليست حلاً سريعاً، ولا توجد سياسة واحدة تضمن النجاح، بل إن الدول التي تركز على حزمة من التدابير لبناء مؤسسات شاملة، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي واغتنام الفرص الرئيسة للإصلاح، هي أكثر حظاً في النجاح.

وتماشياً مع إستراتيجية الصندوق للدول الهشة والمتأثرة بالصراعات فأن هناك ثلاثة محاور يجب التركيز عليها في هذه الدول، تتضمن ضرورة استعادة استقرار الاقتصاد الكلي من خلال تعزيز المؤسسات المالية وتحسين إدارة المالية العامة، إضافة إلى إعادة بناء الثقة من خلال تحسين الحوكمة وضمان إدارة الإيرادات بمسؤولية، وبخاصة من الموارد الطبيعية، مع خلق فرص لمشاركة عامة أوسع وضمان توزيع أكثر عدالة للموارد، بما يعزز في نهاية المطاف الوحدة الاجتماعية والقدرة على الصمود.

وأشار الصندوق إلى أن بناء شراكات طويلة الأمد مع الشركاء الدوليين، بمن فيهم المانحون، يمكن أن يسهم في دعم بناء القدرات وتمويل البرامج الاجتماعية والتخفيف من آثار الصدمات الاقتصادية، مما يضمن عدم تفاقم الهشاشة إلى أزمة عالمية.

توقعات متفائلة للبنك الدولي

وكان البنك الدولي قد توقع تحسن كثير من المؤشرات الاقتصادية في أفريقيا خلال العام الحالي، وكذلك بعد ارتفاع معدل النمو من 2.9 في المئة خلال عام 2023 إلى 3.2 في المئة عام 2024، على خلفية انخفاض معدلات التضخم وتيسير الأوضاع المالية.

وذكر أن الصعوبات التي تواجهها الاقتصادات الكبرى مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا أدت إلى إعاقة التعافي الاقتصادي في المنطقة، ومن المتوقع أن ينخفض التضخم هذا العام على رغم أن أسعار المواد الغذائية ظلت مرتفعة عام 2024.

كذلك توقع البنك انخفاض أسعار الفائدة الرئيسة، وهو ما من شأنه أن يحفز الاستهلاك الخاص وبالتالي الاستثمار، ورجح أن تستفيد منطقة شمال أفريقيا ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من الطلب المحلي القوي مما يعزز نمو البلدان، بخاصة مع توقعات تباطؤ النمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، وفي أوروبا وآسيا الوسطى.

وفي هذا السياق أكد كبير محللي الاقتصاد في البنك الدولي إندرميت جيل أن "معظم العناصر التي ساعدت في تنمية البلدان النامية تبددت تدريجاً وعليها الآن مواجهة كثير من الرياح المعاكسة"، داعياً هذه البلدان إلى التفكير في نهج جديد من خلال تسريع الاستثمار الخاص وتشجيع الاستخدام الفعال لرأس المال.

اقرأ المزيد