ملخص
ينشر ترمب في ولايته الثانية نحو 17 منشوراً يومياً على منصته "تروث سوشيال"، يروج من خلالها لقراراته، يهاجم خصومه تارة، ويعيد نشر محتوى متابعيه بمن فيهم مروجو نظريات المؤامرة. رغم استعادة حسابه على "إكس" تارة أخرى. لا يزال ترمب متمسكاً بمنصته الخاصة، يديرها فريق مقرب يتلقى إملاءاته، بينما تبقى منشوراته الجريئة والمتطرفة نابعة منه شخصياً.
بعد مرور نحو عقد على استخدامه المكثف لمنصة "تويتر" التي ساعدته في مفاجأة العالم بفوزه على هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، أصبح اعتماد دونالد ترمب على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أكثر أهمية وتأثيراً اليوم في نقل رسائله وصياغة سياساته خلال الأشهر الأولى من ولايته الثانية.
منذ عودته للبيت الأبيض في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الماضي، استخدم ترمب منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" Truth Social، لنشر ما مجموعه 2145 منشوراً خاصاً به. واستغل هذه المنشورات للإعلان عن سلسلة من التعيينات والإقالات، وشن حرب تجارية غير مبررة مع الصين (ومعظم دول العالم)، فضلاً عن طرح تغييرات في سياسات البلاد وتهديد الحلفاء والخصوم على حد سواء، وغالباً مع يختم رسائله هذه بعبارته المقتضبة المعهودة: "شكراً لاهتمامكم بهذه المسألة!".
خلال الأيام الـ100 الأولى له في سدة الرئاسة، وجدت "اندبندنت" أن ترمب نشر على موقعه ما يربو على 1600 منشور، بمعدل لا يقل عن 15 منشوراً يومياً حتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وكانت الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة المسألة الأكثر تكراراً.
ووفق مراجعة أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" لنشاط ترمب على منصته "تروث سوشيال" الذي شمل أيضاً ما يُسمى "إعادة نشر الحقيقة" retruths، أي إعادة تداول محتوى يعود أصلاً لمستخدمين آخرين، بلغ إجمالي منشوراته، الأصلية منها والمعاد نشرها، منذ أدائه اليمين الدستورية حتى الأحد الماضي، 2262 منشوراً.
ويساوي العدد المذكور ثلاثة أضعاف عدد المنشورات التي كان الرئيس الأميركي يشاركها على منصته المفضلة سابقاً "تويتر" (أو "إكس" الآن)، خلال الفترة الزمنية نفسها من ولايته الأولى، بمتوسط يومي بلغ 17 منشوراً على حسابه في "تروث سوشيال".
ويقتصر بعض منشوراته على تصريحات عادية ومتكررة، يؤكد فيها "دعمه الشامل واللامشروط" لعدد كبير من الجمهوريين المرشحين لمناصب مختلفة، في أي سباق انتخابي يخوضونه.
أما منشوراته الأخرى، على غرار تلك المخصصة للمناسبات والأعياد، فتحولت إلى نوع خاص به من الكتابات، إذ يبدأ بالاحتفاء بهذه المناسبة أو تلك، ثم ينتقل إلى هجوم لاذع ومطول ضد أعداء مختلفين، سواء كانوا حقيقيين أو وهميين.
وفي الأسبوع الماضي، أضاف ترمب منشوراً جديداً إلى هذه الفئة من المنشورات خلال "يوم الذكرى" Memorial Day [الذي يُحتفى به تكريماً للجنود الأميركيين الذين قضوا في ساحات المعارك]، إذ نشر ترمب بياناً غاضباً مكوناً من 172 كلمة بأحرف كبيرة، قال فيه: "يوم ذكرى سعيد للجميع، بمن فيهم الحثالة الذين قضوا الأعوام الأربعة الماضية في محاولة تدمير بلدنا بعقول يسارية متطرفة ومشوهة، والذين فتحوا الباب أمام دخول 21 مليون شخص إلى بلدنا بصورة غير قانونية، وكثير منهم مجرمون ومختلون عقلياً".
لكن أكثر ما يثير الجدل على صفحته هو المحتوى المعاد نشره من بعض متابعيه على "تروث سوشيال" الذي يتضمن أحياناً أفكاراً غريبة تلامس نظريات المؤامرة.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعاد ترمب مشاركة تدوينة لأحد المتابعين يزعم فيها أن خليفة الرئيس وسلفه أيضاً، الرئيس السابق جو بايدن، قد استبدلت به فعلاً نسخة روبوتية "بلا روح ولا عقل" لأن بايدن الحقيقي، وفق المستخدم، كان مصيره الإعدام عام 2020.
ورفض البيت الأبيض الإفصاح عما إذا كان ترمب يعتقد فعلاً بأن بايدن الذي استضافه في البيت الأبيض عقب فوزه في انتخابات 2024 ورافقه إلى حفل تنصيبه ومراسم أدائه اليمين الدستورية في مبنى الكابيتول في يناير الماضي، كان في الواقع نسخة روبوتية.
وبدلاً من ذلك، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، تايلور روجرز، أن استخدام ترمب وسائل التواصل الاجتماعي يجعله "الرئيس الأكثر شفافية في التاريخ"، مشيرة إلى أنه يخاطب الشعب الأميركي عبر المنصات التي يستخدمونها بغية إيصال سياساته ورسائله وتصريحاته المهمة بصورة مباشرة".
ويعتمد ترمب بشكل مكثف على منصة "تروث سوشيال" التي يتابعها ما يربو على 10 ملايين متابع، ولكنها تفتقر نظرياً إلى الانتشار الواسع النطاق الذي كان يوفره منبره المفضل سابقاً "إكس" (أو "تويتر" سابقاً) والذي أتاح له بث رسائله فوراً إلى 104 ملايين شخص، أي بفارق يقارب 20 مليون متابع عن الـ80 مليون مستخدم الذين كانوا يتابعونه قبل حظره من المنصة في أعقاب هجوم السادس من يناير على مبنى الكابيتول على يد حشد غاضب من أنصاره.
وعلى رغم إعادة فتح حسابه واستئناف نشاطه على المنصة بعد استحواذ ماسك عليها عام 2022، استمر ترمب في النشر أولاً على "تروث سوشيال"، ربما بسبب شروط منصوص عليها في عقده تلزمه النشر عليها قبل أية منصة اجتماعية إلكترونية أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المجمل، بلغ عدد منشورات الرئيس الأميركي على "إكس" منذ عودته للبيت الأبيض نحو 100 منشور، وتبدو في معظمها نسخة مكررة من محتوى منشوراته على "تروث سوشيال".
وقال مسؤول في البيت الأبيض تحدث إلى "اندبندنت" مشترطاً عدم الكشف عن هويته، إن دان سكافينو ما زال يشارك بصورة جزئية في إدارة منشورات ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي. ولسكافينو باع طويل في مساعدة الرئيس الأميركي، إذ يعمل معه منذ تعيينه مديراً لنادي الغولف المملوك لترمب في ويستشستر بنيويورك عام 2008، ولكنه التقى به للمرة الأولى قبل ذلك بسنوات عندما كان يعمل حامل مضارب غولف في أحد ملاعب الغولف الأخرى التابعة للرئيس.
وسكافينو الذي أنهى الولاية الأولى لترمب كنائب لرئيس موظفي البيت الأبيض لشؤون الاتصالات، ما زال يشغل منصب مساعد الرئيس، ويحمل لقب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض. كذلك ما زال يحتفط بحق الوصول إلى حسابات ترمب على "تروث سوشيال" وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي.
ولكن الأيام التي كان فيها سكافينو الكاتب الرئيس لمنشورات ترمب ولت، إذ يعمل اليوم ضمن فريق يضم عدداً من الموظفين المقربين والمخلصين، من بينهم ناتالي هارب، المذيعة السابقة ذات التوجهات اليمينية التي تنجز أعمالها في مكتب يكاد يلاصق المكتب البيضاوي كونها واحدة من أقرب مساعدي ترمب.
والتقطت عدسة الكاميرات الرئيس الأميركي خلال إملائه منشورات على المستشارين كليهما، ولكن المسؤول أكد أن كثيراً من منشورات ترمب الأكثر جرأة واستفزازاً تكون من بنات أفكاره وحده، ولا سيما التي ينشرها في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر بينما يشاهد التلفزيون.
© The Independent