ملخص
فجر الخبر الذي تناقله مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي الجدل والتندر، ولا سيما بعد أن حمل في طياته مشاهد كوميدية تناولتها بعض الأعمال الدرامية، سواء على صعيد الحال المتردية التي باتت عليها مراكز الشباب في الأقاليم والمحافظات المصرية، أو دخول القائمين عليها في أعمال تتجاوز الوظيفة المخولة لهم.
في حادثة نادرة أثارت تندراً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت وزارة الثقافة المصرية اكتشاف وزيرها أحمد فؤاد هنو مصادفة واقعة حفر يشتبه في أنها لأغراض التنقيب عن الآثار، وذلك خلال زيارة مفاجئة أجراها لتفقد سير أعمال ترميم داخل قصر ثقافة الطفل بمحافظة الأقصر جنوب البلاد.
وحول الواقعة قالت وزارة الثقافة أمس الأحد إنه "جرى رصد مخالفة جسيمة تنفذ خلسة من قبل الشركة المسؤولة عن المشروع في غياب تام للمسؤولين والإشراف"، وعليه قرر وزير الثقافة المصري إحالة عدد من المسؤولين في إقليم جنوب الصعيد إلى التحقيق.
تفاصيل الواقعة
ووفق بيان وزارة الثقافة المصرية فإنه خلال زيارة وزير الثقافة أحمد هنو إلى محافظات الصعيد لافتتاح قصر ثقافة أخميم بمحافظة سوهاج (جنوب)، تفقد الوزير قصري ثقافة الأقصر والطفل بمدينة الأقصر التاريخية والذي يخضع حاليًا لأعمال ترميم ورفع كفاءة ضمن خطة تطوير البنية التحتية للمنشآت الثقافية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، موضحاً أنه خلال جولته التفقدية "رصد الوزير الحال السيئة للمبنيين، بما لا يتسق مع طبيعة الأعمال المفترض تنفيذها، فضلًا عن وجود قصور شديد في الإشراف، وغياب شبه تام للمتابعة من قبل الجهات المسؤولة في الموقعين".
وذكر البيان أن الوزير رصد خلال الزيارة "مخالفة جسيمة تمثلت في قيام الشركة المنفذة لأعمال ترميم ورفع كفاءة بقصر ثقافة الطفل بالحفر خلسة لأمتار عدة داخل إحدى الغرف بشقة تابعة للقصر، فيما يشتبه في أنه بغرض التنقيب عن الآثار، في ظل غياب تام للقائمين على الموقع من فرع الثقافة والإقليم التابع للهيئة".
وأعلنت الوزارة أن الوزير وجه بإحالة كل من رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي السابق والمدير العام الحالي للإقليم ومدير فرع الأقصر وعدد من مسؤولي الإدارة الهندسية والمكتب الفني والصيانة، إضافة إلى مديري قصر ثقافة الأقصر وبيت ثقافة الطفل ومسؤول الأمن بفرع الأقصر إلى التحقيق الفوري، واتخاذ ما يلزم من إجراءات إدارية وقانونية، مؤكدة أن الأمر يخضع حالياً لتحقيقات النيابة العامة في الأقصر، وأن مثل هذه الممارسات تسيئ إلى الجهود المبذولة لتطوير البنية الثقافية، وتمثل هدراً للمال العام.
جاء ذلك في وقت أمرت فيه النيابة الإدارية بفتح تحقيق عاجل في الواقعة، وطالبت بسرعة مباشرة التحقيقات وعرض نتائجها فور انتهائها وتحديد المخالفات الجسيمة التي وقع فيها المسؤولون.
جدل وتندر وأشياء أخرى
وفجر الخبر الذي تناقله مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي الجدل والتندر، ولا سيما بعد أن حمل في طياته مشاهد كوميدية تناولتها بعض الأعمال الدرامية، سواء على صعيد الحال المتردية التي باتت عليها مراكز الشباب في الأقاليم والمحافظات المصرية، أو دخول القائمين عليها في أعمال تتجاوز الوظيفة المخولة لهم.
وكتب الصحافي والباحث المصري محمد بصل عبر صفحته على "فيسبوك" أن "تفسخ البيروقراطية المصرية وصل إلى مرحلة من أن لا أحد أو لا شيء يحدث من أجل إتمام زيارة وزير"، مضيفاً "لم يعد يبذل أي جهد لتضبط المسائل أو تخفى الكوارث ظاهرة وباطنة".
ووفق بصل فقد أصبح الأمر لا يعكس فقط "اللامبالاة أو الاطمئنان إلى ضعف الرقابة مثلاً، لا بل أصبح الأمر أقل من هذا بكثير"، مستشهداً بمشهد للمثل الكبير عادل إمام في فيلمه "التجربة الدنماركية"، حين زار أحد مراكز الشباب وكان يقوم بدور وزير الشباب والرياضة المصري، ووجد القائمين عليه يقومون بأعمال غير تلك المخصص لها مركز الشباب.
وذكر الكاتب الصحافي محمد سعد عبدالحفيظ عبر صفحته على "فيسبوك" قائلا: "حتى وصلني خبر اكتشاف وزير الثقافة أحمد هنو خلال جولة تفقدية لأعمال تنقيب عن الآثار في قصر ثقافة الطفل بالأقصر، كنت أظن أن ما يتداوله زملاء على حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي مجرد نكتة"، مضيفاً أن "الخبر في الحقيقة على قدر ما به من كوميديا وسخرية، لكنه كاشف عن حجم الأزمة التي تمر بها مؤسسات الدولة التي ضربها الترهل والتسيب والفساد، على رغم إصرار مسؤولي الدولة على أن مهمتهم الأساس هي الحفاظ على تلك المؤسسات من الضياع، والعمل على إعادة ترميمها وضبطها بعد أن تحولت إلى خَرق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع عبدالحفيظ أن "ما حدث في قصر ثقافة الأقصر تعدى حدود الخيال والكوميديا السوداء، فمشهد وزير الشباب قدري المنياوي الذي جسده الرائع عادل أمام في 'التجربة الدنماركية' وهو يقتحم مركز شباب تحول إلى غرزة، كان محاولة من يوسف معاطي وعلي أدريس للإشارة إلى خلل عارض تحول مع الوقت إلى حال عامة، أما واقعة اليوم فتؤكد أننا وصلنا إلى مستوى يوجب علينا جميعاً مراجعة لكثير من السياسات التي تدير الدولة خلال الفترة الماضية"، مشيراً إلى أن "الواقعة الأخيرة تؤكد مجدداً أن بلدنا في حاجة إلى برلمان يمارس أعضاءه دورهم الرقابي على مؤسسات الدولة، وإلى مؤسسات ومسؤولين لديهم الحرية ومساحة الحركة التي تتيح اتخاذ القرارات واقتراح السياسات من دون مراجعة من أحد، وأخيراً إلى صحافة حرة تقوم بدورها في تتبع ومراقبة المؤسسات نيابة عن المواطن، فتشير إلى الخلل وتقوم الاعوجاج وتكشف الفساد أياً كان مرتكبه".
بدوره كتب الروائي أشرف العشماوي عبر صفحته على "إكس" يقول إن "خبر أن وزير الثقافة ذهب يتفقد قصر ثقافة الأقصر فوجدهم يحفرون وينقبون عن آثار وكأنه مشهد ناقص من روايتي الجمعية السرية للمواطنين".
وتعاني مصر ظاهرة التنقيب عن الآثار بصورة غير مشروعة، وبين حين وآخر تعلن السلطات القبض على أشخاص متورطون في تلك الأعمال في إطار جهودها لـ "الحفاظ على التراث الثقافي والأثري المصري، والتصدي لجرائم الاتجار في القطع الأثرية".