Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتنافس الهند وباكستان والصين على خطب ود طالبان؟

نبذ المجتمع الدولي حركة طالبان بعد استيلائها على كابول وحرمانها الفتيات والنساء الأفغانيات من حقوقهن المحدودة أساساً لكن بعد مرور أقل من أربع سنوات على ذلك تتنافس أكبر القوى الإقليمية في استمالتهم

عنصر من حركة "طالبان" يقف في مكان مطل على العاصمة كابول (أ ف ب/غيتي)

ملخص

على رغم عزلة طالبان الدولية منذ سيطرتها على كابول، باتت اليوم محط اهتمام الهند وباكستان والصين، التي تتنافس على توثيق العلاقات معها بدوافع استراتيجية وأمنية، في وقت تحذر فيه أصوات أفغانية من أن تتحول البلاد مجدداً إلى ساحة صراع جيوسياسي بدل أن تكون شريكاً ذا سيادة.

بعد أن نبذها المجتمع الدولي إثر استيلائها على كابول وحرمانها النساء من حقوقهن المحدودة أصلاً، تعود حركة طالبان للواجهة مع سعي ثلاث من كبرى القوى الإقليمية إلى استمالتها ورفع مستوى العلاقات معها، بعد أقل من أربع سنوات فقط.

وفيما لم تعترف أية حكومة من حكومات العالم بعد رسمياً بحكومة طالبان، تعد الصين والهند والإمارات من بين الدول التي قبلت أوراق اعتماد سفراء طالبان في عواصمها منذ سيطرة الحركة على كابول في 2021، وصرحت حكومة طالبان العام الماضي بأنها تسيطر على 39 سفارة وقنصلية أفغانية حول العالم.

يبدو أن عزلة طالبان شارفت على نهايتها، أقله في آسيا. فالأسبوع الماضي، لعبت بكين دور الأخ الكبير لكابول وإسلام آباد، وسعت إلى تخفيف حدة التوتر بين البلدين المتنامي على خلفية قضايا الإرهاب وترحيل اللاجئين.

ويوم الأربعاء الماضي، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بعد انتهاء محادثاته مع وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة أمير خان متقي ونظيره الباكستاني إسحاق دار، إن البلدين خططا لرفع مستوى علاقاتهما الدبلوماسية وتبادل السفراء في أسرع وقت ممكن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي صورة التقطت لهذا اللقاء غير الرسمي، ظهر وانغ يي وهو يمسك بيد السيدين دار ومتقي. وقال "ترحب الصين بهذه الخطوة، وهي على استعداد لمواصلة تقديم المساعدة بهدف تعزيز العلاقات الأفغانية - الباكستانية".

وطردت باكستان أكثر من 8 آلاف مواطن أفغاني من أراضيها في أبريل (نيسان)، في إطار حملة ترحيل جديدة بعد انقضاء المهلة النهائية التي حددتها لهم في الـ31 من مارس (آذار). وتقول إسلام آباد إن هذه الخطوة جزء من حملة أكبر تسمى خطة إعادة الأجانب الموجودين بصورة غير شرعية التي أطلقت في أواخر عام 2023. سبق أن حملت باكستان في الماضي مسؤولية ارتكاب هجمات مسلحة وجرائم على عاتق المواطنين الأفغان الذين يشكلون الشريحة الأكبر من المهاجرين في البلاد، ورفضت أفغانستان هذه الاتهامات، فيما اعتبرت كابول العملية ترحيلاً قسرياً.

وتأتي تعليقات وانغ بعد أيام من قيام نيودلهي، التي لا تزال تعاني تداعيات الهجوم في كشمير والصراع الذي كاد أن يتفجر حرباً مع باكستان، باتصالات سياسية مع طالبان، إذ عبر وزير الخارجية الهندي إس. جايشنكار عن تثمينه إدانة السيد متقي للهجوم الإرهابي الذي طاول بهلغام يوم الـ22 من أبريل (نيسان)، وقالت الهند إنها تعلق "أهمية كبرى" على المحادثة الهاتفية بين السيدين جايشنكار ومتقي.

في يناير (كانون الثاني)، التقى وكيل وزارة الشؤون الخارجية الهندية فكرام ميسري السيد متقي وتباحث الطرفان في توسيع العلاقات الثنائية، مع التركيز على مخاوف الهند الأمنية، وتعزيز التجارة من خلال تطوير ميناء تشابهار في إيران والاستثمارات الهندية في مشاريع إنمائية عدة داخل أفغانستان.

ومنعت حركة طالبان الفتيات والنساء من ارتياد المدرسة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويترتب عليها مسؤولية تحويل أفغانستان إلى "سجن في الهواء الطلق" لمواطنات البلاد بسبب سياسات التفرقة على أساس الجنس، وهذا أحد أهم الأسباب وراء عزلة الحركة وعدم الاعتراف بها رسمياً.

وقالت دول غربية عدة، منها الولايات المتحدة، إن المسار نحو أي اعتراف رسمي بطالبان معلق حتى تغير الحركة موقفها من حقوق المرأة وتعيد فتح أبواب الثانويات والجامعات لاستقبال الفتيات والنساء وتسمح لهن بحرية الحركة المطلقة. تقول حركة طالبان إنها تحترم الحقوق التي تتماشى مع تفسيرها للشريعة الإسلامية، وإن القيود على القطاع المصرفي وعدم الاعتراف بها تشكل عائقاً أمام اقتصادها.

ويقول الخبراء إن تودد أكبر القوى في آسيا لأفغانستان تحت حكم طالبان هو سيناريو لم يكن ليخطر في البال إطلاقاً حتى في العام الماضي، ويعتقد بأن الهند وباكستان والصين تعمل على حماية مصالحها الشخصية في ظل السباق الإقليمي على المعادن، وضمان الحماية من مجموعات إرهابية لدى طالبان تأثير فيها.  

ويدعو فريد ماموندزاي، السفير الأفغاني لدى نيودلهي حتى عام 2023، العالم إلى التنبه من أن المنافسة على أفغانستان "ليست جديدة، لكنها أصبحت أكثر علنية ومرئية وتحدث بصورة متزايدة على مستويات دبلوماسية أعلى".

ويقول لـ"اندبندنت" إن اهتمام الدول الثلاث محصور بالضروريات الاستراتيجية الخاصة بها، وليس الاهتمام بقضايا الحقوق أو الحوكمة.

ويتابع السفير الذي خدم لدى نيودلهي إلى أن سيطرت طالبان على البعثة "بالنسبة إلى باكستان، تحتل أفغانستان مكانة مركزية في إطار مفهومها للعمق الاستراتيجي، وهي ساحة نفوذ أساسية ووسيلة للحد من النفوذ الهندي على حدودها الغربية. فيما تعتبر الصين أفغانستان ذات أهمية جوهرية لتأمين منطقة شنجيانغ الغربية وتوسيع مبادرة الحزام والطريق وإنشاء ممرات تجارية برية باتجاه آسيا الوسطى وإيران، والاستفادة من ثروتها المعدنية غير المستغلة".   

ويضيف "أما الهند فترى في استمرار التعامل معها خطوة أساسية لمواجهة النفوذ الصيني والباكستاني، والحفاظ على إمكان الوصول الاستراتيجي إلى مناطق آسيا القارية"، كما يحذر من أن طالبان قد تجعل أفغانستان المنهكة من الحروب بيدقاً، بدلاً من أن تكون شريكاً في السباق الإقليمي.

ويقول السيد ماموندزاي "في سياق هذا التزاحم، تواجه أفغانستان خطر أن تعامل مرة جديدة على أنها ساحة لتصفية النزاعات الجيوسياسية بدل أن تكون جهة فاعلة ذات سيادة، إذ تطغى ألعاب القوى الخارجية على أولوياتها الداخلية. ظلت أفغانستان لفترة طويلة جداً مكاناً يستضيف منافسات الآخرين وخصوماتهم. يجب أن ينتهي هذا النمط".

وفي ما يتعلق بطالبان، يشير السفير السابق إلى إن الاهتمام المتزايد من الجهات الثلاث يعزز مكانتها في العالم وقوتها السياسية ومكاسبها الاقتصادية.

لكن هذا لا يضمن لبكين أو نيودلهي أو إسلام آباد أمنها، كما يقول نائب وزير الخارجية الأفغاني السابق ناصر أحمد أنديشا.

إذ يشرح "قد يبدو هذا التفاعل عملياً في الوقت الحالي ويسمح لنيودلهي بأن تكون صديقة عدوة عدوتها، لكنه محكوم بالفشل على المدى البعيد".

في الوقت الراهن، تستمتع طالبان بالاهتمام الذي تلقاها من مراكز القوى الثلاث.

وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لطالبان عبدالمتين قاني لـ"اندبندنت"، "لا شك في هذا الإطار بأن الإمارة الإسلامية عززت علاقاتها الشاملة مع دول كبرى مثل الصين وروسيا وإيران، وحتى الهند تماشياً مع مصالحها".

وأضاف أن وزير الداخلية في حكومة طالبان سراج الدين حقاني ووزير الخارجية السيد متقي بذلا جهوداً جديدة لإصلاح العلاقات بين أفغانستان وباكستان، ورداً على سؤاله إن كان هذا فصلاً جديداً بالنسبة إلى حركة طالبان، أجاب السيد قاني "نعم بالتأكيد".

© The Independent

المزيد من دوليات