ملخص
واستضافت الجلسة التي حملت عنوان "تعبئة الإيرادات في الأمد المتوسط"، وزير الاقتصاد والمالية في باراغواي كارلوس فرنانديز ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي في رواندا مورانغوا يوسف، ونائب رئيس البنك الدولي لشؤون الرخاء بابلو سافيدرا ووزير المالية والإيرادات الاتحادي في باكستان محمد أورنغزيب، بينما أدار الجلسة مدير إدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي فيتور غاسبار
في حدث مشترك بين صندوق النقد والبنك الدوليين، خلال اجتماعات الربيع في واشنطن هذا الأسبوع، ناقش مجموعة من وزراء المالية التحديات وقصص النجاح في جهودهم لتعزيز تحصيل الإيرادات المحلية.
وسلط الضوء على أهمية تحسين هذه الإيرادات لتحقيق الأهداف التنموية واستدامة النمو الاقتصادي، مع التركيز على استراتيجيات وأساليب مبتكرة للتعامل مع التحديات التي تواجهها البلدان في هذا المجال.
واستضافت الجلسة التي حملت عنوان "تعبئة الإيرادات في الأمد المتوسط"، وزير الاقتصاد والمالية في باراغواي كارلوس فرنانديز ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي في رواندا مورانغوا يوسف، ونائب رئيس البنك الدولي لشؤون الرخاء بابلو سافيدرا ووزير المالية والإيرادات الاتحادي في باكستان محمد أورنغزيب، بينما أدار الجلسة مدير إدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي فيتور غاسبار.
بدأ فيتور غاسبار حديثه قائلاً "يتطلب التقدم والنمو اقتصاداً سوقياً مدمجاً في إطار اجتماعي يشمل حكومة كفؤة ولكن بحدود واضحة، ويعد تحصيل الإيرادات الضريبية الوسيلة الأساس لبناء قدرة الإدارة العامة، ولهذا فإن الإيرادات الضريبية الكافية تعد شرطاً ضرورياً لتحقيق التقدم والنمو، إذ إنها الأداة الأساس التي تمكن الحكومة من العمل وتمنحها الوسائل المالية اللازمة لتنفيذ سياساتها".
وأضاف "الاستقرار والقدرة على الصمود باتا أمرين بالغي الأهمية اليوم، لا سيما في عالم يسوده عدم اليقين، وعالم قد يبدو لكثر مهدداً، فالدولة القادرة على حماية مواطنيها وحماية أعمالها ومؤسساتها الاقتصادية في مواجهة هذه التقلبات، هي الدولة التي ستحظى بالدعم الشعبي، ويتطلب تحقيق هذا النوع من الأجندات منظوراً طويل الأمد، ولهذا يأتي دور كل من البنك والصندوق الدوليين كشريكين أساسين في دعم هذه الرؤية".
وتابع غاسبار قوله لقد استثمر كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في استراتيجية متوسطة الأجل لتعزيز الإيرادات، والتعاون بين المؤسستين ممتاز، وأعتقد أن ذلك سيتضح جلياً من خلال هذا النقاش، ولكي تكون هذه الجلسة راسخة في الأذهان أود أن أقترح عبارة موجزة وملهمة وهي "قم ببناء الثقة ثم افرض ضرائب بعدالة، وأنفق بحكمة". هذا هو مجمل ما سأسهم به من حيث المضمون في هذه الجلسة، لأن المشاركين فيها قادرون بلا شك على تقديم محتوى جوهري يفوق ما يمكنني تقديمه.
"عدم اليقين وتزايد ضعف الديون"
وقال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الرخاء بابلو سافيدرا "في سياق من عدم اليقين المتزايد، لاحظنا أن عدداً من الدول يواجه مزيداً من الضعف في الديون، بينما قد تواجه دول أخرى ضغوطاً أكبر في السيولة، وبعض آخر قد يواجه ضغوطاً مالية لتلبية حاجاته. وفي ظل الوضع الذي قد يكون فيه الوصول إلى الأسواق المالية أكثر صعوبة، وبخاصة مع ارتفاع الكلف لبعض الدول، تصبح تعبئة الموارد المحلية أمراً أكثر أهمية وأكثر إلحاحاً".
وأضاف "نركز في صندوق النقد الدولي بصورة أساس على الموضوع الأول الأكثر إلحاحاً، وهو السياسة الضريبية وإدارة الضرائب، ومن خلال المناقشات التي نجريها مع البلدان التي نعمل معها فإنني ألاحظ غالباً أن التركيز يكون على توسيع القاعدة الضريبية بدلاً من زيادة المعدلات، وبخاصة خلال هذه الأوقات التي تتسم بالضغوط الاقتصادية".
وتابع "توجد قضايا تتعلق بالاقتصاد غير الرسمي وضرورة ضم مزيد من دافعي الضرائب إلى شبكة الضرائب، وبالطبع، هناك جانب إدارة الضرائب الذي يتعلق بتحصيل الضرائب بكفاءة أكبر، وهناك مجال واسع لتحقيق ذلك، ورأينا من خلال إصلاح عمليات إدارة الضرائب، والتحول الرقمي، ومحاولة معالجة جميع الفجوات الضريبية التي نراها عبر مختلف الضرائب. لذلك، كان هذا جزءاً كبيراً من جهودنا، ووضعنا جميع أدواتنا خلف ذلك، سواء كانت الخبرة التي يقدمها صندوق النقد الدولي أو الخبرة التي يقدمها البنك الدولي. جميعنا نعمل معاً مع تحديد الأولويات، لأن الدول لا تستطيع القيام بكل شيء خلال وقت واحد، ونحتاج إلى تحديد الأولويات ووضع جميع مواردنا خلف هذه الإصلاحات، وبخاصة عندما يكون لدينا برامج تمويل تدعم هذه الإصلاحات أيضاً".
باكستان وإقرار ضريبة تاريخي على القطاع الزراعي
غاسبار توجه بسؤاله إلى ووزير المالية والإيرادات الاتحادي في باكستان محمد أورنغزيب، قائلاً "كثيراً ما سعت باكستان إلى رفع نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن هذه النسبة بقيت مستقرة نسبياً ولم تتجاوز حدود 10 في المئة من الناتج المحلي، والسؤال الذي يطرحه الجميع في هذا السياق هو... ما أبرز العوائق التي تحول دون زيادة الإيرادات في باكستان؟ وما الخطة لتجاوزها؟
وفي رده على هذا التساؤل قال وزيرة المالية الباكستاني "أنتم محقون تماماً، فالبلاد تعاني منذ فترة طويلة ضعف نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي، والتي تراوح ما بين تسعة و10 في المئة، ومن الواضح أن هذا الوضع غير مستدام، وما اتفقنا عليه مع صندوق النقد الدولي، ضمن إطار برنامج التسهيل الائتماني الممدد، هو أننا خلال فترة تمتد على 37 شهراً سنسعى إلى رفع هذه النسبة إلى 13.5 في المئة، وذلك للانضمام إلى مجتمع الدول المستقرة مالياً، وتحقيق مستوى معين من الاستدامة في معادلتنا المالية".
وأضاف "نحن حالياً خلال العام الأول من البرنامج، ونتوقع أن ننهي هذا العام المالي بنسبة تبلغ 10.6 في المئة، بزيادة تبلغ نحو 1.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهي قفزة تحولية بكل المقاييس".
وتابع "للمرة الأولى في تاريخ البلاد، قمنا الآن بإقرار ضريبة دخل على القطاع الزراعي، وذلك باعتبار أن هذا الأمر بات من اختصاص السلطات الإقليمية. وقامت البرلمانات الإقليمية فعلاً بإصدار التشريعات اللازمة لذلك، وعدد المقدمين للإقرارات الضريبية تضاعف من مليونين إلى 4 ملايين ممول، وهذا أمر مشجع ويدفعنا للسير في الاتجاه الصحيح".
واستدرك "لكننا نحتاج أيضاً إلى التعامل مع جانب التنفيذ والامتثال، وهذا ما نعمل عليه حالياً مع هيئة الضرائب لدينا ضمن برنامج التحول الشامل.
لذلك، قمنا بتغيير الأشخاص وأعدنا هيكلة أنظمة الحوافز، وبدأنا في استقدام خبراء في التدقيق لأن ذلك لم يكن من نقاط القوة الأساس لدى هيئة الضرائب لدينا، ونعمل على تبسيط الإجراءات ونرى أن التكنولوجيا هي المجال الذي يحمل الإمكانات الأكبر لتحقيق التحول الحقيقي. لذلك، أصبح لدينا الآن نظام تتبع ورصد راسخ في عدد من القطاعات الرئيسة مثل السكر والأسمدة والتبغ والأسمنت، ونعمل حالياً على توسيعه ليشمل قطاعات أخرى أيضاً".
وأشار إلى أنه كلما زادت استخدام التكنولوجيا في التنفيذ كان ذلك أفضل، بالتالي فإن هذا يعد تقدماً مهماً حققناه خلال هذا العام المالي".
"التكنولوجيا مهمة في التحصيل الضريبي لتجنب الفساد"
من جانبه، قال وزير الاقتصاد والمالية في باراغواي كارلوس فرنانديز "كانت فكرتنا للنمو وخلق الوظائف هي أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيس، وبما أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيس فما الذي يجب فعله مع النظام الضريبي؟ هل من الضروري زيادة الضرائب أم يجب فعل شيء آخر؟ وفي باراغواي، باعتبارها دولة غير ساحلية، إحدى مزاياها التنافسية هي نظامها الضريبي، إذ هو في الأساس نظام (10-10-10) يعني 10 في المئة ضريبة القيمة المضافة، و10 في المئة ضريبة الدخل الشخصي، و10 في المئة ضريبة الشركات".
وأضاف "هذا نظام تنافسي للغاية، وبالنظر إلى ذلك وبالنظر إلى رغبتنا في أن يذهب القطاع الخاص للاستثمار في باراغواي من أجل تحقيق معدل النمو وخلق الوظائف الذي نحتاج إليه، وعدنا خلال الـ16 من أغسطس (آب) 2024، في اجتماع كبير مع رجال الأعمال والمستثمرين، أكثر من 1000 منهم مع رئيس الجمهورية المنتخب حديثاً، بأننا لن نرفع أي معدل ضريبي. فنحن نؤمن بأنه يمكن دائماً زيادة كفاءة التحصيل، وكان إنشاء وكالة جديدة لتحصيل الإيرادات هو السبيل إلى ذلك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "كنا نمتلك سابقاً وكالتين منفصلتين للتحصيل الضريبي، واحدة للجمارك وأخرى للإيرادات الداخلية، وكانتا تعملان بصورة منفصلة مع رؤوس مختلفة، وهذا كان خطأً كبيراً لأنك تحتاج إلى قيادة واحدة فحسب، وأُنشئت القيادة الواحدة من خلال الكيان الجديد الذي هو (السلطة الوطنية لتحصيل الإيرادات)".
وأوضح "بفضل ذلك بدأنا في تحسين تحصيل الضرائب من دون أي تغيير في معدلات الضرائب، أي لا ضرائب إضافية من هذه الناحية، بمعنى مزيد من التحصيل الضريبي بنفس القاعدة الضريبية أو معدلات الضرائب".
وأضاف فرنانديز"لذا، يرى الناس بالفعل أننا في هذا السياق نحارب الفساد وتهرب الضرائب، ولذلك أصبح الناس أكثر استعداداً لدفع ضرائب أكثر قليلاً".
وختم قائلاً "لهذا السبب أنا أحب اسم الندوة (بناء الثقة)، فقد كان ذلك أحد الأمور الأكثر أهمية، إذ نعمل على بناء الثقة في قدرة الحكومة على جمع الإيرادات اللازمة لتحقيق الوعود".
"المساعدات المالية ليست مستدامة على المدى المتوسط والطويل"
وقال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في رواندا مورانغوا يوسف "لقد بدأنا من نسبة ضريبة إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ نحو ستة في المئة قبل 20-25 عاماً، وحتى نهاية العام الماضي وصلنا إلى نحو 15 في المئة، وبذلنا كثيراً من الجهد في تعبئة الموارد المحلية لأننا نعلم، خصوصاً في السياق الحالي، أن المنح، خصوصاً المساعدات المالية، ليست مستدامة على المدى المتوسط والطويل".
وأضاف "قمنا بكثير من التعاون والتفاعل مع جميع الأطراف المعنية، سواء في الحكومة أو البرلمان أو القطاع الخاص أو الجمهور، ومن المهم أن يكون هذا التفاعل ناجحاً".
وتابع "على مدار الـ10 إلى 15 عاماً الماضية، استثمرنا بصورة كبيرة في خدمات الصحة، لضمان الوصول الشامل إلى الرعاية الصحية داخل البلاد، وكذلك في التعليم والزراعة وهو أمر بالغ الأهمية، إضافة إلى الصناعة والحماية الاجتماعية".