Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العريضة ضد الرئيس التونسي: أزمة ثقة داخلية أم رسالة للخارج؟

يأتي هذا التطور خلال وقت تواجه فيه السلطات انتقادات حقوقية متنامية خصوصاً إثر توقيف عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين

دعوات لاستقالة الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

ملخص

دعوات لتنحي الرئيس قيس سعيد عن السلطة تثير ضجة وجدلاً واسعين، وهناك من يعد أن الهدف من العريضة بعث إشارة للخارج مفادها وجود أزمة سياسية في تونس.

أثارت عريضة وقع عليها نشطاء سياسيون وحقوقيون في تونس، تدعو الرئيس قيس سعيد إلى التنحي الفوري عن السلطة، ضجة وجدلاً واسعين، خصوصاً أنها تزامنت مع جولة جديدة من محاكمة سياسيين بارزين بتهمة التآمر على أمن الدولة.

وقال النشطاء في عريضتهم إن "قيس سعيد ظهرت عليه مواقف عدوانية ومتشنجة تجاه الجميع قبل الانتخابات، وحتى بعد الفترة التي فاز فيها باستعمال طرق غير شرعية، مع تسجيل تدهور مفزع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، إضافة إلى عزلة خارجية غير مسبوقة، زيادة على استمرار مواقفه العبثية التي تستند إلى وهم وجود مؤامرات".

وحاول هؤلاء تقديم بدائل من خلال الدعوة إلى "تشكيل لجنة من أساتذة القانون العام وقضاة من المحكمة الإدارية، لضبط خريطة طريق يلتزم بها الجميع، وتفضي إلى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها".

بداية حراك سياسي

هذه العريضة تأتي بعد أيام قليلة من عودة المعارضة داخل تونس إلى الشارع، في مسعى إلى تكريس ضغوط جديدة على الرئيس قيس سعيد الذي انفرد بمعظم الصلاحيات خلال الـ25 من يوليو (تموز) 2021، في خطوة خلقت قطيعة واسعة بينه والطبقة السياسية.

وإثر ذلك، قاد سعيد سلسلة من الإصلاحات السياسية والدستورية المثيرة للجدل، والتي عمقت حال الانقسام الذي تعرفه البلاد، ولم يتراجع على رغم اتساع دائرة معارضيه.

وعد الباحث السياسي التونسي منذر ثابت "هذه الخطوة صورة من صور الفعل السياسي، ويبدو أن الواقفين خلف هذه العريضة يستهدفون بعث إشارة إلى الخارج مفادها أن هناك أزمة سياسية في تونس، وهذا الشكل الاحتجاجي يسجل من دون أن يكون حاسماً، لكنه يعلن عن بداية حراك سياسي يواجه سلطة تستند إلى غالبية انتخابية، كان من داعميها حتى بعض الموقعين على هذه العريضة مثل محمد عبو".

وقال ثابت في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن "هذه العريضة أيضاً تعكس وتكرس حال الانقسام الذي تتخبط به المعارضة في تونس خلال الوقت الراهن، إذ هناك من يرفض التحالف مع ’جبهة الخلاص الوطني‘ التي تسيطر عليها "حركة النهضة الإسلامية‘، أو مع ’الحزب الدستوري الحر‘، بالتالي المعارضة معارضات في البلاد".

وشدد على أن "هناك وضعاً جديداً يكرس ديناميكية الصراع السياسي في تونس، وأيضاً وضع تؤكد فيه حال الانقسام الذي يخيم على معسكر المعارضة".

لن يكون لها صدى

ويأتي هذا التطور خلال وقت تواجه فيه السلطات داخل تونس انتقادات حقوقية متنامية، خصوصاً إثر توقيف عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين، والذين يواجهون تهماً خطرة مثل "التآمر على أمن الدولة".

وقبل هذه العريضة التي تدعو إلى تنحيه، أُعيد انتخاب سعيد لولاية ثانية مدتها خمسة أعوام، وذلك خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وعدَّ الباحث السياسي التونسي الجمعي القاسمي أن هذه العريضة "صورة من صور النضال السياسي التي دأب عليها النشطاء في تونس، لكن لن يكون لها أي صدى في دوائر السلطة باعتبار أن مواقف الرئيس قيس سعيد واضحة بألا حوار أو تفاوض مع المعارضة أو الأحزاب السياسية أو الأجسام الوسيطة بصورة عامة".

وأردف القاسمي في تصريح خاص أن "هذه العريضة ستبقى حركة في سياق ما يطلق عليه النضال السياسي في تونس، وهي في اعتقادي موجهة إلى الخارج أكثر منها إلى الرئيس سعيد أو غيره، وهي محاولة لتحريك الجمود السياسي أكثر منها ضغط على الرئيس سعيد".

ولفت إلى أن "هذه العريضة أيضاً محاولة لاستغلال تصاعد بيانات التنديد والاتهامات بالوضع الحقوقي في تونس والاحتجاجات التي رأيناها خلال الفترة الماضية، وهذه العريضة ستبقى سجينة الأطراف التي وقعت عليها باعتبار أن الأحزاب لم تكن حاضرة في بلورة الخطوط العريضة لهذه الخطوة، وهو أمر سيقلل من فرص نجاحها في فرض شيء ما في المشهد السياسي الراهن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كسر حاجز الخوف

والجدل حول العريضة لم يقتصر على الأوساط السياسية الموالية للسلطة، إذ واجهت أيضاً انتقادات من قبل أوساط سياسية من المعارضة العاجزة بصورة كبيرة عن توحيد جهودها.

وقال الكاتب والباحث السياسي المشارك في العريضة حاتم النفطي إن "الهدف من العريضة هو كسر حاجز الخوف والتخلص من تابوهات الرئيس الواحد الأوحد. نحن لا نتوهم للحظة أن الرئيس سيقبل دعوتنا للاستقالة، لكننا نريد أيضاً الإظهار لشعبنا حال العبث الذي تشهده البلاد".

وتابع النفطي في تصريح خاص أن "الهجوم الذي شنه موالون للسلطة على مبادرتنا أثبت أنها أقلقتهم، لكن التهجمات أتت أيضاً من جزء من المعارضة، وأساساً من قيادات ’النهضة‘ مثل رفيق عبدالسلام (صهر رئيس النهضة راشد الغنوشي ووزير خارجية سابق) الذين يتعللون بأن شخصيات مثل محمد عبو ساند إجراءات الـ25 من يوليو".

وشدد على أن "بعض الانتقادات كانت تهم الأفق السياسي للمبادرة، وهذه الملاحظات أعتبرها مشروعة، ومرة أخرى هدفنا هو النقاش والخروج من هذه الحال الانهزامية التي ضربت المعارضة منذ إعادة انتخاب سعيد".

سيتجاهلها

من غير الواضح ما إذا كان الرئيس قيس سعيد سيستجيب لهذه الدعوات أو سيتفاعل معها خصوصاً في خضم استمرار القطيعة بينه وقوى المعارضة المشتتة والمنقسمة على نفسها بصورة كبيرة.

ويعتقد ثابت أن "قيس سعيد يعد نفسه صوت الإرادة الشعبية بغالبية استثنائية منذ عام 2019، من ثم يعد هذه الدعوات صادرة عن أقلية معزولة داخل المجتمع ولا يمكن أن تثنيه عما يعده رسالة جديدة للمجتمع ومشروعاً حضارياً يتجاوز كل الاعتراضات مهما كانت، لذلك أتوقع أن يتجاهلها".

وأبرز المتحدث أنه "سيتعاطى مع هذه العريضة برصيد يعد أنه تعبير حقيقي ومباشر للإرادة الشعبية في تونس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير