الأسواق تتهاوى تحت وطأة الرسوم... و"وول ستريت" تفتح على هبوط حاد

انخفضت الأسهم الأوروبية اليوم الجمعة متجهة لتسجيل خسارة أسبوعية حادة في ظل قلق المتعاملين من احتمالات حدوث ركود عالمي، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية واسعة على شركاء تجاريين.

وتراجع مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 0.9 في المئة، لتصل خسائره الأسبوعية إلى 4.4 في المئة، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ يونيو (حزيران) 2022.

وتأثرت أوروبا برسوم جمركية أميركية بلغت 20 في المئة على صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما دفع المتعاملين إلى زيادة رهاناتهم على خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي.

وتكبد قطاع البنوك في أوروبا الذي يتأثر بالتوقعات الاقتصادية أكبر الخسائر بين القطاعات، إذ تراجع 3.8 في المئة.

وعلى صعيد الأسهم، هوى سهم شركة "غيرشيمر" ستة في المئة بعد تقرير أشار إلى تخلي شركة "كيه كيه آر" عن تحالف استثماري خاص، كان يناقش الاستحواذ على شركة صناعة التغليف المتخصصة الألمانية

مؤشرات "وول ستريت" تفتح على تراجعات حادة

في أقصى الغرب، تراجعت المؤشرات الرئيسة في "وول ستريت" اليوم عند الفتح، بعد أن فرضت الصين رسوماً جمركية جديدة على كل السلع الأميركية، رداً على فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد لترمب لرسوم شاملة بنسب مرتفعة، مما صعد الحرب التجارية العالمية.

وتراجع مؤشر "ناسداك" المجمع المدرجة عليه شركات تكنولوجيا كبرى بأكثر من 20 في المئة، عن أعلى مستوى على الإطلاق الذي سجله خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ونزل مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بواقع 134.05 نقطة أو 2.48 في المئة إلى 5262.47 نقطة، وهبط "ناسداك" المجمع 473.16 نقطة أو 2.86 في المئة إلى 16077.44 نقطة، وتراجع مؤشر "داو جونز" الصناعي 994.46 نقطة أو 2.45 في المئة إلى 39551.47 نقطة.

نمو الوظائف في أميركا يفوق التوقعات

في غضون ذلك، أتاح الاقتصاد الأميركي فرص عمل أكثر بكثير مما كان متوقعاً خلال مارس (آذار) الماضي، إلا أن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترمب على الواردات قد تختبر متانة سوق العمل خلال الأشهر المقبلة، في ظل تراجع ثقة الشركات وانخفاض سوق الأسهم.

وأعلنت وزارة العمل الأميركية في تقريرها المنتظر عن التوظيف اليوم أن الوظائف غير الزراعية زادت بمقدار 228 ألف وظيفة الشهر الماضي، بعد زيادة معدلة بالخفض بلغت 117 ألف وظيفة خلال فبراير الماضي.

وارتفع معدل البطالة إلى 4.2 في المئة من 4.1 في المئة خلال فبراير الماضي، وتحظى سوق العمل بدعم من انخفاض معدلات تسريح العمالة والرفع القوي للأجور، بما يساعد استدامة التوسع الاقتصادي.

الدولار يتراجع

وهبط الدولار اليوم فيما ارتفع الين كعملة ملاذ آمن ويتجه إلى تسجيل أعلى مستوى خلال ستة أشهر، في وقت يعكف فيه المتعاملون على تقييم تداعيات الرسوم الجمركية الجديدة.

وهبط مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسة 1.9 في المئة أمس الخميس، في أسوأ أداء يومي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وانخفض 0.3 في المئة أخرى في أحدث جلسة.

وتراجع الدولار 0.31 في المئة إلى 145.65 ين، بعد أن هوى 2.2 في المئة خلال الجلسة الماضية.

وانخفض 0.71 في المئة إلى 0.8532 فرنك سويسري، وهي عملة عادة ما ينظر إليها على أنها ملاذ آمن، لأدنى مستوى خلال ستة أشهر.

وزاد اليورو 0.33 في المئة إلى 1.1088 دولار بعد أن قفز إلى 1.1147 دولار أمس، وهو مستوى لم يصل إليه منذ الـ30 سبتمبر (أيلول) 2024.

واستقر الجنيه الاسترليني عند 1.3101 دولار بعد ارتفاعه إلى 1.3207 دولار قبل يوم، وهي المرة الأولى التي يصل فيها إلى هذا المستوى منذ الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

وفي ما يتعلق بالعملات المشفرة، صعدت بتكوين 0.5 في المئة إلى ما يقارب من 83 ألف دولار، واستمر تداولها في نطاق ضيق نسبياً على مدى الأسابيع القليلة الماضية على رغم الفوضى في معظم الأسواق الأخرى.

انخفاض الأسهم اليابانية

في أقصى الشرق، هبطت الأسهم اليابانية اليوم إلى أدنى مستوياتها منذ أغسطس (آب) 2024، مسجلة أكبر انخفاض أسبوعي لها خلال خمسة أعوام، مع تزايد المخاوف من ركود عالمي.

وانخفض مؤشر "نيكاي" 2.75 في المئة عند الإغلاق متراجعاً تسعة في المئة خلال الأسبوع، وهو أكبر نزول أسبوعي له منذ مارس 2020، ووصل إلى أدنى مستوى له منذ أوائل أغسطس 2024 خلال الجلسة.

وقادت أسهم البنوك التراجع لأن هاجس الرسوم الجمركية وتأثيرها المحتمل على النمو الاقتصادي أثار تكهنات بأن بنك اليابان ربما يضطر إلى تأجيل رفع أسعار الفائدة.

ونزل سهم مجموعة "ميتسوبيشي يو أف جيه" المالية، إحدى أكبر المجموعات المصرفية في اليابان، بنسبة 11.6 في المئة ليسجل أكبر انخفاض يومي له منذ الخامس من أغسطس 2024.

وقال مدير محفظة استثمارية في "نيوبرغر بيرمان" في طوكيو كي أوكامورا "كان هناك قدر لا بأس به من تضخم السعر في هذه السوق قبل إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية".

وذكر أن البنوك كان أداؤها جيداً، وبدا أن صناديق التحوط كانت منكشفة بقوة على القطاع، ومن هنا جاءت التقلبات.

وأضاف "تسبب إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية في حال واضحة من عدم اليقين في شأن التوقعات للعملة، بسبب ما يحدث من حيث المناقشات داخل بنك اليابان".

وتابع يقول "نشهد هذا الانعكاس ليس فحسب على عوائد سندات الحكومة اليابانية، ولكن على القطاع (المصرفي) أيضاً بسبب عدم اليقين في شأن عدد مرات رفع أسعار الفائدة التي يمكن أن نشهدها هذا العام".

وقال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن البنك المركزي سيدرس تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على اقتصاد البلاد عند تحديد السياسة النقدية. وحذر من أن الرسوم المرتفعة من المرجح أن تؤثر سلباً في النمو الاقتصادي العالمي والمحلي.

الذهب يهبط 1 في المئة

في أسواق الملاذات الآمنة، انخفضت أسعار الذهب اليوم نحو واحد في المئة، خلال وقت يستوعب فيه المستثمرون تبعات أحدث الرسوم الجمركية.

ونزل الذهب في المعاملات الفورية 0.9 في المئة إلى 3086.32 دولار للأوقية (الأونصة)، لكنه لا يزال في طريقه لتحقيق مكاسب للأسبوع الخامس، وتراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.4 في المئة إلى 3107.70 دولار.

ولامس الذهب في الجلسة السابقة ارتفاعاً قياسياً عند 3167.57 دولار، قبل أن يهبط بأكثر من اثنين في المئة بعدها مباشرة بضغط من موجة بيع واسعة النطاق لجني الأرباح بعد إعلان ترمب عن الرسوم الجديدة.

وقال محلل الأسواق لدى "ماركت بالس" التابعة لـ"أواندا" زاين فاودا "يبدو أن السبب مزيج من جني الأرباح وتأثر الأسواق ولو جزئياً بالرسوم الجمركية الجديدة، إضافة إلى ذلك هناك توافق متزايد على أن دولاً عدة قد تتفاوض على تقليل الرسوم الجمركية المفروضة عليها، وهو ما قد يحد من الزخم الذي يشهده الذهب خلال الوقت الحالي".

والذهب معروف بأنه أداة تحوط في أوقات الغموض الجيوسياسي وارتفاع التضخم لكن أسعار الفائدة المرتفعة تقلل جاذبية المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً.

وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة خلال المعاملات الفورية 1.6 في المئة إلى 31.38 دولار للأوقية وتتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ ديسمبر 2023.

وخسر البلاتين 1.4 في المئة إلى 942.90 دولار وهبط البلاديوم 0.2 في المئة إلى 926.69 دولار، ويتجه الخامان أيضاً إلى تراجع أسبوعي.