ملخص
منذ توليه منصبه قبل ثلاثة أسابيع فرض ترمب مجموعة واسعة من التعرفات الجمركية ضد بعض أكبر شركاء بلاده التجاريين، مؤكداً أن هذه الرسوم ستساعد في معالجة الممارسات غير العادلة.
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس أمراً تنفيذياً يسمح بفرض رسوم جمركية متبادلة على شركاء بلاده التجاريين ومنافسيها في آن معاً، في تصعيد جديد لحرب تجارية يحذر خبراء اقتصاديون من تداعياتها التضخمية داخل الولايات المتحدة.
وقال ترمب للصحافيين في المكتب البيضاوي إنه قرر فرض الرسوم الجمركية المتبادلة، معتبراً أن حلفاء الولايات المتحدة "هم غالباً أسوأ من أعدائنا" على الصعيد التجاري.
وإذ أقر الملياردير الجمهوري بأن "الأسعار قد ترتفع" في الولايات المتحدة بسبب هذه الرسوم، أبدى في الوقت نفسه ثقته بأن معدل التضخم الذي كان محوراً أساسياً في الحملة الانتخابية العام الماضي، سينخفض في نهاية المطاف.
والرسوم الجمركية التي سيفرضها ترمب على شركاء بلاده التجاريين لن تكون موحدة بل ستختلف باختلاف كل دولة، مع مراعاة عوامل غير جمركية بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة.
الاتحاد الأوروبي
قال ترمب إن الاتحاد الأوروبي "عنيف جداً" في علاقاته التجارية مع الولايات المتحدة.
من جهته، قال للصحافيين بيتر نافارو، المستشار التجاري لترمب، إن "الدول المصدرة الرئيسة في العالم تهاجم أسواقنا برسوم جمركية عقابية وحتى بحواجز غير جمركية أكثر عقابية"، مستهدفاً خصوصاً الاتحاد الأوروبي بسبب الضريبة على القيمة المضافة.
وبحسب مسؤول في البيت الأبيض، فإن إدارة ترمب ستبدأ بتقييم الاقتصادات التي يعاني التبادل التجاري الأميركي معها من أكبر عجز في الميزان التجاري أو من "أكثر المشكلات فظاعة".
وقال المسؤول، طالباً عدم نشر اسمه، إن عملية التقييم هذه ينبغي أن تنجز "في غضون أسابيع، في غضون بضعة أشهر، وليس أكثر من ذلك".
المعاملة بالمثل
منذ توليه منصبه قبل ثلاثة أسابيع فرض ترمب مجموعة واسعة من التعرفات الجمركية ضد بعض أكبر شركاء بلاده التجاريين، مؤكداً أن هذه الرسوم ستساعد في معالجة الممارسات غير العادلة.
وكثيراً ما قال قطب العقارات السابق إن الرسوم الجمركية تساهم في زيادة الإيرادات، ومعالجة الاختلالات التجارية والضغط على شركاء بلاده لتلبية مطالبها، وبحسب المسؤول في البيت الأبيض فإن الولايات المتحدة "عوملت بصورة غير عادلة".
وقال إن الافتقار إلى المعاملة بالمثل هو السبب وراء "العجز التجاري السنوي المستمر في السلع" في البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبموجب الأمر التنفيذي الذي وقعه ترمب الخميس، سيعمل ممثل التجارة الأميركية ووزير التجارة ومسؤولون آخرون على اقتراح إجراءات على أساس كل دولة على حدة.
وأتى هذا الأمر التنفيذي قبيل ساعات من استقبال ترمب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في البيت الأبيض.
"ضربة قاسية"
يقول محللون إن الرسوم التي يعتزم ترمب فرضها قد تمثل ضربة قاسية لبعض الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل وتايلاند التي تفرض رسوماً جمركية أعلى لحماية اقتصادها.
وعلى سبيل المثال، تفرض الهند رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على السيارات الأميركية، مما يعني أن الولايات المتحدة قد تفرض الرسوم نفسها على السيارات الهندية.
وبعد فرضه رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المئة على المنتجات الصينية، و25 في المئة على كل واردات بلاده من الألومنيوم والصلب، يواصل ترمب سياسته الاقتصادية العدوانية، رافعاً شعار "أميركا أولاً".
ويستخدم ترمب الرسوم الجمركية أداة لجعل الولايات المتحدة "ثرية مجدداً" تنفيذاً لأحد وعوده الانتخابية، ويتبع ترمب في هذه الرسوم قانون "العين بالعين والسن بالسن"، معتبراً أنه أمر "بسيط جداً: إذا جعلونا ندفع، فسنجعلهم يدفعون".
وقال مستشار ترمب في مجال الاقتصاد كيفن هاسيت على قناة "سي إن بي سي" الإثنين إن "ما يعتقده الرئيس ترمب هو أننا جميعاً نستطيع في الأقل أن نتفق على أنه إذا فرضوا علينا ضريبة بنسبة 20 في المئة، فيجب أن نكون قادرين أيضاً على القيام بذلك. وبالتالي إذا خفضوا تعريفاتهم الجمركية، فسنخفضها، هذه فكرة المعاملة بالمثل".
لكن خبراء في مجال الاقتصاد يحذرون من أن فرض الرسوم الجمركية المتبادلة قد يثير استياء دول وشركات أجنبية، ويضر بالاقتصاد الأميركي.
ويمكن أن يؤدي اتخاذ إجراءات انتقامية محتملة أو حتى إصدار دعوات إلى المقاطعة، كما حدث في كندا إلى إضعاف قطاعات أميركية تعاني أصلاً مثل الزراعة.
ارتفاع التكلفة
رأى الخبير الاقتصادي موريس أوبستفيلد أنه "من الممكن أن نرى في نهاية المطاف دولاً تسعى إلى الانفصال عن السوق الأميركية، إنها سوق ضخمة ومربحة جداً لكنها ترتب أخطاراً إلى حد قد يجعلها أقل جاذبية من الناحية الاقتصادية".
وتوقع عدد من المحللين أيضاً أن ترتفع الكلفة على الأميركيين، لأن الرسوم الجمركية يدفعها المستوردون الذي يكبدون المستهلكين ثمنها عادة.
ويعتبر استياء الأسر من ارتفاع كلفة السلع الاستهلاكية اليومية أحد أسباب فوز ترمب في انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).
وبعدما بلغ التضخم ذروته عند +9,5 في المئة في ربيع عام 2022 بحسب مؤشر أسعار الاستهلاك، استمر ارتفاع الأسعار ولكن بوتيرة أقل، إلا أن تحديثاً للمؤشر نشر الأربعاء أفاد بارتفاع الأسعار في يناير (كانون الثاني) بنسبة ثلاثة في المئة على أساس سنوي في تزايد متسارع، وذلك قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ حتى.