Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قوانين خانقة للابتكار تدفع المؤسسات إلى مغادرة تونس

كثير من الشركات تغادر إلى أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء بحثاً عن إجراءات أكثر انفتاحاً

ملخص

من المتوقع أن يقدم الصندوق تمويلات أخرى تصل إلى 312 مليون دولار للمؤسسات الناشئة عن طريق صناديق الاستثمار، من خلال المساهمة في رأس المال حتى يصل عدد المؤسسات الناشئة إلى 230 مؤسسة ممولة من طرف صناديق الاستثمار"

يبلغ عدد المؤسسات التونسية الناشئة 1120 مؤسسة بعد إطلاق برنامج "المؤسسات الناشئة والصغرى والمتوسطة المبتكرة" عام 2021 بتمويل من البنك الدولي من خلال صندوق الودائع والأمانات (الصندوق السيادي التونسي).

"من المتوقع أن يقدم الصندوق تمويلات أخرى تصل إلى 312 مليون دولار للمؤسسات الناشئة عن طريق صناديق الاستثمار، من خلال المساهمة في رأس المال حتى يصل عدد المؤسسات الناشئة إلى 230 مؤسسة ممولة من طرف صناديق الاستثمار"، وفقاً لما قالته المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات ناجية الغربي.

وأضافت الغربي أن الصندوق يعمل على التدخل في مجال الاستثمار، خصوصاً حاضنات الأعمال والمؤسسات وفضاءات التنمية بهدف الإحاطة بالشركات الناشئة والصغرى والمتوسطة.

وفي السياق نفسه، كشف رئيس مؤسسة "مايند ذا بريدج" (منصة عالمية للابتكار المفتوح متخصصة في تحفيز الاقتصادات) ألبرتو أونيتي عن توافر 17 مؤسسة ناشئة سريعة النمو في تونس العام الحالي، إضافة إلى 1450 مؤسسة ناشئة، مستدركاً "لكن على رغم حجم الاستثمارات التي وصلت إلى 200 مليون دولار عام 2024، فإن تونس تواجه تحديات تمويلية ومصاعب كبيرة في تمويل الابتكار، خصوصاً لسد فجوة التمويل مقارنة بالنظم البيئية المزدهرة في بلدان أخرى".

وتخصص تونس 0.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للابتكار، وتتفوق موازنتها على مخصصات المغرب التي لا تزيد على 0.2 في المئة من الناتج المحلي والجزائر التي لا تزيد فيها موازنة الابتكار على 0.1 في المئة من ناتجها المحلي.

وتابع أونيتي أن "العالم يشهد سباقاً عالمياً على الابتكار يدور بين المناطق والدول، وتقدم تونس منظومة للشركات الناشئة لديها القدرة لتصبح مركزاً إقليمياً للابتكار في أفريقيا، لكن يشترط ذلك تعزيز الاستثمارات وخلق روابط مع أبرز النظم العالمية".

أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء وجهة المؤسسات التونسية

وفي هذا الصدد، قال المحلل في مجال الاستشارة والتوجيه للمؤسسات المرتكزة على الذكاء الاصطناعي كريم خراط لـ"اندبندنت عربية" إن "القوانين في تونس تحتاج إلى مراجعات لخلق بيئة حاضنة ملائمة للمؤسسات الناشئة، خصوصاً في ظل مغادرة تلك المؤسسات تونس لهذا السبب"، مشيراً إلى أن "أهم الإصلاحات التي أصبحت ملحة في تونس قانون الصرف الذي يفتقر إلى المرونة حتى يسير بالتوازي مع تطور المؤسسات"، ولفت إلى أن "مغادرة كثير من المؤسسات التونسية الناشئة وتكون وجهتها بلدان أوروبية وأفريقية جنوب الصحراء التي توافر قوانين أكثر انفتاحاً ليست صدفة، إذ نُقلت الملكية الفكرية لعدد كبير من الشركات التونسية إلى فروع لها موجودة في الخارج وكان من المفترض أن تنمو وتطور السوق المحلية لكنها حققت ذلك في أسواق أخرى منافسة في بعض الأحيان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول "ستارتابآكت" وهو القانون المنظم لعمل المؤسسات الناشئة، أوضح خراط أنه "كان جيداً ومثّل رافعة للمؤسسات وأسهم في خفض الرسوم الضريبية على سبيل المثال، مما ساعد على دفع التشغيل، لكنه غير كاف في الوقت الراهن وبالنظر إلى التغييرات التي قامت بها البلدان في هذه الفترة نحتاج إلى كثير منها، فعلى سبيل المثال ما قدمه الرئيس ماكرون من حوافز لتوفير الذكاء الاصطناعي بأفضل الأسعار وتسخير الموارد المالية، كذلك المرافقة الدائمة للمؤسسات المبتكرة في بلدان أخرى وهي تجارب مستوحاة من تجارب مقارنة قريبة من الواقع المؤسساتي التونسي الخاص بالابتكار والتجديد على ألا يقتصر الأمر على المستوى التكنولوجي بل القانوني والمؤسساتي".

عدم ثقة الممولين

وقال صاحب مؤسسة ناشئة عصام السماعلي إن "سباق البحث على التمويلات للحصول أول الأمر على رؤوس أموال ثم على التمويل الإجباري لا يتوقف، وتواجه المؤسسات الناشئة في تونس عدم ثقة الممولين والمستثمرين عند انطلاقها"، مرجعاً ذلك إلى الإطار القانوني التونسي الذي يتحول إلى حاجز بين المؤسسات والمستثمرين الأجانب، ثم يؤدي إلى جدار من عدم الثقة، إضافة إلى الظروف العامة غير الملائمة وعدم الاستقرار الاقتصادي اللذين مرت بهما تونس، إذ عانت المؤسسات وجودها في إطار غير مغرٍ للمستثمرين من ناحية الأطر القانونية المعقدة ثم الفضاء المحفوف بالأخطار وهي ظروف غير جاذبة للممولين".

وأشار السماعلي إلى أن التحسن الطفيف في القانون لا يمنع الصعوبات وتتمثل في البحث عن تمويلات ثم التعثر في التعامل مع الخارج بسبب الحواجز والنصوص القانونية غير المسايرة لتطور المؤسسات، فيحتاج قانون الصرف إلى مراجعة عاجلة مما يوفر بعض التسهيلات الخاصة بالتعامل بالعملات.

ولفت إلى أنه من جهة أخرى يبدو الاستثمار التونسي خجولاً في المؤسسات الناشئة وهو لا يمنحها ثقته ولا يوفر الحافز والمثال للمستثمرين الأجانب كذلك البنوك التونسية.

و"تواجه المؤسسات الناشئة في تونس وسط أزمة  التمويل إشكال اقتحام الأسواق"، وفق نائبة مدير عام "ويكي ستارتاب" شيراز عرفاوي، إذ ترى أن هذا العائق هو الأكثر تأثيراً ومن الأفضل خوض تجربة الانتقال إلى بلدان خارجية بحكم محدودية السوق التونسية.

وأوضحت أن "هذه التجربة تفتح الآفاق لاقتحام أسواق خارجية على رغم أنها تصنف سلبية في تونس على خلفية اعتبارها هجرة لمؤسسات وطنية، في حين تمثل فرصاً للتسويق والحصول على تمويلات والتمركز من دون التفريط في الذكاء والتطوير الذي تضمن التجربة وجوده وتفاعله في البلاد".

وعن دور الدولة التونسية، دعت عرفاوي إلى تقديم تسهيلات في صورة تطوير القوانين على غرار قانون المؤسسات الناشئة، مما سيخول للمؤسسات الناشئة فتح أجنحتها بالتواصل أكثر مع الخارج والحصول على التمويلات والمواد الأولية ويجعلها أكثر تنافسية في الأسواق الخارجية.

وكشفت في هذا الإطار عن أنه يقع الاشتغال في هذا الصدد على مشروع قانون ثانٍ للمؤسسات الناشئة مبتكر في حد ذاته يشمل المؤسسات الصغرى القابلة للتحول إلى مبتكرة.

ويشار إلى أن مؤسسة "مايند ذا بريدج" أعلنت خلال قمة "الابتكار 2025" في تونس عن إطلاق برنامج  "غلوبال سكايل أب" Global Scaleup من قبل شركة "تيرنا" المشغل الرئيس لشبكة نقل الكهرباء في أوروبا وينفذ بالشراكة معها والمؤسسة التدريبية "أليس" المتخصصة في دعم الابتكار التعاوني على المستوى العالمي.

ويهدف هذا البرنامج إلى دعم المؤسسات الناشئة التونسية من خلال ربطها بالشبكات الدولية وتوسيع نطاق وجودها العالمي وتأمين وصولها إلى موارد واستثمارات استراتيجية، وسيوفر البرنامج فرصاً للإرشاد وتمكين الشركات الناشئة التونسية الطامحة إلى تجاوز الحدود المحلية من توسيع نشاطها عالمياً.

اقرأ المزيد